فشل دخول مئات السوريين إلى الأراضي التركية للهجرة إلى أوروبا

سوريون أمام معبر باب الهوى الحدودي ضمن «قافلة السلام» قبل تفريقها من قبل «هيئة تحرير الشام» (أ.ف.ب)
سوريون أمام معبر باب الهوى الحدودي ضمن «قافلة السلام» قبل تفريقها من قبل «هيئة تحرير الشام» (أ.ف.ب)
TT

فشل دخول مئات السوريين إلى الأراضي التركية للهجرة إلى أوروبا

سوريون أمام معبر باب الهوى الحدودي ضمن «قافلة السلام» قبل تفريقها من قبل «هيئة تحرير الشام» (أ.ف.ب)
سوريون أمام معبر باب الهوى الحدودي ضمن «قافلة السلام» قبل تفريقها من قبل «هيئة تحرير الشام» (أ.ف.ب)

بين مؤيد ومعارض لقافلة بشرية نظمها ودعا لها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أُطلقوا عليها اسم «قافلة السلام»، وصل مئات السوريين بينهم أطفال وعائلات صباح الاثنين 12 سبتمبر (أيلول)، إلى الساحة العامة في منطقة باب الهوى الحدودية شمال إدلب؛ لاجتياز الحدود وعبور الأراضي التركية تمهيداً للهجرة إلى أوروبا، وذلك قبيل أن تطوق القوى الأمنية العاملة في إدلب المكان وتجبر المدنيين على العودة إلى ديارهم؛ منعاً لوقوع حوادث على الجانب التركي، وسط حالة من الفوضى والاعتداءات.
وأفاد محمد حجازي (28 عاماً) وهو ناشط من محافظة إدلب، بأنه «توافد أكثر من 500 شخص تباعاً، بينهم أطفال ونساء وعدد من العائلات من مناطق مختلفة في شمال غربي سوريا (أغلبهم من النازحين) صباح الاثنين، إلى الساحة العامة في مدينة سرمدا في منطقة باب الهوى القريبة من الحدود السورية التركية شمال إدلب؛ استعداداً للمشاركة فيما سمي (قافلة السلام)؛ بهدف دخول الأراضي التركية واجتيازها بصورة سلمية للهجرة نحو أوروبا». وأضاف «لم يكتب للقافلة النجاح بدخول الأراضي التركية؛ بسبب منعها من قِبل القوى الأمنية العاملة في محافظة إدلب؛ إذ طوقت الأخيرة المنطقة وأقامت حواجز مدعومة بعناصر مسلحين، منعوا المشاركين من الدخول إلى الساحة الرئيسية في المعبر الحدودي (باب الهوى)، وعملت على تفريقهم وإجبارهم على العودة إلى ديارهم منعاً للفوضى وتعريضهم لمشاكل قد تؤدي لمقتل البعض من قبل الجندرما والقوات التركية التي أيضاً هي بدورها استنفرت على الجانب التركي؛ لمنع دخول السوريين إلى أراضيها».
وقال مراقبون في شمال غربي سوريا، إن «فكرة الهجرة بدأت بالتسلل إلى أذهان السوريين في مناطق إدلب وأرياف حلب لاستشعارهم أن مصيرهم مجهول، بعد تغير الموقف التركي تجاه النظام السوري والتصريحات التي أطلقها مسؤولون أتراك من بينها تصريح وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو، مؤخراً، حول المصالحة مع النظام السوري وتسوية العلاقات السياسية بين الجانبين، إضافة إلى مساعي تركيا الهادفة إلى مصالحة المعارضة السورية مع النظام السوري».
وتعد «قافلة السلام» في الأراضي السورية، هي امتداد لحملة هجرة جماعية أعلن عنها لاجئون سوريون في تركيا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أُطلق عليها «قافلة النور»، يجري التحضير لها بهدف الهجرة إلى أوروبا، وقد بلغ عدد المشاركين فيها أكثر من 40 ألف سوري، بحسب ناشطين سوريين.
وتحدث أحد القائمين على حملة «قافلة النور» في تركيا، لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً «نظراً للرغبة الشديدة عند اللاجئين السوريين في تركيا بالهجرة إلى أوروبا بحثاً عن حياة آمنة ومستقرة، لاقت فكرة الهجرة الجماعية بطريقة سلمية إلى أوروبا رواجاً كبيراً بين اللاجئين السوريين في تركيا، قبل أن تتطور الفكرة لتصبح مشروعاً إنسانياً تحت اسم (قافلة النور)، وأبدى أكثر من 45 ألف لاجئ سوري في تركيا موافقته ومشاركته في القافلة والهجرة إلى أوروبا من خلال التعليق في الكروب الخاص بالقافلة (الهجرة إلى أوروبا قافلة النور)».
عن أسباب رغبة اللاجئين السوريين في تركيا بالهجرة إلى دول أوروبا، قال ناشط بـ«قافلة النور»، إنه «بعد تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية لدى اللاجئين السوريين في تركيا، وعمليات الترحيل القسري للسوريين إلى داخل الأراضي السورية، وتنامي العنصرية وخطاب الكراهية في الشارع التركي ضد السوريين التي وصلت مؤخراً إلى حد القتل والاعتداءات بكل أشكالها من قبل أتراك عنصريين، لم يعد هناك من خيار آخر أمام السوريين سوى الهجرة إلى أوروبا؛ بحثاً عن حياة هادئة وآمنة بعيدة عن القتل والتدمير والقصف والفقر والجوع».


