انفتاح أميركي على «مقترحات معقولة» لتوسيع عضوية مجلس الأمن

الأمن الغذائي والتمسك بميثاق الأمم المتحدة في مواجهة «العدوان الروسي الصارخ»

المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس - غرينفيلد (أ.ب)
المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس - غرينفيلد (أ.ب)
TT

انفتاح أميركي على «مقترحات معقولة» لتوسيع عضوية مجلس الأمن

المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس - غرينفيلد (أ.ب)
المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس - غرينفيلد (أ.ب)

أكدت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس - غرينفيلد أن بلادها منفتحة على مناقشة «مقترحات معقولة» لتوسيع عضوية مجلس الأمن في إطار إصلاح المنظمة الدولية، موضحة أن هذه المسألة ستكون مدار بحث خلال الاجتماعات الرفيعة المستوى للدورة السنوية الـ77 في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأعلنت أن إدارة الرئيس جو بايدن لديها ثلاث أولويات رئيسية في هذه الاجتماعات، تتمثل في معالجة انعدام الأمن الغذائي العالمي، وتعزيز الصحة العامة، وكذلك التمسك بميثاق الأمم المتحدة، كاشفة أن لا خطط أميركية لعقد اجتماعات مع المسؤولين الروس الذين سيحضرون إلى نيويورك.
وعقدت غرينفيلد مؤتمراً صحافياً في المقر الرئيسي للأمم المتحدة الخميس استعرضت فيه أولويات الولايات المتحدة في الدورة اﻟ77 للجمعية العامة. وأفادت بأن الرئيس بايدن، سيعرض خلال خطابه الأربعاء أفكاراً لتوسيع عضوية مجلس الأمن، وقالت: «سنقدم جهوداً لإصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بما في ذلك التوصل إلى إجماع حول مقترحات معقولة وذات صدقية لتوسيع عضوية مجلس الأمن»، وأوضحت أن بلادها ستجري مناقشات مع العضوين الدائمين الغربيين (بريطانيا وفرنسا) في مجلس الأمن إضافة إلى آخرين، للمضي قدماً في هذه المسألة. وأضافت «سوف نجري مزيداً من المناقشات مع الدول الأعضاء... حتى نتمكن من إحراز بعض التقدم في إصلاح الأمم المتحدة وإصلاح مجلس الأمن».
* الحرب في أوكرانيا
نددت غرينفيلد بالحرب في أوكرانيا، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة تواجه الآن أزمة ثقة ناجمة عن حرب روسيا غير المبررة في أوكرانيا، وقالت: «حتى عندما كان العالم يواجه خطر تغير المناخ، وجائحة، وأزمة الغذاء العالمية، غزا أحد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن جاره. انتهكت روسيا السيادة الوطنية وسلامة الأراضي، وداست على حقوق الإنسان، وشنت حرباً مباشرة بدلاً من السلام عن طريق التفاوض. عضو دائم في مجلس الأمن، ضرب قلب ميثاق الأمم المتحدة»، معتبرة أن هذه الحرب تختبر المبادئ الأساسية التي تأسست عليها الأمم المتحدة، مؤكدة أن «ردنا على الانتهاكات الصارخة لروسيا لا يمكن أن يكون بالتخلي عن المبادئ التأسيسية لهذه المنظمة التي نؤمن بها بقوة. وبدلاً عن ذلك، يتعين علينا مضاعفة الجهود. يجب أن نضاعف التزامنا بعالم يسوده السلام، ونتمسك بمبادئنا الراسخة في السيادة وسلامة الأراضي والسلام والأمن». وأشارت غرينفيلد إلى أن بلادها لا تخطط للقاء الدبلوماسيين الروس في الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، وقالت متحدثة عن الروس: «لم يظهروا أن لديهم اهتماماً بالدبلوماسية. ما يهمهم هو الاستمرار في إثارة هذه الحرب غير المبررة على أوكرانيا».
وكشفت أن ممثلي بعض الدول عبروا لها عن تخوفهم من تركيز المناقشات في الأمم المتحدة على الحرب في أوكرانيا وإهمال الأزمات الأخرى، وطمأنت في هذا الإطار، إلى أنه بينما ستتم مناقشة الحرب في أوكرانيا في الجمعية العامة، فإن أوكرانيا لن تهيمن على النقاشات، قائلة: «لا يمكننا تجاهل بقية العالم، وتأثير تغير المناخ، وتأثير الوباء، والصراعات في أماكن أخرى من العالم».
* الأمن الغذائي العالمي
لفتت غرينفيلد إلى أن معالجة انعدام الأمن الغذائي العالمي، باتت أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى لإنقاذ أكثر من 828 مليون شخص من الجوعى كل ليلة، وقالت إن عوامل عديدة أسهمت بتفاقم الأزمة، أبرزها جائحة (كوفيد - 19) وتكاليف الطاقة المرتفعة وأزمة المناخ، يُضاف إليها «الغزو الروسي الوحشي» لأوكرانيا بشكل خاص، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة قدمت أكثر من 5.7 مليار دولار من المساعدات الإنسانية لعمليات الأمن الغذائي منذ فبراير (شباط) الماضي، فيما سيترأس وزير الخارجية الأميركي بلينكن، بالاشتراك مع الاتحاد الأوروبي، والاتحاد الأفريقي وإسبانيا، قمة الأمن الغذائي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة استجابة لهذه الأزمة العالمية المتزايدة.
* الصحة العالمية
قالت غرينفيلد إن مسألة الصحة العالمية محور تركيز رئيسي للولايات المتحدة في الجمعية العامة للأمم المتحدة لهذا العام، وذلك للتصدي للتحديات الصحية العالمية المتمثلة بـ(كوفيد - 19)، وجدري القرود، والأوبئة الأخرى. وسيشارك الوفد الأميركي في استضافة اجتماع وزاري لخطة العمل العالمية حول (كوفيد - 19) مع وزراء خارجية بنغلاديش وبوتسوانا وإسبانيا، كما ستعمل الولايات المتحدة على تجديد تقديماتها المالية للقضاء على ما يهدد الصحة العامة اليوم، والاستعداد لأوبئة الغد، مشيرة إلى أن الرئيس الأميركي بايدن سيستضيف في 21 سبتمبر (أيلول)، المؤتمر السابع لتجديد موارد الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا. وأكدت التزام بلادها بمساعدة الصندوق العالمي للوصول إلى هدفه البالغ 18 مليار دولار من حجم التمويل للقضاء على فيروس نقص المناعة البشرية والسل والملاريا، وبناء أنظمة صحية مرنة ومستدامة. وأضافت «تعهد الرئيس بايدن بالفعل بتقديم ملياري دولار أميركي لتحقيق هذا الهدف، وأشار إلى أن الولايات المتحدة مستعدة لتقديم دولار مقابل كل دولارين يلتزم بهما المانحون الآخرون، مقابل تعهد إجمالي من الولايات المتحدة مقداره 6 مليارات دولار».
* الدفاع عن ميثاق الأمم المتحدة
أوضحت غرينفيلد أن الأولوية الثالثة للوفد الأميركي في الجمعية العامة لهذا العام، هي الدفاع عن ميثاق الأمم المتحدة وتشكيل مستقبل الأمم المتحدة. ونوهت برفض الغالبية العظمى من الدول الأعضاء «العدوان الروسي الصارخ»، وبإدانة هذه الدول الحرب التي اختارتها روسيا، وتعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بنجاح، والاستمرار ﺑ «تحميل روسيا المسؤولية عن فظائعها».
وتعهدت بعدم استخدام الولايات المتحدة حق النقض في مجلس الأمن إلا في ظروف نادرة وغير عادية، مشيرة إلى أنه منذ عام 2009، استخدمت روسيا 26 مرة حق نقض، 12 منها شاركتها فيها الصين، فيما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض أربع مرات فقط منذ العام 2009، ووعدت بقيادة الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وبتعزيز التعاون والمساواة والشفافية، و«العمل على دفع الجهود لإصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بما يشمل التوصل إلى إجماع حول مقترحات واقعية وجديرة بالثقة لتوسيع عضوية مجلس الأمن».
وأجابت لدى سؤالها عن توقعها تصعيد روسي وصيني محتمل في مناقشات الجمعية العامة الأسبوع القادم حول قضايا عالم الجنوب بوجه الولايات المتحدة والغرب: «أظن أنهما (روسيا والصين) سيفعلان كل ما بوسعهما لمواصلة تضليلهما وهجماتهما على الغرب».


مقالات ذات صلة

غوتيريش: نرى بارقة أمل من نهاية الديكتاتورية في سوريا

المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يحضر مؤتمراً صحافياً في بريتوريا، جنوب أفريقيا، 11 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

غوتيريش: نرى بارقة أمل من نهاية الديكتاتورية في سوريا

قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، اليوم (الأربعاء)، خلال زيارة إلى جنوب أفريقيا، أن هناك بارقة أمل من نهاية الديكتاتورية في سوريا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
المشرق العربي عائلة سورية متوجهة إلى بوابة باب الهوى وتبدو على ملامحهم السعادة بالعودة إلى بلادهم (أ.ب)

تركيا تدين التوغل الإسرائيلي وتؤكد تصديها لأي محاولة لتقسيم سوريا

ندَّدت تركيا بالتوغل الإسرائيلي في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، وشدّدت على دعمها سيادتها ووحدتها وسلامة أراضيها، في حين اتخذت إجراءات لتسريع عودة السوريين

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي يتجمع الناس في سجن صيدنايا في دمشق بحثاً عن أحبائهم (أ.ف.ب)

سوريا «مسرح جريمة» قد تُفْتح أبوابه أخيراً للمحققين الأمميين

يأمل محققون أمميون يجمعون منذ سنوات أدلّة توثّق الفظائع المرتكبة في سوريا أن يتيح لهم سقوط بشار الأسد الوصول أخيراً إلى ما يشكّل بالنسبة إليهم «مسرح الجريمة».

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)

إردوغان ينتقد الصمت الدولي إزاء انتهاك إسرائيل حقوق الإنسان في فلسطين

انتقد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، صمت المجتمع الدولي إزاء الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في فلسطين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.