«غوانتانامو»: 36 سجيناً أبرزهم خالد شيخ محمد والتكلفة بالملايين

المحاكمات عالقة في دائرة من التأخيرات المكلفة

معسكر «دلتا» عند افتتاح «غوانتانامو» احتجز فيه سجناء «القاعدة» و«طالبان» (نيويورك تايمز)
معسكر «دلتا» عند افتتاح «غوانتانامو» احتجز فيه سجناء «القاعدة» و«طالبان» (نيويورك تايمز)
TT

«غوانتانامو»: 36 سجيناً أبرزهم خالد شيخ محمد والتكلفة بالملايين

معسكر «دلتا» عند افتتاح «غوانتانامو» احتجز فيه سجناء «القاعدة» و«طالبان» (نيويورك تايمز)
معسكر «دلتا» عند افتتاح «غوانتانامو» احتجز فيه سجناء «القاعدة» و«طالبان» (نيويورك تايمز)

اعتمدت المهمة على الحلول قصيرة الأمد لأمور مثل السكن والرعاية الطبية لعقدين من الزمن. ومع بقاء 36 معتقلاً، سوف يستقبل السجن قريباً قائده الحادي والعشرين.
تكاثرت الفطريات في قرية صغيرة جديدة بتكلفة 10 ملايين دولار جرى تجميعها في «معسكر جاستيس»؛ مجمع المحاكم العسكرية في خليج غوانتانامو الذي ضربه العفن والفطريات ولا يزال منذ سنوات. ومن ثم، تأجلت خطط إقامة المحامين المكلفين بقضية 11 سبتمبر (أيلول) هناك إلى أواخر العام المقبل.
في أماكن أخرى من القاعدة، تعرض أحد أجهزة الفحص بالرنين المغناطيسي «لفشل كارثي»، نتيجة الإهمال أثناء الجائحة، وفقاً لشهادة المحكمة. وينوي الجيش الآن استئجار واحد آخر عبر عملية قد تستغرق عدة شهور.
وفي موقع ثالث، يتأخر بناء مهجع بتكلفة 115 مليون دولار عن الموعد المحدد بعام. وهو مخصص لإيواء الجنود المكلفين بالعمل في السجن، في عملية يشارك فيها 41 حارساً ومدنياً لكل معتقل.
مر أكثر من 20 عاماً، منذ أن جلبت إدارة جورج دبليو بوش أول المعتقلين إلى هذه القاعدة النائية في جنوب شرقي كوبا بعد 4 شهور من هجمات 11 سبتمبر 2001، كانت مهمة مؤقتة، ولا تزال تُدار على هذا النحو - «على غرار الحملة العسكرية المحددة بوقت»، كما يسميها الجيش.
عندما يصبح عميد الحرس الوطني من ميشيغان القائد الحادي والعشرين لمهمة الاحتجاز في وقت لاحق من هذا العام، فإنه سوف يرث الكثير من التحديات نفسها التي واجهها أسلافه: مبان عفنة وغير آمنة، وطاقم السجن كبير العدد، والمعتقلون المرضى والمسنون، وبعضهم لا يزال يعاني من عواقب التعذيب في سجون الاستخبارات الأميركية السرية قبل عقدين من الزمن.
قال العميد المتقاعد جون بيكر، الذي أشرف كمحام من القوات البحرية على فرق الدفاع العسكري في خليج غوانتانامو لسبع سنوات، «في غوانتانامو، يواصلون لصق الضمادات بدلاً من إيجاد الحلول الواقعية».
وقال إن عمليات الاعتقال تعاني في بعض النواحي من بعض المشكلات نفسها التي واجهناها في العراق وأفغانستان، حيث كان التخطيط كثيراً ما يستغرق دورة الانتشار بكاملها. وهناك دائماً العقلية المؤقتة فيما صار مشكلة دائمة».

