أمل الصغيرة تصل إلى نيويورك حاملة رسالة الأمل والإنسانية

دمية اللاجئة السورية تسلط الضوء على تجارب النازحين

أمل دمية اللاجئة السورية التي يبلغ طولها 12 قدماً في مطار كينيدي الدولي يوم الأربعاء (تود هيسلر / نيويورك تايمز)
أمل دمية اللاجئة السورية التي يبلغ طولها 12 قدماً في مطار كينيدي الدولي يوم الأربعاء (تود هيسلر / نيويورك تايمز)
TT

أمل الصغيرة تصل إلى نيويورك حاملة رسالة الأمل والإنسانية

أمل دمية اللاجئة السورية التي يبلغ طولها 12 قدماً في مطار كينيدي الدولي يوم الأربعاء (تود هيسلر / نيويورك تايمز)
أمل دمية اللاجئة السورية التي يبلغ طولها 12 قدماً في مطار كينيدي الدولي يوم الأربعاء (تود هيسلر / نيويورك تايمز)

بينما كانت أمل الصغيرة تطل برأسها من فوق الحواجز الحديدية، فتحت عينيها بانبهار وهي في صالة الوصول بمطار كينيدي الدولي يوم الأربعاء. نظرت يساراً ثم يميناً، ممسكة بحقيبتها الخضراء الكبيرة المزدانة بألوان قوس قزح وملصقات الشمس. لقد كانت، كأي وافد جديد إلى مدينة نيويورك في كثير من الأحيان، متوترة قليلاً وتائهة قليلاً.
لكن بعد ذلك، استمعت لبعض الموسيقى. بينما كانت أمل الصغيرة تنتقل عبر الردهة، شرعت أوركسترا أوبرا ميتروبوليتان، ومخرجها الموسيقي يانيك نيزيت سيغوين، وكورس الأطفال، في عزف موسيقى الترحيب، وهو الكورس الأخير من أوبرا فيليب غلاس التي تدور حول حياة غاندي المبكرة «ساتياغراها» - والتي يُترجم عنوانها بشكل فضفاض إلى «المقاومة».
بدت أمل، وهي دمية سورية لاجئة تبلغ من العمر 10 سنوات، مذهولة بالموسيقى، تماماً مثل العديد من المسافرين الذين كانوا يتجولون بحقائبهم، وبدت أمامهم فجأة الدمية التي يبلغ طولها 12 قدماً تعلو فوق رؤوسهم. ومع ذلك، كانت خائفة ومترددة في الاقتراب من الأوركسترا. على الأقل، حتى قامت فتاة من الكورس بالأخذ بيدها.
سافرت أمل عبر أوروبا والتقت باللاجئين الأوكرانيين في بولندا. والآن شقت طريقها إلى «بيج أبل» (مسمى مدينة نيويورك) بخطط كبيرة. وسوف تتجول لبقية هذا الشهر في أحياء المدينة الكبيرة، وتزور الأطفال والفنانين والسياسيين وقادة المجتمع المحلي، فيما تبدأ البحث عن عمها، كما يأمل مخترعوها، أن تساعد في تسليط الضوء على معاناة وجماليات تجربة الملايين من اللاجئين النازحين.
سوف تشمل مسيرتها الممتدة خلال مدينة نيويورك أكثر من 50 مناسبة ترحيبية، مثل تلك التي جرت في المطار أول من أمس الأربعاء. سوف تلتقط الزهور في حديقة أهلية في «كوينز»، وتمشي عبر «هاي بريدج» في «برونكس»، وتركب عبارة «ستاتن أيلاند»، وترقص في شوارع «واشنطن هايتس»، وتجد نفسها وسط موكب زفاف سوري في «باي ريدج».
قال أمير نزار الزعبي، المدير الفني لشركة «ووك برودكشنز»، التي تعرض الفن العام الذي تشارك فيه أمل، إلى جانب «سانت آن ويرهاوس» في بروكلين: «إنها سوف تُبرز شيئاً لا يريد الناس رؤيته».
قطعت أمل بالفعل مسافة لا بأس بها - 5000 ميل من تركيا إلى بريطانيا العام الماضي - بحثاً عن والدتها. ويوم الأربعاء، عندما دخلت إلى صالة الوصول، استقبلتها لجنة الترحيب على متن رحلة جوية بالدرجة الأولى.

 أطفال يطيرون أسراباً من الطيور محلية الصنع حول الدمية أمل في أضنة بتركيا. (تارا تودراس وايتهيل / نيويورك تايمز)

بالنسبة لأولئك الذين لا يعرفون قصة أمل ورحلتها، إليكم نظرة على شخصية أمل، أين كانت، أين تذهب، ولماذا؟.
- صناعة أمل
تُدار أمل، بواسطة 4 أشخاص تقريباً، بينهم شخص واحد يعمل على الركائز. تتميز أمل، التي صُممت بواسطة شركة «هاندسبرينغ بابيت» ومقرها جنوب أفريقيا، بالحساسية، إذ إن ذراعيها والجسم العلوي مصنوعان من عصي الخيزران، وتحتاج أحياناً إلى الصيانة.
الدمية هي البطل فيما يبدو ظاهرياً بأنه مشروع مسرحي جائل يهدف إلى تذكير الجمهور المرهق بأخبار الأطفال الفارين من العنف والاضطهاد. حظي اللاجئون السوريون باهتمام كبير في عامي 2015 و2016 أثناء فرارهم من البلاد. واتبعت مسيرة أمل في أوروبا طريقاً مماثلاً للطريق الذي سلكه بعض السوريين الذين فروا من الصراع.
تماماً كما حدث، بدأت أمل مسيرتها الأوروبية في صيف 2021، بعد فترة وجيزة من سيطرة طالبان على أفغانستان، مما أدى إلى أزمة هجرة جديدة في أوروبا. وعلى مدار 4 أشهر، عبرت أمل القارة، وتوقفت في مخيمات اللاجئين، وساحات المدن، ودار الأوبرا الملكية في لندن. وقد شاركت حتى الآن في أكثر من 190 حدثاً في أكثر من 80 بلدة ومدينة وقرية في 12 دولة.
قال الزعبي في مقابلة مرئية أجريت معه مؤخراً: «لقد أذهلنا حقاً عدد الناس الذين نزلوا إلى الشوارع للترحيب بها. صار واضحاً للغاية أنه فيما تتكلم الحكومات على مستوى معين عن هذه القضية، يرغب سكان المدن في المشاركة الفعلية».
وكما كان الحال في أوروبا، فإن العديد من محطات أمل الصغيرة مُخطط لها، وتشمل زيارات مع قادة فنيين ومؤسسيين، وقد تكون اللقاءات الأخرى أكثر عفوية. وهناك خطط قيد الإعداد، كما يقول المسؤولون، لرحلة لاحقة في جميع أنحاء أميركا.
قال الزعبي: «إنه عرض مسرحي كبير يحدث مجاناً في شوارعك. ولا يلزم السفر بعيداً إلى مسرح راق وارتداء ثياب فاخرة».
يوليو (تموز) 2021: تركيا
كانت محطة أمل الأولى في غازي عنتاب، مدينة في جنوب تركيا تبعد 40 ميلاً فقط عن الحدود السورية. حيث استقر العديد من اللاجئين السوريين.
سبتمبر (أيلول) 2021: روما
فور وصولها إلى روما، ذهبت أمل إلى الفاتيكان، وتجولت في ساحة القديس بطرس، وعانقت تمثالاً برونزياً يصور 140 مهاجراً، والتقت بالبابا فرانسيس، وهو مؤيد صريح للاجئين. ثم انتقلت إلى «تياترو إنديا»، أحد أكثر مسارح روما شهرة، حيث ارتسمت ورائها اللوحات والمقارنات والأعمال الرقمية للفنان السوري تمام عزام. كانت هذه الأعمال بمثابة رؤى كابوسية عن الوطن الذي غادرته ومزقته الحرب.
أكتوبر (تشرين الأول) 2021: فرنسا
في ساحة البلدة، حيث كان السكان المحليون يطلون من نوافذ الشقق السكنية، كانت أمل ترقص على أنغام الموسيقى التي قدمتها مجموعة من مغني الراب المهاجرين واللاجئين. ثم اتجهت إلى الشاطئ، حيث انضمت إليها 30 دمية أخرى من حجمها. أما جويس ديدوناتو، مغنية الأوبرا الأميركية، فقد قدمت حفلاً موسيقياً هناك.
نوفمبر (تشرين الثاني) 2021: إنجلترا
في ختام مشوارها الطويل، ذهبت أمل إلى مانشستر، حيث انتظرها الآلاف من المشجعين في كاسلفيلد، إذ توقع الكثيرون لم شملها مع والدتها. وعندما اتخذت خطواتها الأخيرة، طوقها سرب من الدمى الخشبية، وبعد ذلك، في زوبعة من الدخان، ظهرت صورة لوجه المرأة - والدتها الروحانية، إن لم تكن تجسيدا حيا لها.
وقال صوت لطيف باللغة العربية: «يا ابنتي العزيزة، لقد أتيت إلى هنا، بعيداً جداً عن منزلك، الجو بارد، لذا ابق دافئة. أنا فخورة بك».
- خدمة نيويورك تايمز


مقالات ذات صلة

«قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

المشرق العربي «قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

«قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

أعلنت سوريا، أمس، سقوط قتلى وجرحى عسكريين ومدنيين ليلة الاثنين، في ضربات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع في محيط مدينة حلب بشمال سوريا. ولم تعلن إسرائيل، كعادتها، مسؤوليتها عن الهجوم الجديد الذي تسبب في إخراج مطار حلب الدولي من الخدمة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لا تأكيد أميركياً لقتل تركيا زعيم «داعش» في سوريا

