وزير النفط في حكومة «الوحدة» الليبية: إيرادات القطاع توزّع بالعدل

قال لـ «الشرق الأوسط» إنه يستبعد تأثر العمل بالتوتر السياسي الليبي

محمد عون وزير النفط والغاز في حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة (الشرق الأوسط)
محمد عون وزير النفط والغاز في حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة (الشرق الأوسط)
TT

وزير النفط في حكومة «الوحدة» الليبية: إيرادات القطاع توزّع بالعدل

محمد عون وزير النفط والغاز في حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة (الشرق الأوسط)
محمد عون وزير النفط والغاز في حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة (الشرق الأوسط)

أبدى وزير النفط والغاز بحكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، محمد عون، معارضته للدعوات المحلية والخارجية التي تتمسك بضرورة توزيع إيرادات الثروة النفطية في البلاد على أساس إقليمي، معتبراً هذه المطالبات مجرد «بدعة» لا هدف من ورائها سوى إثارة وزيادة الخلافات.
وقال عون في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لا توجد دولة في العالم تدعو لتوزيع إيرادات الثروة كما يحدث في بلادنا»، لافتاً إلى أن «الداعين لهذا المطلب لم يكشفوا يوماً ما عن طريقتهم للتوزيع العادل لهذه الإيرادات»؛ لكنه رأى أن «الإيرادات النفطية في البلاد توزع بشكل عادل بين المدن».
وتابع: «المعمول به هو وجود ميزانية عامة تتساوى فيها المبالغ المرصودة لمشروعات التنمية بعموم البلاد، بلا تفرقة؛ سواء لبناء مدارس ومستشفيات وتشييد طرق ومحطات مياه وكهرباء؛ إلى آخره».
وأكمل: «وبالمثل هناك دعوات يطلقها البعض داخل وخارج ليبيا حول ضرورة استقلال المؤسسة الوطنية للنفط؛ هؤلاء يتناسون أن تلك المؤسسة تتبع وزارة النفط والغاز الليبية بموجب نصوص قانونية واضحة، وبالتالي لا بد من أن تخضع للقوانين الليبية، ولا يحق لأحد، وخصوصاً من خارج البلاد؛ سواء كان مسؤولاً غربياً أو مبعوثاً دولياً، المطالبة باستقلاليتها».
وتابع: «للأسف، سلوك رئيس ومجلس إدارة المؤسسة السابق هو ما أوحى للبعض بأن هناك انحيازاً وتدخلاً في التجاذبات السياسية، ولكن الوضع تغير الآن، علماً بأن المؤسسة مستقلة فعلياً، ومجلس إدارتها يضم أعضاء يمثلون المناطق الليبية، وهناك أكثر من جهة رقابية تتابع عملها».
وكان مجلس النواب الليبي قد قرر في جلسته الأخيرة تكليف لجنة من الخبراء لإعداد خطة لتوزيع عائدات النفط والغاز، وإيجاد آلية عادلة للاستفادة منها لجميع الليبيين.
وقال عون إن «الإيرادات النفطية توزع فعلياً بشكل عادل، عبر 35 وزارة بالحكومة، بالإضافة إلى مخططات مشروعات التنمية التي من المزمع إقامتها بمختلف المدن الليبية، وفقاً لاتفاقيات بين البلديات ووزارة التخطيط، دون أن يكون هناك انتقاص من حصة أي مدينة».
وعن أوضاع الجنوب الليبي، ومعاناة سكانه من نقص كميات الوقود، أشار عون إلى أن وزارته «ترسل كميات كافية إلى مناطق ليبيا كافة، عبر مؤسسة النفط وشركة البريقة التابعة لها».
وأرجع عون الأزمة إلى ما يتم تداوله من عمليات تهريب واسعة للوقود، بعد خروج شاحناته من مستودعات البريقة بإجراءات موثقة، وقال إن مسؤولية قطاع النفط «تنتهي بمجرد خروج الشاحنات من المستودعات؛ سواء تم تهريب الوقود للخارج أو تم بيعه في السوق السوداء، فتلك خارج صلاحيات وزارة النفط، وتختص بها الأجهزة الأمنية».
وأكد عون أن دور وزارة النفط والمؤسسة الوطنية للنفط يتوقف على النواحي الفنية التي تبدأ بمرحلة الاستكشاف ثم الإنتاج والمعالجة والتصدير، وتنتهي بتوريد العوائد للمصرف الليبي الخارجي، ثم إلى المصرف المركزي، وليس من صلاحياتها القيام بأي عملية توزيع إيرادات.
ووصف عون علاقته بالرئيس الجديد للمؤسسة، فرحات بن قدارة، بـ«الممتازة»، وبأنها تتسم «بقدر كبير من التعاون والتنسيق التامين».
وأعلن أن الجهد منصب حالياً على تطوير العمل، وتحقيق أقصى استفادة من الميزانية الاستثنائية التي منحتها حكومة «الوحدة» للمؤسسة، وهي الأعلى في تاريخها، وتقدر بما يزيد على 34 مليار دينار ليبي، تم تخصيص 16 مليار دينار منها لخطط التطوير والاستكشاف وإقامة مشروعات رأسمالية تؤدي لزيادة الإنتاج.
وتحدث عون عن معدلات إنتاج النفط الليبي، وقال إنه يسجل حالياً 1.2 مليون برميل في اليوم، فضلاً عن تصدير ما يقرب من 300 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً إلى إيطاليا.
ورهن عون عودة الشركات الأجنبية للعمل بقطاع النفط الليبي، بما سوف تسفر عنه الدراسات والجولات الاستكشافية التي طلبت وزارة النفط من مؤسسة النفط إجراءها في المناطق البرية والبحرية.
وقال إن نحو 40 في المائة من المواقع المحتمل ظهور النفط فيها لم تُستكشف بعد، وتقع في نطاق تلك الأراضي المساحات التي سيتم فيها تفعيل اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين ليبيا وتركيا.
واستبعد عون تأثّر قطاع النفط خلال الفترة المقبلة بأي توترات ترتبط بالصراع بين الفرقاء الليبيين، أو حلفائهم الدوليين من المنخرطين في الأزمة الأوكرانية، على نحو قد يؤدي لتوقف الإنتاج مجدداً.
وقال: «كل الأطراف الليبية تضررت، وبات هناك شبه اقتناع كامل بضرورة تحييد النفط، وتحريره من الارتهان للصراعات الراهنة المحلية والدولية».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