معسكر «جاستس» حيث تُعقد محاكمات السجناء

على مر السنين، بلغت تكلفة المهمة 7 مليارات دولار، واحتجزت 780 معتقلاً، وعشرات الآلاف من الجنود في فترات خدمة قصيرة أو طويلة غالباً. وحتى في الوقت الراهن، حيث لا يوجد في السجن سوى 36 معتقلاً؛ يُكلف الواحد منهم 13 مليون دولار في السنة، ولا توجد طريقة لمعرفة متى قد تنتهي المهمة.
تُعزى هذه التكاليف المرتفعة جزئياً إلى التناوب الهائل في القوة العاملة - حيث يُطلق السجن على الموظفين تسمية «مقاتلي الحرب» - في غوانتانامو، الذي يضم 6000 مقيم، مع الفنادق، والحانات، ومدرسة ما قبل الجامعة، وأحياء على طراز الضواحي، ومستشفى مجتمعي. كما ظهرت مشكلات بسبب طبيعة التخطيط المتقطعة لعملية الاعتقال التي تعهد رئيس بإغلاقها وتعهد آخر باستمرارها، دونما أن يحقق أحدهما هدفه منها.
جلبت إدارة بوش جميع المعتقلين الـ780، ثم خفضت عدد نزلاء السجون إلى نحو 240، ووجد فريق الرئيس باراك أوباما أماكن لنحو 200 معتقل، لكن الكونغرس أحبط خطة إدارته لنقل آخر 41 سجيناً إلى سجون الولايات المتحدة.
واليوم، هناك 36 محتجزاً، بمن فيهم السجين الوحيد الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة، وهو رجل يمني. أصغرهم في أواخر الثلاثينات من عمره. ويُجري محامو خالد شيخ محمد، المتهم بتدبير هجمات 11 سبتمبر، وأربعة رجال آخرين متهمين بالتواطؤ معه، محادثات سرية لحل القضية من خلال السماح لهم بالاعتراف بذنبهم مقابل الحكم عليهم بالسجن مدى الحياة.
جاءت الموافقة على نقل 21 من المعتقلين مع ضمانات أمنية. وإذا وجد الدبلوماسيون الأميركيون أماكن لإرسالهم، فإن ذلك سيترك 15 رجلاً في السجن.
كانت أعمال البناء المضطربة في طور العمل منذ سنوات، مع فشل التخطيط في مواكبة الواقع على الأرض.
يقدم مشروع الثكنات الذي تبلغ تكلفته 115 مليون دولار صورة توضيحية على ذلك.
جاء اقتراح تشييد المبنى لأول مرة عام 2013 من الجنرال جون كيلي، قائد قوات «المارينز»، الذي كان يشرف على السجن، وكان ينادي بتحسين نوعية الحياة لعدد 1900 من موظفي السجن. في ذلك الوقت، كان في غوانتانامو 166 معتقلاً، بمعدل 11 جندياً ومدنياً لكل سجين.

مقر إقامة القادة وضباط المعسكر عند أطراف القاعدة العسكرية الأميركية

أما إدارة أوباما، التي كانت تريد إنهاء عمليات السجون، فلم تدعم هذا الاستثمار. ولم يوافق الكونغرس على تمويله عام 2017 إلا بعد أن أصبح دونالد ترمب رئيساً، وتعهد بإعادة إصلاح السجن، الطموح الذي لم يتحقق قط.
ثم بدأت أعمال البناء بعد ثلاث سنوات، في خضم الوباء الأخير.
سوف يتسع لعدد 848 جندياً خلال عمليات انتشار لمدة 9 أشهر في أجنحة يتقاسم فيها «مقاتلا حرب» دورة مياه واحدة. لكنه لن يكون جاهزاً قبل أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وألقت متحدثة باسم القوات البحرية باللوم في التأخير، على نحو غامض، على «الظروف غير المتوقعة» التي تشتمل على شبكة تحت الأرض من القنوات المستخدمة في مد قاعدة الكهرباء والاتصالات، «والتي جرى التعامل معها».
كما جرى إنجاز بعض المشاريع خلال فترة الوباء، معظمها التي تفيد القاعدة، وليس مهمة المعتقلين. وشيد المقاولون جزءاً جديداً من الطريق بجانب السينما الخارجية، ومطعم ماكدونالدز، وأنهوا بناء مدرسة جديدة لأطفال البحارة بتكلفة 65 مليون دولار. وقد خصصت القاعدة مكتب بريد جديداً داخل مبنى قديم استغرق ترميمه 18 شهراً بتكلفة 3 ملايين دولار.
لكن المشاريع المتعلقة بعمليات الاعتقال لم تكن ناجحة بالقدر نفسه. ولنتأمل هنا حالة ماكينة الفحص بالرنين المغناطيسي، التي اشتراها الجيش بمبلغ 1.65 مليون دولار عام 2012، كجزء من استراتيجية طويلة الأجل لرعاية المعتقلين المسنين في خليج غوانتانامو.
وصلت الماكينة بعد 5 سنوات، بعد أن أمر قاض عسكري بإجراء فحص بالرنين المغناطيسي على مخ المتهم في قضية تفجير المدمرة الأميركية «كول». التلف الدماغي، بصرف النظر عما إذا كان مرتبطاً بشكل صريح بالتعذيب لدى الاستخبارات المركزية، قد يعني الفرق بين السجن المؤبد أو الإعدام للمتهم المدان.
وقد حولت القيادة الجنوبية الأميركية الماكينة إلى مستشفى تابع للجيش في جورجيا.
في غوانتانامو، كان الجهاز الذي يبلغ من العمر خمس سنوات مضطرباً منذ البداية، وكثيراً ما كان خارج الخدمة قبل أن يصبح غير قابل للإصلاح خلال الجائحة.
قال الدكتور كوري جيب كوتشيك، قبطان البحرية، ويعمل كبير أطباء القاعدة في يونيو (حزيران)، «كان معروفاً جيداً أنها مشكلة، وكان أمراً يمكن تجنبه، ولكن لم يكن يمكن التنبؤ به بالضرورة».
سوف يستأجر الجيش الآن ماكينة أخرى، إلى جانب الصيانة والتسليم - في حل آخر من الحلول المؤقتة لمشكلة طويلة الأجل.

