الدبيبة أمام اختبار إخلاء طرابلس من معسكرات الميليشيات

وسط تباين بشأن قدرته على «إغضاب» التشكيلات التي تحميه

«جهاز الردع» يسلم مصيف الشعب - «الليدو» سابقاً - إلى شركة الخدمات العامة في طرابلس (وزارة الحكم المحلي بحكومة الوحدة)
«جهاز الردع» يسلم مصيف الشعب - «الليدو» سابقاً - إلى شركة الخدمات العامة في طرابلس (وزارة الحكم المحلي بحكومة الوحدة)
TT
20

الدبيبة أمام اختبار إخلاء طرابلس من معسكرات الميليشيات

«جهاز الردع» يسلم مصيف الشعب - «الليدو» سابقاً - إلى شركة الخدمات العامة في طرابلس (وزارة الحكم المحلي بحكومة الوحدة)
«جهاز الردع» يسلم مصيف الشعب - «الليدو» سابقاً - إلى شركة الخدمات العامة في طرابلس (وزارة الحكم المحلي بحكومة الوحدة)

رغم تكليف رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، وزارة دفاعه، بوضع «خطة شاملة لإخراج المعسكرات التابعة للميليشيات المسلحة من وسط مدينة طرابلس»، غير أن بعض السياسيين يرون أن «هذا هو التحدي الأول في علاقته بتلك التشكيلات الداعمة له»، ذهب آخرون إلى أن هذا الإجراء «مجرد محاولة لامتصاص غضب الشارع الطرابلسي بسبب تكرار اندلاع الاشتباكات بين الميليشيات المسلحة بالقرب من المناطق السكنية».
واستبعد عضو مجلس النواب الليبي جلال الشويهدي، إمكانية تطبيق قرار الدبيبة في الوقت الراهن، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «كل ميليشيا ومجموعة مسلحة تتمترس في مربع أمني داخل العاصمة وتعده منطقة نفوذها، بعدما أسست فيه مقرات ومعسكرات، وبالتالي ليس من السهل التنازل عنه». وأضاف أن هذه المجموعات المسلحة «لا تريد أن تفقد تواصلها مع ما يقع في محيطها من وزارات وهيئات وشركات وبنوك».
في المقابل، رأت مصادر سياسية وأمنية قريبة من قيادة بعض التشكيلات المسلحة في المنطقة الغربية، أن قرار الدبيبة بإخلاء هذه المعسكرات «قابل للتطبيق، ولكن بشكل تدريجي». وأشارت المصادر، التي رفضت الكشف عن هويتها، إلى أن «رغبة قيادات التشكيلات في عدم تنامي الغضب بالشارع الطرابلسي ومحاولة كسب وده، قد يدفعها إلى تنفيذ القرار». واستبعدت «تأثر أمن العاصمة بتنفيذ عملية إخلاء، حيث إن معسكرات عناصر (جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة) موجودة في القاعدة العسكرية بمطار معيتيقة شرق العاصمة، فيما توجد معسكرات ومقار (جهاز دعم الاستقرار) جنوب العاصمة، باستثناء معسكره الرئيسي في حي أبو سليم القريب نسبياً من وسط العاصمة».
ويعتقد جلال الحرشاوي، الباحث بمؤسسة «غلوبال أنيشاتيف» أن «قرار الدبيبة، قابل للتطبيق مع استثناء التشكيلات الكبيرة مثل (دعم الاستقرار) بقيادة عبد الغني الككلي، و(الردع) بقيادة عبد الرؤوف كاره، وأيضاً قوات عماد الطرابلسي». وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «عملية الإخلاء هذه ليست لها علاقة لها بإنفاذ القانون أو العدالة، فـ(الردع) و(دعم الاستقرار) باتا أكثر قوة عما كانا عليه في الماضي القريب، وسيفعلان ما يريدان».
ويرى الحرشاوي، أن وسط طرابلس «بات غير معرض لتهديد أي ميليشيا مسلحة، وأن المخاطر التي قد تواجهها حكومة الدبيبة، من قبل قيادات مسلحة موالية لباشاغا، باتت منحصرة في أماكن محددة، مثل ورشفانة لوجود الكتيبة (55) بقيادة معمر الضاوي، والزنتان حيث توجد قوات آمر المنطقة العسكرية الغربية سابقاً، أسامة الجويلي، ومصراتة حيث قوات سالم حجا وآخرين، بالإضافة إلى الزاوية لوجود قوات حسن أبو زريبة».
ولفت الحرشاوي إلى وجود «حالة انزعاج وتخوف من قبل بعض القادة الموالين للدبيبة مثل رئيس جهاز الاستخبارات الليبية حسين العايب، وآمر كتيبة (الدروع) بشير خلف الله المعروف بـ(البقرة)، من تنامي (قوة الردع)».وقلل مما يُطرح حول «أن قرار نقل المعسكرات هو تلبية لمطالبات أميركية - بريطانية»، وما يتردد أيضاً عن دعم واشنطن لقوات «الردع»، متابعاً: «واشنطن لا تدير التفاصيل الصغيرة، و(النواصي) كانت مقربة من الاستخبارات المركزية، فصناع القرار بالمشهد الراهن هم تركيا والعايب».
واستبعد الباحث «حدوث تطور مفاجئ في المشهد السياسي أو الميداني يؤثر في تنفيذ قرار إخراج المعسكرات بعد الاجتماعات الأخيرة التي عقدت في العاصمة التركية»، وقال: «تركيا تريد تجنب الحرب».
واعتبر عضو «ملتقى الحوار السياسي الليبي» أحمد الشركسي، أن السيناريو الأقرب للتطبيق، «هو نقل أو هدم بعض المعسكرات التي كانت تتبع هيثم التاجوري ومصطفى قدرو، مع عدم المساس إطلاقاً بمعسكرات ومقرات الميليشيات المسلحة الموالية للدبيبة، التي لا يستطيع إغضابها كونها تحمي سلطته».
وأوضح الشركسي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «سيتم الاحتفاظ بالمقرات والمعسكرات ذات المواقع المهمة لصالح (دعم الاستقرار) و(الردع)، ويتم تسليم الباقي للدولة». ورأى أن «مسارعة (الردع ) إلى إزالة مصيف الليدو وتسليمه لبلدية طرابلس، لا يرجع إلى حرص تلك القوات على الالتزام بتطبيق قرار الحكومة بإزالة المقرات الأمنية بمصيف طرابلس وتحويلها إلى شاطئ عمومي، وإنما يعود لأسباب آيديولوجية بحتة كون أن (الردع) ميليشيا سلفية، ولطالما عارضت إقامة الحفلات الغنائية التي كانت تقام بمجموعة الكافيهات الموجودة بالليدو، الذي كان أيضاً تحت سيطرة (النواصي)».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

