مخاوف من فوضى أمنية في لبنان نتيجة استفحال الأزمة المعيشية

نواب «كتلة التغيير» حذروا من سيناريو قاتم مقبل على البلد

لبنانيون تجمعوا أمام فرع أحد المصارف في بيروت دعماً لمودع اقتحمه للمطالبة بأمواله (إ.ب.أ)
لبنانيون تجمعوا أمام فرع أحد المصارف في بيروت دعماً لمودع اقتحمه للمطالبة بأمواله (إ.ب.أ)
TT

مخاوف من فوضى أمنية في لبنان نتيجة استفحال الأزمة المعيشية

لبنانيون تجمعوا أمام فرع أحد المصارف في بيروت دعماً لمودع اقتحمه للمطالبة بأمواله (إ.ب.أ)
لبنانيون تجمعوا أمام فرع أحد المصارف في بيروت دعماً لمودع اقتحمه للمطالبة بأمواله (إ.ب.أ)

تتصاعد المخاوف في لبنان من انفلات أمني يؤدي إلى فوضى قد تكون القوى الأمنية غير قادرة على ضبطها، في ظل ارتفاع معدلات الفقر، وتراجع قيمة رواتب العناصر الأمنيين إلى حدود مقلقة، بحيث بات راتب الجندي في الجيش اللبناني لا يساوي أكثر من 33 دولاراً أميركياً، مع تجاوز سعر صرف الدولار الواحد عتبة الـ38 ألف ليرة لبنانية.
ولعل ما فاقم هذه المخاوف الاقتحامات التي شهدتها نهاية الأسبوع لعدد من المصارف من قبل مودعين احتجزوا رهائن، وهددوا بالسلاح الموظفين للحصول على ودائعهم المحتجزة منذ عام 2019، وهي ظاهرة يرجح كثيرون أن يكون من الصعب ضبطها بعدما بات القسم الأكبر من هؤلاء المودعين على يقين أنهم لن يحصلوا على أموالهم في وقت قريب في ظل تلكؤ الحكومة، بعد مرور 3 سنوات على الأزمة، في إقرار خطة اقتصادية مالية واضحة تحدد مصير ودائعهم.
وتترافق هذه الظاهرة مع ازدياد معدلات السلب والسرقة، مع ترجيح مصدر نيابي في تكتل نواب «التغيير» أن ترتفع هذه المعدلات مع ارتفاع سعر الصرف وبلوغه مستويات غير مسبوقة.
وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»، إن «البنك الدولي طلب من عدد من الخبراء قبل فترة دراسة عن السيناريو الأسوأ الذي قد يشهده لبنان في حال تواصل الانهيار، وقد تم وضع 3 سيناريوهات؛ الأول تجاوزناه منذ عامين، الثاني بلغناه منذ نحو 6 أشهر، أما السيناريو الثالث، وهو أسوأ السيناريوهات التي نخشاها فيقول بفلتان أمني كبير قد ينطلق من مدينة طرابلس ويمتد إلى المخيمات الفلسطينية على أن يطال كل المناطق، فتعجز القوى الأمنية عن ضبطه وإلقاء القبض على المطلوبين، خصوصاً في ظل الأوضاع المعيشية السيئة جداً التي يرزح تحتها العناصر الأمنيون».
ويشير المصدر إلى أن نواب «التغيير» في جولتهم على القوى السياسية ضمن إطار شرح مبادرتهم الرئاسية «نبهوا القيادات السياسية من هذا السيناريو بحيث نكون بصدد أمن ذاتي وزعماء أحياء». ويضيف: «السبيل الوحيد لمنع الوصول إلى هذه المرحلة من الانهيار المسارعة لانتخاب رئيس وتشكيل حكومة وإقرار خطة التعافي وتوقيع اتفاق مع صندوق النقد. وبخلاف ذلك نكون نتجه إلى الفوضى».
ولا يخفي وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام المولوي، أن «الأزمات الاجتماعية الناتجة عن الواقع المالي والاقتصادي المعروف تجعلنا نتحسب لإمكانية حدوث فوضى، وبذلك تبقى الأجهزة الأمنية حاضرة ومتيقظة وبحالة جهوزية، وهذا من واجبها»، مؤكداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «وزارة الداخلية والقوى الأمنية مستمرة في القيام بواجبها في حفظ الأمن والنظام، رغم الظروف الصعبة. فاللبنانيون لا يريدون الحرب، والتقارير الأمنية التي نتابعها يومياً لا تشير إلى توقع أحداث أمنية». ويضيف: «نعول على وطنية القوى الأمنية ووعي قياداتها، فتبقى هذه القوى واعية وحاضرة لخدمة الوطن وحماية المجتمع، كما أننا نعمل مع القيادات الأمنية والعسكرية على تأمين متطلبات خدمة العناصر الأمنية من محروقات وطبابة وتعديل الرواتب رغم الصعوبات».
ويعتبر رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - أنيغما» رياض قهوجي، أن «القفزات الكبيرة للدولار وبشكل مفاجئ من دون اتضاح أي سقف للارتفاع عوامل فاقمت أوضاع الناس الصعبة أصلاً نتيجة إفلاس الخزينة، وغياب المداخيل وتراكم الديون»، لافتاً إلى أنه وبعدما أصبحت «الرواتب من دون قيمة تذكر، وفي ظل عجز الحكومة عن إعادة النهوض بالبلد والتوجه لتذويب ودائع الناس، بات الخوف حقيقياً من فوضى، سواء تكون نتيجة رد فعل الناس على مآسيهم، أو نتيجة سعي فرقاء داخليين لتأزيم الوضع في مرحلة نهاية العهد لخلق مبررات لإبقاء الرئيس الحالي بالقصر أو تشكيل حكومة بشكل مشوه».
وينبه قهوجي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الوضع خطير، ويزداد خطورة مع مرور الأيام ما يهدد بخسارة الدولة هويتها وبتداعي كيانها.
من جهته، يرى رئيس «مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية»، العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر، أن «ما يحصل بموضوع المصارف طبيعي ومنتظر، ونتوقع أن يستمر، لكنه ليس مؤشراً على فوضى أمنية إنما لانفلات أمني سيزداد يوماً بعد يوم ككرة ثلج تكبر بسبب الفقر والحاجة، لكن ما نحن واثقون منه أن الجيش وقوى الأمن قادران على منع الفوضى»، مضيفاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كنا ننتظر أسوأ من ذلك أمنياً في السنوات الـ3 الماضية... وحده انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة جديدة يمكناننا من استيعاب الوضع ومنع تدهوره».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

