احتفلت مصر صباح اليوم (الثلاثاء) بتعامد الشمس على معبد هيبس بمدينة الخارجة في محافظة الوادي الجديد (جنوب غربي القاهرة)، وسط حضور علمي وأثري وإعلامي.
وتتعامد الشمس على المعبد لتدخل إلى قدس الأقداس مرتين كل عام يومي 7 أبريل (نيسان) و6 سبتمبر (أيلول) من كل عام، وبدأت الاحتفالات مساء أمس (الاثنين) بأمسية فلكية وأنشطة علمية وثقافية، استمرت حتى صباح يوم التعامد، حيث جرت وقائع رصد الظاهرة فلكيا ما بين الشروق والسادسة والنصف صباحا.
وقال المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في بيان له إن «أشعة الشمس تصل إلى قدس الأقداس بالمعبد عندما تكون الزاوية الأفقية للشمس 83 درجة من اتجاه الشمال».
ورصد المعهد ظاهرة التعامد صباح اليوم باستخدام أجهزة التليسكوب الخاصة بمركزه الإقليمي بمدينة الخارجة، والذي تم تدشينه خلال الاحتفالية وسط حضور أثري وعلمي وإعلامي، واستضاف المركز الإقليمي الجديد أمسية فلكية مساء أمس تضمنت تدريب جمهور الحضور على رصد السماء باستخدام التليسكوبات الفلكية التي وفرها للمناسبة.
ويلفت المعهد إلى أنه من بين المهام التي يتبناها خلال الاحتفالات بظاهرة تعامد الشمس على المعابد المصرية المختلفة نشر الوعي العلمي الصحيح بين أطياف المجتمع المصري، وأيضا «التعريف بإنجازات المصريين القدماء وإظهار قدراتهم الفلكية والهندسية، وتغيير مفهوم الجمهور العام من مجرد المشاهدة إلى الفهم العلمي للظاهرة وحساب أوقاتها بالبرامج الفلكية ورصدها بالأجهزة الفلكية الحديثة وإجراء محاكاة لها باستخدام الوسائل التعليمية».
وقال الدكتور جاد القاضي، رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية لـ«الشرق الأوسط» إن «القدماء المصريين برعوا في كافة أنواع العلوم، ومنها العلوم الفلكية، ولم يكتف المصري القديم برؤية الشمس والكواكب وغيرها، بل قام بحساب شروقها وغروبها وعرف مداراتها ووضع التقاويم اعتمادا عليها، كما قاموا بتقسيم اليوم إلى أجزاء (ساعات) واستخدموا أشكالا مختلفة من الأدوات الفلكية مثل المزولة الشمسية والساعة المائية وقاموا بتقسيم السنة إلى فصول».
ويعد معبد هيبس بمدينة الخارجة في محافظة الوادي الجديد من أقدم المعابد المصرية، وكلمة «هيبس» هي الاسم القديم لمدينة الخارجة، والاسم اليوناني للكلمة المصرية القديمة «هبت» وتعني المحراث، وظل المعبد مغلقا لسنوات إلى أن أعيد افتتاحه في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2015 عقب عمليات ترميم بلغت تكلفتها 71 مليونا و650 ألف جنيه (الدولار يعادل 19.21 جنيه مصري).
ومن أشهر المعابد المصرية التي تلقى احتفالات تعامد عليها وإقبالا كبيرا خلال رصده، معبد رمسيس الثاني بمدينة أبو سمبل (جنوب مصر) حيث تم بناؤه لتدخله أشعة الشمس من خلال ممر محسوب طوله واتجاهه وارتفاع مدخله بدقة متناهية لتدخله الشمس مرتين في العام يومي 21 فبراير (شباط) و21 أكتوبر، قبل أن يتأخر موعد التعامد ليوم واحد بعد نقل المعبد من مكانه بالتعاون مع منظمة اليونيسكو عام 1968 لتدخل الشمس إلى قدس الأقداس بالمعبد يومي 22 فبراير و22 أكتوبر من كل عام.
وأشار القاضي إلى أن «الحسابات الفلكية لتعامد الشمس على بعض المعابد ظلت سرا علميا مبهما لسنوات طويلة، لكن الآن تمكنا من معرفة تفاصيلها العلمية، وأصبح بإمكاننا أن نشيد أي مبنى ونضبط الحسابات لتتعامد عليه الشمس في أي توقيت نحدده».