الحكومة المصرية تُلوّح بـ«المحاسبة والحوافز» لمواجهة الولادات القيصرية

قالت إن الظاهرة «تضغط» على منظومة الحضّانات

وزير الصحة والسكان المصري خلال جولة ميدانية بمحافظة أسيوط (الحكومة المصرية)
وزير الصحة والسكان المصري خلال جولة ميدانية بمحافظة أسيوط (الحكومة المصرية)
TT

الحكومة المصرية تُلوّح بـ«المحاسبة والحوافز» لمواجهة الولادات القيصرية

وزير الصحة والسكان المصري خلال جولة ميدانية بمحافظة أسيوط (الحكومة المصرية)
وزير الصحة والسكان المصري خلال جولة ميدانية بمحافظة أسيوط (الحكومة المصرية)

أعادت تصريحات جديدة لوزير الصحة والسكان المصري خالد عبد الغفار، حذّر خلالها من زيادة «الولادات القيصرية»، الملف إلى واجهة عمل الحكومة المصرية في القطاع الصحي، وسط تأكيده اعتماد «ضوابط استرشادية عالمية» في المستشفيات الحكومية لإجراء العمليات، وتلويح بمحاسبة المخالفين وحوافز للملتزمين بتعزيز حالات الولادة الطبيعية.
وقال عبد الغفار، خلال مداخلة هاتفية مع برنامج «على مسؤوليتي»، عبر فضائية «صدى البلد» المصرية، إن «الولادة الطبيعية تؤدي إلى اكتمال نمو الجنين بصورة طبيعية، بخلاف بعض حالات الولادات القيصرية التي تؤدي لنقص نمو الأجنة بما يستلزم وضعهم في حضّانات»، وأضاف: «لا يوجد مستشفى في أي بقعة داخل مصر فيه حضّانة فارغة، لن نجدها بعد ذلك فمعدلات الولادة القيصرية 80 في المائة»، على حد تعبيره.
واعتبر الوزير المصري أن «مسؤولية زيادة نسبة الولادة القيصرية تقع على عاتق الأسر والأطباء، خاصة أنها أصبحت سائدة في المجتمع، وبات معروفاً أن السيدة تلد قيصرياً حتى في المستشفيات الحكومية المجانية، والأمر لم يعد مقتصراً على الناحية المالية».
ولفت عبد الغفار إلى أن وزارة الصحة المصرية قررت «مساواة حوافز الولادة الطبيعية بحوافز الولادة القيصرية، إضافة إلى إتاحة تدريب وحوافز لزيادة نسب الولادة الطبيعية في المستشفيات، وتوفير أدوات للكشف والاطمئنان على الجنين قبل الولادة».
واستكمل: «القضية قد تبدو بسيطة لكن تترتب عليها استثمارات ضخمة وأمراض وفقاً للدراسات العلمية، إذ إن الولادة القيصرية تمثل خطورة على الأم والجنين، وتؤدي على عدم اكتمال لأعضاء الجنين عند ميلاده قبل موعده، رغبة المريض تحترم، لكن مصر أصبحت رقم واحد في عدد الولادات القيصرية بلا منازع»، على حد تعبيره.
وكان مسح صحي صادر عن وزارة الصحة المصرية عام 2018، قد أشار إلى أن التكلفة العامة للولادات القيصرية وصلت إلى 14.5 مليار جنيه، في مقابل الولادات الطبيعية التي بلغت تكلفتها 3.7 مليار جنيه (الدولار يساوي 19.3 جنيه).
واعتبر الدكتور أبو بكر القاضي، أمين صندوق نقابة الأطباء في مصر، أن ملف الولادات القيصرية يحتاج إلى التركيز على محورين رئيسيين، على حد تعبيره، الأمر الأول: برنامج توعية مكثف للسيدات باختيار الولادة الطبيعية طالما لا يستلزم الأمر تدخلاً جراحياً؛ والثاني: هو تفعيل الخطة الوزارية لا سيما المساواة في الحوافز بين الأطباء في حالة الولادة الطبيعية والقيصرية.
ويقول القاضي لـ«الشرق الأوسط»: «إذا تم التعامل مع هذين المحورين بجدية سنستطيع اجتياز فوضى العمليات القيصرية، والتقليل من مضاعفاتها بالنسبة للسيدات بشكل كبير».
ويعتبر القاضي أن «خيار الولادة القيصرية كثيراً ما يكون الأسهل بالنسبة للطبيب والسيدات على السواء، وهذا ما ينبغي مواجهته بوضع ضوابط استرشادية في المستشفيات الحكومية والخاصة على السواء لإجراء العمليات القيصرية».
وفي سياق آخر، دخل وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار، الأحد، في مناقشات مع سيدات يترددن على أحد المستشفيات الحكومية بمحافظة أسيوط (صعيد مصر) خلال تفقده وحدة صحية بقرية باقور بمحافظة أسيوط، من محافظات جنوب مصر، وأظهر مقطع مصور تعقيبه على واحدة من السيدات بعد علمه أنها أنجبت خمسة أبناء.
كانت زيارة وزير الصحة للوحدة الصحية في إطار حضوره لندوة توعية حول تحديد النسل، وناشد خلالها السيدات ضرورة تحديد النسل، محذراً من كثرة الإنجاب وخطورته على الأم والأبناء على السواء، لافتاً إلى أن محافظة أسيوط من أعلى محافظات المصرية في معدلات الإنجاب.
كان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في تقرير صادر نهاية أغسطس (آب)، أن نسبة الولادة القيصرية قد وصلت إلى 72 في المائة من إجمالي عمليات الولادة في مصر، مقابل 52 في المائة في عام 2014.
وأعلنت وزارة الصحة المصرية، عبر متحدثها الرسمي الدكتور حسام عبد الغفار، مطلع الشهر الجاري، عزم الوزارة عمل استبيانات ودراسات في المناطق السكنية، لمعرفة البيانات التي تساعد في تحسين طرق تشجيع المرأة الحامل على تبني فكرة الولادات الطبيعية، إلى جانب عقد مناقشات مجتمعية لأضرار الولادات القيصرية، وزيادة جلسات التثقيف النفسي للنساء اللاتي يعانين الخوف من الألم.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
TT

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا، تخص الجزائر والمغرب و«بوليساريو»، والاحتلال الفرنسي لشمال أفريقيا خلال القرنين الـ19 والـ20.

