من «جنيف» إلى «برلين»... ماذا تبقى في جعبة القوى الدولية لحل الأزمة الليبية؟

نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية بحكومة الدبيبة تلتقي السفير الألماني ميخائيل أونمخت (الخارجية)
نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية بحكومة الدبيبة تلتقي السفير الألماني ميخائيل أونمخت (الخارجية)
TT

من «جنيف» إلى «برلين»... ماذا تبقى في جعبة القوى الدولية لحل الأزمة الليبية؟

نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية بحكومة الدبيبة تلتقي السفير الألماني ميخائيل أونمخت (الخارجية)
نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية بحكومة الدبيبة تلتقي السفير الألماني ميخائيل أونمخت (الخارجية)

(تقرير اخباري)
كثفت بعض القوى الدولية المعنية بالملف الليبي مساعيها خلال الأسبوع الماضي للبحث عن حل للأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد، وسط تخوفات داخلية من استمرار الجمود الراهن، بسبب صراع حكومتي عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا، وتساؤلات كثيرة عن مدى جدوى عقد المؤتمرات الدولية.
وبينما عادت طرابلس العاصمة تستقبل بشكل لافت مباحثات مسؤولي السلطة التنفيذية ودبلوماسيين غربيين لدى البلاد، تحدث أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، عن تأييده الدعوة لمؤتمر جديد في العاصمة الألمانية برلين حول ليبيا. واعتبر في مؤتمر صحافي عقده بالمقر الدائم للأمم المتحدة بنيويورك مساء أول من أمس أن «عملية برلين كانت الأداة الدولية الأكثر فائدة، التي تجنبنا من خلالها حدوث الأسوأ. لكن لسوء الحظ لم يكن من الممكن الوصول إلى حل كامل». علما بأن جانبا من المساعي، التي تبذلها القوى الدولية، يتمحور بشكل كبير حول ضرورة عودة الأطراف الليبية إلى طاولة الحوار، بهدف إنهاء تعثر «المسار الدستوري» اللازم لإجراء الانتخابات.
في سياق ذلك، وأمام ما تشهده ليبيا من جمود سياسي، التقى محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، أمس مع خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، لبحث تطورات المشهد السياسي والأمني داخل البلاد. وتطرق اللقاء، الذي عقد بمقر المجلس في العاصمة، إلى «الإسراع في إكمال القاعدة الدستورية، وسبل التعجيل بإجراء الانتخابات وتذليل الصعوبات والعراقيل».
وكانت ألمانيا قد استضافت خلال العامين الماضيين مؤتمري «برلين1 و2»: الأول عقد في 18 و19 يناير (كانون الثاني) 2020، وتمثلت أهدافه الرئيسية في التوصل إلى توافق في الآراء بين الدول الأعضاء المعنية بالأزمة الليبية، وتأمين مظلة دولية لحماية الحوارات الليبية حول مستقبل البلد. أما مؤتمر «برلين 2» الذي عقد في 23 من يونيو (حزيران) 2121، فتمحور حول إجراء الانتخابات، وإخراج «المرتزقة» من ليبيا.
كما استضافت برلين نهاية الأسبوع الماضي اجتماعاً على مستوى المبعوثين الخاصين إلى ليبيا، استهدف «دفع الأطراف الليبية إلى الحوار للوصول إلى اتفاق على إجراء الانتخابات الليبية». وضم الاجتماع كلا من الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا وفرنسا، إضافة إلى ممثلين عن مصر وتركيا، وكارولين هورندال، السفيرة البريطانية، وروزماري دي كارلو وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية.
وقبيل انعقاد الدورة 77 للجمعية العامة الأسبوع المقبل، تحدث غوتيريش عن ثلاثة مطالب، رأى أنه يمكن من خلالها تحقيق الاستقرار في ليبيا، أولها الحفاظ على السلام في عموم البلاد بما يضمن الحفاظ على الأمن بين شرق البلاد وغربها، وتجنب الاقتتال بين المجموعات المسلحة التي تدعم الدبيبة أو باشاغا. فيما يتمثل المطلب الثاني في سرعة التوصل إلى اتفاق بين مجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، بما يسمح بإجراء التغييرات القانونية اللازمة لإجراء الاستحقاق الانتخابي. أما المطلب الثالث فيتمثل في «ضرورة دعم الجهات الخارجية كافة لعملية المصالحة والتطورات السياسية، التي تؤدي إلى الانتخابات وحكومة شرعية في ليبيا يقبلها الجميع».
وإلى حين تحقيق هذه المطالب الثلاثة، ما تزال الأزمة الليبية تراوح مكانها منذ انتخاب «ملتقى الحوار السياسي» الليبي، الذي عقد بجنيف في فبراير (شباط) 2021 سلطة تنفيذية، كما تم بعد قرابة ثمانية أشهر الاتفاق أيضاً على وقف إطلاق النار.
في غضون ذلك، يتوقع سياسيون ليبيون أن يتمحور مؤتمر «برلين 3»، الذي لم يحدد موعده بعد، حول الجمود السياسي في ليبيا، والدفع باتجاه الانتخابات الليبية، في ظل ما تشهده البلاد من جمود سياسي، ودعوات قوى دولية، وفي مقدمتها ألمانيا وسويسرا، الأطراف السياسية في البلاد لإجراء الانتخابات. وفي هذا السياق، أكد وانغ تشيمين، سفير جمهورية الصين الشعبية لدى ليبيا، «حرص بلاده على تطوير علاقاتها مع ليبيا في جميع المجالات، بالإضافة إلى دعم عودة السلام للبلاد، وبما يحترم إرادة الشعب الليبي ويراعي قرارات مجلس الأمن».
جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه يوسف العقوري، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب بالسفير الصيني، حيث أكد العقوري على «عمق العلاقات بين البلدين الصديقين، وحرص مجلس النواب على تقوية علاقات التعاون مع الصين في جميع المجالات»، مشيراً إلى حجم المشاريع التي تنفذها الشركات الصينية في ليبيا، وضرورة استئناف العمل لإنجازها، وحلحلة جميع العراقيل التي تواجهها.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