10 % من سكان موريتانيا أجانب... أين الخطر؟

مئات آلاف اللاجئين يستقرون منذ عشر سنوات في الشرق الموريتاني (الأمم المتحدة)
مئات آلاف اللاجئين يستقرون منذ عشر سنوات في الشرق الموريتاني (الأمم المتحدة)
TT

10 % من سكان موريتانيا أجانب... أين الخطر؟

مئات آلاف اللاجئين يستقرون منذ عشر سنوات في الشرق الموريتاني (الأمم المتحدة)
مئات آلاف اللاجئين يستقرون منذ عشر سنوات في الشرق الموريتاني (الأمم المتحدة)

دقت الحكومة الموريتانية ناقوس الخطر الذي يمثله تدفق أمواج المهاجرين عليها، بسبب الأوضاع الأمنية والاقتصادية الصعبة في دول أفريقيا جنوب الصحراء، وقالت إن عدد اللاجئين والمهاجرين في موريتانيا أصبح يمثل 10 في المائة من مجموع السكان، وهو ما يؤثر سلباً على «التعايش السلمي» في البلاد.

وتشير الأرقام الصادرة عن الحكومة الموريتانية إلى أن قرابة نصف مليون مهاجر يقطنون في موريتانيا، وهو ما يمثل نسبة 10 في المائة من إجمالي تعداد السكان البالغ خمسة ملايين نسمة، حسب آخر إحصاء رسمي صادر عن الحكومة.

كثرة أعداد المهاجرين تزيد الضغط على الموارد المحلية المحدودة (حكومة موريتانيا)

وقال وزير الخارجية الموريتاني محمد سالم ولد مرزوك، خلال افتتاح مؤتمر المانحين لدعم اللاجئين في الساحل وحوض بحيرة تشاد، السبت الماضي، في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، إن موريتانيا «تواجه تحديات جدية وتهديداً لأمنها بسبب موجات المهاجرين». وأوضح أن موريتانيا تستضيف أكثر من 400 ألف شاب مهاجر من دول الساحل، بالإضافة إلى آلاف المهاجرين غير الشرعيين.

