من بقي من معاوني القذافي مطلوباً لـ«الجنائية الدولية»؟

المحكمة أنهت الإجراءات ضد رئيس الأمن الداخلي السابق لوفاته

سيف الإسلام القذافي أثناء تقديمه أوراق ترشحه للرئاسة قبل نهاية العام الماضي (صفحته على "تويتر")
سيف الإسلام القذافي أثناء تقديمه أوراق ترشحه للرئاسة قبل نهاية العام الماضي (صفحته على "تويتر")
TT

من بقي من معاوني القذافي مطلوباً لـ«الجنائية الدولية»؟

سيف الإسلام القذافي أثناء تقديمه أوراق ترشحه للرئاسة قبل نهاية العام الماضي (صفحته على "تويتر")
سيف الإسلام القذافي أثناء تقديمه أوراق ترشحه للرئاسة قبل نهاية العام الماضي (صفحته على "تويتر")

أعاد قرار المحكمة الجنائية الدولية إنهاء الإجراءات ضد التهامي محمد خالد، رئيس الأمن الداخلي الليبي، في عهد النظام السابق، التذكير بما تبقى من رجال العقيد الراحل معمر القذافي، ولا تزال المحكمة تطالب السلطات المحلية بتسليمهم إليها لمحاكمتهم.
وتوفي التهامي، في 12 فبراير (شباط) 2021، بالقاهرة، عن 80 عاماً، وظلت المحكمة الجنائية تلاحقه منذ 2013 لدوره في «قمع» «ثورة» 17 فبراير (شباط) التي أسقطت نظام القذافي، عام 2011 بعد 42 عاماً من حكم ليبيا.
وأوضحت المحكمة، في بيانها مساء أمس، أن وثيقة وفاة التهامي، الصادرة عن السلطات الليبية، تشير إلى أنه توفي نتيجة «أسباب طبيعية»، ولفتت إلى أن قضاتها أنهوا الإجراءات بحق التهامي، وأن القرار جاء بعد «إخطار النيابة بوفاة المشتبه به وطلبها سحب مذكرة التوقيف».
ولوحق التهامي، بحسب المحكمة، بسبب «جرائم ضد الإنسانية» و«جرائم حرب» ارتكبت بين فبراير (شباط)، وأغسطس (آب) 2011، بينما كانت قوات القذافي تسعى لاحتواء الانتفاضة التي أدت في النهاية إلى مقتل الزعيم الليبي.
وقال ممثلو الادعاء إن الأجهزة العسكرية والاستخبارية والأمنية في ليبيا نفذت هجمات ضد المدنيين خلال اندلاع «ثورة» فبراير (شباط)، «في إطار سياسة وضعتها الدولة الليبية لسحق المعارضة السياسية لنظام القذافي بأي وسيلة ممكنة». وشمل ذلك «القوة المميتة واعتقال واحتجاز وتعذيب وإساءة معاملة المعارضين السياسيين المشتبه بهم».
وهذه ثاني قضية تسقطها المحكمة الجنائية الدولية بعد تأكيد مقتل محمود الورفلي، الضابط بالقوات الخاصة التابعة لـ«الجيش الوطني» برئاسة المشير خليفة حفتر، في يونيو (حزيران) العام الماضي، برصاص مسلحين أطلقوا النار عليه في مارس (آذار) 2021 في بنغازي (شرقي ليبيا).
والورفلي من خارج نظام القذافي، وسبق أن وجهت إلى المحكمة في لاهاي لائحة اتهام مرتين للاشتباه في قتله أكثر من 40 أسيراً، بما في ذلك واقعة تعود لعام 2018 يظهر فيها بالصور الفوتوغرافية وهو يطلق النار على 10 سجناء معصوبي الأعين على ما يبدو.
ولا تزال المحكمة الجنائية تطالب السلطة المحلية بالقبض على سيف الإسلام، نجل القذافي، وتسليمه إليها، لمحاكمته على ما وصفته بـ«ارتكاب جرائم ضد الإنسانية» خلال محاولته إخماد «الثورة» التي خرجت على نظام والده.
وترفض هيئة الدفاع عن سيف الإسلام، تهديدات المحكمة الدولية، وتقول إنه سبق تبرئته في بلاده، وأفرج عنه بمقتضى قانون العفو العام، الذي أصدره مجلس النواب.
وسبق لأنصار سيف القذافي، التعبير عن «غضبهم ورفضهم» من تلويح السفيرة البريطانية لدى ليبيا كارولاين هرندل، بالمحكمة «الجنائية الدولية»، خلال ترشح الأول للانتخابات الرئاسية في بلاده قبل نهاية العام الماضي، عندما قالت: يجب عليه (سيف القذافي) «الاستعداد لمواجهة التهم الموجهة إليه من قبل المحكمة».
وتضم قائم المطلوبين للمحكمة الدولية، عبد الله السنوسي، رئيس جهاز الاستخبارات الليبية في النظام السابق، وصهر الرئيس القذافي، لمحاكمته على ارتكابه جرائم وصفتها بأنها «ضد الإنسانية».
والعقيد السنوسي (72 عاماً)، هو زوج شقيقة صفية فركاش، الزوجة الثانية للقذافي، وكان ضمن الدائرة المقربة جداً منه طوال فترة حكمه، ويقبع حالياً في سجن معيتيقة لدى (قوة الردع) بالعاصمة، بحسب تأكيد الشيخ هارون أرحومة، أحد أعيان قبيلة المقارحة، لـ«الشرق الأوسط» في حوار سابق.
وكانت قد حكم على السنوسي، بالإعدام عام 2015 لاتهامه بقمع «ثورة 17 فبراير (شباط)». وفي نهاية عام 2019 برأته محكمة في العاصمة طرابلس مع آخرين من حكم مماثل في قضية «سجن أبو سليم»، غير أن المحكمة العليا بالبلاد نقضت الحكم قبل نحو عام، وأعادت المحاكمة بإسنادها لدائرة جنايات جديدة.
وأحال مجلس الأمن قضية ليبيا للمحكمة الجنائية الدولية أوائل عام 2011. وقرر المدعون توجيه اتهامات للقذافي ونجله والسنوسي. وبعد مقتل القذافي بيد مقاتلين من معارضيه في أكتوبر (تشرين الأول) 2011 بدأت المحكمة الجنائية الدولية تلاحق سيف الإسلام والسنوسي والتهامي، لكن الأخير أسقطت عنه إجراءات المطالبة بتسليمه بسبب وفاته.
وسبق مندوبي واشنطن ودبلن لدى الأمم المتحدة مطالبة حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة بتسليم سيف الإسلام القذافي، وعبد الله السنوسي إلى الجنائية الدولية، وقالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، قبل نحو عام من الآن، «عبد الله السنوسي وسيف الإسلام القذافي، ينبغي أن يمثلا أمام العدالة، ولا يجوز أن يسمح لهما بممارسة العنف».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