تظاهرة في تونس للمطالبة بإطلاق سراح المعارضة عبير موسي

من المظاهرة التي نظمها أنصار الحزب «الحر الدستوري» في تونس العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح عبير موسي (إ.ب.أ)
من المظاهرة التي نظمها أنصار الحزب «الحر الدستوري» في تونس العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح عبير موسي (إ.ب.أ)
TT

تظاهرة في تونس للمطالبة بإطلاق سراح المعارضة عبير موسي

من المظاهرة التي نظمها أنصار الحزب «الحر الدستوري» في تونس العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح عبير موسي (إ.ب.أ)
من المظاهرة التي نظمها أنصار الحزب «الحر الدستوري» في تونس العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح عبير موسي (إ.ب.أ)

تظاهر مئات من أنصار الحزب «الحر الدستوري» المعارض، اليوم (السبت)، في تونس العاصمة، للمطالبة بإطلاق سراح رئيسة الحزب عبير موسي. وتجمع 500 إلى 1000 متظاهر في وسط العاصمة التونسية، حسب صحافيي «وكالة الصحافة الفرنسية» للمطالبة بإطلاق سراح عبير موسي، ورفع العديد منهم أعلاماً تونسية وصوراً لرئيسة الحزب.

أوقفت موسي، النائبة السابقة البالغة 49 عاماً، في 3 من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أمام القصر الرئاسي في قرطاج، عندما حضرت، وفقاً لحزبها، للاحتجاج على قرار اتخذه الرئيس قيس سعيّد. وتواجه عبير موسي تهماً خطيرة في عدة قضايا، من بينها «الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة». وقد قضت محكمة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بتخفيف حكم قضائي استئنافي في حق المعارضة من السجن سنتين إلى سنة و4 أشهر، في قضية تتعلق بانتقادها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مطلع عام 2023. وأصدرت المحكمة حُكمها على عبير موسي بموجب «المرسوم 54»، الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد عام 2022 لمكافحة «الأخبار الكاذبة»، والذي يواجه انتقادات شديدة من المعارضة ونقابة الصحافيين.

وندد المتظاهرون بـ«المرسوم 54»، الذي أدى تفسيره الفضفاض إلى سجن عشرات السياسيين والمحامين والناشطين والصحافيين. وقال ثامر سعد، القيادي في الحزب «الحر الدستوري»، إن اعتقال عبير موسي لانتقادها الهيئة العليا للانتخابات «لا يليق ببلد يدعي الديمقراطية».

من جانبه، أكد كريم كريفة، العضو في لجنة الدفاع عن عبير موسي، أن «السجون التونسية أصبحت تمتلئ بضحايا (المرسوم 54)»، معتبراً أن هذا المرسوم يشكل «عبئاً ثقيلاً على المجتمع التونسي». وتقبع خلف القضبان شخصيات معارضة أخرى، مثل زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، وكذلك عصام الشابي، وغازي الشواشي المتهمَين بالتآمر على أمن الدولة، واللذين سبق أن أعلنا نيتهما الترشح للرئاسة قبل أن يتراجعا. وتنتقد المعارضة ومدافعون عن حقوق الإنسان ومنظمات دولية وتونسية الرئيسَ التونسي، الذي فاز بالانتخابات الرئاسية في أكتوبر الماضي بأكثر من 90 في المئة من الأصوات، وتتهمه بـ«التضييق على الحريات».