داخل متجر السلع الغذائية الكبير بمدينة 6 أكتوبر (جنوب غربي القاهرة)، فوجئت المصرية، سحر محمد (30 عاماً) بغياب ثلاثة أو أربعة أصناف من الأرز المعبأ الذي اعتادت شراءه ضمن قائمة الاحتياجات الشهرية، فضلاً عن رصدها زيادة بأسعار «الأنواع المجهولة» بالنسبة لها ليصل سعر الكيلو منها إلى أكثر من 20 جنيهاً (الدولار 19.18 جنيه مصري) مقابل 15 جنيهاً بالمتوسط قبل شهرين تقريباً.
تقول السيدة التي تعمل مُعلمة في مدرسة خاصة وأم لطفلين، إنها كانت تؤمّن احتياجاتها من الأرز خلال الشهرين الماضيين، لكن ومع بدء نفاد مخزونها من «السلعة الرئيسية» في غذاء أسرتها، وضعتها على بند الاحتياجات، لكنها «صُدمت» بالأسعار الجديدة.
«الزيادة في أسعار الأزر» اعتبرتها الحكومة المصرية، في بيان (الأربعاء) «غير مبررة» وقالت، إنها «أثرت على استقرار السوق، وبما يشكل عبئاً على المواطن المصري كمستهلك»؛ غير أن تلك السلعة ليست وحدها، فمنذ بدء تحرك أسعار سعر الصرف للدولار مقابل الجنيه، شهدت الأسواق المحلية زيادات كبيرة في كل السلع.
ومنذ بداية أسبوع العمل المصرفي في مصر (الأحد)، وحتى يوم (الخميس) سجل الدولار زيادة بنحو 4 قروش مقابل العملة المحلية ليتحرك من 19.14 جنيه إلى 19.18 جنيه، وسط ترقب لما يصفه الخبراء بـ«التعويم البطيء» للجنيه.
وفي تدخل لافت بأسعار السوق، وافق مجلس الوزراء المصري، (الأربعاء) على تحديد سعر الأرز الأبيض، مستنداً إلى قانون «حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية» والذي تنص مواده على أنه «يجوز بقرار من مجلس الوزراء تحديد سعر بيع منتج أساسي أو أكثر لفترة محددة، وذلك بعد أخذ رأي جهاز حماية المنافسة».
وذهب مجلس الوزراء، إلى أنه «بمتابعة السوق المحلية وأسعار السلع والمنتجات الغذائية، تلاحظ في الآونة الأخيرة ظهور عديد من الممارسات التي أدت إلى زيادات غير مبررة في أسعار الأرز على نحو أثر على استقرار السوق وبما يشكل عبئاً على المواطن المصري كمستهلك، أخذاً في الاعتبار أن الأرز سلعة استهلاكية لا يجوز الاستغناء عنها».
كما أفاد «الوزراء»، بأن نتائج دراسة «وزارة التموين» أظهرت، أن «السعر العادل لبيع الأرز الأبيض للجمهور كالتالي: الأرز الأبيض غير المعبأ لا يزيد على 12 جنيهاً، والأرز الأبيض المعبأ لا يزيد على 15 جنيهاً».
ولم يكن الأرز من بين السلع التي تستوردها مصر حتى سنوات قليلة مضت، وظلت توصف بأنها الأكثر إنتاجاً للأرز في أفريقيا، غير أنها أدخلت تعديلات في عام 2018 على قانون الزراعة يمنح سلطة «حظر زراعة الحاصلات كثيفة الاستهلاك للمياه في بعض المناطق»، ومن بينها الأرز.
ومنذ ذلك الحين بدأت مصر استيراد الأرز، في موازاة خفض المساحات المزروعة توفيراً للمياه.
وتأثرت أسعار سلع عدة بالزيادة في مصر، في حين أرجع تجار ومتعاملون بالأسواق الأمر إلى «سعر الدولار» وعدم اليقين في استقرار العملة المحلية، ومنذ تعويم مصر الأول للعملة في عام 2016 قفزت العملة الأميركية بشكل كبير حينها مقابل الجنيه من 8.8 جنيه إلى نحو 19.6 جنيه عقب التعويم مباشرة.
وفي مارس (آذار) الماضي تراجعت قيمة الجنيه مقابل الدولار، وسجل «الأخضر» 18.2 جنيه، بعد 15.6 جنيه، فيما عُرف بـ«التعويم الثاني» للعملة، ومنذ ذلك الحين اتخذ الدولار مساراً تصاعدياً متفاوت السرعة ليبلغ (الخميس) 19.18 جنيه.
ولم يكن الأرز وحده الذي تدخلت الحكومة لضبط توفيره، بالأسواق، إذ اعتمدت سعراً استرشادياً لشراء القمح من المزارعين المحليين بقيمة 1000 جنيه للأردب (توريدات عام 2023)، وذلك وسط أزمة عالمية في تصدير القمح بفعل الحرب الروسية - الأوكرانية.
ويقول مسؤولون مصريون، ومن بينهم وزير المالية، محمد معيط، إن «الأوضاع المالية للدولة مطمئنة، وتسير في الاتجاه الصحيح، وذلك رغم كل الصعوبات وارتفاع تكلفة القمح والبترول والمواد الغذائية»، ومضيفاً أن بلاده «استوعبت تضاعف أسعار السلع عالمياً، وسددت كل الالتزامات في مواعيدها».
كما تواصل البلاد مفاوضاتها مع «صندوق النقد الدولي» بهدف الحصول على قرض جديد لتلافي آثار «جائحة كورونا»، و«حرب أوكرانيا».
بدوره، أعلن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، «زيادة الدعم الاستثنائي للأسر الأكثر احتياجاً على بطاقات التموين إلى 300 جنيه بدلاً من 100»، كما قرر - بحسب وسائل إعلام محلية «التجهيز لحملة إجراءات حماية اجتماعية تصل إلى مليون أسرة خلال سبتمبر (أيلول) المقبل».
آثار «التعويم البطيء» للدولار تترك بصمتها على المصريين
الحكومة تعتبر زيادات الأرز «غير مبررة»... وترقُّب لمسار «العملة الخضراء»
آثار «التعويم البطيء» للدولار تترك بصمتها على المصريين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة