«مزاج» المصريين يترقب «ضبط» مخزون القهوة والشاي

إقبال على الشراء وارتفاع في الأسعار

صورة لفنجان قهوة وحبوب قهوة محمصة (رويترز)
صورة لفنجان قهوة وحبوب قهوة محمصة (رويترز)
TT

«مزاج» المصريين يترقب «ضبط» مخزون القهوة والشاي

صورة لفنجان قهوة وحبوب قهوة محمصة (رويترز)
صورة لفنجان قهوة وحبوب قهوة محمصة (رويترز)

اعتاد الأربعيني محمد رؤوف أن يبدأ يومه كملايين المصريين بـ«الاصطباحة»، حيث يجلس صباحاً على مقهى شعبي يجاور موقف سيارات الأقاليم في محافظته، المنوفية، بدلتا مصر، لاحتساء فنجان من القهوة لضبط «مزاجه»، قبل أن يبدأ رحلته صوب العاصمة، القاهرة، استعداداً ليوم عمل طويل شاق.
إلّا أنّ صفو العادة الصباحية لرؤوف تعكّر خلال الأيام الماضية، بعد أن سمع من جيرانه على المقهى ما أُثير عن أزمة منتظرة تواجه فنجانه، بسبب مخزون البن الذي يتناقص في الوقت الحالي.
أما ما زاده تعكُّراً عندما همّ بدفع حساب فنجانه، هو عندما أخبره عامل القهوة بأنّ سعره ارتفع من 7 جنيهات إلى 10 جنيهات، بفعل ارتفاع سعر كيلو البن بأنواعه في السوق.
وشهدت مصر، خلال الأيام الماضية، تصريحات كان بطلاها البن والشاي (المشروبان الأكثر شعبية بالبلاد)، حيث أعلن رئيس شعبة البن بغرفة القاهرة التجارية، حسن فوزي، في تصريحات متلفزة، أنّ «سعر فنجان القهوة الشعبي سجّل ارتفاعاً، بعد أن زاد سعر طن البن بنسبة 100 في المائة عن العام الماضي، وقفز من ألفين إلى 4 آلاف جنيه»، لافتاً إلى «وجود أزمة بسبب تناقص مخزون البن، مع عدم وجود سرعة تدبير في الاستيراد، ووجود كميات كبيرة في الموانئ بسبب بطء الإجراءات».
تزامن ذلك مع تقدّم الشركة المنتجة لـ«شاي العروسة»، التي تستورد 60 في المائة من احتياجات السوق المحلية من الشاي، بشكوى إلى مجلس الوزراء المصري وعدد من البنوك، لحلّ أزمة توفير الدولار، حتى تتمكن من استيراد الشاي، مشيرة إلى أن «المخزون الموجود في البلاد لا يكفي سوى لشهر واحد فقط».
أمام ذلك، خرج الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية ليؤكد، في بيان، أوّل من أمس، أنّ «رصيد الشاي يتجاوز 91.670 ألف طن، ويكفي للاستهلاك أكثر من 13 شهراً، ورصيد البن يتجاوز 18.960 ألف طن، ويكفي للاستهلاك أكثر من ثلاثة أشهر ونصف الشهر، بخلاف الأرصدة في الموانئ التي ستُضاف للرصيد بمجرّد سداد قيمتها»، مؤكّداً أنّ «ما أُثير عن نقص المخزون أدّى إلى التهافت على التخزين، وشجّع ضعاف النفوس على حجب السلعة ورفع أسعارها».
«كله إلا البُن»، ردّدها رؤوف ساخراً، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنّه «لا استغناء عن فنجان القهوة والاستمتاع بمذاقه، حتى لو ارتفعت أسعاره، رغم أنّ ذلك يزيد من أعبائه المادية، في ظلّ حالة الغلاء التي تشهدها مصر والعالم».
وضجّت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، خلال الأيام الماضية، بآلاف التعليقات حول نقص مخزون البن والشاي، وعبّر روّادها، ساخرين أحياناً، وغاضبين أحياناً أخرى، عن نقص المخزون، متّهمين بعض التجار بـ«الجشع برفع سعر البن، والتسبب في إيجاد حالة من التزاحم أمام مطاحن ومنافذ بيع البن، لشرائه من أجل تخزينه»، وهو المشهد الذي يؤكّده سامح غانم، مدير المبيعات نائب المدير العام لشركة «بن اليمني عبد المعبود»، أحد أشهر الأسماء في عالم القهوة، في مصر، مؤكّداً لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك بالفعل إقبالاً متزايداً خلال الأسبوعين الماضيين على شراء البن، يُقدّر بنحو 3 أضعاف الشراء المعتاد، معلّلاً ذلك بأنه «نتيجة نقص في المخزون العام بسبب حجز كميات كبيرة من السلع في الجمارك، مما أدى إلى مخاوف المواطنين من نقص كميات البن في الأسواق».
ويشير غانم إلى «حدوث فجوة في السوق المصرية بسبب زيادة أسعار البن من جانب البعض»، نافياً «وجود رفع في أسعار البن لدى الشركة»، مؤكداً أن «لديها مخزوناً كافياً من البن يغطي معظم المحافظات المصرية»، موضحاً أن «البن الأكثر مبيعاً هو البن الفاتح الذي يُطلق عليه في السوق (الحصان الأسود)، ويليه الوسط والغامق». وأضاف أن «الحكومة المصرية سمحت بالإفراج عن السلع الموجودة في الجمارك، ومنها البن والشاي»، مشيراً إلى أنّ «السوق المصرية سوف تستقرّ بشكل كبير بعد الإفراج عن السلع الموجودة في الجمارك».
من ناحية أخرى، يؤكّد أحمد جمال، أحد المختصين في مجال التسويق ومُنظّم مهرجانات القهوة في مصر، لـ«الشرق الأوسط»: «الأيام الماضية تعكّر مزاج المصريين بشكل كبير، وأبدى كثيرون القلق حول نقص المخزون، وسبب ذلك أنّه لا بديل للشاي والقهوة؛ فهما سلعتان أساسيتان، وليستا من الرفاهية، فمصر تستهلك نحو 80 مليون طن سنوياً من البن، وتحتلّ المركز الخامس بين الدول العربية كأكبر الدول المستهلكة للقهوة، كما أنّه من الناحية الاقتصادية، فإنّ قطاع القهوة (المصري) يعمل فيه ما لا يقلّ عن 4 ملايين شخص في المقاهي بأنواعها، وفي المطاعم وغيرها».
ويلفت جمال إلى أنه «اضطر إلى تأجيل الدورة الجديدة من (مهرجان القهوة)، الذي كان مقرراً له الشهر الماضي بسبب هذا النقص»، مشيراً إلى أنه بتواصله مع مستوردي البن في مصر، أوضحوا أن لديهم مشكلات ضخمة في توفير الدولار، نافياً ما تردّد بشأن «تأثّر مصر بتراجع إنتاج محصول البن البرازيلي»، موضحاً أنّ «البن الإندونيسي يُعدّ الأكثر استهلاكاً في مصر، حيث يتمّ استيراد نحو 60 في المائة من واردات البن منها».
وزادت قيمة واردات البن في مصر بنسبة 58.2 في المائة خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2022، لتسجّل 101.305 مليون دولار، مقابل 64.032 مليون دولار في الفترة ذاتها من العام الماضي 2021، وفقاً لإحصائيات «منظمة البن الدولية» (ICO).


