«طاقة» أوروبا «لا تحتمل»

تفوق إمكانات أصحاب الدخل المنخفض

فواتير الكهرباء والغاز المرتفعة أصبحت باهظة الثمن بالنسبة للأوروبيين الذين يتقاضون أجوراً منخفضة (أ.ب)
فواتير الكهرباء والغاز المرتفعة أصبحت باهظة الثمن بالنسبة للأوروبيين الذين يتقاضون أجوراً منخفضة (أ.ب)
TT

«طاقة» أوروبا «لا تحتمل»

فواتير الكهرباء والغاز المرتفعة أصبحت باهظة الثمن بالنسبة للأوروبيين الذين يتقاضون أجوراً منخفضة (أ.ب)
فواتير الكهرباء والغاز المرتفعة أصبحت باهظة الثمن بالنسبة للأوروبيين الذين يتقاضون أجوراً منخفضة (أ.ب)

أكدت دراسة أجريت لحساب اتحاد النقابات الأوروبية أن فواتير الكهرباء والغاز المرتفعة أصبحت باهظة الثمن بالنسبة للأوروبيين الذين يتقاضون أجورا منخفضة، إذ إنها تكلفهم أكثر من راتب شهر واحد.
ودعا اتحاد النقابات المسؤولين الأوروبيين في مجال الطاقة، الذين يعقدون اجتماعا طارئا الجمعة «لاتخاذ إجراءات حاسمة لوضع حد لارتفاع أسعار الطاقة في أوروبا الذي لم يعد يحتمل».
ووجدت الدراسة أن متوسط فاتورة الطاقة السنوية أصبحت الآن أكثر من راتب شهري للعاملين ذوي الأجور المنخفضة في غالبية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مع احتمال زيادة أسعار الطاقة في الأشهر المقبلة ما لم تتخذ الحكومات إجراءات.
وأعلن الاتحاد أن فواتير الطاقة السنوية تتجاوز الآن الحد الأدنى للأجور الشهرية في 16 دولة من دول التكتل (27 دولة)، مشيرا إلى أن الدولة الأكثر تضررا هي جمهورية التشيك، حيث يستغرق الحد الأدنى للأجور 65 يوما لتغطية تكاليف الطاقة السنوية، وتليها إستونيا ثم اليونان بواقع 54 يوما لكل منهما. ويتجاوز متوسط فاتورة الطاقة السنوية البالغة 1907 يوروات (1899 دولارا) في ألمانيا، الحد الأدنى للأجور الشهرية البالغ 1744 يورو.
ووفقا للاتحاد، تأثر ضعف عدد دول التكتل في عام 2022 مقارنة بالعام الماضي. وكان 9.5 مليون عامل يواجهون صعوبات في سداد فواتير الطاقة قبل أن تبدأ أزمة غلاء المعيشة. وارتفعت تكاليف الطاقة في يوليو (تموز) الماضي بنسبة 38 في المائة عن الشهر نفسه من العام الماضي... وهذا يعني أن على العامل الإستوني الذي يحصل على الحد الأدنى للأجور، أن يعمل 26 يوما إضافيا لدفع فاتورة الطاقة السنوية، أو ما مجموعه 54 يوما.
وقالت إستر لينش نائبة الأمين العام للاتحاد الأوروبي للنقابات في بيان: «عندما تزيد فاتورتك عن راتب شهر لن تجد وسيلة لادخار المال تحدث فارقا». وأضافت أن «هذه الأسعار الآن ببساطة لا يمكن لملايين الأشخاص تحملها».
وحث اتحاد النقابات الأوروبية القادة الأوروبيين على تثبيت سقف لفواتير الطاقة للمستهلكين، وتسهيل التسديد للعمال ذوي الأجور المنخفضة الذين يكافحون لدفعها. كما دعا إلى اتخاذ إجراءات أخرى لمكافحة الأزمة لحماية الدخل والوظائف، بالإضافة إلى رفع الحد الأدنى للأجور. وحثت النقابات الدول الأوروبية على دعم التفاوض الجماعي ليتمكن عمال آخرون من الحصول على زيادات في الأجور، وعلى فرض ضرائب على الأرباح غير المتوقعة التي حققتها شركات الطاقة.
وفي إطار محاولات دول الاتحاد الأوروبي لتخطي الأزمة، أظهرت وثيقة متداولة أصدرتها وزارة التحول البيئي في إيطاليا أن البلاد تستهدف خفض استهلاك الغاز الطبيعي خلال فصل الشتاء عبر زيادة استخدام الفحم، وخفض درجة التدفئة في جميع الأنحاء، فضلا عن دفع المواطنين إلى تغيير عاداتهم، بحسب وكالة بلومبرغ.
وتستهدف إيطاليا في إطار هذه الخطة خفض استهلاك الغاز بواقع 2.8 مليار قدم مكعبة بحلول شهر مارس (آذار) المقبل، من أجل تحقيق معدل الخفض الذي يستهدفه الاتحاد الأوروبي والبالغ نسبته 15 في المائة. وتقدر إيطاليا استهلاكها من الغاز في الفترة بين أغسطس (آب) من العام الحالي ونهاية مارس من العام المقبل، بنحو 54.8 مليار قدم مكعبة.
وتتم إجراءات ترشيد استهلاك الطاقة في إيطاليا بالتوازي مع تحركات لتنويع مصادر الطاقة بعيدا عن الإمدادات الروسية. وتعتزم شركة «إيني» الإيطالية العملاقة للطاقة زيادة تدفقات الغاز، وواردات الغاز الطبيعي المسال من مصادر بديلة، تشمل دولا أفريقية، للاستغناء عن الإمدادات الروسية. وقال غويدو بروسكو، رئيس العمليات في إيني يوم الثلاثاء خلال فاعلية في ميلانو، إنه سيتم الانتهاء من خط أنابيب إيست ميد بالكامل بحلول عام 2025. وإيست ميد هو خط أنابيب تحت سطح البحر مصمم لتزويد أوروبا بالغاز من شرق البحر المتوسط عبر إسرائيل واليونان وقبرص، ويتكلف ستة مليارات يورو (5.97 مليار دولار)، ويجري التخطيط له منذ عدة سنوات.
وفي هولندا، أظهرت بيانات أولية من مكتب الإحصاء المركزي الثلاثاء ارتفاع معدل التضخم بصورة أكبر خلال شهر أغسطس الماضي، ليسجل رقما جديدا، وذلك في ظل ارتفاع أسعار الطاقة.
وقد ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 12 في المائة على أساس سنوي، بعد زيادة بنسبة 10.3 في المائة في يوليو الماضي. وقد ارتفع معدل تضخم أسعار الطاقة إلى 151 في المائة مقارنة بـ108 في المائة في يوليو. وارتفعت أسعار الأغذية بنسبة 13.1 في المائة على أساس سنوي بعد زيادة بنسبة 12.3 في المائة في يوليو... وارتفعت أسعار وقود السيارات بنسبة 16.7 في المائة على أساس سنوي بعد ارتفاع بنسبة 24.6 في المائة خلال يوليو الماضي.


