واشنطن «غير متشجعة» من الرد الإيراني على مقترحاتها

«الفجوات القائمة» قد تؤجل العودة للاتفاق النووي إلى ما بعد انتخابات الكونغرس

لقطات بثها التلفزيون الحكومي الإيراني لبحارة إيرانيين على متن المدمرة جماران أثناء احتجاز قاربين مسيّرين أميركيين  في البحر الأحمر أول من أمس (أ.ب)
لقطات بثها التلفزيون الحكومي الإيراني لبحارة إيرانيين على متن المدمرة جماران أثناء احتجاز قاربين مسيّرين أميركيين في البحر الأحمر أول من أمس (أ.ب)
TT

واشنطن «غير متشجعة» من الرد الإيراني على مقترحاتها

لقطات بثها التلفزيون الحكومي الإيراني لبحارة إيرانيين على متن المدمرة جماران أثناء احتجاز قاربين مسيّرين أميركيين  في البحر الأحمر أول من أمس (أ.ب)
لقطات بثها التلفزيون الحكومي الإيراني لبحارة إيرانيين على متن المدمرة جماران أثناء احتجاز قاربين مسيّرين أميركيين في البحر الأحمر أول من أمس (أ.ب)

وصفت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أحدث رد إيراني على المقترحات الأوروبية لاستعادة الاتفاق النووي بأنها «غير مشجعة على الإطلاق»، بل إنها «خطوة إلى الوراء»، فيما عبر مسؤولو الاتحاد الأوروبي عن خيبتهم من موقف طهران، في أوضح إشارة إلى عدم تذليل كل العقبات من أمام الاتفاق الذي جرى توقيعه عام 2015، والمعروف رسمياً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة.
ويختلف التقييم الأميركي والأوروبي عما أوردته طهران الخميس، عن أنها أرسلت رداً «بناء» على المقترحات الأميركية فيما يتعلق بالصيغة النهائية التي أعدها مفاوضو الاتحاد الأوروبي. ويشير رد الفعل السلبي من إدارة بايدن، وكذلك من المصادر الأوروبية، إلى أن إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، ليس وشيكاً كما كان يأمل بعض مؤيدي الصفقة، رغم مضي نحو عام ونصف العام من المحادثات التي بدأت في فيينا. وعلى أثر الرد الإيراني السلبي، يتوقع أن تتواصل المراسلات المكتوبة ذهاباً وإياباً، ما قد يؤدي إلى عدم التوقيع على الاتفاق مجدداً قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وكان الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، أعلن في بيان، أن «النص المرسل من طهران مبني على نهج بناء بهدف إنهاء المفاوضات». لكنه لم يوضح ما تضمنه الرد الإيراني.
وفي واشنطن، أكدت وزارة الخارجية في بيان مختصر تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أنها تلقت رد إيران من خلال الاتحاد الأوروبي، الذي يعمل وسيطاً للمحادثات غير المباشرة بعدما انسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من جانب واحد من الاتفاق في عام 2018. وقالت وزارة الخارجية الأميركية: «نحن ندرس الرد وسنرد من خلال الاتحاد الأوروبي، لكن للأسف ليس بناء». ولم توضح بالمثل ما يتضمنه الاقتراح.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير للصحافيين مساء الجمعة « ينبغي ألا يكون هناك أي ربط بين معاودة تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة والتحقيقات المتعلقة بالتزامات إيران القانونية بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي»، في إشارة إلى تحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في آثار اليورانيوم التي عُثر عليها في ثلاثة مواقع إيرانية غير معلنة.
وفي بروكسل، قال قالت المفوضية الأوروبية إن جميع الأطراف في المحادثات تدرس الرد الإيراني. وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل في بيان الجمعة «جميع المشاركين والولايات المتحدة سيبحثون كيفية المضي قدماً».
- النشاطات الخبيثة
