تعطيل نصاب جلسة انتخاب الرئيس... سلاح يمتلكه فريقا الصراع في لبنان

تعطيل نصاب جلسة انتخاب الرئيس... سلاح يمتلكه فريقا الصراع في لبنان
TT
20

تعطيل نصاب جلسة انتخاب الرئيس... سلاح يمتلكه فريقا الصراع في لبنان

تعطيل نصاب جلسة انتخاب الرئيس... سلاح يمتلكه فريقا الصراع في لبنان

على الرغم من إصرار القوى المناوئة لـ«حزب الله» على تأكيد أن احتمال توافقها على مرشح واحد تخوض به الانتخابات الرئاسية أمر وارد، فإن فريقي الصراع في البلد المتمثلين بشكل أساسي بالقوى المعارضة للحزب والأخرى المؤيدة له، يستعدان، كل على حدة، لاستخدام سلاح تعطيل الجلسات، لمنع انتخاب أي مرشح يرفضانه، باعتبار أن كلاً منهما وفق التوازنات النيابية الحالية يمتلك القدرة العددية لذلك.
ويحتاج انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان إلى حضور ثلثي أعضاء البرلمان جلسة انتخابه، أي 86 نائباً من أصل 128، كما يحتاج انتخابه دستورياً في الدورة الأولى إلى أكثرية ثلثي أعضاء المجلس، ويتم الاكتفاء بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التالية. ويستطيع 43 نائباً أن يعطلوا نصاب جلسة الانتخاب. وتمتلك القوى المؤيدة لـ«حزب الله» كما تلك المعارضة في حال تكتلت ونسقت بعضها مع بعض 43 نائباً يستطيعون أن يعطلوا النصاب.
ففي حال توافق نواب «القوات» (19 نائباً) و«الكتائب» (4 نواب) ونواب «التغيير» (13 نائباً) مع نواب «اللقاء الديمقراطي» (8 نواب) أو مع عدد من النواب المستقلين، يمكن أن يُفقدوا جلسة انتخاب الرئيس نصابها القانوني، كذلك في حال تكتل نواب حركة «أمل» (15 نائباً) مع نواب «حزب الله» الـ15، ونواب تكتل «لبنان القوي» الـ21.
وكان رئيس حزب «القوات» سمير جعجع، قد دعا الشهر الماضي نواب المعارضة الـذين قال إن عددهم 67 لتكثيف الاتّصالات، بهدف الاتفاق على تسمية مرشح واحد لرئاسة الجمهورية، من غير أن يستبعد مقاطعة جلسات الانتخاب، منعاً لإيصال مرشح محور «الممانعة»، بالقول إن «الضرورات تبيح المحظورات»، معتبراً أن «التعطيل لمنع رئيس من فريق (8 آذار) ليس كالتعطيل لفرض مرشح من هذا الفريق».
كذلك كان النائب في تكتل القوى «التغييرية» وضاح الصادق، قد أعلن في وقت سابق أن «خيار إفقاد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية نصابها القانوني أمر مطروح، في حال رأينا أن البلد ذاهب إلى الهاوية».
واستخدم «حزب الله» وحلفاؤه سياسة مقاطعة الجلسات بين عامي 2014 و2016، ما أفقد 45 جلسة متتالية نصابها القانوني، حتى الاتفاق على انتخاب الرئيس ميشال عون في عام 2016.
