وزيرة خارجية فرنسا إلى تركيا واليونان في حمأة التوتر بينهما

تهديدات إردوغان لأثينا تثير قلق باريس

وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا (أ.ب)
وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا (أ.ب)
TT

وزيرة خارجية فرنسا إلى تركيا واليونان في حمأة التوتر بينهما

وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا (أ.ب)
وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا (أ.ب)

في حمأة التوتر الحاصل بين تركيا واليونان، بسبب التصريحات النارية المتتالية التي أدلى بها الرئيس رجب طيب إردوغان مؤخراً، والتي تضمنت تهديدات بعمل عسكري ضد اليونان، تقوم وزيرة الخارجية الفرنسية بزيارة رسيمة اليوم وغداً إلى أنقرة ثم إلى أثينا. بيد أن الوزيرة كاترين كولونا لم تشر إلى هذا التوتر، ولا بيان الخارجية، ولا مصادرها التي قدّمت عرضاً للزيارة أمس. واكتفى بيان الخارجية الفرنسية بالإشارة إلى أن كولونا ستبحث مع نظيرها مولود جاويش أوغلو العلاقات الثنائية والملفات الأوكرانية والليبية والسورية التي هي تقليدياً مسائل «احتكاك» بين باريس وأنقرة. وقبلها، ركّزت كولونا في حديث إذاعي على الملف الأوكراني، واعتبرت أنه يتعين «تشجيع» تركيا التي «تلعب أحياناً دوراً إيجابياً» في هذا السبيل، وأن تبقى على «انسجام» مع الخط الذي تنهجه الأمم المتحدة.
بيد أنه رغم المقاربة الإيجابية الفرنسية للدور التركي في ملف تسهيل تصدير الحبوب الأوكرانية وعرض الوساطة الذي قدّمه إردوغان بخصوص محطة زابوريجيا النووية، فإن ما يشغل باريس أمران؛ الأول أن أنقرة لم تفرض أي عقوبات على تركيا، بعكس الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع. والثاني وجود شكوك بأن الشركات التركية لا تحترم عقوبات الآخرين، بل إنها تلتف عليها. وقالت كولونا إن التوقف عن الالتفاف على العقوبات «سيكون أولياً» من بين الملفات التي ستناقش مع نظيرها التركي. وأردفت المصادر الدبلوماسية لاحقاً أن هناك محاولات التفافية، لذا «يتعين علينا التأكد من أنها لن تتوسع»، وما نريده هو التأكد من وجود تضامن بين الأطراف الدولية في مواجهة الحرب الروسية على أوكرانيا.
لا شك أن باريس تريد تغليب الأوجه الإيجابية من العلاقة بينها وبين أنقرة بعد أشهر من التوتر الذي كاد يصل إلى حد المواجهة العسكرية بين قطع بحرية فرنسية وأخرى تركية في مياه المتوسط. ولم يغب عن الأذهان التراشق بالاتهامات، ومنها التجريح الشخصي بين الرئيسين ماكرون وإردوغان، بسبب 4 ملفات خلافية، أولها الأطماع والخطط التركية في سوريا والأطماع التركية في المياه اليونانية والقبرصية والدور التركي في ليبيا والاختلاف بشأن الحضور التركي داخل الحلف الأطلسي وما كانت تعتبره باريس انتهاكاً من قبل أنقرة لتعهداتها وطرق العمل المشترك بين أعضاء الحلف.
