انقطاع الاتصالات في لبنان يربك المصارف ويعطل المحاكم

محاولات الحل تصطدم بعجز الدولة عن تمويل مطالب الموظفين

TT

انقطاع الاتصالات في لبنان يربك المصارف ويعطل المحاكم

عطّل انقطاع خدمة الاتصالات في لبنان القطاعات الحيوية الرسمية والخاصة، نتيجة الإضراب الذي ينفّذه موظفو هيئة «أوجيرو» التي توفر خدمات الاتصالات الأرضية والإنترنت عبر الكابل منذ الأسبوع الماضي، ما دفع المحاكم لرفع الصوت، وكذلك المصارف والشركات السياحية والشركات التقنية الناشئة التي عاشت أول من أمس ذعراً حقيقياً من انقطاعها المحتمل عن العالم.
وبدأ موظفو الهيئة إضراباً في الأسبوع الماضي، احتجبوا خلاله عن تنفيذ أعمال الصيانة للسنترالات في المناطق التي توفر خدمات الإنترنت، وفشلت كل الجهود في إقناعهم بالعودة إلى العمل قبل تنفيذ مطالبهم، وفي مقدمها رفع رواتبهم بعد تدهور قيمة الرواتب مع ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية.
وتوقفت خدمات شركة «ألفا» للاتصالات طوال فترة قبل الظهر، وقالت الشركة إن هذا التوقف «خارج عن إرادتها بفعل الأعطال على شبكة أوجيرو»، وتحدثت معلومات عن أن ‎سبب انقطاع خدماتها يعود إلى انقطاع المازوت بشكل تام عن سنترال سن الفيل الذي تمرّ فيه شبكة «الفايبر أوبتيك» للإنترنت في كلّ لبنان.
وبعد الظهر، أعلنت الشركة عن أن خدمة الإنترنت عادت إلى طبيعتها بعد توقف قسري بسبب أعطال على شبكة «أوجيرو».
وتوقفت الاتصالات في 10 في المائة من السنترالات، حيث أفادت هيئة «أوجيرو» بأن 30 مركزاً توقفت فيها الاتصالات من أصل 303 سنترالات، وأشارت إلى أن «نقابة الموظفين سمحت لصهاريج المازوت بالوصول لتشغيل بعض السنترالات خصوصاً أن انقطاع الإنترنت في بعض المناطق أثر سلباً على المستشفيات وعدد من المراكز الحساسة الأساسية»، علماً بأن «أوجيرو» تعاني من نقص الموظفين «بسبب تدني الرواتب ولعلها المشكلة الأخطر التي تواجه القطاع».
ولم تقتصر تداعيات انقطاع الاتصالات على المستشفيات، فقد عكس الانقطاع الجزئي للإنترنت والاتصالات، ارتباكاً في العمليات المالية في المصارف اللبنانية، حيث عانت بعض فروع المصارف حسب موقعها الجغرافي من مشكلات جزئية، ربطاً بالسنترالات المعطلة، مما أثر على العمليات اليومية، كما طالت عمليات منصة مبادلة الليرة اللبنانية بالدولار الأميركي التي تحمل اسم منصة «صيرفة»، وذلك بسبب انقطاع التواصل بين الفروع والمركز، مما تسبب بإلغاء بعض العمليات وتأخير عمليات أخرى.
وقالت المصادر المصرفية لـ«الشرق الأوسط» إن المشكلات التي كان يمكن السيطرة عليها «لا تبدد المخاوف من تفاقم أزمة الاتصالات في الأيام المقبلة»، مشيرةً إلى أن هناك خشية من تمدد الأزمة التي يمكن أن تتسبب في تعثر العمليات المالية اليومية. وقالت إن البلبلة في بعض الفروع المصرفية «جرى السيطرة عليها لأن المواطن نفسه كان يعاني من مشكلة انقطاع الاتصالات»، لكن «هناك خشية حقيقية من تأثيرات هذه الأزمة».
كذلك، طالت مشكلة انقطاع الاتصالات والإنترنت مؤسسات الدولة خصوصاً المحاكم، وسرعان ما ظهرت الآثار السلبية لهذه المشكلة في أروقة قصور العدل التي عجزت عن إجراء تبليغات للمدعى عليهم ووكلائهم وإطلاعهم على مواعيد الجلسات أو على فحوى القرارات التي تصدر، كما قالت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط».
وأضافت أن انقطاع الإنترنت والاتصالات «عطل بشكل كامل التحقيقات التي تجري عبر التطبيقات الإلكترونية التي باتت تعتمد في الفترة الأخيرة بسبب تعذر سوق الموقوفين من السجون إلى قصور العدل، كما أوقفت عملية المكننة التي تحصل يومياً للملفات سواء في القضايا الجزائية والمدنية، أو في السجل التجاري ودوائر التنفيذ».
ووسط إصرار الموظفين على الحصول على حقوقهم، وعجز الحكومة عن تأمينها مالياً، لم يخفِ مدير عام «أوجيرو» عماد كريدية، أن «هناك خوفاً على قطاع الاتصالات من الانهيار»، مشيراً في حديث تلفزيوني إلى أن «موضوع تصحيح الأجور للموظفين يحتاج في البداية إلى تأمين مصدر تمويل».
وفيما نشطت الاتصالات الحكومية والنقابية لمحاولة إيجاد حل لأزمة الإضراب، يقول موظفو الهيئة إنهم لن يوقفوا إضرابهم قبل يوم الخميس، بانتظار ما ستفضي إليه الاتصالات، ويطالبون بتصحيح أجورهم كما هو الحال مع موظفي شركتي «ألفا» و«تاتش» المشغلتين لقطاع الاتصالات الخلوية، وذلك بعد زيادة تعرفة الاتصالات في البلاد بنحو 5 أضعاف عمّا كانت عليه في النصف الأول من هذا العام.
وأكد وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم أن الوزارة «ما زالت في طور المفاوضات مع نقابة موظفي أوجيرو للوصول إلى حل».
وتصطدم جهود الحل بأزمة التمويل، وقال القرم في حديث إذاعي (الثلاثاء): «حصل توافق على ثلاثة مطالب محقّة من أصل أربعة، بينها بدل النقل والمساعدة الاجتماعية، فيما لا يزال مطلب واحد عالقاً وهو مرتبط بغلاء المعيشة»، ولفت إلى أنه طلب استشارة من كلّ من ديوان المحاسبة وهيئة الاستشارات «وسنعمل وفق القانون».
وتحدث القرم عن عقبات مالية مرتبطة بأزمة توافر الأموال، موضحاً أن «الاحتياطي في وزارة المال حالياً هو صفر». وأضاف: «نحن مضطرون إلى تأمين الواردات قبل تثبيت الإنفاق وهذا الأمر من شأن وزير المال، والحكومة مجتمعة تبحث في كيفية تأمين موارد إضافية للخزينة».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
TT

