طفرة نمو في تركيا مع سقف استمرارية منخفض

الاقتصاد توسع 7.6 % في الربع الثاني اعتماداً على الصادرات

سجل الاقتصاد التركي نمواً بنسبة 7.6 % في الربع الثاني (رويترز)
سجل الاقتصاد التركي نمواً بنسبة 7.6 % في الربع الثاني (رويترز)
TT

طفرة نمو في تركيا مع سقف استمرارية منخفض

سجل الاقتصاد التركي نمواً بنسبة 7.6 % في الربع الثاني (رويترز)
سجل الاقتصاد التركي نمواً بنسبة 7.6 % في الربع الثاني (رويترز)

سجل الاقتصاد التركي نمواً بنسبة 7.6 في المائة على أساس سنوي في الربع الثاني من العام الحالي، بزيادة طفيفة عما كان متوقعاً، مدفوعاً بزيادة الصادرات والطلب المحلي والأجنبي. وأظهرت بيانات معهد الإحصاء التركي، الأربعاء، أن الناتج المحلي الإجمالي نما بنسبة 2.1 في المائة.
وتوقع استطلاع لوكالة «الأناضول» التركية نمواً بنسبة 7.3 في المائة، فيما توقع استطلاع لـ«رويترز» نمواً بنسبة 7.5 في المائة في الربع الثاني، على أن يبلغ النمو في العام بأكمله 4 في المائة.
ومن المتوقع أن يتراجع النمو في النصف الثاني من العام نتيجة تراجع اتجاه الطلب المحلي والخارجي، بسبب التباطؤ المتوقع في أوروبا، التي تعد أكبر شركاء تركيا التجاريين.
وفي العام الماضي، تعافى الاقتصاد التركي بقوة من جائحة كورونا، وحقق نمواً بنسبة 11.4 في المائة، في أعلى معدل له منذ عقد كامل.
وأشار معهد الإحصاء التركي إلى ارتفاع تقدير الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بنسبة 114.6 في المائة في الربع الثاني من العام، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث بلغت قيمة الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني بالأسعار الجارية، 219 ملياراً و335 مليون دولار.
وعقب وزير الخزانة والمالية التركي، نور الدين نباتي، على الأرقام التي أعلنها معهد الإحصاء، قائلاً إن اقتصاد بلاده احتل المركز الثاني بين الاقتصادات الأكبر نمواً في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومجموعة العشرين خلال الربع الثاني من العام.
وقال نباتي، في تغريدة على «تويتر»: «لم نظهر فقط الأداء القوي للنمو في الربع الثاني، بل حافظنا على النمو المتوازن لمدة 5 أرباع متتالية... مسار النمو القوي انعكس على سوق العمل في النصف الأول من العام، تم توظيف 900 ألف شخص خلال تلك الفترة وخفض البطالة إلى 10.3 في المائة».
وأضاف أن المكاسب التي حققتها تركيا مع النموذج الاقتصادي، الذي يولي أهمية للنمو والتوظيف ودعم الإنتاج والصادرات، سيستمر حتى نهاية العام. من جانبه، قال وزير التجارة محمد موش إن الصادرات أسهمت بـ3.87 نقطة في نمو اقتصاد البلاد بالربع الثاني من العام. وأضاف موش عبر «تويتر»: «أسهمت الصادرات بـ3.87 نقطة في النمو، نصف النمو نجم عن صادرات السلع والخدمات... مساهمة صافي الصادرات من السلع والخدمات في النمو بلغت 2.7 نقطة».
ودافع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن النموذج الاقتصادي الذي يعطي الأولوية للصادرات والإنتاج والتوظيف على حساب استقرار الأسعار والعملة في مواجهة المقارنة بين النمو والتضخم قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستشهدها تركيا منتصف العام المقبل.
ويحارب إردوغان ضد أسعار الفائدة المرتفعة، ويعتمد على مرونة الأسر والشركات في التعامل مع التضخم السنوي الذي ارتفع إلى حدود 80 في المائة في يوليو (تموز)، مع انخفاض سعر الليرة إلى مستوى قياسي، بلغ في تعاملات الأربعاء 18.19 ليرة للدولار.
وتعهد الرئيس التركي، الاثنين، بأن بلاده «ستخرج بأقل الخسائر من العاصفة الاقتصادية العالمية عبر اختيارها النموذج الاقتصادي القائم على الإنتاج والتوظيف»، قائلاً إن الشعب سيرى بشكل أفضل بعد رأس السنة الجديدة الانعكاسات الإيجابية للتدابير والسياسات الاقتصادية المتبعة حالياً على حياته اليومية، وستتراجع الأسعار.