وجدد منسق الاتصالات الاستراتيجية لدى مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي التأكيد على أن الرئيس بايدن «كان واضحاً للغاية في سعيه إلى حل قضية الاتفاق النووي بالطرق الدبلوماسية»، لكنه أوضح أيضاً أنه «لن يُسمح لإيران بامتلاك القدرة على صنع أسلحة نووية». وأكد في تصريحات لقناة «العربية» أنه بصرف النظر عما يحصل في ملف المفاوضات النووية، فإن الإدارة الأميركية عازمة على صد النشاطات الإيرانية الخبيثة في كل أنحاء الشرق الأوسط، وإذ أشار إلى الضربات الأخيرة في سوريا، قال: «علينا التأكد من أنه مع وجود اتفاق أو من دونه، يمكننا الرد على الأعمال الإيرانية العدائية». ورأى أنه «لا توجد مشكلة في الشرق الأوسط يسهل حلها مع إيران مسلحة نووياً». وكذلك قال مسؤول أميركي رفيع لموقع «بوليتيكو»: «ندرس رد إيران، لكن خلاصة القول هي أنه ليس مشجعاً على الإطلاق»، مضيفاً أنه «بناء على ردهم، يبدو أننا نتراجع إلى الوراء». ولم يخُض في أي تفاصيل حول ما اقترحه الإيرانيون.
ووافق دبلوماسي أوروبي على هذا التقييم السلبي، بقوله إن الرد الإيراني بدا «سلبياً وغير معقول». وأفاد شخص آخر مطلع على الوضع، بأن الرد الإيراني ببساطة «لا يبدو جيداً على الإطلاق».
ومن غير الواضح إلى أي مدى ستكون الأطراف المختلفة المعنية على استعداد لمواصلة التفاوض، رغم عدم ترجيح استبعاد الدبلوماسية بشكل دائم من قبل إيران أو الولايات المتحدة. ولم يرد المسؤولون الأميركيون على أسئلة حول ما إذا كانت واشنطن مستعدة للانسحاب من المحادثات في ضوء الرد الإيراني الأخير.
وفي وقت سابق من هذا الصيف، قدم المسؤولون الأوروبيون ما وصفوه بـ«النص النهائي» لخريطة طريق لاستعادة خطة العمل الشاملة المشتركة. لكن إيران أثارت مخاوف في شأن عناصر منها، لا سيما فيما يتعلق بالضمانات الاقتصادية.
وتعد سياسات المحادثات النووية حساسة في الولايات المتحدة. ففي وقت سابق الخميس، وجهت مجموعة تضم 50 عضواً في الكونغرس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري رسالة إلى الرئيس جو بايدن تعبر عن مخاوفهم في شأن جوانب المفاوضات. ولكن مع اقتراب موعد الانتخابات النصفية للكونغرس، قد يرغب كثير من الديمقراطيين في تجنب مناقشة إيران في الأسابيع السابقة مباشرة.
- إسرائيل لصفقة أفضل
وفي إسرائيل، قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست رام بن باراك لإذاعة إسرائيلية، إنه «يجب أن نصوغ صفقة أفضل بكثير بعصا أطول بكثير. وهذا ما لا نراه»، في إشارة إلى اعتقاده أنه يمكن التوصل إلى اتفاق نووي أفضل مع إيران. وأضاف: «يجب أن نحصل على إجابات صادقة وحقيقية حول ما فعلوه» في المواقع المشتبه فيها. وقال إن «ما تريده إسرائيل هو شيء أفضل بدلاً من هذه الصفقة. والشيء الأفضل يعني إخبار الإيرانيين، استمعوا: لن يكون لديكم برنامج نووي».
وتزامنت هذه التصريحات الإسرائيلية أيضاً مع ما أوردته صحيفة «جيروزاليم بوست» الجمعة، حول أن سلاح الجو الإسرائيلي وقع اتفاقاً للحصول على أربع طائرات من طراز «بوينغ كي سي 46» بقيمة 4.927 مليون دولار، لتزويد المقاتلات الإسرائيلية بالوقود في الجو.
وتصل هذه الطائرات الجديدة إلى إسرائيل بدءاً من عام 2025.
- عودة التوتر البحري
إلى ذلك، بث التلفزيون الرسمي الإيراني أن البحرية الإيرانية احتجزت سفينتَي درون عسكريتين أميركيتَين في البحر الأحمر لفترة وجيزة. وأضاف أن «المدمّرة جماران (…) واجهت الخميس عدة سفن أبحاث درون تابعة للجيش الأميركي في الطريق البحري الدولي فيما كانت (جماران) تقوم بمهمة لمكافحة الإرهاب في البحر الأحمر»، مضيفاً أنه «بعد تحذيره مدمّرة أميركية مرتين، احتجز السفينتين المشغّلتين عن بُعد لمنع احتمال حصول حوادث». وأكد أنه «ما إن تمّ تأمين مرور الملاحة البحرية، أفرج الأسطول (الإيراني) عن السفينتين». وبث مقطع فيديو يُظهر جنوداً إيرانيين يعيدون السفينتين الأميركيتين اللتين بدتا أنهما من طراز «سيلدرون إكسبلورر»، إلى البحر.
وفي حادثة مماثلة، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، الثلاثاء، أن سفينة إيرانية احتجزت سفينة درون عسكرية أميركية في الخليج. لكنها عادت وأفرجت عنها بعد إرسال سفينة دورية ومروحية للبحرية الأميركية إلى المنطقة.


