علاقة عون مع بري وميقاتي إلى مزيد من التأزم... و«حزب الله» يوقف وساطته

واشنطن تربط مفاوضات ترسيم الحدود بالانتخابات الإسرائيلية

الرؤساء اللبنانيون الثلاثة في لقاء سابق (أ.ف.ب)
الرؤساء اللبنانيون الثلاثة في لقاء سابق (أ.ف.ب)
TT

علاقة عون مع بري وميقاتي إلى مزيد من التأزم... و«حزب الله» يوقف وساطته

الرؤساء اللبنانيون الثلاثة في لقاء سابق (أ.ف.ب)
الرؤساء اللبنانيون الثلاثة في لقاء سابق (أ.ف.ب)

تشكّل الزيارة المرتقبة للوسيط الأميركي بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البحرية أموس هوكستاين، في الساعات المقبلة إلى بيروت محطة لاختبار مدى صحة ما يتردّد في بعض الكواليس من أن الاتفاق في طريقه إلى الإنجاز، لكن الإعلان عنه بصورة رسمية سيتأخر إلى ما بعد إجراء الانتخابات الإسرائيلية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بناءً على طلب واشنطن استجابةً لرغبة رئيس وزراء إسرائيل يائير لبيد لقطع الطريق على منافسه بنيامين نتنياهو من استغلاله انتخابياً بذريعة أنه قدّم تنازلات للجانب اللبناني.
وكشف مصدر لبناني رسمي وثيق الصلة بالتحضيرات استعداداً لمحادثات الوسيط الأميركي عن أن اتهام الفريق السياسي المحسوب على رئيس الجمهورية ميشال عون بوقوفه وراء التأخير في توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل لحرمانه من هذا الإنجاز الذي يتيح للبنان الإفادة من ثرواته البحرية من جهة، ولمنع عون من تحقيقه قبل انتهاء ولايته الرئاسية ليس في محله، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الخبر اليقين لدى المستشار الرئاسي نائب رئيس المجلس النيابي إلياس بوصعب الذي يتنقّل بين المقرات الرئاسية في ضوء ما يتردّد بأن رئيسي البرلمان نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لن يشاركا في لقاء بعبدا الذي يجمع عون بالوسيط الأميركي بخلاف ما حصل في الاجتماع السابق.
ولفت المصدر اللبناني إلى أن علاقة عون ببري وميقاتي إلى مزيد من التأزّم وأن السبب لا يعود إلى الهجوم الذي استهدفهما من رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي يصر على إعادة إنتاج خطاب عون في أثناء تولّيه رئاسة الحكومة العسكرية وإنما إلى تمادي عون في التناغم معه لتعطيل تفعيل حكومة تصريف الأعمال واشتراطه التسليم بشروط باسيل بأن تُستبدل بها حكومة سياسية موسّعة من 30 وزيراً تلبي طموحاته في السيطرة عليها لحفظ مكانته السياسية في مرحلة ما بعد انتهاء ولاية عون.
وأكد أن الرئيس بري ليس في وارد الدخول في سجال مع باسيل، وقال إنه طلب من المسؤولين في حركة «أمل» عدم الرد عليه والتصرف مع هجومه، خصوصاً أن باسيل يصر على افتعال مشكلات متنقّلة مع جميع خصومه لصرف الأنظار عمّا يدور من خلافات داخل تكتل «لبنان القوي» التي أخذت تتفاعل على خلفية التداعيات التي خلّفتها الانتخابات النيابية.
ورأى المصدر نفسه أن الأجواء التي سادت التحضير لخوض الانتخابات أحدثت شرخاً داخل تكتل «لبنان القوي»، وقال إن باسيل تسبب به لأنه طلب من محازبي «التيار الوطني» وجمهوره تجيير أصواتهم التفضيلية للمرشح الكاثوليكي الراسب في الانتخابات عن دائرة المتن الشمالي النائب السابق إدي معلوف، ما شكّل إحراجاً للنائبين إبراهيم كنعان وإلياس بوصعب، والأمر نفسه بالنسبة إلى المرشح الماروني عن دائرة جزين - صيدا أمل أبو زيد على حساب أحد أبرز الصقور في «التيار الوطني» زياد أسود.
