دعوات لتوقيف رئيس سريلانكا المخلوع غداة عودته إلى البلاد

فر إلى تايلند بعد اقتحام محتجين مقره الرسمي

رئيس سريلانكا السابق مرتدياً كمامة لدى وصوله إلى مطار كولومبو أمس (أ.ب)
رئيس سريلانكا السابق مرتدياً كمامة لدى وصوله إلى مطار كولومبو أمس (أ.ب)
TT

دعوات لتوقيف رئيس سريلانكا المخلوع غداة عودته إلى البلاد

رئيس سريلانكا السابق مرتدياً كمامة لدى وصوله إلى مطار كولومبو أمس (أ.ب)
رئيس سريلانكا السابق مرتدياً كمامة لدى وصوله إلى مطار كولومبو أمس (أ.ب)

واجه الرئيس السريلانكي المخلوع غوتابايا راجابكسا، السبت، دعوات لاعتقاله بعد عودته إلى البلاد من منفاه في تايلاند، بعد سبعة أسابيع على فراره من البلاد، إثر مظاهرات حملته مسؤولية التدهور الاقتصادي.
وكان راجاباكسا فر من سريلانكا في يوليو (تموز) تحت حماية الجيش، بعدما اقتحم حشد مقره الرسمي بعد أشهر من الاحتجاجات الغاضبة ضد حكومته. ولجأ أولاً إلى جزر المالديف فسنغافورة حيث أعلن استقالته. وبعدما انتهت صلاحية تأشيرته بعد 28 يوماً من دون أن تكون قابلة للتجديد، انتقل إلى تايلند، حيث طلبت منه السلطات المحلية ملازمة فندقه لأسباب أمنية، فكان عملياً بحكم الموقوف.
وقال جوزف ستالين، وهو رئيس نقابة معلمين ساهمت في حشد المتظاهرين لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «غوتابايا عاد لأنه ليست هناك دولة راغبة في استقباله، لا مكان لديه للاختباء».
وأضاف: «يجب أن يتم توقيفه فوراً لتسببه بهذا البؤس لسكان سريلانكا البالغ عددهم 22 مليون نسمة. يجب أن يحاكم على جرائمه». وتابع ستالين الذي أطلق عليه والده هذا الاسم تيمناً بالزعيم السوفياتي الراحل: «لا يمكنه العيش بحرية كما وكأن شيئاً لم يحصل».
واجهت حكومة راجابكسا اتهامات بسوء إدارة الاقتصاد السريلانكي الذي دخل في دوامة انهيار غير مسبوقة. وتشهد سريلانكا أزمة اقتصادية تتمثل بنقص حاد في الغذاء والوقود والأدوية بسبب عدم توفر العملة الأجنبية لتمويل الواردات. وبعد استقالته في منتصف ولايته التي تمتد على خمس سنوات، فقَدَ راجابكسا الحصانة التي يتمتع بها بحكم منصبه، ما فتح الباب أمام محاكمته.

ولم يعلق بعد أكبر أحزاب المعارضة «ساماغي جانا بالاوغايا» على عودة راجاباكسا، غير أن أغيث بيريرا، وهو وزير سابق من الكتلة المعارضة، قال إنه يجب محاكمته. وتابع في حديث مع صحافيين في كولومبو: «يجب أن يُحاسب غوتابايا على جرائمه قبل وخلال رئاسته».
ووصل راجابكسا إلى المطار الدولي الرئيسي في كولومبو، وقدم له وزراء وسياسيون كبار الورود عند استقبالهم له. ونقل بموكب أمني إلى مقر رسمي جديد في العاصمة جهزته له حكومة الرئيس الذي خلفه في المنصب رانيل ويكريمسينغه. ويعول ويكريمسينغه على حزب «بودوجانا بيرامونا»، الذي ينتمي إليه راجاباكسا خلال حكمه، وأقر الجمعة ميزانية تقشفية تلبية لشرط مسبق لمنح صندوق النقد الدولي مساعدة للبلاد، بدعم من التجمع.
وقال المحاضر في العلاقات الدولية في جامعة كولومبو، هاسيث قنداوداهيوا، لوكالة الصحافة الفرنسية، «تُظهر عودة غوتابايا أن حزب (بودوجانا بيرامونا) لا يزال نافذاً، رغم الذل الذي واجهه». لكنه يعتبر أن عودة راجاباكسا قد تقوض عمل خليفته.
واستقبل راجابسكا ضيوفاً في منزله الجديد السبت مع أخيه الأكبر الرئيس السابق ماهيندا راجاباكسا، حسب شهود. وكان شقيق راجابكسا الأصغر، وهو وزير المالية السابق، التقى ويكريمسينغه الشهر الماضي، وطلب حماية للسماح للرئيس المخلوع بالعودة.
ويُلاحَق الرئيس السابق، الذي تخلى عن جنسيته الأميركية للترشح للانتخابات الرئاسية في 2019، في ولاية كاليفورنيا، لدوره المحتمل في جريمة قتل الصحافية لاسانتا ويكرماتنجه في 2009.
وقال تاريندو جاياواردانا المتحدث باسم جمعية الصحافيين الشباب في سريلانكا، الجمعة، «نرحب بقراره بالعودة كي نتمكن من إحالته إلى القضاء عن الجرائم التي ارتكبها». وقدمت عدة قضايا فساد ضد راجاباكسا بعد انتخابه رئيساً. كما يواجه راجاباكسا اتهامات أمام محكمة أميركية بشأن مقتل ويكرماتنجه وتعذيب سجناء من التاميل في نهاية الحرب الأهلية في الجزيرة عام 2009.