مصير الانتخابات النيابية اللبنانية معلّق على لائحة الانتظار الدولي

لبنانية ترفع إصبعها بعد اقتراعها بالانتخابات المحلية في بيروت 2025 (إ.ب.أ)
لبنانية ترفع إصبعها بعد اقتراعها بالانتخابات المحلية في بيروت 2025 (إ.ب.أ)
TT

مصير الانتخابات النيابية اللبنانية معلّق على لائحة الانتظار الدولي

لبنانية ترفع إصبعها بعد اقتراعها بالانتخابات المحلية في بيروت 2025 (إ.ب.أ)
لبنانية ترفع إصبعها بعد اقتراعها بالانتخابات المحلية في بيروت 2025 (إ.ب.أ)

يترقب اللبنانيون بفارغ الصبر ما سيؤول إليه اللقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، لمعرفة ما إذا كان الضغط الأميركي لاعتماد الحل الدبلوماسي مع سوريا سينسحب على لبنان، أم أن تل أبيب ستكون طليقة اليد لتوسعة الحرب استباقاً لنهاية العام الحالي، وهو الموعد المحدد لإتمام الجيش سيطرته على كامل جنوب الليطاني، تمهيداً لاستكمال تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة بدءاً من شماله.

وفي ظلّ ذلك الترقّب، واصل الجانب الإسرائيلي ضغطه بالنار لتمرير رسالة للاجتماع التحضيري الذي استضافته باريس، الخميس، للمؤتمر الدولي الخاص بتوفير الدعم للمؤسسات العسكرية والأمنية اللبنانية، ومن خلاله للجنة الـ«ميكانيزم» في اجتماعها المنتظر في الناقورة الجمعة، وعلى جدول أعمالها تقييم ما أنجزه الجيش في مرحلته الأولى من الخطة التي وضعتها قيادته وتبنّتها الحكومة.

رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

في هذه الأثناء، بات التأجيل التقني لإجراء الانتخابات النيابية يتقدم بخطوات حثيثة، على إنجازها في موعدها في ربيع 2026، في موازاة تصاعد الحديث عن احتمال التمديد للبرلمان الحالي لسنتين على الأقل، وإن كان العائق لتحقيق ذلك يكمن في إيجاد من يتزعّم الدعوة لوضعه موضع التنفيذ، ومن يتحمّل مسؤولية عدم التقيد بالمواعيد الدستورية، كون الانتخابات تشكل محطة، من وجهة نظر المجتمع الدولي، لإحداث تغيير في البرلمان يؤدي لتقليص نفوذ «حزب الله»، ترجمةً لتراجع «محور الممانعة» بقيادة إيران في الإقليم.

شبه إجماع على التأجيل التقني

والتأجيل التقني للانتخابات، يكاد تجمع عليه معظم الكتل النيابية، في مقابل التمديد الذي لا يزال موضع تداول همساً وتحت الطاولة، لأن أحداً من الكتل النيابة، لا يملك الجرأة للمطالبة به أمام المحازبين... ورغم أن استكمال تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة يتقدم على إجراء الانتخابات النيابية، كما تقول مصادر سياسية بارزة لـ«الشرق الأوسط»، استناداً لما لمسه معظم المعنيين بإنجاز الاستحقاق النيابي في موعده في لقاءاتهم مع الموفدين الدوليين إلى بيروت، فإن هؤلاء يتطرقون إلى مسألة التأجيل التقني عرضاً مبدين تفهمهم لمؤيديه بذريعة أنه ضرورة لاحترام المهل الدستورية، بدءاً بتوجيه الدعوات للهيئات الناخبة للاشتراك في العملية الانتخابية.

ولفتت المصادر إلى أن هؤلاء الموفدين، وإن كانوا يحرصون في لقاءاتهم على الاستفسار عن الأسباب التي تؤخر التوافق على قانون الانتخاب الذي ستجري على أساسه الانتخابات، فإنهم في المقابل يحتفظون لأنفسهم بكلمة السر، ويكتفون بأخذ العلم بتعدد الآراء في هذا الخصوص، من دون أن يحسموا موقفهم منها، سلباً أو إيجاباً.

دفع دبلوماسي لإجراء الانتخابات

وقالت إن المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إلى بيروت، جان إيف لودريان، في زيارته الأخيرة، شدد في لقاءاته على وجوب إجراء الانتخابات، وإن كان قد تحدث موحياً بأن الأولوية تبقى لتطبيق حصرية السلاح، وتوفير الأجواء لإتمامها بنزع سلاح «حزب الله» لرفع الضغوط عن اللبنانيين بعيداً عن تدخل الحزب لتجديد شرعيته في الشارع الشيعي.

الرئيس اللبناني جوزيف عون (يمين) مجتمعاً مع المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان يوم 8 ديسمبر في قصر بعبدا الرئاسي وإلى جانبه السفير الفرنسي في لبنان هيرفيه مارغو (الرئاسة اللبنانية)

كما أكدت أن السفير الأميركي لدى لبنان، ميشال عيسى، ليس بعيداً عن موقف لودريان. وقالت إن الاستحقاق النيابي بات محكوماً بالتوافق على تأجيله لشهرين أو أكثر لدواعٍ تقنية، وهذا يبقى معلقاً على قرار يُتخذ في الداخل، لكن التمديد للبرلمان بحاجة إلى قرار خارجي بـ«تطنيش» المجتمع الدولي عن ممارسة الضغط لمنعه، وبالتالي توفير الغطاء السياسي لترحيل الانتخابات لأمد بعيد، لأن القوى المحلية لا تملك الجرأة السياسية لمواجهة اللبنانيين الذين يتحضرون للمشاركة في السباق الانتخابي لإحداث تغيير في ميزان القوى بانتخاب مجلس نيابي جديد، يأخذ على عاتقه إخراج لبنان من التأزم الذي يرفع من منسوب تردي أوضاعهم المعيشية والاقتصادية.