واختار البنك المركزي بدلاً من العمل على كبح جماح التضخم والأسعار غير المعقولة للسلع، خفض الفائدة خلال أغسطس (آب) 100 نقطة أساس إلى 13 في المائة... وأدى الخفض المفاجئ للفائدة على خلاف التوقعات وتحذيرات وكالات التصنيف الدولية من السياسة النقدية «المتساهلة للغاية» في تركيا إلى وصول مؤشر الفائدة القياسي في تركيا إلى ما يقرب (سالب 67 في المائة) عند تعديله وفقاً للتضخم، وهو أكثر معدلات الفائدة السلبية في العالم.
وأدى التحفيز إلى زيادة الطلب والإقراض في اقتصاد يمثل فيه إنفاق الأسر أكثر من نصف الناتج المحلي. وشهد استخدام بطاقات الائتمان التركية للتسوق زيادة تجاوزت 112 في المائة في الفترة من أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران)، مقارنة بالعام الماضي، وفقاً لبيانات «إنتربنك كارد سنتر». وأضافت السياحة المزدهرة دفعة أخرى، حيث ارتفع عدد الوافدين والإنفاق من قبل الأجانب بنسبة تزيد على 100 في المائة خلال العام الحالي.
ومع ذلك، يتوقع خبراء اقتصاديون أن طفرة النمو في تركيا قد لا تمضي في مسارها. وأشار مسح حديث إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي قد ينخفض في الربع الأخير من العام إلى 1.3 في المائة.
وبالفعل ظهرت مؤشرات تباطؤ في الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة، مع تدهور ظروف العمل بين الشركات المصنعة التركية، في يوليو، إلى أقصى حد منذ الموجة الأولى من جائحة فيروس «كورونا».
ويبقى خطر حدوث ركود في أوروبا مصدر قلق، على نحو خاص، لأنها الوجهة الرئيسية للصادرات التركية. واعترف البنك المركزي التركي، بالفعل، بفقدان بعض الزخم في الاقتصاد كرد فعل منطقي على خفض سعر الفائدة.
وحذر محللون في «آي إن جي بنك» من أنه يمكن للسياسات النقدية الفضفاضة للغاية أن تعود لتلاحق تركيا، ومن أن «علاوة المخاطر المرتفعة في الأسواق المالية ومخاطر الاستقرار الكلي المتزايدة قد تؤثر في الطلب المحلي».
وقال المحلل في البنك، محمد مرجان: «نشهد ضغوطاً مستمرة في التكلفة، وظروفاً مالية عالمية أكثر صرامة، وبيئة تنظيمية محلية صعبة، ما يصنع ضغوطاً على قطاع الشركات... هناك احتمال لفقدان الزخم في الصادرات بالنظر إلى التباطؤ في منطقة اليورو».
وقالت وكالة «فيتش» الدولية للتصنيف الائتماني، الثلاثاء، إن انكشاف البنوك الخليجية في تركيا، من خلال شركات أو مصارف تابعة لها، يتزايد وقد يشكل عاملاً ائتمانياً سلبياً، بسبب تدهور الظروف التشغيلية والوضع الاقتصادي وارتفاع التضخم، مؤكدة قدرة تلك البنوك واستعدادها لتزويد مصارفها التابعة لها في تركيا بالدعم المالي إذا لزم الأمر.
وأوضحت أن انكشافات البنوك الخليجية في تركيا ستنعكس في تصنيفاتها الائتمانية، وقد تتناقص بسبب انخفاض قيمة الليرة التركية.
وخفضت «فيتش»، في يوليو، تصنيف 25 بنكاً تركياً مع توقعات سلبية، بعد خفض التصنيف الائتماني للبلاد من «بي» إلى «بي»، على خلفية التضخم المفرط وزيادة مخاطر الاقتصاد الكلي، حيث تجاوز التضخم المتراكم في البلاد نسبة الـ100 في المائة على مدى 3 سنوات، لافتة إلى أن معايير المحاسبة الدولية نتيجة التضخم المفرط يتطلب من البنوك الخليجية إعادة تقييم الموجودات والأصول غير النقدية لاحتساب تأثير التضخم، ما يؤدي إلى تقييم صافي الخسائر النقدية في بياناتها المالية.
واستبعدت الوكالة خروج البنوك الخليجية من تركيا رغم الظروف التشغيلية الصعبة، بسبب عدم وجود مشترين محتملين لأعمالها هناك، مؤكدة أن البنوك الخليجية تملك ملاءة مالية قوية وستكون قادرة على تزويد فروعها في تركيا والشركات التابعة لها بالدعم المالي إذا لزم الأمر.
وبحسب «فيتش» فإن البنوك الخليجية ومصارفها التابعة لها في تركيا سجلت صافي خسائر نقدية بقيمة 950 مليون دولار في النصف الأول من العام الحالي، موضحة أنه كان من الممكن أن تكون تلك الخسائر أعلى لولا مكاسب حققتها في شراء سندات مرتبطة بمؤشر أسعار المستهلك.
وتوقعت الوكالة مزيداً من الخسائر النقدية الصافية للبنوك الخليجية في تركيا في النصف الثاني من العام وفي عام 2023، لكنها رجحت أن تنخفض تلك الخسائر تدريجياً مع تراجع التضخم البطيء في البلاد، متوقعة أن يبلغ متوسط التضخم في تركيا 71.4 في المائة بنهاية العام الحالي و57 في المائة العام المقبل.


