غوانتانامو: 36 سجيناً أبرزهم خالد شيخ والتكلفة بالملايين

معسكر «جاستس» في غوانتانامو حيث تعقد محاكمات السجناء
معسكر «جاستس» في غوانتانامو حيث تعقد محاكمات السجناء
TT

غوانتانامو: 36 سجيناً أبرزهم خالد شيخ والتكلفة بالملايين

معسكر «جاستس» في غوانتانامو حيث تعقد محاكمات السجناء
معسكر «جاستس» في غوانتانامو حيث تعقد محاكمات السجناء

اعتمدت المهمة على الحلول قصيرة الأمد لأمور مثل السكن والرعاية الطبية لعقدين من الزمن. ومع بقاء 36 معتقلاً، سوف يستقبل السجن قريباً قائده الحادي والعشرين.
تكاثرت الفطريات في قرية صغيرة جديدة بتكلفة 10 ملايين دولار جرى تجميعها في «معسكر جاستيس»، مجمع المحاكم العسكرية في خليج غوانتانامو الذي ضربه العفن والفطريات ولا يزال منذ سنوات. ومن ثم، تأجلت خطط إقامة المحامين المكلفين بقضية 11 سبتمبر (أيلول) هناك إلى أواخر العام المقبل.
في أماكن أخرى من القاعدة، تعرض أحد أجهزة الفحص بالرنين المغناطيسي «لفشل كارثي»، نتيجة الإهمال أثناء الجائحة، وفقاً لشهادة المحكمة. وينوي الجيش الآن استئجار واحدة أخرى عبر عملية قد تستغرق عدة شهور.
وفي موقع ثالث، يتأخر بناء مهجع بتكلفة 115 مليون دولار عن الموعد المحدد بعام. وهو مخصص لإيواء الجنود المكلفين بالعمل في السجن، في عملية يشارك فيها 41 حارساً ومدنياً لكل معتقل.
مر أكثر من 20 عاماً منذ أن جلبت إدارة جورج دبليو بوش أول المعتقلين إلى هذه القاعدة النائية في جنوب شرقي كوبا بعد 4 شهور من هجمات 11 سبتمبر 2001، كانت مهمة مؤقتة، ولا تزال تُدار على هذا النحو - «على غرار الحملة العسكرية المحددة بوقت»، كما يسميها الجيش.
عندما يصبح عميد الحرس الوطني من ميشيغان القائد الحادي والعشرين لمهمة الاحتجاز في وقت لاحق من هذا العام، فإنه سوف يرث الكثير من التحديات نفسها التي واجهها أسلافه: مبان عفنة وغير آمنة، وطاقم السجن كبير العدد، والمعتقلون المرضى والمسنون، وبعضهم لا يزال يعاني من عواقب التعذيب في سجون الاستخبارات الأميركية السرية قبل عقدين من الزمن.
قال العميد المتقاعد جون بيكر، الذي أشرف كمحامٍ من القوات البحرية على فرق الدفاع العسكري في خليج غوانتانامو لسبع سنوات: «في غوانتانامو، يواصلون لصق الضمادات بدلاً من إيجاد الحلول الواقعية».
وقال إن عمليات الاعتقال تعاني في بعض النواحي من بعض المشاكل نفسها التي واجهناها في العراق وأفغانستان، حيث كان التخطيط كثيراً ما يستغرق دورة الانتشار بكاملها. وهناك دائماً العقلية المؤقتة فيما صار مشكلة دائمة.
على مر السنين، بلغت تكلفة المهمة 7 مليارات دولار، واحتجزت 780 معتقلاً، وعشرات الآلاف من الجنود في فترات خدمة قصيرة أو طويلة غالباً. وحتى في الوقت الراهن، حيث لا يوجد في السجن سوى 36 معتقلاً، يُكلف الواحد منهم 13 مليون دولار في السنة، ولا توجد طريقة لمعرفة متى قد تنتهي المهمة.
تُعزى هذه التكاليف المرتفعة جزئياً إلى التناوب الهائل في القوة العاملة - حيث يُطلق السجن على الموظفين تسمية «مقاتلي الحرب» - في غوانتانامو، الذي يضم 6000 مقيم، مع الفنادق، والحانات، ومدرسة ما قبل الجامعة، وأحياء على طراز الضواحي، ومستشفى مجتمعي. كما ظهرت مشكلات بسبب طبيعة التخطيط المتقطعة لعملية الاعتقال التي تعهد رئيس بإغلاقها وتعهد آخر باستمرارها، دونما أن يحقق أحدهما هدفه منها.
جلبت إدارة بوش جميع المعتقلين الـ780، ثم خفضت عدد نزلاء السجون إلى نحو 240، وجد فريق الرئيس باراك أوباما أماكن لنحو 200 معتقل، لكن الكونغرس أحبط خطة إدارته لنقل آخر 41 سجيناً إلى سجون الولايات المتحدة.
واليوم، هناك 36 محتجزاً، بمن فيهم السجين الوحيد الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة، وهو رجل يمني. أصغرهم في أواخر الثلاثينات من عمره. ويُجري محامو خالد شيخ محمد، المتهم بتدبير هجمات 11 سبتمبر، وأربعة رجال آخرين متهمين بالتواطؤ معه، محادثات سرية لحل القضية من خلال السماح لهم بالاعتراف بذنبهم مقابل الحكم عليهم بالسجن مدى الحياة.
جاءت الموافقة على نقل 21 من المعتقلين مع ضمانات أمنية. وإذا وجد الدبلوماسيون الأميركيون أماكن لإرسالهم، فإن ذلك سيترك 15 رجلاً في السجن.
كانت أعمال البناء المضطربة في طور العمل منذ سنوات، مع فشل التخطيط في مواكبة الواقع على الأرض.
يقدم مشروع الثكنات الذي تبلغ تكلفته 115 مليون دولار صورة توضيحية على ذلك. جاء اقتراح تشييد المبنى لأول مرة عام 2013 من الجنرال جون كيلي، قائد قوات المارينز، الذي كان يشرف على السجن، وكان ينادي بتحسين نوعية الحياة لعدد 1900 من موظفي السجن. في ذلك الوقت، كان في غوانتانامو 166 معتقلاً، بمعدل 11 جندياً ومدنياً لكل سجين. أما إدارة أوباما، التي كانت تريد إنهاء عمليات السجون، فلم تدعم هذا الاستثمار. ولم يوافق الكونغرس على تمويله عام 2017 إلا بعد أن أصبح دونالد ترمب رئيساً، وتعهد بإعادة إصلاح السجن، الطموح الذي لم يتحقق قط.
ثم بدأت أعمال البناء بعد ثلاث سنوات، في خضم الوباء الأخير.
سوف يتسع لعدد 848 جندياً خلال عمليات انتشار لمدة 9 أشهر في أجنحة يتقاسم فيها «مقاتلان حرب» دورة مياه واحدة. لكنه لن يكون جاهزاً قبل أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وألقت متحدثة باسم القوات البحرية باللوم في التأخير، على نحو غامض، على «الظروف غير المتوقعة» التي تشتمل على شبكة تحت الأرض من القنوات المستخدمة في مد قاعدة الكهرباء والاتصالات، «والتي جرى التعامل معها».
كما جرى إنجاز بعض المشاريع خلال فترة الوباء، معظمها التي تفيد القاعدة، وليس مهمة المعتقلين. وشيد المقاولون جزءاً جديداً من الطريق بجانب السينما الخارجية، ومطعم مكدونالدز، وأنهوا بناء مدرسة جديدة لأطفال البحارة بتكلفة 65 مليون دولار. وقد خصصت القاعدة مكتب بريد جديداً داخل مبنى قديم استغرق ترميمه 18 شهراً بتكلفة 3 ملايين دولار. لكن المشاريع المتعلقة بعمليات الاعتقال لم تكن ناجحة بالقدر نفسه. ولنتأمل هنا حالة ماكينة الفحص بالرنين المغناطيسي، التي اشتراها الجيش بمبلغ 1.65 مليون دولار عام 2012، كجزء من استراتيجية طويلة الأجل لرعاية المعتقلين المسنين في خليج غوانتانامو.
وصلت الماكينة بعد 5 سنوات، بعد أن أمر قاض عسكري بإجراء فحص بالرنين المغناطيسي على مخ المتهم في قضية تفجير المدمرة الأميركية «كول». التلف الدماغي، بصرف النظر عما إذا كان مرتبطاً بشكل صريح بالتعذيب لدى الاستخبارات المركزية، قد يعني الفرق بين السجن المؤبد أو الإعدام للمتهم المدان.
وقد حولت القيادة الجنوبية الأميركية الماكينة إلى مستشفى تابع للجيش في جورجيا.
في غوانتانامو، كان الجهاز الذي يبلغ من العمر خمس سنوات مضطرباً منذ البداية، وكثيراً ما كان خارج الخدمة قبل أن يصبح غير قابل للإصلاح خلال الجائحة. يقول الدكتور كوري جيب كوتشيك، قبطان البحرية، ويعمل كبير أطباء القاعدة، في يونيو (حزيران)، «كان معروفاً جيداً أنها مشكلة، وكان أمراً يمكن تجنبه، ولكن لم يكن يمكن التنبؤ به بالضرورة». سوف يستأجر الجيش الآن ماكينة أخرى، إلى جانب الصيانة والتسليم - في حل آخر من الحلول المؤقتة لمشكلة طويلة الأجل.
- «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