وأكدت وكالة الأنباء الجزائرية، أمس، في مقال شديد اللهجة ضد صنصال وقطاع من الطيف الفرنسي متعاطف معه، أنه موقوف لدى مصالح الأمن، وذلك بعد أيام من اختفائه، حيث وصل من باريس في 16 من الشهر الجاري، وكان يفترض أن يتوجه من مطار العاصمة الجزائرية إلى بيته في بومرداس (540 كم شرقاً)، عندما تعرض للاعتقال.

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وفيما لم تقدم الوكالة الرسمية أي تفاصيل عن مصير مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، رجح محامون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، أن يتم عرضه على النيابة قبل نهاية الأسبوع الجاري (عمل القضاة يبدأ الأحد من كل أسبوع)، بناء على قرائن تضعه تحت طائلة قانون العقوبات.

وبحسب آراء متوافقة لمختصين في القانون، قد يتعرض صنصال (75 سنة) لتهم تشملها مادتان في قانون العقوبات: الأولى رقم «79» التي تقول إنه «يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات كل من ارتكب فعلاً من شأنه الإضرار بالمصلحة الوطنية، أو أمن الدولة، أو تهديد سيادتها». والمادة «87 مكرر»، التي تفيد بأنه «يعتبر عملاً إرهابياً أو تخريبياً كل فعل يستهدف أمن الدولة، والوحدة الوطنية والسلامة الترابية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

وإن كانت الوقائع التي يمكن أن تُبنى عليها هذه التهم غير معروفة لحد الساعة، فإن غالبية الصحافيين والمثقفين متأكدون أن تصريحات صنصال التي أطلقها في الإعلام الفرنسي، هي التي ستجره إلى المحاكم الجزائرية. ففي نظر بوعلام صنصال فقد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، مشيراً إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

وذهب صنصال إلى أبعد من ذلك، عندما قال إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». كما قال إن فرنسا «لم تمارس استعماراً استيطانياً في المغرب؛ لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، ويقصد بذلك ضمناً الجزائر، وهو موقف من شأنه إثارة سخط كبير على المستويين الشعبي والرسمي.

الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود (أ.ب)

وهاجمت وكالة الأنباء الجزائرية بشدة الكاتب، فيما بدا أنه رد فعل أعلى سلطات البلاد من القضية؛ إذ شددت على أن اليمين الفرنسي المتطرف «يقدّس صنصال»، وأن اعتقاله «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه المعادية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، وجاك لانغ وزير الثقافة الاشتراكي سابقاً، وكزافييه دريانكور سفير فرنسا بالجزائر سابقاً الذي نشر كتاب «الجزائر اللغز» (2024)، والذي هاجم فيه السلطات الجزائرية. كما ذكرت الوكالة الكاتب الفرنسي - المغربي الطاهر بن جلون.

إيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» اليميني (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

كما تناول مقال الوكالة أيضاً الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود، المتابع قضائياً من طرف امرأة ذكرت أنه «سرق قصتها» في روايته «حور العين» التي نال بها قبل أيام جائزة «غونكور» الأدبية. وقالت الوكالة بشأن داود وصنصال: «لقد اختارت فرنسا في مجال النشر، بعناية، فرسانها الجزائريين في مجال السرقات الأدبية والانحرافات الفكرية».

يشار إلى أن الإعلام الفرنسي نقل عن الرئيس إيمانويل ماكرون «قلقه على مصير صنصال»، وأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه. ورأى مراقبون في ذلك محاولة من باريس للضغط على الجزائر في سياق قطيعة تامة تمر بها العلاقات الثنائية، منذ أن سحبت الجزائر سفيرها من دولة الاستعمار السابق، في يوليو (تموز) الماضي، احتجاجاً على قرارها دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء. كما طالبت دار النشر الفرنسية «غاليمار» بـ«الإفراج» عن الكاتب الفرنسي - الجزائري صنصال بعد «اعتقاله» على يد «أجهزة الأمن الجزائرية»، غداة إبداء الرئاسة الفرنسية قلقها إزاء «اختفائه». وكتبت دار النشر في بيان: «تُعرب دار غاليمار (...) عن قلقها العميق بعد اعتقال أجهزة الأمن الجزائرية الكاتب، وتدعو إلى الإفراج عنه فوراً».

الرئيس إيمانويل ماكرون أبدى «قلقه على مصير صنصال» وأكد أنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه (الرئاسة الجزائرية)

ويعاب على صنصال الذي كان مسؤولاً بوزارة الصناعة الجزائرية لمدة طويلة، «إدراج الجزائر شعباً وتاريخاً، في أعماله الأدبية، كمادة ضمن سردية ترضي فرنسا الاستعمارية». ومن هذه الأعمال «قرية الألماني» (2008) التي يربط فيها ثورة الجزائر بالنازية، و«قسم البرابرة» (1999) التي تستحضر الإرهاب والتوترات الاجتماعية في الجزائر. و«2084: نهاية العالم» (2015) التي تتناول تقاطع الأنظمة المستبدة مع الدين والسياسة.