قتال سياسي لإجراء الانتخابات

ورأت المصادر نفسها، أن رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون ومعه رئيس الحكومة نواف سلام، يقاتلان سياسياً لإجراء الانتخابات في موعدها، وهما لا يمانعان تأجيلها تقنياً بذريعة أن انقضاء المهل لم يعد يسمح بإنجازها في موعدها، نظراً لأن القانون الذي ستجري على أساسه بحاجة إلى تعديل، سواء بالنسبة للقانون النافذ الذي يتمسك به رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ويصر بموجبه على إجراء الانتخابات بلا أي تأخير في موعدها، أو الذي يطالب به خصومه بدعوتهم لاعتماد مشروع القانون المعجل الذي أحالته الحكومة على البرلمان وينص على شطب المادتين 112 و122 من القانون الحالي، بما يسمح للمغتربين بالاقتراع من مقر إقامتهم لـ128 نائباً، بخلاف ما نص عليه القانون النافذ.

واستغربت المصادر ما أخذ يشيّعه البعض بأن سلام يراهن على تأجيل الانتخابات لتمديد عمر حكومته، لأنها ستُعتبر مستقيلة فور إجراء الانتخابات. وسألت ما المانع من إحراجه بإتمامها في موعدها؟وبالتالي، فإن الكرة الآن في ملعب البرلمان بغياب التوافق على تسوية حول القانون الذي هو من صلاحية السلطة التشريعية، والهروب إلى الأمام لن يبدّل من واقع الحال، والدور المطلوب من المجلس النيابي في هذا الخصوص.

لائحة الانتظار الدولية

لذلك، فإن المبارزة بين الكتل حول القانون لا تعفيها من مسؤوليتها التشريعية بالتوافق على تسوية لإخراج التعديلات من التجاذبات التي بلغت ذروتها مع مواصلة رئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، حملاته على الرئيس بري، متهماً إياه بوضع يده على البرلمان، سيما وأنها اتسمت أخيراً بطابع التحدي، فيما مصادر نيابية محسوبة على «الثنائي الشيعي» تتعامل مع هجومه، من زاوية أنه يشد عصبه في الشارع المسيحي بتأييده لاقتراع المغتربين لـ128 نائباً لحشر خصمه رئيس «التيار الوطني الحر»، النائب جبران باسيل، الذي هو على توافق مع «الثنائي الشيعي».

لكن الجلسة التشريعية أدت إلى خلط الأوراق، فالنصاب القانوني لانعقادها لم يكن ليتأمن لو لم تشارك فيها كتلتا «اللقاء الديمقراطي» برئاسة رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي»، تيمور وليد جنبلاط، و«الاعتدال الوطني»، واللتان هما على تفاهم مع خصوم بري في مسألة اقتراع المغتربين من مقر إقامتهم لـ128 نائباً، لكن خلافهما مع جعجع يكمن في أنهما لا يقاطعان الجلسات النيابية المخصصة للتشريع.

وعليه، فإن مصير إجراء الانتخابات سيبقى مدرجاً على لائحة الانتظار المحكومة بالحراك الدولي الذي له اليد الطولى في حسم مصيرها، بإنجازها في موعدها أو ترحيلها إلى موعد آخر، انطلاقاً من أن القرار في كلتا الحالتين، هو في يد الخارج، فيما العامل الداخلي ليس في الموقع المقرِّر الذي يسمح له بحسمها، ويبقى دوره معلقاً على تأجيلها تقنياً.


إصابة 3 فلسطينيين بنيران إسرائيلية في قطاع غزة

فلسطينيون يسيرون في شارع محاط بمبانٍ دُمّرت خلال العمليات الجوية والبرية الإسرائيلية في مدينة غزة، 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)
فلسطينيون يسيرون في شارع محاط بمبانٍ دُمّرت خلال العمليات الجوية والبرية الإسرائيلية في مدينة غزة، 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)
TT

إصابة 3 فلسطينيين بنيران إسرائيلية في قطاع غزة

فلسطينيون يسيرون في شارع محاط بمبانٍ دُمّرت خلال العمليات الجوية والبرية الإسرائيلية في مدينة غزة، 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)
فلسطينيون يسيرون في شارع محاط بمبانٍ دُمّرت خلال العمليات الجوية والبرية الإسرائيلية في مدينة غزة، 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)

أصيب ثلاثة مواطنين فلسطينيين، اليوم الخميس، برصاص القوات الإسرائيلية في خان يونس ومدينة غزة.