لكن سياسة تعطيل النصاب تعود لسنوات طويلة إلى الوراء. ويشير جورج غانم، الكاتب السياسي الذي واكب عن كثب الأحداث اللبنانية، إلى أن التاريخ اللبناني حافل بمقاطعة جلسات الانتخاب وتعطيل نصابها حتى بالقوة، لافتاً إلى أنه «في عام 1943 قاطع 7 نواب من أصل 55 نائباً جلسة انتخاب بشارة الخوري، وعلى رأسهم إميل إدة، وكمال جنبلاط، وأيوب ثابت، بينما في عام 1958، قاطع 10 نواب من أصل 66 جلسة انتخاب فؤاد شهاب، بينهم رئيس الحكومة وقتها سامي الصلح».
ويسرد غانم أنه «عام 1976 قاطع كمال جنبلاط وريمون إدة والحركة الوطنية جلسة انتخاب إلياس سركيس، كما تم قصف موقع انعقاد الجلسة في قصر منصور»، مضيفاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «عام 1982 قاطع معظم النواب المسلمين جلسة انتخاب بشير الجميل، كما تمت محاولة قصف موقع انعقاد الجلسة في منطقة الفياضية، وصولاً لعام 1988، حين عطل النواب المسيحيون ونواب المنطقة الشرقية جلسة انتخاب سليمان فرنجية، وكان هناك قطع للطرقات وحواجز لمنع وصول النواب والمشاركة في الجلسة، وهو ما تكرر في العام نفسه لمنع انتخاب مخايل الضاهر».
ويوضح غانم أنه «عام 2007، ومع انقسام البلد بين (8 و14 آذار)، عطل عون وقوى (8 آذار) 20 جلسة لانتخاب رئيس، حتى حصول اتفاق الدوحة الذي أدى لانتخاب ميشال سليمان».
دستورياً، يؤكد الخبير القانوني والدستوري المحامي سعيد مالك، أن «ليس هناك أي مادة دستورية واضحة وأكيدة تفرض الحضور أو تجيز التغيب عن جلسات انتخاب الرئيس؛ لكن بإطار المبدأ العام، عندما يصار لانتخاب نائب عن الأمة، هذا النائب مهمته تمثيل الناخب ضمن إطار القيام بعمله، وليس الاعتكاف».
وعن قول جعجع إن «الضرورات تبيح المحظورات»، يشير مالك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «إذا تمكنت فئة معية أو شريحة من جمع أكثرية نيابية يمكنها أن توصل رئيس جمهورية يشكل خطراً على المصلحة الوطنية العليا، وعملاً بمبدأ المحافظة على هذه المصلحة، يمكن لشريحة أخرى من النواب أن تتغيب لعدم تأمين النصاب لعدم تمكين هذا المرشح من الوصول إلى سدة الرئاسة، على أن يكون هذا التصرف هو الاستثناء للقاعدة، وموقف لمرة واحدة وحصراً لإعادة رص الصفوف، تمهيداً لجولة ثانية من الانتخابات، على أن تحضر الجلسة التالية الكتل كافة».
ويلفت مالك إلى أن «النظام الداخلي لمجلس النواب نص صراحة على عدم إمكانية غياب أي نائب لأكثر من جلسة أو جلستين، عن جلسات مجلس النواب؛ لكن اللافت أنه لم يرتّب نتائج قانونية لهذا التغيب».
أما مصادر «القوات» فتعتبر أنه «من المبكر الكلام عن مقاطعة الجلسات»؛ لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «البحث لا يتناول هذا الجانب اليوم، إنما يتركز حول توحيد موقف المعارضة، والانطلاق منه باتجاه الوصول لتبني مرشح واحد»؛
مضيفة: «مقاطعة الجلسات ستكون رد فعل على فعل. اليوم نحن في موقع الفعل وليس رد الفعل. التعطيل في حال اللجوء إليه سيكون مسألة ذات طابع دفاعي، ونحن اليوم في موقع هجوم».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

