إذا كانت لديك قطة من قبل في البيت فأنت تعلم أنها يمكن أن تكون نشطة بشكل لا يصدق في الليل، وغالبًا ما تتجول صعودًا وهبوطًا في الممرات وعلى أسرة أصحابها دون أن تصطدم بالجدران أو الأبواب. ونظرًا لقدرتها على تجنب الاصطدامات أثناء جلسات التمرين الليلية هذه، فقد تعتقد أن القطط تتمتع برؤية ليلية طبيعية. لكن هل الأمر كذلك؟
ووفقًا لكارين بلامر أخصائية طب العيون البيطري السريري بكلية الطب البيطري بجامعة فلوريدا، هذا ليس السؤال الصحيح تمامًا الذي يجب طرحه. موضحة «إنها ليست مسألة رؤية في الظلام أو عدم رؤية... ان كمية الضوء المحيط الموجود تؤثر على ما يمكن للفرد، سواء أكان إنسانًا أو قطة، أن يراه. ومع ذلك، بالمقارنة مع البشر، القطط أفضل بكثير في صنع الأشياء عندما يتوفر القليل جدًا من الضوء، وهذا يرجع إلى حد كبير إلى كيفية تطور عيونها»، وذلك وفق ما نشر موقع «لايف ساينس» العلمي المتخصص.
وحسب بلامر «يمكن للقطط أن ترى في الظلام لأن بنية عيونها، وخاصة الشبكية تسمح لها برؤية أفضل من البشر عندما تكون مستويات الضوء منخفضة... القطط لديها نسبة مئوية وتركيز أعلى من مستقبلات ضوئية من البشر، ما يعني أن لديها حساسية أفضل للضوء، ويمكنها رؤية المزيد في مستويات الإضاءة المنخفضة أكثر مما نستطيع نحن البشر».
ووفقًا لجمعية حماية القطط الخيرية، فان القطط يمكنها أن ترى «أفضل بستة إلى ثماني مرات» من البشر عندما يحل الظلام.
لماذا تطورت القطط بحيث تتمتع برؤية ليلية استثنائية؟
تبين بلامر «ان التكيف من أجل الرؤية هو النتيجة المباشرة لحاجة الأنواع للتفاعل مع بيئتها... فالقطط هي حيوانات آكلة للحوم، ما يعني أنها يجب أن تأكل اللحوم من أجل البقاء بصحة جيدة. فهي غير قادرة على إنتاج بعض البروتينات المطلوبة ويجب أن تبتلعها من مصدر خارجي. وان العديد من عناصر فرائسها المحتملة تنشط في الليل أو في الضوء الخافت».
وعلى الرغم من كونها أكثر نشاطًا من الإنسان العادي أثناء الليل، فإن القطط ليست حيوانات ليلية تمامًا. بل تعتبر «شفقية» (نشطة أثناء الغسق) بسبب ولعها بالصيد عند الغسق والفجر.
ومع ذلك، على الرغم من أن عيون القطط مصممة للرحلات الليلية، فإن قدرة القطط على التنقل بنجاح في بيئتها خلال فترات الظلام القريب هي أكثر من مجرد تكوين عيونها. وفقًا لبلامر؛ التي تؤكد «تعتمد القطط أيضًا على حواسها الأخرى. فالقطط لديها سمع حاد جدًا وحاسة شم، ما يساعدها على التنقل. فالتفاعل مع البيئة يتطلب تعاون جميع الحواس... لذلك، القطط أكثر مهارة في التجول ليلًا من البشر، ولكن عندما يتعلق الأمر بجودة الرؤية، فهي بالتأكيد لا تتفوق على البشر أثناء النهار».
وترجح بلامر ان هناك اختلافات أخرى بين عيون البشر والقطط؛ فعلى سبيل المثال، القطط لا تسجل اللون بنفس طريقة البشر. فالقطط لديها عدد مطلق وتركيز أقل من المستقبلات الضوئية المخروطية مقارنة بالبشر، لذلك هي لا ترى اللون بالطريقة التي نراها نحن، ولا تتمتع بدرجة دقة التفاصيل التي لدينا».
فالمخاريط الموجودة في العين هي المسؤولة عن تحديد لون «رؤية النهار». ولدى البشر ثلاثة أنواع من المخاريط التي تمكننا من إدراك الألوان الأزرق والأخضر والأحمر ، بينما القطط لديها نوعان فقط من الأقماع، ما يعني أن ما نراه باللون الأخضر والأحمر يظهر باللون الرمادي للقطط.
وكان يعتقد منذ فترة طويلة أن القطط مصابة بعمى الألوان، لكن العديد من العلماء لم يعودوا يعتقدون أن هذا هو الحال على الرغم من احتدام النقاش. ويُعتقد الآن على نطاق واسع أن القطط يمكنها رؤية الأزرق والرمادي وربما أيضًا بعض ظلال اللونين الأصفر والأخضر، ولكن الحقيقة هي أنه لا يمكن لأحد الجزم بذلك.
وتضيف بلامر «ان القطط ثنائية اللون، ما يعني أن لديها نوعين من المستقبلات الضوئية المخروطية، مقارنة بأنواعنا الثلاثة، لذا فهي لا ترى العديد من الألوان أو الألوان الزاهية كما نراها. وسوف ندرك الدقة المرئية أثناء النهار على أنها غامضة وخارجة عن التركيز».