ورأى أن علاقة باسيل بكل من بوصعب وكنعان تمر بحالة من الفتور، وأن نائب رئيس المجلس لم يكن مرتاحاً لما ورد على لسان باسيل في هجومه على بري بذريعة عدم قدرته على جمع النواب، وقال إنه يتحضّر للقيام بانقلاب، ويرفض الاعتراف بحكومة تصريف الأعمال في حال أُنيط بها تسلّم صلاحيات رئيس الجمهورية إذا تعذّر انتخاب رئيس جمهورية جديد، ويرى أنها مغتصبة للسلطة.
واتهم المصدر باسيل بأن لا مرشح له لرئاسة الجمهورية سوى الفراغ اعتقاداً منه بأنه يستطيع تعويم نفسه للعب دور سياسي بعد انسداد الأفق أمام طموحاته الرئاسية، وحذّر من لجوئه إلى تطييف الصراع رغم أنه يدرك سلفاً أن معركته ليست مع المسلمين فحسب، وإنما أيضاً مع خصومه في الشارع المسيحي، فيما يتموضع حليفه «حزب الله» في موقع المراقب لما يدور في لعبة شد الحبال.
فـ «حزب الله» بادر إلى إطفاء محركاته السياسية رافضاً، كما يقول المصدر، إعادة التحرك بعد أن اصطدمت وساطته بحائط مسدود وأخفق في تنعيم موقف حليفه باسيل، وبالتالي ارتأى عدم التدخل لأنه ينأى بنفسه من الدخول بالنيابة عن «التيار الوطني» أو عون في معركة مع المكوّن السنّي على خلفية أن صلاحيات الرئيس لا تنتقل بالوساطة إلى حكومة تصريف الأعمال لأن مجرد وقوفه إلى جانب حليفه يعني حكماً بأنه يدعم التفافه على اتفاق الطائف رغم ما شاب تطبيقه من ثغرات.
كما أن «حزب الله»، كما يقول المصدر نفسه، لن يصرف فائض القوة الذي يتمتع به في معركة يعدّها خاسرة سلفاً لأنها تُقحمه في خلاف مع المكوّن السنّي يتعلق بصلاحيات رئيس الحكومة من جهة، وتؤدي إلى اهتزاز علاقته بحليفه الاستراتيجي بري، خصوصاً أن عون هو من يغطي حملة باسيل على بري وميقاتي في محاولة لدغدغة مشاعر الشارع المسيحي بذريعة أنه مستهدف، فيما يصطدم بمعارضة قواه الفاعلة التي اشتبك معها وفقد ثقتها.
لذلك يحاول باسيل بطروحاته الانقلابية الهروب إلى الأمام مستفيداً من سطوته على موقع رئاسة الجمهورية التي لم يعد لعون ما يخسره بعد أن أخفق في تحقيق أي إنجاز، إلا إذا كان يعتقد أن استعداده للتوجّه إلى نيويورك على رأس الوفد اللبناني لحضور اجتماعات الجمعية العمومية السنوية للأمم المتحدة يستطيع التعويض عن الإخفاقات التي أصابته من جراء عدم قدرته على توفير الحد الأدنى من الحلول للأزمات الكارثية التي ما زالت تحاصر السواد الأعظم من اللبنانيين.
وكشف المصدر أن عون كان يتردد في التوجّه إلى نيويورك لكن باسيل أقنعه بأن يرأس الوفد اللبناني إلى الأمم المتحدة، مع أن ميقاتي كان قد أعدّ العدّة للسفر على رأس الوفد اللبناني لكنه عاد وعدل عن الذهاب مكتفياً برئاسته لوفد تربوي لحضور المؤتمر التربوي الذي تستضيفه الأمم المتحدة ويسبق بدء أعمال الجمعية العمومية.
ويبقى السؤال عن الموقف اللبناني الذي يُفترض أن يتبلغه الوسيط الأميركي في حال تبين أنه يسعى إلى كسب الوقت بناءً على توجيهات الرئيس جو بايدن بتأجيل الإعلان عن اتفاق ترسيم الحدود البحرية إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية، وهل يكتفي الوسيط الأميركي بالتوصل إلى إعلان للنيّات ليُبقي على وساطته قائمة.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا: موجة نزوح من حلب وإغلاق المطار

فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
TT

المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا: موجة نزوح من حلب وإغلاق المطار

فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)

قال المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا، الجمعة، إن هناك تقارير عن عمليات نزوح واسعة من مناطق في ريف حلب الغربي ومناطق داخل المدينة مع إعلان فصائل مسلحة دخولها مدينة حلب.