مقالات ذات صلة

«الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

شؤون إقليمية «الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

«الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التقارير بشأن إعادة وضع كاميرات مراقبة في إيران، في سياق الاتفاق الأخير بين مدير الوكالة التابعة للأمم المتحدة والمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية. وقال فريدريك دال، المتحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، أمس، إن «العمل جار» دون تحديد عدد الكاميرات أو المواقع التي وصلتها الوكالة الدولية. وأفادت «جمعية الحد من التسلح» التي تراقب امتثال لدول لمعاهدة حظر الانتشار النووي ومقرها واشنطن، بأن الوكالة الدولية بدأت في إعادة تركيب كاميرات المراقبة في بعض منشآت إيران التي تقترب من عتبة الأسلحة النووية. وتوصل غروسي في طهران بداية مارس

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية أنباء عن إعادة كاميرات المراقبة «الأممية» في منشآت نووية إيرانية

أنباء عن إعادة كاميرات المراقبة «الأممية» في منشآت نووية إيرانية

أفادت «جمعية الحد من التسلح» بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدأت في إعادة تركيب كاميرات المراقبة في بعض المنشآت النووية الإيرانية بموجب الاتفاق الأخير بين مدير الوكالة رافائيل غروسي، وإيران التي تقترب من عتبة الأسلحة النووية. وتوصل غروسي طهران في بداية مارس (آذار) إلى اتفاق مع المسؤولين الإيرانيين بشأن إعادة تشغيل كاميرات المراقبة في مواقع نووية عدة وزيادة عمليات التفتيش في منشأة فوردو. وتسبب الاتفاق في تفادي مجلس محافظي التابع للوكالة الدولية إصداراً جديداً يدين طهران بسبب عدم تجاوبها مع مطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خصوصاً تلك المتعقلة بالتحقيق في ثلاثة مواقع سرية، عثر فيها على آثا

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية الكشف عن «فوردو»... أبرز تسريبات مسؤول أعدمته إيران بتهمة التجسس