مقالات ذات صلة

«قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

المشرق العربي «قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

«قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

أعلنت سوريا، أمس، سقوط قتلى وجرحى عسكريين ومدنيين ليلة الاثنين، في ضربات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع في محيط مدينة حلب بشمال سوريا. ولم تعلن إسرائيل، كعادتها، مسؤوليتها عن الهجوم الجديد الذي تسبب في إخراج مطار حلب الدولي من الخدمة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لا تأكيد أميركياً لقتل تركيا زعيم «داعش» في سوريا

لا تأكيد أميركياً لقتل تركيا زعيم «داعش» في سوريا

في حين أعلنت الولايات المتحدة أنها لا تستطيع تأكيد ما أعلنته تركيا عن مقتل زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي أبو الحسين الحسيني القرشي في عملية نفذتها مخابراتها في شمال سوريا، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن قوات بلاده حيدت (قتلت) 17 ألف إرهابي في السنوات الست الأخيرة خلال العمليات التي نفذتها، انطلاقاً من مبدأ «الدفاع عن النفس».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي إردوغان يعلن مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا

إردوغان يعلن مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، يوم أمس (الأحد)، مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا خلال عملية نفذتها الاستخبارات التركية. وقال إردوغان خلال مقابلة متلفزة: «تم تحييد الزعيم المفترض لداعش، واسمه الحركي أبو الحسين القرشي، خلال عملية نفذها أمس (السبت) جهاز الاستخبارات الوطني في سوريا». وكان تنظيم «داعش» قد أعلن في 30 نوفمبر (تشرين الأول) مقتل زعيمه السابق أبو حسن الهاشمي القرشي، وتعيين أبي الحسين القرشي خليفة له. وبحسب وكالة الصحافة الفرنيسة (إ.ف.ب)، أغلقت عناصر من الاستخبارات التركية والشرطة العسكرية المحلية المدعومة من تركيا، السبت، منطقة في جينديرس في منطقة عفرين شمال غرب سوريا.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
المشرق العربي الرئيس التونسي يعيّن سفيراً جديداً لدى سوريا

الرئيس التونسي يعيّن سفيراً جديداً لدى سوريا

قالت الرئاسة التونسية في بيان إن الرئيس قيس سعيد عيّن، اليوم الخميس، السفير محمد المهذبي سفيراً فوق العادة ومفوضاً للجمهورية التونسية لدى سوريا، في أحدث تحرك عربي لإنهاء العزلة الإقليمية لسوريا. وكانت تونس قد قطعت العلاقات الدبلوماسية مع سوريا قبل نحو عشر سنوات، احتجاجاً على حملة الأسد القمعية على التظاهرات المؤيدة للديمقراطية عام 2011، والتي تطورت إلى حرب أهلية لاقى فيها مئات آلاف المدنيين حتفهم ونزح الملايين.

«الشرق الأوسط» (تونس)
المشرق العربي شرط «الانسحاب» يُربك «مسار التطبيع» السوري ـ التركي

شرط «الانسحاب» يُربك «مسار التطبيع» السوري ـ التركي

أثار تمسك سوريا بانسحاب تركيا من أراضيها ارتباكاً حول نتائج اجتماعٍ رباعي استضافته العاصمة الروسية، أمس، وناقش مسار التطبيع بين دمشق وأنقرة.


«وحدة الساحات» في العراق... التباس بين الحكومة والفصائل

رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)
رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)
TT

«وحدة الساحات» في العراق... التباس بين الحكومة والفصائل

رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)
رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)

تسير الحكومة العراقية منذ أشهر في خط متقاطع مع الفصائل المسلحة المنخرطة في «محور المقاومة»، لجهة الموقف من الحرب الإسرائيلية على لبنان وغزة، فالموقف الرسمي الحكومي يرفض بشكل علني ومكرر تورط البلاد في الحرب، في حين يجري شعار «وحدة الساحات» على ألسن قادة الفصائل ليل نهار.

مع ذلك، لا يبدو التقاطع حاداً وحاسماً بين الجانبين، وفقاً لمراقبين، ذلك أن فصائل منخرطة في الحرب لها نفوذ واسع داخل حكومة السوداني وهي من أوصلته إلى السلطة، وقد وردت منظمتا؛ «بدر» التي يقودها هادي العامري، و«عصائب أهل الحق» التي يقودها قيس الخزعلي، ضمن لائحة الجماعات المتهمة بمهاجمة إسرائيل بعد الشكوى التي وجهتها الأخيرة إلى مجلس الأمن قبل أيام.