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

قال مسؤول دفاعي أميركي كبير إن قائداً كبيراً في «حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية، خلال حرب العراق، قُتل في غارة إسرائيلية على سوريا.

واعتقلت القوات الأميركية علي موسى دقدوق، بعد مداهمة عام 2007، عقب عملية قتل فيها عناصرُ يتنكرون في صورة فريق أمن أميركي، خمسة جنود أميركيين. ووفقاً لموقع «إن بي سي» الأميركي، أطلقت السلطات العراقية سراحه لاحقاً.

وأضاف المسؤول الدفاعي الأميركي، وفق ما نقل عنه موقع «إن بي سي»، أن تفاصيل الضربة الجوية الإسرائيلية غير معروفة، متى حدثت، وأين وقعت في سوريا، وهل كان هدفها دقدوق تحديداً.

الغارة المعقدة، التي ساعد دقدوق في التخطيط لها، حدثت في مجمع عسكري مشترك أميركي-عراقي في كربلاء، في 20 يناير (كانون الثاني) 2007.

تنكَّر مجموعة من الرجال في زي فريق أمن عسكري أميركي، وحملوا أسلحة أميركية، وبعضهم كان يتحدث الإنجليزية، ما جعلهم يَعبرون من عدة نقاط تفتيش حتى وصلوا قرب مبنى كان يأوي جنوداً أميركيين وعراقيين.

كانت المنشأة جزءاً من مجموعة من المنشآت المعروفة باسم «محطات الأمن المشترك» في العراق، حيث كانت القوات الأميركية تعيش وتعمل مع الشرطة والجنود العراقيين. كان هناك أكثر من عشرين جندياً أميركياً في المكان عندما وصل المسلّحون.

حاصرت العناصر المسلّحة المبنى، واستخدموا القنابل اليدوية والمتفجرات لاختراق المدخل. قُتل جندي أميركي في انفجار قنبلة يدوية. بعد دخولهم، أَسَر المسلّحون جندين أميركيين داخل المبنى، واثنين آخرين خارج المبنى، قبل أن يهربوا بسرعة في سيارات دفع رباعي كانت في انتظارهم.

طاردت مروحيات هجومية أميركية القافلة، ما دفع المسلّحين لترك سياراتهم والهروب سيراً على الأقدام، وخلال عملية الهرب أطلقوا النار على الجنود الأميركيين الأربعة.

وفي أعقاب الهجوم، اشتبه المسؤولون الأميركيون بأن المسلّحين تلقّوا دعماً مباشراً من إيران، بناءً على مستوى التنسيق والتدريب والاستخبارات اللازمة لتنفيذ العملية.

وألقت القوات الأميركية القبض على دقدوق في مارس (آذار) 2007. وكما يذكر موقع «إن بي سي»، أثبتت أن «فيلق القدس»، التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني»، كان متورطاً في التخطيط لهجوم كربلاء. واعترف دقدوق، خلال التحقيق، بأن العملية جاءت نتيجة دعم وتدريب مباشر من «فيلق القدس».

واحتجز الجيش الأميركي دقدوق في العراق لعدة سنوات، ثم سلَّمه إلى السلطات العراقية في ديسمبر (كانون الأول) 2011.

وقال المسؤول الأميركي: «قالت السلطات العراقية إنها ستحاكم دقدوق، لكن جرى إطلاق سراحه خلال أشهر، مما أثار غضب المسؤولين الأميركيين. وعاد للعمل مع (حزب الله) مرة أخرى بعد فترة وجيزة».