لا تأكيد أميركياً لقتل تركيا زعيم «داعش» في سوريا

في حين أعلنت الولايات المتحدة أنها لا تستطيع تأكيد ما أعلنته تركيا عن مقتل زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي أبو الحسين الحسيني القرشي في عملية نفذتها مخابراتها في شمال سوريا، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن قوات بلاده حيدت (قتلت) 17 ألف إرهابي في السنوات الست الأخيرة خلال العمليات التي نفذتها، انطلاقاً من مبدأ «الدفاع عن النفس».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي إردوغان يعلن مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا

إردوغان يعلن مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، يوم أمس (الأحد)، مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا خلال عملية نفذتها الاستخبارات التركية. وقال إردوغان خلال مقابلة متلفزة: «تم تحييد الزعيم المفترض لداعش، واسمه الحركي أبو الحسين القرشي، خلال عملية نفذها أمس (السبت) جهاز الاستخبارات الوطني في سوريا». وكان تنظيم «داعش» قد أعلن في 30 نوفمبر (تشرين الأول) مقتل زعيمه السابق أبو حسن الهاشمي القرشي، وتعيين أبي الحسين القرشي خليفة له. وبحسب وكالة الصحافة الفرنيسة (إ.ف.ب)، أغلقت عناصر من الاستخبارات التركية والشرطة العسكرية المحلية المدعومة من تركيا، السبت، منطقة في جينديرس في منطقة عفرين شمال غرب سوريا.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
المشرق العربي الرئيس التونسي يعيّن سفيراً جديداً لدى سوريا

الرئيس التونسي يعيّن سفيراً جديداً لدى سوريا

قالت الرئاسة التونسية في بيان إن الرئيس قيس سعيد عيّن، اليوم الخميس، السفير محمد المهذبي سفيراً فوق العادة ومفوضاً للجمهورية التونسية لدى سوريا، في أحدث تحرك عربي لإنهاء العزلة الإقليمية لسوريا. وكانت تونس قد قطعت العلاقات الدبلوماسية مع سوريا قبل نحو عشر سنوات، احتجاجاً على حملة الأسد القمعية على التظاهرات المؤيدة للديمقراطية عام 2011، والتي تطورت إلى حرب أهلية لاقى فيها مئات آلاف المدنيين حتفهم ونزح الملايين.

«الشرق الأوسط» (تونس)
المشرق العربي شرط «الانسحاب» يُربك «مسار التطبيع» السوري ـ التركي

شرط «الانسحاب» يُربك «مسار التطبيع» السوري ـ التركي

أثار تمسك سوريا بانسحاب تركيا من أراضيها ارتباكاً حول نتائج اجتماعٍ رباعي استضافته العاصمة الروسية، أمس، وناقش مسار التطبيع بين دمشق وأنقرة.


قطر تعلن إعادة فتح سفارتها في سوريا «قريباً»

العاصمة السورية دمشق (أ.ف.ب)
العاصمة السورية دمشق (أ.ف.ب)
TT

قطر تعلن إعادة فتح سفارتها في سوريا «قريباً»

العاصمة السورية دمشق (أ.ف.ب)
العاصمة السورية دمشق (أ.ف.ب)

أعلنت قطر، اليوم (الأربعاء)، إعادة فتح سفارتها في سوريا «قريباً»، في أعقاب سقوط حكم الرئيس بشار الأسد بعد هجوم خاطف شنته قوات المعارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام».

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، في بيان رسمي إن «دولة قطر ستعيد افتتاح سفارتها في الجمهورية العربية السورية الشقيقة قريباً بعد إكمال الترتيبات اللازمة»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وعدّ الأنصاري أن «هذه الخطوة تأتي تعزيزاً للعلاقات الأخوية التاريخية الوثيقة بين البلدين والشعبين الشقيقين. كما تعكس دعم دولة قطر الثابت للشعب السوري الشقيق، الذي يتطلع لبناء دولته على أسس العدالة والسلام والاستقرار والازدهار».

وأكد أن إعادة فتح السفارة «ستعزز التنسيق مع الجهات المعنية لتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية التي تقدمها دولة قطر للشعب السوري حالياً عبر الجسر الجوي».

يذكر أن رئيس الوزراء الجديد في «حكومة الجولاني»، محمد البشير، قد أعلن توليه مهامه رسمياً، أمس الثلاثاء، وذلك غداة غارات إسرائيلية ليلية، قدر عددها بنحو 300، استهدفت مواقع عسكرية استراتيجية سورية، مما جعل السلطة الجديدة توصف بأنها «جيش من دون مخالب». وأفاد البشير، في بيان بثه التلفزيون، بأنه كُلّف رسمياً برئاسة حكومة انتقالية في سوريا حتى 1 مارس (آذار) 2025.