مقالات ذات صلة

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

الاقتصاد خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

يتجه المصرف المركزي الأوروبي الخميس إلى إقرار رفع جديد لمعدلات الفائدة، وسط انقسام بين مسؤوليه والمحللين على النسبة التي يجب اعتمادها في ظل تواصل التضخم والتقلب في أداء الأسواق. ويرجح على نطاق واسع أن يقرّر المصرف زيادة معدلات الفائدة للمرة السابعة توالياً وخصوصاً أن زيادة مؤشر أسعار الاستهلاك لا تزال أعلى من مستوى اثنين في المائة الذي حدده المصرف هدفاً له.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

واجه وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، اقتراحا من قبل المفوضية الأوروبية لمنح دول التكتل المثقلة بالديون المزيد من الوقت لتقليص ديونها، بردود فعل متباينة. وأكد وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر أن مقترحات المفوضية الأوروبية لمراجعة قواعد ديون الاتحاد الأوروبي «ما زالت مجرد خطوة أولى» في عملية الإصلاح.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة بلغت 0,1 % في الربع الأول من العام 2023 مقارنة بالربع السابق، بعدما بقي ثابتا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2022، وفق أرقام مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات). بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي برمّته، انتعش نمو الناتج المحلي الإجمالي بزيادة بلغت نسبتها 0,3 % بعد انخفاض بنسبة 0,1 % في الربع الأخير من العام 2022، وفق «يوروستات». وفي حين تضررت أوروبا بشدة من ارتفاع أسعار الطاقة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما يغذي تضخما ما زال مرتفعا للغاية، فإن هذا الانتعاش الطفيف للنمو يخفي تباينات حادة بين الدول العشرين التي تشترك في العملة الموحدة. وخلال الأش

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد «النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

«النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

قال مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة أوروبا اليوم (الجمعة)، إنه يتعين على البنوك المركزية الأوروبية أن تقضي على التضخم، وعدم «التوقف» عن رفع أسعار الفائدة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأوضح ألفريد كامر، خلال إفادة صحافية حول الاقتصاد الأوروبي في استوكهولم، «يجب قتل هذا الوحش (التضخم).

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

من المقرر أن تحصل دول الاتحاد الأوروبي المثقلة بالديون على مزيد من الوقت لتقليص الديون العامة، لتمكين الاستثمارات المطلوبة، بموجب خطط إصلاح اقترحتها المفوضية الأوروبية يوم الأربعاء. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين: «نحتاج إلى قواعد مالية ملائمة لتحديات هذا العقد»، وأضافت «تمكننا الموارد المالية القوية من الاستثمار أكثر في مكافحة تغير المناخ، ولرقمنة اقتصادنا، ولتمويل نموذجنا الاجتماعي الأوروبي الشامل، ولجعل اقتصادنا أكثر قدرة على المنافسة». يشار إلى أنه تم تعليق قواعد الديون والعجز الصارمة للتكتل منذ أن دفعت جائحة فيروس «كورونا» - حتى البلدان المقتصدة مثل ألمانيا - إلى الا

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.