تطمينات حكومية متكررة للمصريين بشأن سعر الجنيه

مواطن مصري يمر أمام إحدى الصرافات (أ ف ب)
مواطن مصري يمر أمام إحدى الصرافات (أ ف ب)
TT

تطمينات حكومية متكررة للمصريين بشأن سعر الجنيه

مواطن مصري يمر أمام إحدى الصرافات (أ ف ب)
مواطن مصري يمر أمام إحدى الصرافات (أ ف ب)

أرسلت الحكومة المصرية تطمينات متكررة لمواطنيها بشأن سعر صرف الجنيه، بعدما سجل «انخفاضاً في البنوك مع تداول الدولار عند حاجز 50.8 جنيه، الجمعة، وعقب شائعات ترددت عن زيادة كبيرة في قيمة الدولار في الفترة المقبلة.

وقال المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري، محمد الحمصاني، في تصريحات تليفزيونية، مساء الخميس، إن الدولة المصرية «تعتمد سياسة سعر الصرف المرن القائم على العرض والطلب»، ونفى «ما تردد من شائعات حول حدوث ارتفاع كبير في سعر الدولار خلال الأيام المقبلة». تصريحات «متحدث الوزراء» تزامنت مع تغريدات «غير متفائلة» على «السوشيال ميديا» حول مستقبل سعر الجنيه.

وكتب الخبير الاقتصادي المصري، محمد فؤاد، عبر حسابه على «إكس» متفاعلاً مع العديد من التغريدات، والمناقشات حول «مستقبل سعر صرف الجنيه»، أن «الأمر يحتاج الإجابة على سؤالين، الأول: مرتبط بآلية سعر الصرف المتبعة، والثاني: تحديد ما إذ كان مرونة كاملة أو شبه كاملة»، لافتاً إلى أن «مؤشر الدولار أمام سلة العملات في الأسابيع الثلاثة الأخيرة يؤكد أنها (مرونة شبه كاملة)».

