بوادر اتفاق بين الحكومة التونسية واتحاد الشغل حول الزيادات في الأجور

إثر جلسات تفاوض ماراثونية عُقدت بين الطرفين

من اجتماع بين بودن والطبوبي (رئاسة الحكومة)
من اجتماع بين بودن والطبوبي (رئاسة الحكومة)
TT

بوادر اتفاق بين الحكومة التونسية واتحاد الشغل حول الزيادات في الأجور

من اجتماع بين بودن والطبوبي (رئاسة الحكومة)
من اجتماع بين بودن والطبوبي (رئاسة الحكومة)

توقع نور الدين الطبوبي، رئيس «الاتحاد التونسي للشغل» (نقابة العمال)، وضع «اللمسات الأخيرة مع الحكومة» من أجل التوصل إلى «اتفاق» ينهي جلسات التفاوض الماراثوني الذي لم يفضِ سابقاً إلى بلورة أرضية مشتركة حول برنامج اقتصادي يُعتمد في التفاوض مع صندوق النقد الدولي.
وأكد الطبوبي خلال اجتماع نقابي في مدينة المنستير (وسط شرقي تونس)، أن الهيئة الإدارية الوطنية، وهي أعلى سلطة قرار في نقابة العمال: «ستناقش مقترحات الحكومة»، مضيفاً أن جلسة تفاوض عُقدت الجمعة، وتواصلت إلى ساعة متقدمة من الليل، بين الاتحاد ورئيسة الحكومة نجلاء بودن، ووزيرة المالية سهام بوغديري، ومحافظ البنك المركزي الشاذلي العياري، ومن المنتظر تقريب وجهات النظر والخروج «باتفاق ينهي فترة النزاع بين الطرفين»، والاختلاف الجوهري في تصور الحلول للأزمة الاقتصادية والاجتماعية.
ووفق مصادر مقربة من اتحاد الشغل، فإن الاجتماع الذي أشار إليه الطبوبي استمر نحو 7 ساعات متتالية. وتناول «بعمق الوضع المالي الذي تمر به تونس، وكيفية الملاءمة بينه وبين مخلفات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وتأثيرها على المقدرة الشرائية للتونسيين». وتمسَّك الطرف النقابي: «بضرورة إقرار زيادة في الأجور؛ نظراً إلى التضخم الاقتصادي الذي سجلته تونس خلال الشهر الماضي، والذي قدر بنحو 8.6 في المائة، وهذا لم يحصل منذ نحو 30 سنة»، بينما دعت الحكومة إلى «ضرورة تفهم الوضع المالي العسير الذي تمر به البلاد».
ويبدو تبعاً للنقاش، أن الاتجاه العام للتفاوض يرجح إقرار زيادة في أجور موظفي الحكومة بنحو 5 في المائة، مع إرجاء التنفيذ إلى شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل. إلى جانب إقرار زيادة على مستوى الحد الأدنى المضمون في حدود 6.75 في المائة، وهو ما سينعكس على أجور عمال القطاع الخاص والمتقاعدين.
ورجَّح أكثر من طرف نقابي تونسي، نجاح المساعي الكثيرة الساعية إلى تقريب وجهات النظر بين الطرفين، وإنهاء ملف الزيادات في الأجور، ليتم التفرغ لملفات اقتصادية واجتماعية أخرى، مثل إصلاح وضعية المؤسسات الحكومية الكبرى، والاتفاق على إصلاح منظومة الدعم وتوجيهها نحو مستحقيها فقط، وغير ذلك من ملفات ذات حساسية خاصة بالنسبة إلى كل الأطراف، وعليها سيُبنى برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تقدمت به الحكومة إلى صندوق النقد الدولي، والذي اشترط موافقة القوى الاجتماعية، وعلى رأسها اتحاد الشغل، عليه.
ويرى مراقبون أن الطرفين، الحكومي والنقابي، في حاجة بعضهما إلى بعض خلال هذه الفترة ذات الحساسية العالية. وفي هذا الشأن قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي: «إن الطرف الحكومي في حاجة للحصول على موافقة اتحاد الشغل على البرنامج الاقتصادي الذي قدمه لصندوق النقد، ومن ثم الحصول على تمويل لميزانية الدولة المتدهورة. أما القيادات النقابية فهي محتاجة إلى تقديم نجاح ما إلى الفئات الاجتماعية الفقيرة، وتسعى إلى تجاوز الإشكال القانوني الذي طرحه المؤتمر الانتخابي الماضي؛ حيث تم التشكيك في شرعيته. وهناك جلسة قضائية ستعقد يوم 22 سبتمبر (أيلول) الجاري، وستكون مؤثرة على مستقبل المكتب التنفيذي الحالي للاتحاد».
وفي انتظار الإعلان عن اتفاق بين الطرفين ينهي «حالة المواجهة والصدام» بينهما، بعث نور الدين الطبوبي برسائل إيجابية إلى التونسيين، حين قال إن «المستقبل موجود في تونس بتضافر الجهود، وإصلاح منظومة التعليم، وتوظيف الذكاء التونسي لمصلحة الوطن» على حد تعبيره.
وتبقى الإشارة واجبة إلى أنه لا تزال هناك خلافات مطروحة بين الجانبين في شأن نقاط عدّة، من بينها تمسك الحكومة برفض إلغاء المساهمة التضامنية بنسبة 1 في المائة في الصناديق الاجتماعية، والتي كانت قد أقرت سنة 2018 لمدة سنة واحدة، وبصفة استثنائية، غير أن الحكومة واصلت اقتطاعها خلال السنوات الماضية بصفة غير قانونية.
ومن خلال جلسات التفاوض الماضية، طالب الاتحاد العام بزيادة أجور الموظفين على مدى سنوات: 2021 و2022 و2023؛ لكن الحكومة اقترحت زيادة يتم صرفها في سنوات: 2023 و2024 2025، وهذا ما سيتطلب جلسات تفاوض إضافية لتقريب وجهات النظر.
وكان هذا الخلاف حول الزيادة في الأجور من بين أهم الأسباب التي دعت اتحاد الشغل إلى تنفيذ إضراب عن العمل، يوم 16 يونيو (حزيران) الماضي.