مقالات ذات صلة

8 فوائد صحية للقهوة السوداء

صحتك فنجان من القهوة السوداء (أرشيفية - رويترز)

8 فوائد صحية للقهوة السوداء

تشير الأبحاث إلى أن تناول القهوة السوداء قد يكون مفيداً للصحة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك رجل يحضّر فنجانين من القهوة بمقهى في كولومبيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

ما أفضل وقت لتناول القهوة لحياة أطول؟... دراسة تجيب

أشارت دراسة جديدة إلى أن تحديد توقيت تناول القهوة يومياً قد يؤثر بشكل كبير على فوائدها الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك أظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين يتناولون أربعة فناجين من القهوة يومياً تتراجع احتمالات إصابتهم بسرطان الرأس والعنق بشكل عام (رويترز)

دراسة: تناول الشاي والقهوة يقلل مخاطر الإصابة بسرطان الرأس والعنق

كشفت دراسة علمية أن تناول بعض المشروبات الساخنة في الصباح مثل الشاي والقهوة ربما يقلل الإصابة ببعض أنواع السرطان التي تصيب منطقة الرأس والعنق.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
صحتك فنجان قهوة (أ.ب)

شرب القهوة قد يضيف عامين إلى عمرك

كشفت دراسة علمية جديدة، عن أن شرب القهوة قد يطيل العمر، حيث يضيف عامين تقريباً إلى العمر.

«الشرق الأوسط» (لشبونة)
صحتك شرب القهوة يزيد من تنوع ميكروبيوم الأمعاء (إ.ب.أ)

كيف تؤثر القهوة في أمعائك؟

كشفت دراسة جديدة عن أن شرب القهوة يزيد من تنوع ميكروبيوم الأمعاء ويعزز نمو البكتيريا المفيد بها، الأمر الذي يؤثر بالإيجاب في صحتنا ككل.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ألمانيا تطالب أوروبا بزيادة الضرائب على شركات التكنولوجيا الأميركية

شعارات شركات تكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي تظهر من خلال عدسة مكبرة (رويترز)
شعارات شركات تكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي تظهر من خلال عدسة مكبرة (رويترز)
TT

ألمانيا تطالب أوروبا بزيادة الضرائب على شركات التكنولوجيا الأميركية

شعارات شركات تكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي تظهر من خلال عدسة مكبرة (رويترز)
شعارات شركات تكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي تظهر من خلال عدسة مكبرة (رويترز)

قال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، إنه حال نشوب نزاع بشأن الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة تحت حكم الرئيس دونالد ترمب، سيتعين على أوروبا الرد «بقوة».