عناصر من «كتائب حزب الله العراقي» خلال مشاركتهم في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

التباس بين الحكومة والفصائل

غير أن «الالتباس» في الصلة بين الحكومة والفصائل، سواء على مستوى الموقف من الحرب الدائرة، وعلى مستوى شراكتهم في إدارة السلطة، لم يمنع حكومة رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، من تأكيد «حيادها» النسبي وتأكيدها الدائم على احتكار الدولة، وليس الفصائل، قرار الحرب والسلم.

ويميل مراقبون إلى أن حكومة السوداني تستند في مسعاها نحو النأي بالبلاد عن شرور الحرب، إلى حلفاء وشخصيات أساسية داخل «الإطار التنسيقي» ترفض توريط البلاد في الحرب، في مقابل قوى أخرى داخل «الإطار» تدفع باتجاه تكريس العراق جزءاً من معادلة الحرب، وحشره في «وحدة الساحات».

وقبل نحو أسبوعين، قدم رئيس «تيار الحكمة» القيادي في «الإطار التنسيقي»، عمار الحكيم، دعماً واضحاً لحكومة السوداني في إطار سعيها لتجنب الحرب ضمن شعار «وحدة الساحات»، حين قال إن «بلاده غير مهيّأة لخوض حربٍ إقليمية شاملة».

واكتفى بالإشارة إلى أن «العراق قادر على تقديم الدعم والإسناد للقضية الفلسطينية واللبنانية عبر 3 اتجاهات: الدعم السياسي، والإدانة والاستنكار، والوساطات». وفي ذلك إشارة صريحة وواضحة إلى عدم القبول بانخراط «العراق الرسمي» ضمن شعار «وحدة الساحات».

وأول من أمس، شدد رئيس الوزراء الأسبق، حيدر العبادي، على عدم توريط العراق في الحرب، مما يمثل دعماً «إطارياً» آخر لموقف البلاد الرسمي، حين شدد، في تدوينه عبر منصة «إكس»، على عدم «السماح للمغامرين بقيادة السياسات والقرارات الوطنية».

وفهم بعض المراقبين أن المقصود بهذه الإشارة هي الفصائل المسلحة التي لطالما وجّه لها العبادي انتقادات لاذعة في مناسبات سابقة.

وحذر العبادي، أيضاً، من «الانحياز الجبهوي في السياسات والقرارات الوطنية لمصلحة أحد المحاور المتصارعة بالضد من المصلحة الوطنية العراقية».

الموقف الحكومي

تؤكد مصادر مقربة من الحكومة أن «لدى الحكومة موقفاً ثابتاً ضد شعار (وحدة الساحات) رغم الضغوط الكثيرة التي تعرضت لها من جانب بعض الفصائل والراعي الإيراني».

ويستبعد المصدر، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، بقاء شعار «وحدة الساحات» قائماً في حال توصلت إسرائيل و«حزب الله» إلى اتفاق لوقف الحرب.

وتوقع أن تلجأ «الفصائل العراقية إلى فك الارتباط بجبهة غزة في حال وافق (حزب الله) على الهدنة، لكن الأمر المثير للقلق هو أن إمكانية استهداف إسرائيل إيران قد تؤدي إلى استعادة الفصائل شعارها».

وفي الأسبوع الماضي، تحدث الأمين العام لـ«كتائب حزب الله» بصراحة عن أن «حزب الله» اللبناني بيده قرار الالتزام بشعار «وحدة الساحات».

وقال نزار الحيدر، وهو باحث وأكاديمي عراقي، إن «(وحدة الساحات) هو شعار طهران الحصري لحماية نفسها، لذا؛ فهي تتحكم فيه، فترجئه متى أرادت، وتعيد تنشيطه متى ما رغبت، وفق مصالح أمنها القومي».

وأوضح الحيدر أن «الفصائل المسلحة في العراق التي ترى نفسها جزءاً من هذه النظرية لا تشذ عن هذه القاعدة».

رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في بغداد (أرشيفية - إعلام حكومي)

ضغوط أميركية

وإلى جانب ذلك، يعتقد مراقبون محليون أن الضغوط الأميركية، والتهديدات الإسرائيلية باستهداف العراق، بجانب إمكانية وقف الحرب في لبنان، عوامل مهمة «قد تساهم في تراجع الفصائل عن شعارها، وربما تمنحها بطاقة عبور لتمرير موقفها المهادن لاحقاً، أمام جمهورها».

وقالت السفيرة الأميركية لدى العراق، ألينا رومانوسكي، الاثنين، خلال طاولة مستديرة لعدد من وسائل الإعلام: «أود أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، في أن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، والتي تعتدي على إسرائيل».

وأضافت أن «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذروا حكومة العراق بأن يوقفوا هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل».

وتابعت أن «رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. وإسرائيل أمة لها سيادتها، وهم سيردون على أي اعتداء من أي مكان ضدهم».

وكانت مصادر تحدثت عن رسائل بعثت بها إسرائيل إلى بغداد عبر السفير الأذربيجاني، لكن مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي نفى ذلك.