مقالات ذات صلة

الرئيس التونسي يعول على الفوسفات لتفادي «إملاءات النقد الدولي»

الاقتصاد الرئيس التونسي يعول على الفوسفات  لتفادي «إملاءات النقد الدولي»

الرئيس التونسي يعول على الفوسفات لتفادي «إملاءات النقد الدولي»

حضّ الرئيس التونسي قيس سعيّد، على ضرورة تنشيط قطاع إنتاج الفوسفات، معتبراً أن من شأن ذلك تمكين اقتصاد بلاده من التعافي من دون اللجوء إلى الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية. وقال سعيّد، خلال إشرافه على مجلس الأمن القومي في مقطع فيديو نشرته الرئاسة ليل الأربعاء الخميس، إن تنشيط إنتاج الفوسفات في منطقة الحوض المنجمي في محافظة قفصة (وسط البلاد الغربي) «يمكن أن يمثل جزءاً كبيراً من ميزانية الدولة حتى لا نقترض من الخارج، وتتعافى الدولة التونسية والاقتصاد». واعتبر الرئيس التونسي أن تراجع عجلة الإنتاج في هذا القطاع الحيوي «وضع غير مقبول، خصوصاً أن نوعية الفوسفات بتونس من أفضل ما يوجد في العالم، ويجب

«الشرق الأوسط» (تونس)
العالم العربي الاتحاد الأوروبي يناقش توجيه مساعدات مالية عاجلة لتونس

الاتحاد الأوروبي يناقش توجيه مساعدات مالية عاجلة لتونس

تناقش دول الاتحاد الأوروبي في اجتماع لمجلس الشؤون الخارجية، ملف توجيه مساعدات مالية عاجلة لتونس، في ظل تفاقم موجات تدفق المهاجرين غير الشرعيين؛ ولمنع الانهيار المالي الذي سيزيد في تفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في تونس. وتتقدم كل من إيطاليا وفرنسا قائمة الدول الأوروبية الداعمة للملف التونسي، في حين تعمل دول أخرى على ربط المساعدات المالية «بالعودة إلى المسار الديمقراطي، واحترام الحقوق والحريات، وإيقاف موجة الاعتقالات» التي طالت كثيراً من رموز المعارضة للمسار السياسي الذي يقوده الرئيس التونسي قيس سعيّد. وتدافع رئيسة الوزراء الإيطالية بحماس، عن الدعم العاجل للملف التونسي لمنع تفاقم الأزمة ا

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا مصرع 4 مهاجرين وفقدان 23 في حادثي غرق قبالة سواحل تونس

