مصر تفتح أبوابها للاستثمارات المحلية والأجنبية

«الدولية الإسلامية لتمويل التجارة» تتطلع للتعاون مع القاهرة لإصدار «صكوك خضراء»

إحدى جلسات منتدى التعاون الدولي والتمويل الإنمائي واجتماع وزراء المالية والاقتصاد والبيئة الأفارقة المنعقد في مصر (الشرق الأوسط)
إحدى جلسات منتدى التعاون الدولي والتمويل الإنمائي واجتماع وزراء المالية والاقتصاد والبيئة الأفارقة المنعقد في مصر (الشرق الأوسط)
TT

مصر تفتح أبوابها للاستثمارات المحلية والأجنبية

إحدى جلسات منتدى التعاون الدولي والتمويل الإنمائي واجتماع وزراء المالية والاقتصاد والبيئة الأفارقة المنعقد في مصر (الشرق الأوسط)
إحدى جلسات منتدى التعاون الدولي والتمويل الإنمائي واجتماع وزراء المالية والاقتصاد والبيئة الأفارقة المنعقد في مصر (الشرق الأوسط)

قال وزير المالية المصري الدكتور محمد معيط، إن مصر بما تمتلكه من إرادة سياسية داعمة ومحفزة للقطاع الخاص وبنية تحتية قوية ومؤهلة وجاذبة، تفتح أبوابها للاستثمارات المحلية والأجنبية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة؛ في ظل العمل على إصدار وثيقة «سياسة ملكية الدولة»، التي تعد ضمانة حقيقية واستراتيجية فعالة لتمكين القطاع الخاص، وتعميق مشاركته في النشاط الاقتصادي، وتبعث برسالة طمأنة للمستثمرين المحليين والأجانب، تعزز ثقة المؤسسات الدولية بالاقتصاد المصري.
وأضاف الوزير في لقائه مع هاني سنبل، الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة والمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، على هامش مشاركتهما في فعاليات «منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي»، واجتماع وزراء المالية والاقتصاد والبيئة الأفارقة بالعاصمة الإدارية الجديدة في مصر: «حريصون على تعظيم جهود تنويع مصادر وأدوات التمويل لخفض تكلفة الاستثمارات التنموية، خصوصاً مع تزايد حدة تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة، وما يترتب عليها من ارتفاع في تكلفة التمويل».
ولفت معيط إلى تنامي فرص التعاون المشترك مع المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص في العديد من المشروعات الاقتصادية، ودراسة الاستفادة من خبراتها في إصدار مصر لصكوك خضراء؛ على النحو الذي يسهم في جذب شرائح من المستثمرين الجدد؛ بما يساعد في استدامة تحريك عجلة الاقتصاد، وخلق المزيد من فرص العمل، والارتقاء بمستوى معيشة المواطنين والخدمات المقدمة إليهم.
وأوضح الوزير أن «مصر تدرس مع الجانب الياباني إصدار سندات (الساموراي الخضراء) خلال الفترة المقبلة، بعدما نجحنا في طرح أول إصدار من سندات (الساموراي) بالسوق اليابانية، بقيمة 60 مليار ين ياباني، على نحو جذب العديد من المستثمرين اليابانيين، فضلاً عن التعاون المشترك الجاري مع الجانب الصيني لإصدار سندات (الباندا) باليوان في السوق الصينية».
من جانبه، أكد هاني سنبل أن أحد المحاور الاستراتيجية للمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، يرتكز على خبرتها الكبيرة في إصدار الصكوك السيادية، وقد حظيت تجربتها مع العديد من الدول في هذا الشأن بإشادة المؤسسات الدولية، موضحاً أننا لدينا فرصة للتعاون مع مصر في هذا المجال، ونتطلع للعمل معاً لإصدار صكوك سيادية أو صكوك خضراء لمصر. وأضاف أننا لدينا خبرة أيضاً تشمل قطاعات المياه والطاقة والغذاء ويمكن أن نقدم برامج طموحة تدعم المنصة الوطنية للمشروعات الخضراء بمصر «نوفي» في المياه والغذاء.
وفي سياق موازٍ، بحث معيط مع الدكتورة فيرا سونغوي، الرئيس المشارك لفريق الخبراء رفيع المستوى المعني بتمويل المناخ، إنشاء آلية لتبادل السلع الأساسية بين الدول الأفريقية وعلى رأسها القمح والأسمدة؛ بما يُسهم في تخفيف الأعباء الناتجة عن الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة.
وتبادل معيط وفيرا سونغوي، خلال لقائهما، الرؤى والأفكار حول آليات تحقيق الأمن الغذائي على المستوى القاري؛ وذلك في إطار السعي الجاد للاندماج والتكامل الاقتصادي؛ تحقيقاً للاستغلال الأمثل للموارد المتاحة، خاصة في ظل ما تشهده سلاسل الإمداد والتموين العالمية من اضطراب حاد؛ نتيجة لاختلال ميزان العرض والطلب في أعقاب جائحة «كورونا»، وما تلاها من تداعيات سلبية قاسية على كل الاقتصادات التي تُعاني موجة تضخمية غير مسبوقة، وارتفاع تكلفة التمويل، وكذلك تكاليف وأسعار السلع والخدمات.
وأعرب الوزير عن تقديره للنجاحات التي حققتها الدكتورة فيرا سونغوي خلال فترة توليها منصب الأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة، متمنياً لها التوفيق في مهامها الجديدة، وذلك على هامش مشاركتهما في فعاليات منتدى «مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي»، واجتماع وزراء المالية والاقتصاد والبيئة الأفارقة بالعاصمة الإدارية الجديدة.
ووجَّه معيط الدعوة إلى الدكتورة فيرا سونغوي، لحضور «يوم التمويل»، وتبني الرؤى الأفريقية لتيسير التمويلات التنموية الداعمة للتحول الأخضر، والإسهام في مكافحة التغيرات المناخية، عبر تخفيض أعباء الديون على البلدان النامية والاقتصادات الناشئة.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
TT

الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)

منذ عام 2019، يشهد لبنان واحدة من أشد الأزمات الاقتصادية والمالية في تاريخه الحديث... أزمة تجاوزت نطاق الاقتصاد لتؤثر بشكل حاد في جميع جوانب الحياة، فقد أثقلت هذه الأزمة كاهل المواطن اللبناني، وأغرقت البلاد في دوامة من انهيار شامل للنظامين المالي والاقتصادي، بعد أن فقدت العملة المحلية أكثر من 95 في المائة من قيمتها. ونتيجة لذلك، تفشى التضخم بشكل غير مسبوق مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات إلى مستويات قياسية، في حين قفزت معدلات الفقر والبطالة بشكل دراماتيكي.

وفي خضم هذا الواقع المأساوي، شلّت الصراعات السياسية الحادة مؤسسات الدولة، فقد تعمقت الانقسامات إلى حد أن الحكومة أصبحت عاجزة عن اتخاذ خطوات حاسمة لمعالجة الأزمة جذرياً. ومع تفاقم الأوضاع، أضافت الحرب الأخيرة مع إسرائيل عبئاً جديداً على لبنان، مخلّفة خسائر بشرية ومادية هائلة قدّرها «البنك الدولي» بنحو 8.5 مليار دولار، وزادت من تعقيد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، فقد بات من الصعب تصور أي إمكانية لاحتواء أعبائها في غياب انتخاب رئيس للجمهورية.

المنصب الرئاسي والمأزق الاقتصادي

المنصب الرئاسي، الذي لا يزال شاغراً منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، يحمل للفائز به قائمة طويلة من التحديات الاقتصادية والمالية المتراكمة، التي باتت تهدد بنية الدولة وكيانها. فقد أدى غياب هذا المنصب إلى تعطيل عملية تشكيل الحكومة، مما جعل الدولة غير قادرة على التفاوض بجدية مع الجهات الدولية المانحة التي يحتاج إليها لبنان بقوة لإعادة إحياء اقتصاده، مثل «صندوق النقد الدولي» الذي يشترط إصلاحات اقتصادية ومالية جذرية مقابل أي دعم مالي يمكن أن يوفره.

وعليه؛ فإن انتخاب رئيس جديد للجمهورية يمثل أولوية ملحة ليس فقط لاستعادة الثقة المحلية والدولية، بل أيضاً ليكون مدخلاً أساسياً لبدء مسار الإصلاحات التي طال انتظارها.

ومن بين أبرز هذه التحديات، ملف إعادة الإعمار، الذي تُقدر تكلفته بأكثر من 6 مليارات دولار، وفق موقع «الدولية للمعلومات»، وهو عبء مالي ضخم يتطلب موارد هائلة وجهوداً استثنائية لتأمين التمويل اللازم.

لكن عملية إعادة الإعمار ليست مجرد عملية تقنية لإصلاح البنية التحتية أو ترميم الأضرار، بل هي اختبار حقيقي لقدرة الدولة على استعادة مكانتها وتفعيل دورها الإقليمي والدولي. وفي هذا السياق، تبرز الحاجة الملحة إلى رئيس يتمتع برؤية استراتيجية وشبكة واسعة من العلاقات الدولية، وقادر على استخدام مفاتيح التواصل الفعّال مع الدول المانحة والمؤسسات المالية الكبرى. فمن دون قيادة سياسية موحدة تتمتع بالصدقية، فستبقى فرص استقطاب الدعم الخارجي محدودة، خصوصاً أن الثقة الدولية بالسلطات اللبنانية تعرضت لاهتزاز كبير في السنوات الأخيرة بسبب سوء الإدارة وغياب الإصلاحات الهيكلية.