وأضاف المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا أن بعض العائلات نزحت من حلب وإدلب إلى أماكن إيواء جماعية في حماة.

وأشار المكتب إلى أنه تم إغلاق مطار حلب الدولي، وتعليق جميع الرحلات، مضيفاً أن «الوضع الأمني في حلب يتدهور بشكل سريع».

وسيطرت «هيئة تحرير الشام» وفصائل مسلحة أخرى على مدينة سراقب في محافظة إدلب، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، في إطار هجوم واسع تشنّه في شمال سوريا دخلت خلاله مدينة حلب.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أهمية سراقب (شمال غربي) أنها تمنع أي مجال للنظام من التقدم إلى حلب، وتقع على عقدة استراتيجية تربط حلب باللاذقية (غرب) وبدمشق».

دخلت مجموعات مسلحة بينها «هيئة تحرير الشام» وفصائل مدعومة من تركيا، الجمعة، مدينة حلب في شمال سوريا، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بعد قصفها في سياق هجوم مباغت وسريع بدأته قبل يومين على القوات الحكومية، هو الأعنف منذ سنوات.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الفصائل «دخلت إلى الأحياء الجنوبية الغربية والغربية» لكبرى مدن الشمال السوري.

وأضاف أنّها سيطرت على خمسة أحياء في ثانية كبرى مدن البلاد، مشيراً إلى أنّ الجيش السوري «لم يبدِ مقاومة كبيرة».

وهي المرة الأولى التي تدخل فيها فصائل مسلحة إلى حلب منذ استعاد الجيش السوري السيطرة الكاملة على المدينة عام 2016.

وأفاد مراسل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» في حلب بوقوع اشتباكات بين الفصائل، والقوات السورية ومجموعات مساندة لها.

كذلك، قال شاهدا عيان من المدينة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنهما شاهدا مسلحين في منطقتهما، وسط حالة من الهلع.

وأودت العمليات العسكرية بحياة 277 شخصاً، وفقاً للمرصد، غالبيتهم مقاتلون من طرفي النزاع، ومن بينهم 28 مدنياً قضى معظمهم في قصف من طائرات روسية تدعم الجيش في المعركة.

وبدأ الهجوم خلال مرحلة حرجة تمر بها منطقة الشرق الأوسط مع سريان وقف إطلاق نار هش في لبنان بين إسرائيل و«حزب الله» الذي يقاتل منذ سنوات إلى جانب الجيش النظامي في سوريا.

ومع حلول يوم الجمعة، كانت الفصائل سيطرت على أكثر من خمسين بلدة وقرية في الشمال، وفقاً للمرصد السوري، في أكبر تقدّم منذ سنوات تحرزه المجموعات المسلحة السورية.

وكان المرصد أفاد، الخميس، بأنّ مقاتلي «هيئة تحرير الشام» وحلفاءهم تمكّنوا من قطع الطريق الذي يصل بين حلب ودمشق.

وتعرّض سكن جامعي في مدينة حلب الجمعة للقصف، ما أدى إلى مقتل أربعة مدنيين، بحسب وكالة «سانا» الرسمية.

وأدت المعارك إلى نزوح أكثر من 14 ألف شخص، نصفهم تقريباً من الأطفال، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

ومن مدينة حلب، قال سرمد البالغ من العمر (51 عاماً)، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «على مدار الساعة، نسمع أصوات صواريخ ورمايات مدفعية وأحياناً أصوات طائرات»، مضيفاً: «نخشى أن تتكرر سيناريوهات الحرب وننزح مرة جديدة من منازلنا».

وقال ناصر حمدو البالغ (36 عاماً) من غرب حلب، في اتصال هاتفي مع «وكالة الصحافة الفرنسية»: «نتابع الأخبار على مدار الساعة، وقطع الطريق يثير قلقنا اقتصادياً لأننا نخشى ارتفاع أسعار المحروقات وفقدان بعض المواد».

ووصلت تعزيزات من الجيش إلى حلب، وفق ما أفاد مصدر أمني سوري.

وقبل إعلان المرصد دخول «هيئة تحرير الشام» إلى المدينة، أشار المصدر الأمني إلى «معارك واشتباكات عنيفة من جهة غرب حلب». وأضاف: «وصلت التعزيزات العسكرية ولن يجري الكشف عن تفاصيل العمل العسكري حرصاً على سيره، لكن نستطيع القول إن حلب آمنة بشكل كامل ولن تتعرض لأي تهديد».