* «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

الولايات المتحدة​ إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي مايك روجرز، مساء أول من أمس في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز خلال مؤتمر صحافي عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

أصدرت محكمة فيدرالية أميركية، الخميس، حكماً يدين 4 أعضاء من جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، أبرزهم زعيم التنظيم السابق إنريكي تاريو، بتهمة إثارة الفتنة والتآمر لمنع الرئيس الأميركي جو بايدن من تسلم منصبه بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الماضية أمام دونالد ترمب. وقالت المحكمة إن الجماعة؛ التي قادت حشداً عنيفاً، هاجمت مبنى «الكابيتول» في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، لكنها فشلت في التوصل إلى قرار بشأن تهمة التحريض على الفتنة لأحد المتهمين، ويدعى دومينيك بيزولا، رغم إدانته بجرائم خطيرة أخرى.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

أدانت محكمة أميركية، الخميس، 4 أعضاء في جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، بالتآمر لإثارة الفتنة؛ للدور الذي اضطلعوا به، خلال اقتحام مناصرين للرئيس السابق دونالد ترمب، مقر الكونغرس، في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021. وفي محاكمة أُجريت في العاصمة واشنطن، أُدين إنريكي تاريو، الذي سبق أن تولَّى رئاسة مجلس إدارة المنظمة، ومعه 3 أعضاء، وفق ما أوردته وسائل إعلام أميركية. وكانت قد وُجّهت اتهامات لتاريو و4 من كبار معاونيه؛ وهم: جوزف بيغز، وإيثان نورديان، وزاكاري ريل، ودومينيك بيتسولا، بمحاولة وقف عملية المصادقة في الكونغرس على فوز الديمقراطي جو بايدن على خصمه الجمهوري دونالد ترمب، وفقاً لما نق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

وجّه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الأربعاء، انتقادات لقرار الرئيس جو بايدن، عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث، وذلك خلال جولة يجريها الملياردير الجمهوري في اسكتلندا وإيرلندا. ويسعى ترمب للفوز بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات التي ستجرى العام المقبل، ووصف قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج ملك بريطانيا بأنه «ينم عن عدم احترام». وسيكون الرئيس الأميركي ممثلاً بزوجته السيدة الأولى جيل بايدن، وقد أشار مسؤولون بريطانيون وأميركيون إلى أن عدم حضور سيّد البيت الأبيض التتويج يتماشى مع التقليد المتّبع بما أن أي رئيس أميركي لم يحضر أي مراسم تتويج ملكية في بريطانيا. وتعود آخر مراسم تتويج في بري

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

هناك شعور مرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والاكتئاب والسكري والوفاة المبكرة والجريمة أيضاً في الولايات المتحدة، وهو الشعور بالوحدة أو العزلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

أوستن يؤكد لكاتس أهمية ضمان أمن الجيش اللبناني والـ«يونيفيل»

وزير الدفاع الإسرائيلي لويد أوستن (إ.ب.أ)
وزير الدفاع الإسرائيلي لويد أوستن (إ.ب.أ)
TT

أوستن يؤكد لكاتس أهمية ضمان أمن الجيش اللبناني والـ«يونيفيل»

وزير الدفاع الإسرائيلي لويد أوستن (إ.ب.أ)
وزير الدفاع الإسرائيلي لويد أوستن (إ.ب.أ)

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن الوزير لويد أوستن تحدث مع نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم (السبت).

وأضافت الوزارة في بيان عن المكالمة: «شدد الوزير أوستن على أهمية ضمان سلامة وأمن القوات المسلحة اللبنانية وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)».

كما أكد وزير الدفاع الأميركي التزام بلاده بالتوصل لحل دبلوماسي في لبنان يسمح للمدنيين الإسرائيليين واللبنانيين بالعودة بأمان إلى منازلهم.

يأتي ذلك بعدما شنَّت إسرائيل سلسلة غارات، منذ فجر اليوم، على بيروت وضاحيتها الجنوبية؛ ما أدى إلى تدمير مبنى سكني بصورة تامة ومقتل ما لا يقل عن 11 شخصاً بحسب السلطات اللبنانية، فيما تتواصل الحرب بين الدولة العبرية و«حزب الله» رغم الجهود الدولية المبذولة بهدف التوصل إلى وقف إطلاق النار.

وتؤكد إسرائيل عزمها على إبعاد «حزب الله» عن حدودها لمنعه من مواصلة إطلاق الصواريخ عليها.