هل أوقف هجوم «حماس» خطط إعادة توطين سجناء غوانتانامو؟

الولايات المتحدة​ سجين في مركز احتجاز المعسكر السادس في خليج غوانتانامو في عام 2019... لم يتم اتهام أي من السجناء الذين كان من المقرر نقلهم في أكتوبر بارتكاب جرائم (نيويورك تايمز)

هل أوقف هجوم «حماس» خطط إعادة توطين سجناء غوانتانامو؟

كان البيت الأبيض قد علّق مهمةً سريةً لنقل المعتقلين إلى سلطنة عمان في أكتوبر الماضي، بعد أن أعرب أعضاء في الكونغرس عن قلقهم إزاء عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.

كارول روزنبرغ (واشنطن)
الولايات المتحدة​ غوانتانامو: المدعون المدنيون يرفضون أدلةً في قضية هجمات سبتمبر يعدّها الجيش حاسمةً

غوانتانامو: المدعون المدنيون يرفضون أدلةً في قضية هجمات سبتمبر

لسنوات طويلة، سيطر سؤال شائك على جلسات استماع ما قبل المحاكمة في قضية المحاكم العسكرية لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001: هل اعترف المتهمون بالتخطيط لها طواعية؟

كارول روزنبرغ (واشنطن) إيريك تشارلي سافاج (واشنطن)
الولايات المتحدة​ سمحت بليز لماجد خان بالاستقرار هناك بعد إطلاق سراحه من غوانتانامو في بادرة إنسانية (نيويورك تايمز)

حياة جديدة لسجين سابق في «غوانتانامو»

في ليلة الخامس عشر من رمضان، في إحدى ضواحي مدينة بليز (شمال أميركا الوسطى)، جلس ماجد خان خريج غوانتانامو رفقة عائلته المكونة من 4 أفراد لتناول وجبة إفطار.

كارول روزنبرغ (واشنطن )
الولايات المتحدة​ مدخل محكمة العدالة في معسكر غوانتانامو التي تنظر قضية المتهمين بـ«هجمات سبتمبر» (نيويورك تايمز)

مفاوضات الإقرار بالذنب في «محاكمات سبتمبر» لا تزال جارية في غوانتانامو

حرصَ المدعي العام الرئيسي على إطلاع القاضي على تفاصيل المحادثات، في محاولةٍ منه لدحض الادعاء بأن أعضاء الكونغرس تدخلوا بشكل غير قانوني في المفاوضات.

كارول روزنبرغ (واشنطن*)
الولايات المتحدة​ خالد شيخ محمد (غوانتانامو)

غوانتانامو: قاضٍ يقترب أكثر من المواقع السوداء التي عُذب فيها المتهمون

قام العقيد ماثيو ماكول بجولة في قسم من معتقل «خليج غوانتانامو» حصل فيه عملاء فيدراليون على اعترافات تحت التعذيب، صارت محل خلاف الآن، من مشتبه بهم في الإرهاب.

كارول روزنبرغ (واشنطن * )

زيلينسكي في قطر لمباحثات حول إعادة الأطفال الأوكرانيين من روسيا

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في كييف بأوكرانيا 9 مايو 2024 (أ.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في كييف بأوكرانيا 9 مايو 2024 (أ.ب)
TT

زيلينسكي في قطر لمباحثات حول إعادة الأطفال الأوكرانيين من روسيا

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في كييف بأوكرانيا 9 مايو 2024 (أ.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في كييف بأوكرانيا 9 مايو 2024 (أ.ب)

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه وصل إلى قطر، اليوم الثلاثاء، لإجراء محادثات مع أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حول إعادة الأطفال الأوكرانيين الذين قال إن روسيا اختطفتهم، حسب «وكالة أنباء العالم العربي».

وقال زيلينسكي في بيان عبر منصة «إكس» إن «قطر تساعد أوكرانيا في إعادة الأطفال الذين اختطفتهم روسيا. وسوف نناقش هذه الجهود الجارية في إطار التحالف الدولي لعودة الأطفال الأوكرانيين، وستكون على جدول أعمال قمة السلام».

وأضاف زيلينسكي أن قطر «لعبت دورا نشطا في الاستعدادات لقمة السلام، وينبغي أن تصبح أحد الأصوات الشرق أوسطية الداعمة لعودة الناس إلى ديارهم، فضلا عن الأمن الغذائي والنووي وأمن الطاقة العالمي».

وأشار الرئيس الأوكراني إلى أنه يعتزم أيضا مناقشة عدد من القضايا الاقتصادية والأمنية الثنائية مع أمير قطر.