مواطنون وسط جانب من الدمار الناجم عن الغارات الجوية الإسرائيلية بمنطقة الشويفات (رويترز)

فرصة محورية لإحداث التغيير

كما يأتي انتخاب رئيس للجمهورية يوم الخميس بوصفه فرصة محورية لإحداث تغيير في مسار الأزمات المتراكمة التي يعاني منها لبنان، والتي تفاقمت بشكل حاد خلال عام 2024؛ بسبب الصراعات المتصاعدة والأزمة الاقتصادية الممتدة.

ومع انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة -5.7 في المائة خلال الربع الرابع من 2024، انعكست التداعيات السلبية بوضوح على الاقتصاد، فقد تراجعت معدلات النمو بشكل كبير منذ عام 2019، ليصل الانخفاض التراكمي إلى أكثر من 38 في المائة عام 2024، مقارنة بـ34 في المائة خلال العام السابق عليه. وتزامن هذا التدهور مع تصعيد الصراع في الربع الأخير من 2024، مما أضاف آثاراً إنسانية مدمرة، مثل النزوح الجماعي والدمار واسع النطاق، وبالتالي أدى إلى خفض إضافي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 6.6 في المائة بحلول منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. وكان قطاع السياحة، الذي يمثل أحد أعمدة الاقتصاد اللبناني، من بين الأشد تضرراً، فقد تراجعت عائداته لتتحول من فائض إلى عجز بنسبة -1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2024.

منصب حاكم «المصرف المركزي»

كذلك يمثل هذا الحدث محطة مهمة لإصلاح المؤسسات اللبنانية، بما في ذلك معالجة الشغور في المناصب القيادية التي تُعد ركيزة أساسية لاستقرار البلاد. ومن بين هذه المناصب، حاكم «مصرف لبنان» الذي بقي شاغراً منذ انتهاء ولاية رياض سلامة في 31 يوليو (تموز) 2023، على الرغم من تعيين وسيم منصوري حاكماً بالإنابة. لذا، فإن تعيين خَلَفٍ أصيل لحاكم «المصرف المركزي» يُعدّ خطوة حاسمة لضمان استقرار النظامين المالي والنقدي، خصوصاً أن «مصرف لبنان» يشكل محوراً رئيسياً في استعادة الثقة بالنظامين المصرفي والمالي للبلاد.

مقر «مصرف لبنان المركزي» في بيروت (رويترز)

علاوة على ذلك، سيجد الرئيس الجديد نفسه أمام تحدي إصلاح «القطاع المصرفي» الذي يُعدّ جوهر الأزمة الاقتصادية. فملف المصارف والمودعين يتطلب رؤية شاملة لإعادة هيكلة القطاع بطريقة شفافة وعادلة، تُعيد ثقة المودعين وتوزع الخسائر بشكل منصف بين المصارف والحكومة والمودعين. ومع إدراج لبنان على «اللائحة الرمادية» وتخلفه عن سداد ديونه السيادية، تصبح هذه الإصلاحات ضرورية لاستعادة العلاقات بالمؤسسات المالية الدولية، واستقطاب التمويل اللازم، ومنع إدراج لبنان على «اللائحة السوداء». ناهيك بورشة إصلاح القطاع العام وترشيده وتفعيله، فتكلفة مرتَّبات القطاع العام مرتفعة جداً نسبةً إلى المعايير الدولية. فعلى مرّ السنين، شكّل مجموع رواتب وتعويضات القطاع العام لموظفي الخدمة الفعلية والمتقاعدين (وعددهم نحو 340 ألفاً) نحو 40 في المائة من إجمالي نفقات الموازنة، الأمر الذي شكّل عبئاً فادحاً على مالية الدولة والاقتصاد عموماً.

آمال اللبنانيين في قيادة جديدة

وسط هذه الأزمات المتشابكة، يعوّل اللبنانيون على انتخاب رئيس جديد للجمهورية لفتح نافذة أمل على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. فمن المأمول أن يسعى الرئيس المقبل، بدعم من حكومة فاعلة، إلى إعادة بناء الثقة الدولية والمحلية، واستعادة الاستقرار السياسي، وهما شرطان أساسيان لوقف التدهور الاقتصادي وتحفيز النمو. فاستعادة قطاع السياحة؛ الرافعة الأساسية للاقتصاد اللبناني، على سبيل المثال، تتطلب تحسين الأوضاع الأمنية وتعزيز الثقة بلبنان بوصفه وجهة آمنة وجاذبة للاستثمارات. وهذه الأمور لن تتحقق إلا بوجود قيادة سياسية قادرة على تقديم رؤية استراتيجية واضحة لإعادة الإعمار وتحقيق الإصلاحات الضرورية. وبالنظر إلى العجز المستمر في الحساب الجاري والانخفاض الكبير في الناتج المحلي الإجمالي، يصبح نجاح الرئيس الجديد في معالجة هذه الملفات عاملاً حاسماً لإنقاذ لبنان من أزمته العميقة، وإعادة توجيه الاقتصاد نحو التعافي والنمو المستدام.