الكشف عن «فوردو»... أبرز تسريبات مسؤول أعدمته إيران بتهمة التجسس

بعد نحو 5 أشهر على إعدام علي رضا أكبري، النائب السابق لوزير الدفاع الإيراني، على خلفية اتهامه بالتجسس لصالح بريطانيا، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مصادر إسرائيلية وإيرانية أن المسؤول السابق «كان جاسوساً غير متوقع» بسبب ولائه الشديد للنظام، لكنه لعب دوراً رئيسياً في الكشف عن منشأة فوردو التي ضمت أنشطة سرية لإيران قبل أن تعترف طهران بوجود موقع تخصيب اليورانيوم الواقع تحت الأرض في عام 2009. وأعدم أكبري (62 عاماً)، الذي يحمل الجنسية البريطانية، فجر 14 يناير (كانون الثاني)، بعد ثلاثة أيام من تسريب قضية اعتقاله لوسائل الإعلام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية موسكو تُحمل الغرب تعثر إحياء «الاتفاق النووي»

موسكو تُحمل الغرب تعثر إحياء «الاتفاق النووي»

حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس من ضياع فرص إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، وحمّل الغرب مسؤولية تعثر المفاوضات. وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي في نيويورك أمس: «سيكون من الخطأ الفادح تفويت فرصة استئناف خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن برنامج إيران النووي»، وحمّل «تصرفات الغرب» المسؤولية إذ قال «في هذه المرحلة، لا يعتمد استئناف الاتفاق، على إيران أو روسيا أو الصين... الذين دمروه يجب عليهم إعادته إلى الحياة الآن». وانتقد لافروف «متطلبات جديدة لم يتم ذكرها في المسودة الأولى للاتفاق». وأضاف «لنفترض أنه تم التوصل إلى اتفاق لاستئنافه منذ فترة طويلة.

شؤون إقليمية عبداللهيان يتحدث عن «مبادرات» لاستئناف مفاوضات «النووي»

عبداللهيان يتحدث عن «مبادرات» لاستئناف مفاوضات «النووي»

أعلن وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبداللهيان، أمس أن بلاده تلقت أفكاراً بشأن مفاوضات إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 عن إيران، معرباً عن امتنانه للدور البناء لسلطان عمان ونواياه الصادقة في هذا الصدد. وفي اليوم الثاني لزيارته إلى عمان التي اختتمها أمس متوجهاً إلى بيروت، قال عبداللهيان عقب لقائه مع نظيره العماني إن مسقط «تلعب دائماً دوراً بناء» في محادثات النووية، وأضاف «قد أجرينا المشاورات اللازمة في هذا الصدد». وفي وقت لاحق، نقلت وكالة الأنباء العمانية عن عبداللهيان القول إن سلطنة عُمان لديها «مبادرات جدية» فيما يخص الملف النووي الإيراني «ستسهم» في عودة المفاوضات. وذكرت وزارة الخارجية العما

ميرزا الخويلدي (مسقط)

نائب إيراني ينفي إصابة قاآني وسط صمت «الحرس الثوري»

قاآني في المكتب التمثيلي لـ«حزب الله» مع مبعوث الحزب عبد الله صفي الدين في طهران (التلفزيون الرسمي)
قاآني في المكتب التمثيلي لـ«حزب الله» مع مبعوث الحزب عبد الله صفي الدين في طهران (التلفزيون الرسمي)
TT

نائب إيراني ينفي إصابة قاآني وسط صمت «الحرس الثوري»

قاآني في المكتب التمثيلي لـ«حزب الله» مع مبعوث الحزب عبد الله صفي الدين في طهران (التلفزيون الرسمي)
قاآني في المكتب التمثيلي لـ«حزب الله» مع مبعوث الحزب عبد الله صفي الدين في طهران (التلفزيون الرسمي)

قال نائب إيراني إن مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري» إسماعيل قاآني «بصحة جيدة»، في وقت غاب القيادي من أحدث لقاءات المرشد علي خامنئي وكبار القادة العسكريين في طهران، فيما أوردت وكالة «رويترز» نقلا عن مسؤولين إيرانيين اثنين عن فقدان «الاتصال بقاآني الذي كان في لبنان بعد مقتل نصر الله منذ ضربات في بيروت الأسبوع الماضي».