مسلسل عراقي عن «داعش» يثير استياء رئيس وزراء أسبق

رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي خلال إعلانه النصر على «داعش» أواخر 2017 (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي خلال إعلانه النصر على «داعش» أواخر 2017 (إعلام حكومي)
TT
20

مسلسل عراقي عن «داعش» يثير استياء رئيس وزراء أسبق

رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي خلال إعلانه النصر على «داعش» أواخر 2017 (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي خلال إعلانه النصر على «داعش» أواخر 2017 (إعلام حكومي)

أثار مسلسل درامي عرضته قناة «العراقية»، شبه الرسمية، استياء ائتلاف «النصر» الذي يقوده رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، على خلفية اتهامه الضمني بالكشف عن هوية ضباط استخبارات اخترقوا تنظيم «داعش».

العمل، وفق التعريف الذي يظهره المسلسل، مستوحى من قصص وأحداث حقيقية تتعلق بعمل «وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية»، المعروفة باسم «خلية الصقور»، على اختراق تنظيم «داعش» بعد سيطرته على مساحات واسعة من البلاد عام 2014.

و«النقيب» هو العنوان الذي اختير للمسلسل، الذي يجسد شخصية النقيب حارث السوداني الذي نجح في اختراق «داعش» بعد أن كلفته «خلية الصقور» بالمهمة عام 2014، نظراً إلى مهارته في كتابة برمجيات الكومبيوتر ومراقبة حركات شبكة الإنترنت والمكالمات الهاتفية للمشتبه في تورطهم بعمليات إرهابية.

ويبدو أن «داعش» اكتشف أمر النقيب السوداني في منتصف يناير (كانون الثاني) 2017، فاستدرجه إلى ريف الطارمية شمال بغداد، وانقطع بعد ذلك الاتصال به، ليظهر في مقطع فيديو نشره «داعش» في أغسطس (آب) من العام نفسه، لإعدام أشخاص مغطاة أعينهم من دون ذكر أسمائهم. وكان شقيق النقيب قد تعرف عليه من بين الضحايا.

صورة مأخوذة من أحد مشاهد مسلسل «النقيب» على قناة «العراقية» شبه الرسمية
صورة مأخوذة من أحد مشاهد مسلسل «النقيب» على قناة «العراقية» شبه الرسمية

ما علاقة العبادي؟

تبدو علاقة رئيس الوزراء الأسبق، حيدر العبادي، الذي قاد الحرب على «داعش»، بالمسلسل التلفزيوني جد غريبة. وقال الائتلاف السياسي الذي يقوده؛ «النصر»، في بيان صحافي، إن ما أثير بشأن العمل الدرامي مرتبط بالتسقيط السياسي الشائع في العراق.

وتعود القصة إلى سنوات ماضية، حين هاجم العبادي وسائل الإعلام التي «تبالغ» في الحديث عن التفجيرات التي تقع في بغداد، وذكر أنها «مسيطَر» عليها، وأنها من صناعة أجهزة حكومية لتضليل «داعش» وإلقاء القبض على عناصره.

أحاديث العبادي هذه، دفعت بخصومه إلى الاستنتاج أنها ساعدت في «الكشف عن ارتباط حارث السوداني بالأجهزة الاستخبارية»، وسهلت على التنظيم الإرهابي اكتشاف أمره وإعدامه لاحقاً.

ويبدو أن إنتاج مسلسل «النقيب» أعاد تذكير خصوم العبادي من جديد بعلاقته بعملية الكشف عن حارث السوداني ومقتله، وهي علاقة لم تكن لتخطر على بال صناع العمل الدرامي، طبقاً لمصدر مقرب من كواليس العمل.

«حملة مغرضة»

وأصدر ائتلاف «النصر» بياناً غاضباً ضد الاتهامات التي طالت زعيمه غداة عرض المسلسل التلفزيوني ضمن برامج الدورة الرمضانية للقناة الرسمية هذا العام.

وقال الائتلاف إنه «يحيط الرأي العام بمحاولات رخيصة تقوم بها جهات معروفة بالترويج الإعلامي لمقطع فيديوي مجتزأ من مقابلة للعبادي قبل بضعة أشهر، في 31 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، حيث تم نسب التصريح بشكل خاطئ إلى فترة المعارك ضد (داعش) بشكل مغرض».

ولم يكشف البيان عن طبيعة الجهات التي وصفها بـ«المعروفة»، لكن جفوة سياسية باتت معروفة منذ سنوات بين العبادي وميليشيات وفصائل عاملة تحت مظلة «الحشد الشعبي».

وأكد البيان أن تصريحات العبادي «كانت في سياق توضيح خطط الحكومة إبان إدارته المعركة مع (داعش) قبل 8 سنوات من تاريخ المقابلة، ولا تمت بأي صلة لما يتم تداوله حالياً».

وأضاف البيان: «كما ننفي بشدة ما يُشاع كذباً عن تسريب للمعلومات، خصوصاً أنّ الجهد الاستخباري والعسكري كان تحت قيادة العبادي باعتباره قائداً عاماً في تلك الفترة، وكان أحد أهم العوامل التي قادت إلى الانتصار على (داعش)».