ولأن العلاقات تطبعت إلى حد بعيد بين الطرفين، فإن باريس لا تسعى إلى إثارة حساسيات أنقرة في خلافها مع أثينا، إلا أنها أرادت إبراز التزامها ووقوفها إلى جانب اليونان. من هنا، فإن المصادر الدبلوماسية، عندما سئلت أمس عن التوتر بين الجارتين المتوسطيتين، وعما ستقوم به باريس إزاء التهديدات التركية، اكتفت بجواب الحد الأدنى بقولها إن موقف باريس «معروف بالنسبة لأمن اليونان والمتوسط الشرقي بشكل عام». وأردفت المصادر أن المهم أن «يبتعد أصدقاؤنا داخل الحلف الأطلسي»، في إشارة إلى تركيا واليونان وقبرص «عن التصعيد في المتوسط، وذلك في زمن التوترات في البحر الأسود».
وتريد باريس أن تلعب دور «قوة التوازن» بين البلدين. إلا أنها حرصت على القول إنه رغم ذلك فإن هذا «لا يعني أنها سنقف على مسافة واحدة من الطرفين، لأننا سنكون بلا شك إلى جانب اليونان وقبرص في حال انتهاك أراضيهما». ووجّهت باريس رسالة مباشرة مزدوجة لتركيا؛ التذكير بوجود «شراكة استراتيجية» بين باريس وأثينا. والجميع يتذكر أنه في العامين 2019 و2020 حرصت فرنسا على الوقوف إلى جانب اليونان «لتعزيز قدراتها الدفاعية» كما عمدت وقتها إلى إرسال قطعتين بحريتين إلى جانب القوات البحرية اليونانية. كذلك، أُبرم عقدان لتزويد القوات الجوية اليونانية بطائرات رافال، فرنسية الصنع، لتعزيز القدرات اليونانية الجوية. وأيضاً تذكير أنقرة بأن اليونان، كما قبرص، تستفيد من «مبدأ التضامن الذي يلزم الاتحاد الأوروبي» بالوقوف إلى جانب اليونان في موضوعات الطاقة والاقتصاد والمال، وأيضاً في الملف الأمني. وهذا المبدأ تتضمنه معاهدة لشبونة. علي أي حال، فإن تهديدات إردوغان تثير القلق في فرنسا، رغم أن مصادر سياسية في باريس قالت لـ«الشرق الأوسط» إن إردوغان المقبل على انتخابات تشريعية ورئاسية في العام المقبل «بحاجة إلى شدّ عضد حزبه» الذي يتراجع في استطلاعات الرأي.
ملفان إضافيان تريد كولونا إثارتهما مع الجانب بالتركي؛ الأول يتناول انضمام السويد وفنلندا إلى الحلف الأطلسي. وحتى اليوم، لم يعمد البرلمان التركي إلى التصديق على هذا الانضمام، وطالما لم تصدق الدول الأعضاء الثلاثون عليه، فإن السويد وفنلندا لن تتمكنا من الدخول إلى النادي الأطلسي. وتريد باريس التعرف على حقيقة ما تنوي تركيا فعله بشأن هذه المسألة.
أما الملف الثاني فيتناول المؤتمر الموعود في براغ بداية الشهر المقبل حول الخطة التي طرحها الرئيس ماكرون، والداعية إلى إنشاء «المجموعة الأوروبية السياسية» التي ستكون مفتوحة أمام الدول الأوروبية كافة. وفي الأشهر الأخيرة، صدرت تصريحات تركية متضاربة بشأن هذا الملف الذي تديره حالياً جمهورية التشيك، باعتبارها رئيسة الاتحاد الأوروبي الدورية. وستسعى كولونا إلى معرفة الخطط التركية، وما إذا كانت أنقرة تنوي المشاركة في المؤتمر - القمة، وما إذا كانت لديها شروط أو مطالب. كما ستسعى في أثينا لمعرفة موقف اليونان، وما إذا كانت الحكومة اليونانية ستعارض حضور أنقرة، على خلفية التوتر بين الطرفين.