وقال مرشح «حزب الخضر» للمنافسة على منصب المستشار، في مقابلة مع صحف مجموعة «فونكه» الألمانية الإعلامية وصحيفة «أويست فرانس» الفرنسية، إن إحدى أفكار الرد هي فرض ضرائب أعلى على شركات التكنولوجيا الكبرى.

وأضاف هابيك، الذي يشغل أيضاً منصب نائب المستشار: «هناك مقولة مفادها بأن البيانات هي النفط الجديد... إذا اتبعناها، فسنجد أننا نقوم حالياً بمنح قدر كبير من البيانات لشركات أميركية وغيرها من الشركات الكبرى دون أن تدفع مقابل ذلك».

ومن أبرز شركات التكنولوجيا الأميركية: «ألفابيت» المالكة لـ«غوغل»، و«ميتا» المالكة لـ«فيسبوك» و«واتساب»، و«أمازون» و«أوبر» و«مايكروسوفت» و«أبل».

كان ترمب أعلن مراراً خلال حملته الانتخابية أنه سيزيد الرسوم الجمركية لحماية الاقتصاد الأميركي. وهدد برفع التعريفات الجمركية على دول الاتحاد الأوروبي ما لم تزيد من مشترياتها من النفط والغاز الأميركيين لتضييق الفجوة التجارية مع الولايات المتحدة.

وقال ترمب منتصف الشهر الماضي: «أخبرت الاتحاد الأوروبي أنه يجب عليهم تعويض عجزهم الهائل مع الولايات المتحدة من خلال زيادة شراء نفطنا وغازنا. وإلا، فإن التعريفات الجمركية ستطبق كاملة». وواصل ترمب استخدام التهديد بالتعريفات الجمركية كتكتيك تفاوضي مع الدول الأجنبية التي يعتقد أنها تعامل الولايات المتحدة بشكل «غير عادل».

وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، هدد بفرض تعريفات جمركية ضخمة بنسبة 25 في المائة على جميع السلع المستوردة من كندا والمكسيك، ما لم تكثف تلك الدول ما عدّه تساهلاً في تطبيق قوانين المخدرات والحدود.

وقال هابيك: «نحن على تواصل وثيق داخل الاتحاد الأوروبي منذ فترة طويلة، ونقوم بإعداد السيناريوهات المحتملة»، مؤكداً أن الهدف يجب أن يكون الرهان على التعاون، وأضاف: «ولكننا مستعدون لخلاف ذلك».

ومع اقتراب موعد تنصيب ترمب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية في 20 يناير الحالي، دعا زعيم كتلة «حزب الشعب» في البرلمان الأوروبي، مانفريد فيبر، إلى اتخاذ إجراءات أوروبية مضادة تجاه أميركا، حال زيادة الرسوم الجمركية على الواردات إلى الولايات المتحدة.

وقال السياسي الألماني، الأسبوع الماضي، إن هذا من شأنه أن يؤثر على الشركات الرقمية الأميركية، ضمن شركات أخرى. وأضاف: «علينا أن نفترض أن ترمب سينفذ بالضبط ما أعلنه: سيكون من الممكن فرض رسوم جمركية بنسبة 20 في المائة على المنتجات الأوروبية قريباً للغاية».

وذكر فيبر أنه يتعين على أوروبا أن تستعد لخطط ترمب «بثقة في النفس»، وقال: «نحن في نفس الحجم الاقتصادي للأميركان، فكل منا يمثل أكثر من 20 في المائة من الناتج الاقتصادي العالمي. نحن قادرون أيضاً على اتخاذ تدابير مضادة... تجني الشركات الرقمية الأميركية الكثير من الأموال في الاتحاد الأوروبي، ولا تدفع أي ضرائب تقريباً - وقد يكون ذلك بالتأكيد نقطة انطلاق».

وفي المقابل، أوضح فيبر أن الاتحاد الأوروبي لا يريد حرباً تجاريةً، لأن هذا من شأنه أن يؤدي فقط إلى إضعاف الغرب بوجه عام أمام الصين، على سبيل المثال. وأوضح: «ما نحتاجه هو حلف شمال أطلسي اقتصادي. يجب أن نعرض على ترمب الوقوف معاً ضد الصين».

وذكر فيبر أن السياسة بالنسبة للرئيس الأميركي المنتخب «نوع من مصارعة الأذرع»، وأضاف: «لن يحترم ترمب أوروبا إلا إذا بدت واثقة وموحدة»، وأضاف: «الاتحاد الأوروبي وحده مسؤول عن القضايا الجمركية، ولا يوجد حق نقض من دول منفردة، وهذا يجعلنا أقوياء».