السودان: تهديدات الطائرات دون طيار تتمدد إلى مناطق آمنة جديدة

جانب من عملية إطلاق سابقة لمسيّرات إيرانية الصنع (أرشيفية - إكس)
جانب من عملية إطلاق سابقة لمسيّرات إيرانية الصنع (أرشيفية - إكس)
TT
20

السودان: تهديدات الطائرات دون طيار تتمدد إلى مناطق آمنة جديدة

جانب من عملية إطلاق سابقة لمسيّرات إيرانية الصنع (أرشيفية - إكس)
جانب من عملية إطلاق سابقة لمسيّرات إيرانية الصنع (أرشيفية - إكس)

ألحقت طائرات دون طيار (درون) أطلقتها «قوات الدعم السريع» خسائر كبيرة بين المدنيين والعسكريين في مدينة الفاشر بغرب السودان، وذلك في طور جديد من أطوار الحرب.

فبعد أن كانت «الدعم» تعتمد المسيّرات الانتحارية من طراز «RF260» محدودة التأثير، أدخلت في عملياتها القتالية مسيّرات أحدث قال ضابط بالجيش السوداني إنها من طراز «long wing II» صينية الصنع، فيما اتسع نطاق عمليات المسيّرات لمناطق كانت آمنة.

وذكرت مصادر متطابقة أن «قوات الدعم السريع» هاجمت، الأحد، سوقاً في مدينة الفاشر بأنواع حديثة من المسيّرات، وقتلت 35 شخصاً بينهم 8 عسكريين، فضلاً عن عشرات الجرحى والمصابين، وذلك بعد يوم واحد من قصف مسيّرة من الطراز نفسه أحد المستشفيات «السعودي»، وقتلت 8 أشخاص، وألحقت دماراً كبيراً بالمبنى.

من آثار الاشتباكات في شرق السودان (رويترز)

وكانت طائرة مسيّرة استهدفت قوات المدرعات بمدينة الفاشر، الاثنين الماضي، وأطلقت عدة صواريخ، ما أدى لمقتل نحو 25 جندياً بينهم 5 ضباط، وذلك وفقاً للناشط محمد خليفة المتتبع لأوضاع الحرب.