مقالات ذات صلة

تقارب حذر بين تركيا واليونان في أعقاب الزلازل

شؤون إقليمية خلال لقاء اليوم بين وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ونظيره اليوناني نيكوس دندياس في أضنة بتركيا (أ.ب)

تقارب حذر بين تركيا واليونان في أعقاب الزلازل

أدى الزلزالان المدمران اللذان ضربا المنطقة الحدودية بين تركيا وسوريا إلى تقارب دبلوماسي حذر بين تركيا واليونان رغم العلاقات المتوترة بينهما، حسب وكالة الأنباء الألمانية. وتوجه وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس بشكل غير متوقع إلى منطقة الكارثة اليوم (الأحد)، والتقى نظيره التركي مولود جاويش أوغلو. وتعانق السياسيان، كما ظهر على التلفزيون الحكومي اليوناني. وشكر جاويش أوغلو دندياس لكون بلاده واحدة من أوائل الدول التي قدمت مساعدات فورية لتركيا. وأضاف أن الدولتين ستحاولان بدء الحوار مرة أخرى وحل مشاكلهما. وشدد دندياس على أن «مساعدة اليونان للشعب التركي لا تنتهي هنا».

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)

تركيا تتهم أميركا بـ«الإخلال بالتوازن» مع اليونان عبر صفقات المقاتلات

اتهمت تركيا الولايات المتحدة بالإخلال بالتوازن في تعاملها معها وجارتها اليونان على خلفية اعتزام واشنطن منح أثينا مقاتلات «إف 35» التي منعت أنقرة من الحصول عليها بسبب اقتنائها منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400». وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن الولايات المتحدة أخلت بالتوازن في تعاملها مع بلاده واليونان. وأضاف، خلال مؤتمر صحافي في أنقرة الاثنين مع وزيرة خارجية البوسنة والهرسك بيسيرا توركوفيتش، أن الولايات المتحدة كانت لديها سياسة توازن في علاقاتها مع تركيا واليونان، لكنها بدأت تحيد عن تلك السياسة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)

تركيا تتهم أميركا بـ«الإخلال بالتوازن» مع اليونان عبر صفقة المقاتلات

اتهمت تركيا الولايات المتحدة بالإخلال بالتوازن في تعاملها معها ومع جارتها اليونان، على خلفية اعتزام واشنطن منح أثينا مقاتلات «إف 35» التي مُنعت أنقرة من الحصول عليها بسبب اقتنائها منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400». وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن الولايات المتحدة أخلّت بالتوازن في تعاملها مع بلاده واليونان. وأضاف، خلال مؤتمر صحافي في أنقرة، اليوم (الاثنين)، مع وزيرة خارجية البوسنة والهرسك، بيسيرا توركوفيتش، أن الولايات المتحدة كانت لديها سياسة توازن في علاقاتها مع تركيا واليونان، لكنها بدأت تحيد عن تلك السياسة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ب)

تركيا تتهم اليونان بالعمل على زيادة التوتر

اتهمت تركيا اليونان بـ«تخريب» الاجتماعات والمحادثات الرامية إلى بحث القضايا الخلافية بينهما، والعمل على زيادة التوتر. وقال وزير الدفاع خلوصي أكار، إن السلطات اليونانية تعمل على تخريب الاجتماعات والمحادثات مع بلاده، مضيفاً أن «بعض السياسيين اليونانيين يحاولون عن وعي زيادة التوتر... لقد فهم الجميع الآن حيلة اليونان، ونتوقع أن يكون الجميع أكثر حذراً في هذا الصدد». واعتبر أكار -في تصريحات الاثنين- أن اليونان تحاول تجسيد مشكلاتها مع تركيا على أنها مشكلات بين تركيا وحلف شمال الأطلسي (ناتو) والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ب)

تركيا تتهم اليونان بتخريب المحادثات حول القضايا الخلافية

اتهمت تركيا اليونان بـ«تخريب» الاجتماعات والمحادثات الرامية إلى بحث القضايا الخلافية بينهما، والعمل على زيادة التوتر. وقال وزير الدفاع خلوصي أكار، إن السلطات اليونانية تعمل على تخريب الاجتماعات والمحادثات مع بلاده، مضيفاً أن «بعض السياسيين اليونانيين يحاولون عن وعي زيادة التوتر... لقد فهم الجميع الآن حيلة اليونان، ونتوقع أن يكون الجميع أكثر حذراً في هذا الصدد». واعتبر أكار -في تصريحات الاثنين- أن اليونان تحاول تجسيد مشكلاتها مع تركيا على أنها مشكلات بين تركيا وحلف شمال الأطلسي (ناتو) والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

إصابة عدة إسرائيليين في إطلاق نار استهدف حافلة في الضفة الغربية

الجيش الإسرائيلي أغلق المنطقة المحيطة ببيت لحم بحواجز الطرق (ا.ب)
الجيش الإسرائيلي أغلق المنطقة المحيطة ببيت لحم بحواجز الطرق (ا.ب)
TT

إصابة عدة إسرائيليين في إطلاق نار استهدف حافلة في الضفة الغربية

الجيش الإسرائيلي أغلق المنطقة المحيطة ببيت لحم بحواجز الطرق (ا.ب)
الجيش الإسرائيلي أغلق المنطقة المحيطة ببيت لحم بحواجز الطرق (ا.ب)

قالت السلطات الإسرائيلية، في الساعات الأولى من صباح اليوم (الخميس)، إن عدة إسرائيليين أصيبوا في إطلاق نار استهدف حافلة مدنية في الضفة الغربية.

وقالت خدمة الإنقاذ الإسرائيلية «نجمة داوود الحمراء»، إن صبياً يبلغ من العمر 12 عاماً، أصيب بجروح خطيرة جراء إطلاق النار في الهجوم الذي وقع جنوب القدس.

قوات الأمن الإسرائيلية في موقع إطلاق نار على حافلة بالقرب من بلدة بيت جالا بالضفة الغربية (ا.ب)

وأضافت أن امرأة (40 عاماً) أصيبت أيضاً بجروح طفيفة جراء إطلاق النار.
ونقل الاثنان ومصابان آخران إلى مستشفى قريب لتلقي العلاج. وقال الجيش الإسرائيلي إنه بدأ عملية بحث عن الجاني وإنه تم إغلاق المنطقة المحيطة ببيت لحم بحواجز الطرق.