محافظ الضالع: جهودنا منصبة على الناحيتين الإنسانية والأمنية

الجعدي قال إن معاناة السكان تماثل الدمار الذي لحق بمنشآتها وبينها قصرها التاريخي

محمد الجعدي
محمد الجعدي
TT

محافظ الضالع: جهودنا منصبة على الناحيتين الإنسانية والأمنية

محمد الجعدي
محمد الجعدي

قال محافظ الضالع فضل محمد الجعدي إن معاناة المحافظة، الواقعة وسط اليمن، تماثل عظم الدمار الذي لحق بالمحافظة ومرافقها، ومن بينها «قصر الأمير»، ذلك المعلم التاريخي الذي لم يسلم من عبث الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس المخلوع، وباتت عودته إلى وضعه السابق تستلزم الإمكانات والجهد.
وأضاف الجعدي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن أهم القضايا التي سيعمل عليها خلال الفترة المقبلة تتمثل بمسألتين أساسيتين؛ الأولى تتعلق بالناحية الإغاثية الإنسانية، فيما الأخرى بتطبيع الأوضاع الأمنية باعتبارها مرتكز كل نشاط وعمل تنموي وإداري واقتصادي. وأشار إلى أن أهم المشكلات التي تعاني منها مدينة الضالع والمناطق المجاورة في الوقت الراهن ناتجة عن أزمة خانقة في مادة الديزل، ولفت إلى أن الحصار المفروض على الضالع من جهتي العند جنوبا وقعطبة شمالا، تسبب في توقف المستشفيات وأعمال النظافة والنشاط التجاري والاقتصادي والخدمي، وغيرها من الخدمات والأنشطة المعتمدة على مادة الديزل. ونوه المحافظ الجعدي بقيامه بتفقد مستشفى «النصر» الحكومي ومكتب البريد؛ إذ وجد المستشفى يعاني من سوء تخزين الدواء، وشكوى من عمل المجارحة في وضعية كهذه، والحال تنطبق على خدمات البريد والنظافة والاتصالات والمياه والكهرباء والتجارة، «فكل الخدمات والمواد والسلع تأثرت بالحصار الجائر المفروض على الضالع من قبل الميليشيات وقوات الرئيس المخلوع، الذي كان من نتائجه ارتفاع سعر دبة الديزل سعة 20 لترا من 3 آلاف إلى 18 ألف ريال يمني (الدولار يساوي 222 ريالا يمنيا)».
وكان محافظ الضالع قد عقد، أمس، أول اجتماع له بمديري الوزارات عقب تعيينه من قبل الرئيس عبد ربه منصور هادي محافظا للمحافظة إثر سيطرة المقاومة على مدينة الضالع يوم 25 مايو (أيار) الماضي ودحر الميليشيات الحوثية وقوات صالح. وفي اللقاء، استمع المحافظ إلى مديري الأجهزة التنفيذية الذين طرحوا عليه جملة من المشكلات ذات الصلة باستئناف عملها، وفي مقدمتها المشتقات النفطية وما ترتب عليها من أثر على مختلف القطاعات والأنشطة، وأشاروا إلى أن الأولويات تتمثل بتوفير المشتقات النفطية والغذاء والدواء باعتبارها ضرورة ملحة وآنية، علاوة على تفعيل الإدارات الخدمية؛ الصحية والتعليمية والبريدية والبيئية والأمنية.
إلى ذلك، كان المحافظ قد أكد أن قضايا مثل هذه تمثل أولوياته، لافتًا في السياق ذاته إلى أن الضالع تلزمها جهود كل أبنائها وكل القوى الخيرة، ومنوها برفع بعض المسائل إلى القيادة السياسية ممثلة بالرئيس هادي ونائبه والحكومة الموجودة في العاصمة الرياض.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.