ومنذ اندلاع الحرب، يستخدم الجيش السوداني الطيران الحربي والمسيّرات في حربه ضد «قوات الدعم السريع»، فيما تستخدم الأخيرة طائرات «انتحارية» من طراز «RF260» صينية الصنع.

ويسعى الطرفان لتحديث أسلحتهما من المسيّرات القتالية ومسيّرات الاستطلاع. وراج أخيراً أن الجيش السوداني حصل على مسيّرات تركية من طراز «بيرقدار» الشهيرة، ومسيّرات إيرانية من طراز «مهاجر 6»، إلى جانب مسيّرات انتحارية تجارية طورت محلياً.

واستخدمت «قوات الدعم السريع» بكثافة المسيّرات «الانتحارية» ومعظمها ذات منشأ صيني، يُحصل عليها في الغالب من أسواق السلاح السوداء، بينما تشير أصابع الجيش إلى أنها من مصدر إقليمي، بجانب مسيّرات معدّلة استولت عليها بعد سيطرتها على «مجمع جياد العسكري» التابع للجيش.

ونقلت «سودان تربيون»، عن ضابط بالجيش السوداني، أن المسيّرة التي استخدمتها «قوات الدعم السريع» أخيراً من طراز «long wing II» صينية الصنع، نُقلت جواً لمطار نيالا وإلى الفاشر.

وفي الثاني من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، قال وزير الدفاع السوداني الفريق ياسين إبراهيم، في مؤتمر صحافي ببورتسودان، إن المسيّرات الاستراتيجية التي أصبحت تشارك في الهجمات ضد قواته، تنطلق من مطارات في دولة تشاد، فيما وصفها الناشط محمد خليفة بأنها «حديثة» وصواريخها دقيقة التصويب، وتحمل قذائف شديدة الانفجار.

مسيَّرة «بيرقدار تي بي 2» التركية الصنع (موقع شركة بايكار)

وتُعد الطائرة دون طيار التي استهدفت قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في يوليو (تموز) الماضي، أثناء مشاركته بتخريج ضباط في منطقة «جبيت العسكرية» بشرق البلاد، وراح ضحيتها 5 أشخاص بينهم حراس شخصيون للرجل وعدد من الضباط، إحدى أخطر عمليات تطور استخدام المسيّرات؛ إذ تبعد المنطقة آلاف الكيلومترات عن أماكن سيطرة «قوات الدعم السريع».

وفي تقريرها الصادر 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، قالت «مبادرة جمع البيانات وتحليلها ورسم خرائط الأزمات»، المعروفة اختصاراً بـ«ACLED»، إن التهديدات القادمة من «أعلى في السودان، بدأت تهدد مناطق كانت آمنة، جراء استخدام المسيّرات المقاتلة، وحطمت الشعور بالأمن في المناطق البعيدة عن مناطق الصراع».

وأوضحت أن استمرار الحرب دفع طرفي القتال للحصول على ونشر أنواع مختلفة من الطائرات المقاتلة دون طيار، واستخدمت على نطاق جغرافي واسع، ما جعل مناطق كانت آمنة عرضة للهجمات.

البرهان يحيّي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت العسكرية» (شرق) في 31 يوليو (أ.ف.ب)

ووفقاً للمبادرة، فإن الجيش خلال العام الأول من الحرب نفّذ أكثر من 280 ضربة بطائرات دون طيار، 98 في المائة منها بالخرطوم، بينما نفّذت «قوات الدعم السريع» أكثر من 10 ضربات بطائرات دون طيار.

وأوضحت أن الجيش يستخدم المسيّرات تكتيكياً لدعم هجماته، بينما تستخدمها «الدعم» بطريقة أكثر استراتيجية، مستهدفة استنزاف الجيش في المناطق التي كانت تعتبر آمنة، ولخلق شعور بالتهديد يُجبر الجيش على تمديد دفاعاته، وإضعاف قدرته على تحمُّل الاشتباكات المطولة.

وشنت «الدعم السريع»، في الأشهر الماضية، هجمات بالمسيّرات استهدف عدة مناطق تقع تحت سيطرة الجيش، خاصة مدن عطبرة والدامر وشندي وكوستي وربك والقضارف، مستهدفة مقرّات عسكرية ومطارات وقواعد جوية، وقال الجيش إن دفاعاته تصدت لها بنجاح.