ورغم تأكيد أمين «سر لجنة الخطة والموازنة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب عبد المنعم إمام، أن «أي تحرك في سعر الصرف يؤدي لارتفاع الأسعار في مصر»، فإنه شدد في اتصال مع «الشرق الأوسط» على «ضرورة الالتزام بمرونة سعر الصرف لتجنب تكرار أخطاء الماضي فيما يتعلق بتثبيت السعر والتحرك بشكل مفاجئ، الأمر الذي يتطلب ترك السوق للعرض والطلب».

فيما عددت النائبة السابقة لرئيس «بنك مصر»، سهر الدماطي، أكثر من سبب لتراجع قيمة الجنيه بناءً على معايير العرض والطلب، من بينها «الحسابات المالية للشركات بنهاية العام الجاري، وفتح الاعتمادات لاستيراد بعض السلع، فضلاً عن احتياج بعض المستثمرين للعملة الأجنبية»، لافتة إلى أن سعر الصرف المرن «جعل هامش التحرك لم يزد حتى الآن عن 2 في المائة فقط».

وأضافت الدماطي لـ«الشرق الأوسط» أن وجود قروض والتزامات مالية لمصر يتوجب سدادها، بجانب المشاكل الجيوسياسية والتوقعات الاقتصادية المتشائمة في المنطقة، «أمور يكون لها تأثير على سعر صرف الجنيه، الذي تأثر بالفعل بقوة الدولار خلال الأيام الماضية».

العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

وهنا أشار الخبير الاقتصادي المصري، وائل النحاس، إلى وجود التزامات متعددة على الدولة المصرية يجب الوفاء بها، سواء من ناحية القروض التي يجري سدادها أو حتى التزامات تدبير العملة، مشيراً إلى أن «تحويل أرباح الشركات في مثل هذا التوقيت من العام يشكل عامل ضغط على سعر الصرف».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن ثمة أموراً لم تتضح ستكون حاسمة فيما يتعلق بسعر الصرف، من بينها «الشريحة الجديدة من قرض صندوق النقد الدولي، والاستثمارات الخارجية التي سوف تصل لمصر خلال الفترة المقبلة».

وأجرت بعثة صندوق «النقد الدولي» زيارة لمصر الشهر الماضي، لإتمام المراجعة الرابعة من برنامج التمويل الموسع الذي يسمح بصرف الصندوق 1.3 مليار دولار للحكومة المصرية من قيمة قرض الـ8 مليارات دولار، الذي تحصل عليه مصر عبر دفعات، فيما لم يقر مجلس «الصندوق» صرف الشريحة الجديدة حتى الآن.

رجل يعد أوراق نقد من فئات مختلفة من الدولار الأميركي في مكتب صرافة بالقاهرة (رويترز)

وشهدت الأيام الماضية شائعات عدة حول سعر الصرف وقيمة الجنيه، مما دفع بعض التجار في الأسواق المصرية إلى تعليق «عمليات البيع تخوفاً من ارتفاع سعر الدولار»، بينما طرحت تساؤلات على مجموعات مغلقة بمواقع التواصل الاجتماعي عن «إمكانية تحويل مدخراتهم إلى دولار للحفاظ على قيمتها».

لكن الخبير الاقتصادي المصري أشار إلى أن استمرار البنك المركزي المصري في منح فائدة مرتفعة على الجنيه من خلال الشهادات الادخارية، «أمر لا يزال قادراً على تعويض الفارق بين تراجع قيمة الجنيه وارتفاع الدولار»، لافتاً إلى أن سعر الدولار لدى التجار والمصنعين «جرى احتسابه على أعلى من السعر الذي تداول خلال الفترة الماضية كإجراء تحوطي، وبالتالي لا تزال هناك مساحة تحركات محدودة».

عودة إلى أمين «سر لجنة الخطة والموازنة» بالبرلمان، الذي شدد على «ضرورة تطبيق إجراءات واضحة تضمن استدامة الموارد الدولارية للبلاد بما يغطي الاحتياجات اللازمة».