استبعد الكرملين، الثلاثاء، إعلان التعبئة العامة في البلاد واستدعاء قوات الاحتياط لدعم عمليات الجيش الروسي في أوكرانيا، بعد سلسلة نكسات مني بها في منطقة خاركيف شرق البلاد. وقال الناطق الرئاسي، ديمتري بيسكوف، إنه لا تجري أي مناقشات بشأن إعلان تعبئة عامة لدعم الحملة العسكرية في أوكرانيا. وزاد أن القوات الروسية تواصل أداء مهامها الموضوعة و«العملية العسكرية الخاصة سوف تتواصل حتى تحقيق كل أهدافها». وردّ بيسكوف على ظهور انتقادات داخلية لمسار المعارك وتشديد المطالبات بإعلان التعبئة العامة وتوسيع رقعة المواجهات، مشيراً إلى أن «انتقاد قيادة البلاد ومطالبة البعض بالتعبئة دليل على التعددية»، مشدداً على أن «الروس في المجمل يواصلون دعم الرئيس فلاديمير بوتين». لكنه أضاف أنه ينبغي على منتقدي العملية العسكرية توخي الحذر لوجود خطوط حمر.
وكان معلقون روس انتقدوا أداء المؤسسة العسكرية، وأعلن الرئيس الشيشاني رمضان قديروف، الذي تقوم قواته بدور أساسي في المعارك الدائرة في دونباس، أن الرئيس الروسي قد لا يكون على اطلاع على الوضع الميداني، وزاد أنه إذا كانت قيادة الجيش لا تطلع الرئيس على الوضع بتفاصيله فـ«أنا على استعداد لإبلاغه بنفسي».
في غضون ذلك، وجّهت الناطقة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا انتقادات قوية لقرار الاتحاد الأوروبي حول التمييز بين فئات مختلفة من الروس الساعين إلى الحصول على تأشيرات دخول إلى الاتحاد (شينغين)، وقالت إن تقسيم الروس إلى «مفيدين» و«غير مفيدين» عند إصدار التأشيرات يعد «تدخلاً علنياً سافراً في الشؤون الداخلية لروسيا».
جاء ذلك في إطار ردّ زاخاروفا على تصريحات عضو المفوضية الأوروبية للشؤون الداخلية، إيلفا يوهانسون، التي قالت إن السياحة في الاتحاد الأوروبي بالنسبة للروس هي «امتياز». وبحسب زاخاروفا، فإن التفسيرات التي قدمتها المفوضية الأوروبية، بتاريخ 9 سبتمبر (أيلول) الحالي، بشأن إجراءات معالجة ملفات التأشيرات الخاصة بالروس، تكرس «مبادئ تمييزية صريحة، تتمثل في زيادة الشك والتحيز ضد مواطنينا».
وتنصح المفوضية دول الاتحاد الأوروبي بمراجعة تأشيرات «شنغن» متعددة الدخول، التي تم إصدارها بالفعل لإمكانية سحبها. وتحتوي تلك الوثيقة، وفقاً لزاخاروفا، على «تقسيم صريح للمواطنين إلى فئات لتطبيق امتيازات للتأشيرة». وشددت زاخاروفا على أن وصف المواطنين الروس بأنهم «غير آمنين»، وتقسيمهم إلى «مفيد وغير مفيد»، وكذلك الحديث عن «امتيازات» لزيارة الاتحاد الأوروبي، هي «مظاهر صارخة لكراهية الأجانب والكراهية لبلادنا»، والرغبة في «إلغاء روسيا»، ومحاولة لحمل مواطنينا على «رفض دعم قيادة البلاد وسياساتها الخارجية المستقلة»، وذلك جميعه يتعارض مع الوثائق الدولية الأساسية التي تضمن حرية التنقل في أوروبا.
على صعيد آخر، نقلت وسائل إعلام حكومية روسية عن مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن الأخير عرض وثيقة للحصول على ضمانات أمنية لبلاده من جانب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا. ونصّت الوثيقة على مسودة بشأن الضمانات الأمنية تحمل عنوان «معاهدة كييف الأمنية». وجاء فيها أن «الضمانات الأمنية يجب أن تكون مؤكدة ومحددة بوضوح، ستحدد سلسلة من الالتزامات التي تعهدت بها مجموعة الدول الضامنة أمام أوكرانيا. ويجب أن تكون الوثيقة ملزمة على أساس اتفاقيات ثنائية، ومدرجة في وثيقة شراكة استراتيجية باسم معاهدة كييف الأمنية».
ووفقاً للوثيقة، سيكون على الاتفاقية أن توحد «المجموعة الرئيسية من الدول الحليفة وأوكرانيا»، وورد فيها أنها يمكن أن تشمل الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وبولندا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا وأستراليا وتركيا، بالإضافة إلى دول شمال أوروبا ودول البلطيق، وأوروبا الوسطى والشرقية.
اللافت وفقاً لتعليقات روسية أن المسودة المنشورة لم تتطرق إلى مسألة تقليل تعداد القوات المسلحة الأوكرانية، وهو مطلب رئيسي لروسيا طرح خلال جولات المفاوضات التي فشلت في تحقيق تقدم خلال الشهور الماضية.
ميدانياً، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، الثلاثاء، عن شنّ هجمات واسعة النطاق بالصواريخ والمدفعية على القوات الأوكرانية «في جميع الاتجاهات»، مضيفة أن قواتها تمكنت من تدمير 5 مستودعات أوكرانية للصواريخ والأسلحة والذخيرة في دونيتسك وميكولايف. وأفادت الوزارة، في إيجاز يومي، أن المعارك تواصلت على كل المحاور، وأن «الخسائر في صفوف الجنود الأوكرانيين والمسلحين الأجانب تجاوزت 800 فرد بين قتيل وجريح خلال الـ24 ساعة الماضية». وقال الناطق العسكري إن غالبية الخسائر الأوكرانية وقعت جراء ضربات جوية وصاروخية ومدفعية روسية، استهدفت مواقع عدد من الألوية الأوكرانية في مناطق دونيتسك وميكولايف وزابوروجيا وخاركوف.