وتابع: «لم تُقطع الطرق باتجاه حلب، هناك طرق بديلة أطول بقليل»، متعهداً بأن «تفتح كل الطرق قريباً».

وتزامناً مع الاشتباكات، شنّ الطيران الحربي الروسي والسوري أكثر من 20 غارة على إدلب وقرى محيطة بها، وفق المرصد السوري، أدّت إلى مقتل شخص.

بدوره، أعلن الجيش الروسي، الجمعة، أن قواته الجوية تقصف فصائل «متطرفة».

عناصر تتبع فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)

ونقلت وكالات أنباء روسية عن متحدث باسم مركز المصالحة التابع لوزارة الدفاع الروسية في سوريا قوله إن «القوات الجوية الروسية تنفذ هجمات بالقنابل والصواريخ على معدات وعناصر جماعات مسلحة غير شرعية ونقاط سيطرة ومستودعات ومواقع مدفعية تابعة للإرهابيين»، موضحاً أنها «قضت» على 200 مسلح خلال الـ24 ساعة الماضية.

ودعت تركيا، الجمعة، إلى «وقف الهجمات» على مدينة إدلب ومحيطها، معقل المعارضة المسلّحة في شمال غربي البلاد.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، عبر منصة «إكس»، إنّ الاشتباكات الأخيرة «أدت إلى تصعيد غير مرغوب فيه للتوترات في المنطقة الحدودية».

أطراف دولية

يعد القتال الناجم عن هذا الهجوم، الأعنف منذ سنوات في سوريا، التي تشهد منذ عام 2011 نزاعاً دامياً عقب احتجاجات شعبية أودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص ودفع الملايين إلى النزوح، وأتى على البنى التحتية والاقتصاد في البلاد.

وفي عام 2015، تدخلت روسيا إلى جانب الجيش السوري، وتمكنت من قلب المشهد لصالح حليفها، بعدما خسر معظم مساحة البلاد.

وخلال شهرين من الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان، كثّفت الدولة العبرية ضرباتها للفصائل الموالية لإيران في سوريا.

وقدمت هذه الفصائل، وأبرزها «حزب الله»، دعماً مباشراً للقوات السورية خلال الأعوام الماضية، ما أتاح لها استعادة السيطرة على معظم مناطق البلاد.

والجمعة، عدّ المتحدّث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن الوضع في حلب «انتهاك لسيادة سوريا». وأعرب عن دعم بلاده «للحكومة السورية في استعادة النظام في المنطقة وإعادة النظام الدستوري».

وشدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في بيان، «على دعم إيران المستمر لحكومة سوريا وأمتها وجيشها في كفاحها ضد الإرهاب»، بعد اتصال هاتفي أجراه مع نظيره السوري بسام الصباغ.

في إدلب، عدّ رئيس «حكومة الإنقاذ» التي تدير مناطق سيطرة «هيئة تحرير الشام» محمد البشير، الخميس، أن سبب العملية العسكرية هو حشد النظام «في الفترة السابقة على خطوط التماس وقصفه مناطق آمنة، ما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين الآمنين».

وتسيطر «هيئة تحرير الشام» مع فصائل مسلحة أقل نفوذاً على نحو نصف مساحة إدلب ومحيطها، وعلى مناطق متاخمة في محافظات حلب واللاذقية وحماة المجاورة.

ويسري في إدلب ومحيطها منذ السادس من مارس (آذار) 2020 وقف لإطلاق النار أعلنته كل من موسكو الداعمة لدمشق، وأنقرة الداعمة للفصائل المسلحة، وأعقب هجوماً واسعاً شنّته القوات السورية بدعم روسي على مدى ثلاثة أشهر.

وشاهد مراسل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، مقاتلين من فصائل عدة في مدينة الأتارب يتقدمون إلى مشارف مدينة حلب، في ظل انسحاب الجيش ودخول دبابات وآليات تابعة للفصائل المعارضة.

وقال مقاتل ملثّم، لمراسل «وكالة الصحافة الفرنسية»: «أنا مُهجَّر منذ خمس سنوات، والآن أشارك في المعارك، وإن شاء الله سنعيد أرضنا وبلدنا اللذين أخذهما النظام، وندعو إخوتنا الشباب الجالسين في منازلهم للانضمام إلينا كي نعيد البلد».