وأشار الوزير إلى أن بلاده «تحتضن أكثر من 250 ألف لاجئ مالي في مخيم أمبرة»، وهو مخيم للاجئين قرب الحدود مع دولة مالي موجود منذ تسعينات القرن الماضي، ولكنه يستقبل اللاجئين منذ 2012 مع تجدد التمرد المسلح في شمال مالي.

وأكد أن المخيم «بلغ منذ أكثر من سنة أقصى طاقته الاستيعابية»، لأنه يعتمد بشكل أساسي على «الموارد الذاتية المحدودة»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن الاكتظاظ في المخيم «دفع اللاجئين الجدد للتوجه إلى قرى موريتانية أخرى، متضررة أصلاً من تأثيرات التغيرات المناخية».

لاجئون ماليون في مخيم أمبرة شرق موريتانيا (الأمم المتحدة)

وقال الوزير أيضاً إنه «من الطبيعي أن تتولد عن هذا الأمر تحديات كبيرة تؤثر سلباً على التعايش السلمي، وتوفير المياه، والصرف الصحي، والمأوى، والغذاء... وفي ذلك يتساوى اللاجئون مع المجتمعات المستضيفة».

وخلص الوزير إلى أن موريتانيا «ملتزمة بدمج اللاجئين في أنظمة الحماية الاجتماعية والتعليم الوطنية، وتحويل مخيم أمبرة إلى مؤسسة إنسانية متكاملة ومستدامة». وقال إن موريتانيا «وجهت نسبة كبيرة من موارد قواتها الأمنية لإدارة تدفق اللاجئين والمهاجرين، مما يؤثر على قدرتهم على الاستجابة للتحديات الأمنية الأخرى».

القلق الرسمي الموريتاني، يرافقه قلق شعبي من أن تتحول موريتانيا من بلد عبور لمهاجري دول أفريقيا جنوب الصحراء نحو أوروبا، لتصبح بلد استقرار، خاصة بعد اتفاقيات التعاون التي وقعتها مؤخراً مع إسبانيا والاتحاد الأوروبي لمحاربة الهجرة غير النظامية.

وفي هذا السياق، يقول الخبير في الشأن الأفريقي، محمد الأمين ولد الداه، إن «تصريحات وزير الخارجية الموريتاني تعكس رغبة زائدة من الحكومة الموريتانية في إظهار دورها في مكافحة الهجرة السرية، وسعيها إلى تقدير أكثر لهذا الدور من طرف شركائها».

مهاجرون أفارقة في نواكشوط يبيعون بضائع تقليدية من أجل تمويل رحلتهم إلى أوروبا عبر «قوارب الموت» (أ.و.ب)

وأوضح الخبير أن موريتانيا «أصبحت في السنوات الأخيرة محطة رئيسية لعشرات الآلاف من المهاجرين غير النظاميين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، الذين يسعون للعبور إلى أوروبا. ويعكس هذا الوضع ضغوطاً زائدة على الخدمات العامة والبنية التحتية في البلاد».

وأضاف أن الحكومة وقعت اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي وإسبانيا، تشمل دعماً مالياً يصل إلى 200 مليون يورو، بهدف تعزيز القدرات الأمنية والحد من تدفق المهاجرين، بالإضافة إلى تشديد القوانين المتعلقة بتهريب البشر، وإنشاء محاكم متخصصة لمكافحة هذه الظاهرة، ولكن هذه الإجراءات «أثارت جدلاً داخلياً في موريتانيا، حيث يخشى البعض من أن تتحول البلاد إلى نقطة استقرار دائم لهؤلاء المهاجرين، ما يزيد العبء على الاقتصاد الوطني والخدمات الأساسية».

ويشير الخبير في الشأن الأفريقي، إلى أنه أصبح من الملاحظ في موريتانيا «سيطرة العمالة الأجنبية التي تأتي من أفريقيا جنوب الصحراء ومن دول الساحل على قطاعات اقتصادية كثيرة وحيوية، مثل الصيد التقليدي، واستخراج الذهب».