وذكرت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية «وفا»، أن «مواطنَين أصيبا بجروح برصاص الاحتلال في بلدة بني سهيلا شرقي مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة».

وأضافت أن «فتى أصيب برصاص الاحتلال شرق حي التفاح شرق مدينة غزة».

ووفق الوكالة، «بلغت حصيلة الشهداء والإصابات منذ اتفاق وقف إطلاق النار في 11 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي 395 شهيداً، و1088 مصاباً، وجرى انتشال 634 جثماناً».

إصابة جندي إسرائيلي

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي عن إصابة جندي من قوات الاحتياط بجروح طفيفة في وقت سابق من يوم الخميس، جراء رصاصة طائشة أُطلقت من خارج منطقة سيطرة عملياته في شمال قطاع غزة.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بأنه نقل الجندي المصاب إلى المستشفى لتلقي العلاج.


التوغلات الإسرائيلية تزداد في جنوب سوريا

مركبات مدرعة تابعة للجيش الإسرائيلي تغلق طريقاً يؤدي إلى بلدة القنيطرة بسوريا في 5 يناير 2025 (أ.ب)
مركبات مدرعة تابعة للجيش الإسرائيلي تغلق طريقاً يؤدي إلى بلدة القنيطرة بسوريا في 5 يناير 2025 (أ.ب)
TT

التوغلات الإسرائيلية تزداد في جنوب سوريا

مركبات مدرعة تابعة للجيش الإسرائيلي تغلق طريقاً يؤدي إلى بلدة القنيطرة بسوريا في 5 يناير 2025 (أ.ب)
مركبات مدرعة تابعة للجيش الإسرائيلي تغلق طريقاً يؤدي إلى بلدة القنيطرة بسوريا في 5 يناير 2025 (أ.ب)

تكثف إسرائيل من توغلاتها في جنوب سوريا، ومن ممارساتها القمعية بحق الأهالي، على الرغم من تحديد الإدارة الأميركية «خطوطاً حمراء» لها بشأن نشاطها في سوريا، عبر التأكيد على دعم الرئيس دونالد ترمب لاستقرار حكم الرئيس السوري أحمد الشرع.

وأفادت عدة مصادر محلية، بأن قوات تابعة للجيش الإسرائيلي توغلت فجر اليوم (الخميس) في ثلاث قرى ومناطق تابعة لبلدة الرفيد في القطاع الجنوبي من ريف محافظة القنيطرة السورية.

الناشط «أبو صالح النعيمي» وهو من أهالي بلدة الرفيد، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوة من جيش الاحتلال، توغلت عند الساعة الثالثة فجراً في قرية الحيران، واعتقلت الشاب علي مصعب البشير من منزله».

وأشار إلى أن قوة أخرى من الجيش الإسرائيلي، توغلت في موقع عسكري في الرفيد، كان يستخدمه جيش نظام بشار الأسد المخلوع، ويطلق عليه اسم «سرية الدرعيات»، بالتزامن مع توغل قوة أخرى ترافقها دبابات وجرافات ثقيلة في قرية المعلّقة التابعة أيضاً لبلدة الرفيد، لافتاً إلى أن «قوات الاحتلال نفذت عمليات تجريف واسعة للأراضي الزراعية مستخدمة الدبابات والجرافات».

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتفقد المنطقة العازلة مع سوريا برفقة ضباط رفيعي الرتب (أرشيفية - مكتب الصحافة الحكومي)

بينما ذكر «تلفزيون سوريا»، أن «قوات الاحتلال قامت بإطلاق النار على الأهالي في المعلقة»، من دون أن يأتي على ذكر سقوط قتلى أو حدوث إصابات من جراء إطلاق النار.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أوضح النعيمي أن «قوات الاحتلال باتت منذ فترة تزيد من توغلاتها في بلدات وقرى ريف القنيطرة، ومن عمليات اعتقال المواطنين، التي أصبحت تقوم بها بشكل يومي».

وكانت قوة تابعة للجيش الإسرائيلي، توغلت مساء (الأربعاء) في مدينة القنيطرة المهدمة، قبل أن تتوجه باتجاه قرية الصمدانية الشرقية وصولاً إلى تل كروم جبا في ريف القنيطرة الشمالي، وذلك بعدما توغلت قوات إسرائيلية (الثلاثاء) في عدة قرى وبلدات بريف القنيطرة الجنوبي.