وانتشرت تكهنات بشأن مصير قائد «فيلق القدس»، بعدما ذكرت تقارير أنه توجه إلى بيروت، الاثنين الماضي، للإشراف على أوضاع جماعة «حزب الله» عن كثب في أعقاب مقتل الأمين العام للجماعة حسن نصر الله.

ولم يصدر أي تعليق من «الحرس الثوري»، لتأكيد أو نفي الأنباء عن إصابة قاآني أثناء وجوده في ضاحية بيروت الجنوبية.

وأشارت تقارير إسرائيل إلى إصابة قاآني أثناء حضوره اجتماعاً مع هاشم صفي الدين القيادي في «حزب الله»، الذي فقد الاتصال به بعد ضربات إسرائيلية عنيفة على الضاحية الجنوبية في بيروت، مساء الجمعة.

ونقل موقع «إيران أوبزرفر» الإخباري الإيراني عن عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان النائب عباس غلرو قوله، اليوم (الأحد)، إن «قاآني الحمد لله بصحة جيدة، ونأمل أن يصدر (الحرس الثوري) وأصدقاؤنا بياناً لتبديد المخاوف». ورغم نفيه إصابة قاآني، فإنه تحاشى الإشارة إلى مكان وجوده.

وأشار غلرو إلى أن «هناك كثيراً من الشائعات في هذه الأيام، ولا ينبغي الانتباه إلى الشائعات، لأن إحدى استراتيجيات العدو هي نشر اليأس بين محور المقاومة والرأي العام الداعم لها، وهذا يظهر في حرب الفضاء الإلكتروني والإعلامي».

وفي وقت سابق اليوم، نفى «مصدر مطلع» مقرب من قاآني «الشائعات المنتشرة حول إصابته». وقال لموقع «نامه نيوز» الإخباري إنه «بصحة جيدة تماماً، وإن هذه الشائعات تأتي في إطار خلق أجواء متوترة وزيادة التوترات القائمة في المنطقة».

خامنئي يمنح قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس» أمير علي حاجي زاده وسام «الفتح الذهبي» على خلفية الهجوم الصاروخي (موقع المرشد)

جاء ذلك بعدما وصفت بعض وسائل الإعلام الإيرانية التقارير المنشورة عن قاآني بأنها «(فبركات) في شبكات التواصل الاجتماعي»، مشيرة إلى أن «المصادر الأمنية تؤكد أنه بصحة كاملة».

وكان لافتاً اليوم غياب قاآني من لقاء جمع كبار قادة القوات المسلحة مع المرشد الإيراني علي خامنئي، حسبما أظهرت صور من اللقاء.

وقلّد خامنئي وسام «الفتح الذهبي» لقائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري»، أمير علي حاجي زاده، على إثر الهجوم الصاروخي الذي شنّه «الحرس الثوري» منتصف الأسبوع الماضي، رداً على «انتهاك السيادة الإيرانية، واغتيال إسماعيل هنية»، و«اغتيال حسن نصر الله، والقيادي في (الحرس الثوري) عباس نيلفروشان».

وبحسب الصور التي نشرها موقع خامنئي، حضر المراسم الخاصة، رئيس هيئة الأركان، محمد باقري، وقائد «الحرس الثوري» حسين سلامي، وقاعدة غرفة العمليات المشتركة: غلام علي رشيد، وقائد الجيش عبد الرحيم موسوي، ومحمد شيرازي مسؤول ملف الشؤون العسكرية في مكتب المرشد الإيراني.

وبدا من الصور حضور وزير الدفاع الجنرال عزيز نصر زاده، وقائد قوات الشرطة أحمد رضا رادان.

وهذا أول ظهور لقادة القوات المسلحة، على هذا المستوى، بعد غيابهم عن صلاة الجمعة، التي ألقى خطبتها خامنئي بعد أكثر من 4 سنوات. ووجّه خامنئي رسائل داخلية وخارجية بشأن التوترات مع إسرائيل، ومستقبل «محور المقاومة»، خصوصاً «حزب الله» بعد سلسلة ضربات إسرائيلية قضت على قادته.

قائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني يستمع إلى السفير السابق لدى العراق إيرج مسجدي على هامش مراسم أربعين محمد هادي حاجي رحيمي الذي قضى في ضربة جوية إسرائيلية على القنصلية الإيرانية بدمشق في مايو الماضي (أرنا)

تساؤلات

وشهدت التقارير بشأن مصير قاآني قفزة، خصوصاً في الإعلام الإسرائيلي، بعد عدم مشاركته في صلاة الجمعة.

وتساءل موقع «تابناك» المقرب من «الحرس الثوري»، السبت، عن مصير قاآني، وقال: «انتشرت شائعات حول صحة قائد (فيلق القدس) على نطاق واسع في وسائل الإعلام دون صدور بيان رسمي حتى الآن لتأكيد أو نفي هذه الأخبار».

وأوصى الموقع التابع لمكتب محسن رضائي، القيادي في «الحرس»، بنشر فيديو في وسائل الإعلام لتوضيح الموقف في حال كان قاآني بصحة جيدة. ودعا الجهات المعنية بإصدار بيان حول الوضع الصحي لقاآني، ونشر معلومات دقيقة.

وأوضح الموقع أن غياب قاآني عن الأنظار منذ فترة أدى إلى زيادة التكهنات حول حالته. وأشار إلى تزامن ذلك مع تقارير تفيد بمقتل هاشم صفي الدين. وكذلك معلومات وسائل الإعلام الإسرائيلية.

وبعد ساعات من تقرير موقع «تابناك»، نسبت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى عنصر في «الحرس الثوري» أن «صمت كبار المسؤولين الإيرانيين بشأن مصير قاآني يثير الذعر في صفوف (الحرس الثوري)».

ونقلت الصحيفة عن 3 مسؤولين، لم تُذكر أسماؤهم، أن قاآني، قد توجه الأسبوع الماضي إلى بيروت للقاء مسؤولي «حزب الله» ولمساعدة هذه الجماعة على إعادة تنظيم صفوفها، مؤكدة بذلك تقارير انتشرت الأسبوع الماضي عن توجه قاآني إلى بيروت.

وهذه المرة الثانية التي تتداول فيها أنباء عن مقتل القيادي في «الحرس الثوري»، بعدما انتشرت معلومات عن مقتله في الغارة الإسرائيلية نفسها التي استهدفت نصر الله.

لكن وكالة «مهر» الحكومية سارعت حينها إلى نفي الخبر، قبل أن يظهر قاآني في المكتب التمثيلي لـ«حزب الله»، الأحد الماضي، حيث قدّم التعازي لممثل الحزب عبد الله صفي الدين.

قاآني في المكتب التمثيلي لـ«حزب الله» مع مبعوث الحزب عبد الله صفي الدين بطهران الأحد الماضي (التلفزيون الرسمي)

«الحرب النفسية»

وقال رئيس تحرير صحيفة «همشهري» التابعة لـطهران، عبد الله كنجي، إن «أساليب التحقق من الشائعات تظهر أن الأنباء عن اغتيال الجنرال قاآني جزء من عملية نفسية أكبر، بعد خطبة الجمعة، ويتم نفيها بقوة... احذروا الحرب النفسية، ولا تنسوا بنفس الوقت الهجوم في هذه الحرب».

وكان وزير الثقافة والإعلام الإيراني، عباس موسوي، قد كتب بعد صلاة الجمعة، أن «المرشد أظهر أنه قائد مواجهة الحرب النفسية للعدو».

وكانت الأنباء المتضاربة عن مصير قائد «فيلق القدس» السابق، قاسم سليماني، خلال الحرب السورية، جزءاً من استراتيجية «الكرّ والفرّ» التي اتبعها «الحرس الثوري» على الصعيد الإعلامي، حيث تشهد المنطقة في الوقت الحالي حرباً واسعة النطاق.