مصرع 4 مهاجرين وفقدان 23 في حادثي غرق قبالة سواحل تونس

لقي أربعة مهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء مصرعهم وفُقد ثلاثة وعشرون في حادثي غرق، يومي (الجمعة) و(السبت) قبالة سواحل تونس، فيما تم إنقاذ 53 آخرين، وفق ما أفاد متحدث باسم محكمة صفاقس (وسط شرق) وكالة الصحافة الفرنسية. بذلك ترتفع حصيلة حوادث الغرق إلى سبعة منذ بداية مارس (آذار)، وفق تعداد للوكالة الفرنسية. وأسفرت هذه الحوادث قبالة السواحل التونسية عن مصرع أو فقدان أكثر من 100 شخص.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مفوض أوروبا للشؤون الاقتصادية يبحث في تونس حل الأزمة المتفاقمة

مفوض أوروبا للشؤون الاقتصادية يبحث في تونس حل الأزمة المتفاقمة

قال باولو جنتيلوني، المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية، خلال زيارته إلى تونس أمس (الاثنين) إن المفوضية الأوروبية «لا تزال مصممة على دعم الشعب التونسي في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة» التي تمر بها البلاد، مؤكداً أن زيارته شكلت أيضاً فرصة لإعادة التأكيد على «التزام الاتحاد الأوروبي بقيم الديمقراطية وسيادة القانون». في المقابل، ورداً على تصريحات بوريل وبعض قادة أوروبا الذين حذروا من حالة الانهيار التي باتت تتهدد الاقتصاد التونسي، دعت وزارة الخارجية التونسية الاتحاد الأوروبي إلى «تفهم خصوصية الوضع ودقته، واعتماد خطاب مسؤول وبنّاء، يعكس حقيقة الواقع في تونس»، كما دعت إلى تثمين ما تم تحقيقه في إطار ال

المنجي السعيداني (تونس)
الاقتصاد البنك الدولي يعلق التعاون مع تونس «حتى إشعار آخر»

البنك الدولي يعلق التعاون مع تونس «حتى إشعار آخر»

علّق البنك الدولي «حتى إشعار آخر» محادثاته بشأن التعاون المستقبلي مع تونس، بعد الاعتداءات التي شهدتها ضد مهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، في أعقاب خطاب ندّد فيه الرئيس قيس سعيّد بـ«جحافل المهاجرين غير النظاميين». وقال رئيس البنك ديفيد مالباس، في مذكرة بعثها إلى الموظفين، واطّلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية مساء الاثنين، إنّ خطاب سعيّد تسبّب في «مضايقات بدوافع عنصرية وحتى حوادث عنف»، وإنّ المؤسسة أرجأت اجتماعاً كان مبرمجاً مع تونس حتى تنتهي من تقييم الوضع. وعاد مئات المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء إلى بلدانهم من تونس؛ خوفاً من موجة عنف إثر تصريحات الرئيس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مصر ترفض تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا بشأن «سد النهضة»

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
TT

مصر ترفض تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا بشأن «سد النهضة»

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

وجه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إثر التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإثيوبي حول المرحلة الخامسة من ملء «سد النهضة».

وأكّد وزير الخارجية، في الخطاب، «رفض مصر القاطع للسياسات الأحادية الإثيوبية المخالفة لقواعد ومبادئ القانون الدولي، والتي تُشكل خرقاً صريحاً لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015».

ونوه بأن تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد حول حجز كمية من مياه النيل الأزرق هذا العام واستكمال بناء الهيكل الخرساني للسد الإثيوبي، تُعد «غير مقبولة جملة وتفصيلاً للدولة المصرية، وتمثل استمراراً للنهج الإثيوبي المثير للقلاقل مع جيرانها والمهدد لاستقرار الإقليم».

وشدد وزير الخارجية المصري، في خطابه لمجلس الأمن، على أن «السياسات الإثيوبية غير القانونية ستكون لها آثارها السلبية الخطيرة على دولتي المصب مصر والسودان، وبالرغم من أن ارتفاع مستوى فيضان النيل في السنوات الأخيرة فإن مصر تظل متابعة عن كثب للتطورات ومستعدة لاتخاذ كل التدابير والخطوات المكفولة بموجب ميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن وجودها ومقدرات شعبها».

وجاء بالخطاب المصري لمجلس الأمن أن «انتهاء مسارات المفاوضات بشأن سد النهضة بعد 13 عاماً من التفاوض بنوايا مصرية صادقة، جاء بعدما وضح للجميع أن أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل إلى حل».