وسبق ذلك تنفيذ جنود من الجيش الإسرائيلي متمركزين في قاعدة تل أحمر بالغرب، التابع لبلدة كودنا في قطاع القنيطرة الأوسط، قصفاً على تل أحمر بالشرق، بعدما قامت قوة من الجيش الإسرائيلي باعتقال ثلاثة شبان من أهالي قرية الحميدية أثناء قيامهم بجمع الحطب في منطقة دوار العلم في مدينة القنيطرة.

واللافت أن تكثيف إسرائيل من توغلاتها في جنوب سوريا، ومن عمليات الاعتقال بحق الأهالي، يأتي على الرغم من نقل المبعوث الأميركي الخاص لسوريا، توم برّاك، لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال لقاء جمعهما في القدس في 15 ديسمبر (كانون الأول) الحالي «رسائلَ حادة وخاصة» و«خطوطاً حمراء» من واشنطن بشأن تعاطيه مع ملفات فلسطينية وسورية، وذلك قبل لقاءٍ مرتقب سيجمعه مع الرئيس ترمب نهاية الشهر.

وقالت تقارير إعلامية إسرائيلية، إن برّاك حدد في اجتماعه مع نتنياهو «خطوطاً حمراء» بشأن النشاط الإسرائيلي في سوريا، عبر التأكيد على رغبة ترمب التي عبّر عنها سابقاً، في أن الرئيس الشرع يعد حليفاً لواشنطن، ويجب دعمه في مساعيه لاستقرار الدولة ودفعها إلى الأمام، ولذلك يرغب الأميركيون في تجنب أي إجراءات يرونها تقوض حكمه.

المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو 15 ديسمبر 2025 (الحكومة الإسرائيلية)

وعلق النعيمي على ما ورد في التقارير الإسرائيلية، بأن «تكثيف الاعتداءات الإسرائيلية هو بمثابة رسالة من نتنياهو بأنه لا يهتم برغبة الإدارة الأميركية، ولن يوقف توغلات جيشه في جنوب سوريا»، لافتاً إلى تصاعد المخاوف بين الأهالي من أن تقوم إسرائيل بفرض أمر واقع في المنطقة يكرس احتفاظها بالمناطق التي سيطرت عليها بعد سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر العام الماضي.

ويشهد الجنوب السوري، منذ اليوم الأول لإسقاط الأسد، ما تصفه دمشق بـ«انقلاب إسرائيلي» على اتفاق «فصل القوات» الموقَّع عام 1974، الذي شكّل على مدى خمسة عقود الإطار القانوني والأمني لضبط الحدود في هضبة الجولان السورية المحتلة. وقد استثمرت تل أبيب التطورات الأخيرة، وشرعت في تصعيد عسكري غير مسبوق، احتلت خلاله أراضي جديدة في محافظتي القنيطرة ودرعا جنوب البلاد.

ويؤكد مسؤولون سوريون أن إسرائيل نفَّذت أكثر من ألف غارة جوية على سوريا، وأكثر من 400 عملية توغل برية نحو المحافظات الجنوبية، منذ ديسمبر العام الماضي، بينما تذكر دراسات أن المساحة التي احتلتها من الأراضي السورية منذ اليوم الأول للتحرير تتجاوز 460 كيلومتراً مربعاً، أنشأت فيها 9 قواعد عسكرية ونقاط مراقبة وتفتيش، إضافةً إلى احتلالها المرصد السوري في جبل الشيخ.

توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)

وتطالب سوريا باستمرار، بخروج الاحتلال من أراضيها، وتدعو المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته وردع الممارسات الإسرائيلية غير المشروعة.

وخلال زيارته التاريخية الأولى إلى واشنطن الشهر الماضي، التي التقى خلالها الرئيس ترمب، أجرى الشرع مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست»، أوضح فيها أن سوريا تنخرط في مفاوضات مع إسرائيل، وقطعت شوطاً طويلاً في طريق التوصل إلى اتفاق أمني، «لكن للتوصل إلى اتفاق نهائي، يجب على إسرائيل الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في الثامن من ديسمبر».