مقالات ذات صلة

رئيس سريلانكا يتوقع استمرار الإفلاس حتى 2026

الاقتصاد طابور طويل أمام وزارة الهجرة السريلانكية للحصول على جوازات سفرهم خارج البلاد التي تعاني من إفلاس (إ.ب.أ)

رئيس سريلانكا يتوقع استمرار الإفلاس حتى 2026

قال رئيس سريلانكا رانيل ويكريميسينغه أمام البرلمان الأربعاء إن بلاده ستظل مفلسة حتى عام 2026 على الأقل، داعياً إلى دعم إصلاحاته لإنعاش الاقتصاد في ظل أزمة تاريخية. وقال ويكريميسينغه الذي تولى الرئاسة الصيف الماضي بعد استقالة غوتابايا راجاباكسا إن «تبني سياسات ضريبية جديدة هو قرار لا يحظى بشعبية. تذكروا أنني لست هنا لأتمتع بالشعبية بل أريد إخراج هذه البلاد من الأزمة التي تواجهها». ويحمل السكان ويكريميسينغه مسؤولية الأزمة في ظل نقص الغذاء والوقود والكهرباء والدواء.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد رئيس سريلانكا رانيل ويكريميسينغه لدى وصوله لإلقاء كلمة أمام البرلمان في كولومبو (أ.ف.ب)

رئيس سريلانكا يتوقع البقاء في حالة إفلاس حتى 2026

قال رئيس سريلانكا رانيل ويكريميسينغه أمام البرلمان، اليوم الأربعاء، إن بلاده ستظل مفلسة حتى عام 2026 على الأقل، داعيًا إلى دعم إصلاحاته لإنعاش الاقتصاد ظل أزمة تاريخية. وقال ويكريميسينغه الذي تولى الرئاسة الصيف الماضي بعد استقالة غوتابايا راجاباكسا إن «تبني سياسات ضريبية جديدة هو قرار لا يحظى بشعبية. تذكروا انني لست هناك لأتمتع بالشعبية بل أريد إخراج هذه البلاد من الأزمة التي تواجهها». وأضاف «إذا واصلنا خطة (الإصلاحات) يمكننا الخروج من الإفلاس بحلول 2026». ويحمل السكان ويكريميسينغه مسؤولية الأزمة في ظل نقص الغذاء والوقود والكهرباء والدواء.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
العالم الرئيس السريلانكي رانيل ويكريمسينغه خلال العرض العسكري (أ.ب)

الرئيس السريلانكي يدعو إلى التفكير في «الأخطاء» الماضية

بينما تمر البلاد بأزمة كبيرة، دعا الرئيس السريلانكي، رانيل ويكريمسينغه، خلال عرض عسكري بمناسبة مرور 75 عاماً على استقلال البلاد، إلى التفكير في «الأخطاء والإخفاقات» الماضية. ومنذ انتهاء الاستعمار البريطاني في 1948، قضت الدولة الجزيرة جزءاً كبيراً من تاريخها في حرب مع نفسها.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد صورة أرشيفية تظهر مسار قاطرات تنقل مواد تعدينية من مدينة الجبيل السعودية (غيتي)  -   نصير أحمد وزير البيئة السريلانكي

سريلانكا تتطلع للاستفادة من تجربة التعدين السعودية

شدد المهندس نصير أحمد وزير البيئة السريلانكي على آفاق التعاون بين كولمبو والرياض بمختلف المجالات، وقطاع التعدين على وجه التحديد، متطلعا إلى تعزيز التعاون مع السعودية بقطاع التعدين، والاستفادة من تجارب المملكة في تطوير الصناعة المعدنية وقوانين وأنظمة المعادن، والمواكبة، والنهوض بإمكانات بلاده المعدنية. ودعا نصير السعوديين للاستثمار بالقطاع في بلاده، وإقامة مشاريعهم الاستكشافية والقيمة المضافة للإنتاج التعديني في البلدين، مشيرا إلى أن بلاده بدأت حقبة جديدة في التنمية الاقتصادية والنمو، وفي طريقها لتجاوز التحديات التي أفرزت انهيارا اقتصاديا وضائقة مالية. وشدد نصير في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «على ا

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
العالم عناصر من جيش سريلانكا (أرشيفية - إ.ب.أ)

سريلانكا تخفض جيشها بنحو الثلث لخفض الإنفاق

قال وزير الدفاع السريلانكي، اليوم الجمعة، إن بلاده ستخفض قوام جيشها بما يصل إلى الثلث، إلى 135 ألفاً بحلول العام المقبل، وإلى 100 ألف بحلول عام 2030، فيما تحاول البلاد، التي تواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ أكثر من سبعة عقود، خفض الإنفاق. وقال بريميتا باندارا تيناكون في بيان: «الإنفاق العسكري هو في الأساس نفقات تتحملها الدولة، التي تحفز بشكل غير مباشر وتفتح مجالات للنمو الاقتصادي عن طريق ضمان الأمن القومي وأمن السكان».

«الشرق الأوسط» (كولومبو)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».