معارضون سوريون يخشون «صفقة» بين تركيا ونظام الأسد

قافلة مساعدات إنسانية تدخل من مناطق سيطرة النظام إلى مناطق سيطرة «هيئة تحرير الشام» في إدلب أمس في طريقها إلى معبر باب الهوى على الحدود مع تركيا (أ.ف.ب)
قافلة مساعدات إنسانية تدخل من مناطق سيطرة النظام إلى مناطق سيطرة «هيئة تحرير الشام» في إدلب أمس في طريقها إلى معبر باب الهوى على الحدود مع تركيا (أ.ف.ب)
TT

معارضون سوريون يخشون «صفقة» بين تركيا ونظام الأسد

قافلة مساعدات إنسانية تدخل من مناطق سيطرة النظام إلى مناطق سيطرة «هيئة تحرير الشام» في إدلب أمس في طريقها إلى معبر باب الهوى على الحدود مع تركيا (أ.ف.ب)
قافلة مساعدات إنسانية تدخل من مناطق سيطرة النظام إلى مناطق سيطرة «هيئة تحرير الشام» في إدلب أمس في طريقها إلى معبر باب الهوى على الحدود مع تركيا (أ.ف.ب)

يتخوف سوريون في مناطق سيطرة المعارضة بشمال غربي سوريا من تسارع خطوات التقارب بين تركيا ونظام الرئيس السوري بشار الأسد، وانعكاسها على الواقع الميداني والإنساني، بعدما ازدادت في الأيام الماضية المعلومات عن اجتماعات جرت مؤخراً في دمشق على مستوى قادة الاستخبارات في البلدين، وتضمّنت أيضاً مناقشات حول العودة الآمنة للاجئين إلى ديارهم.
وتوقع «براء الإدلبي»، وهو ناشط معارض للنظام في محافظة إدلب، أن تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة في إدلب وأرياف حماة وحلب واللاذقية، خلال الأيام المقبلة، تصعيداً عسكرياً، بعد تسارع خطوات التقارب بين تركيا والنظام السوري، معتبراً أن «هذا الأمر سيفسح، بالطبع، المجال أمام الروس لمواصلة القصف الجوي بأكثر حدة مما سبق، كما سيشجع قوات النظام على قصف مناطق (سيطرة المعارضة) على نطاق أوسع». ودعا «المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه المدنيين في شمال غربي سوريا»، مشيراً إلى مخاوف من «تصعيد محتمل لقوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية ضد المناطق المأهولة والمكتظة بالسكان في شمال غربي سوريا، وهي منطقة تؤوي نحو 4 ملايين ونصف مليون مواطن أكثر من نصفهم من النازحين الذين يرفضون العودة إلى ديارهم طالما بقي نظام (الرئيس) الأسد في السلطة».
من جهته، قال العقيد مصطفى بكور، الضابط المنشق عن قوات النظام السوري، إن «هناك تخوفاً بدا واضحاً خلال الآونة الأخيرة من قبل سكان إدلب وأهالي المناطق المحررة والنازحين، من أن يؤدي التقارب التركي مع النظام السوري إلى حصول صفقات معينة تسمح للأخير بالتمدد شمالاً، وبالتالي تزداد حدة أزمة المهجرين»، مشيراً إلى أن التصعيد العسكري في محيط مدينة إدلب في الأسابيع الأخيرة قد يكون محاولة من الروس والنظام في دمشق للضغط على سكان المنطقة للقبول بأي اتفاقات متوقعة يمكن أن تنتج عن التقارب التركي مع النظام السوري، لافتاً إلى أن «الجميع (المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة) يعتقدون أنها (الاتفاقات التركية مع نظام الرئيس الأسد) لن تكون في مصلحة الشعب السوري ولا الثورة السورية».
وأوضح قيادي في فصائل المعارضة السورية أن «فصائل غرفة عمليات (الفتح المبين) المعنية بالعمليات العسكرية في محافظة إدلب باتت الآن جاهزة أكثر من أي وقت مضى لخوض المعارك ضد قوات النظام وحلفائه في حال حاولت التقدم باتجاه المناطق المحررة»، مشيراً إلى أن «الفصائل استطاعت خلال فترة الهدوء الماضية، تدعيم وتعزيز مواقعها العسكرية القريبة من خطوط التماس مع قوات النظام، وإقامة السواتر الترابية وتدريب العناصر على القتال، كما تم تطوير الأسلحة الدفاعية التي من شأنها تكبيد القوات المهاجمة خسائر فادحة».
وشهدت مناطق المعارضة السورية في شمال غربي سوريا، في الآونة الأخيرة تصعيداً عسكرياً ملحوظاً، لقوات النظام السوري وميليشيات متحالفة معها، بالإضافة إلى تكثيف الغارات الجوية الروسية، فيما عززت فصائل المعارضة مواقعها على خطوط التماس تحسباً لأي محاولة تقدم يقوم بها النظام وحلفاؤه.
وتأتي هذه التطورات في وقت بدأ فيه المسؤولون الأتراك بإطلاق تصريحات عن إمكانية التقارب مع النظام السوري، ومطالبة المعارضة السورية والنظام بـ«المصالحة»، الأمر الذي أثار مخاوف المعارضة وحلفائها الذين شاركوا في مظاهرات حاشدة رافضة للموقف التركي في عدد كبير من المدن والبلدات الخاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غربي سوريا.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.