مقالات ذات صلة

«المركزي» التركي: تراجع التضخم أبطأ من المتوقع

شؤون إقليمية «المركزي» التركي: تراجع التضخم أبطأ من المتوقع

«المركزي» التركي: تراجع التضخم أبطأ من المتوقع

قال محافظ «البنك المركزي التركي»، شهاب قافجي أوغلو، أمس (الخميس)، إن المؤسسة أبقت على توقعاتها للتضخم عند 22.3 في المائة لعام 2023، وهو ما يقل عن نصف النسبة بحسب توقعات السوق، رغم انخفاض التضخم بمعدل أبطأ مما كان البنك يتوقعه. وأثارت التخفيضات غير التقليدية في أسعار الفائدة التي طبقها الرئيس رجب طيب إردوغان أزمة عملة في أواخر عام 2021، ليصل التضخم إلى أعلى مستوى له في 24 عاماً، عند 85.51 في المائة، العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

<div>دفع إقدام تركيا على دخول مجال الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء عبر محطة «أككويو» التي تنشئها شركة «روساتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد، والتي اكتسبت صفة «المنشأة النووية» بعد أن جرى تسليم الوقود النووي للمفاعل الأول من مفاعلاتها الأربعة الخميس الماضي، إلى تجديد المخاوف والتساؤلات بشأن مخاطر الطاقة النووية خصوصاً في ظل بقاء كارثة تشيرنوبل ماثلة في أذهان الأتراك على الرغم من مرور ما يقرب من 40 عاما على وقوعها. فنظراً للتقارب الجغرافي بين تركيا وأوكرانيا، التي شهدت تلك الكارثة المروعة عام 1986، ووقوعهما على البحر الأسود، قوبلت مشروعات إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية باعتراضات شديدة في البد</div>

شؤون إقليمية انخفاض معدل التضخم في تركيا للشهر السادس على التوالي

انخفاض معدل التضخم في تركيا للشهر السادس على التوالي

انخفض معدل التضخّم في تركيا مجدداً في أبريل (نيسان) للشهر السادس على التوالي ليصل الى 43,68% خلال سنة، قبل أقل من أسبوعين على الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة في البلاد.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية الليرة التركية في أدنى مستوياتها مع اقتراب الانتخابات

الليرة التركية في أدنى مستوياتها مع اقتراب الانتخابات

تراجعت الليرة التركيّة إلى أدنى مستوى لها، مقابل الدولار، أمس الثلاثاء، مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن نتائج الانتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة، في منتصف مايو (أيار)، والتي قد تؤدّي إلى أوّل تغيير سياسي منذ عشرين عاماً، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وتراجعت العملة إلى 19.5996 ليرة للدولار الواحد، وهو أمر غير مسبوق، منذ اعتماد الليرة الجديدة في يناير (كانون الثاني) 2005. منذ الانخفاض المتسارع لقيمة العملة التركيّة في نهاية 2021، اتّخذت الحكومة تدابير لدعمها، على أثر تراجعها جرّاء التضخّم وخروج رؤوس الأموال. وقال مايك هاريس؛ من شركة «كريبستون ستراتيجيك ماكرو» الاستشاريّة، إنّ «ذلك قد فشل»، فع

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
العالم كليتشدار أوغلو أعلن برنامج أول 100 يوم... وإردوغان يتهم الغرب بالوقوف ضده

كليتشدار أوغلو أعلن برنامج أول 100 يوم... وإردوغان يتهم الغرب بالوقوف ضده

بينما أطلق مرشح المعارضة لرئاسة تركيا كمال كليتشدار أوغلو برنامج الـ100 يوم الأولى بعد توليه الحكم عقب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في 14 مايو (أيار) المقبل، أكد الرئيس رجب طيب إردوغان ثقته في الفوز بالرئاسة مجددا من الجولة الأولى، معتبرا أن الانتخابات ستكون رسالة للغرب «المتربص» بتركيا. وتضمن البرنامج، الذي نشره كليتشدار أوغلو في كتيب صدر اليوم (الخميس) بعنوان: «ما سنفعله في أول 100 يوم من الحكم»، أولويات مهامه التي لخصها في تلبية احتياجات منكوبي زلزالي 6 فبراير (شباط)، وتحسين أوضاع الموظفين والمزارعين وأصحاب المتاجر والشباب والنساء والمتقاعدين والأسر، متعهداً بإطلاق حرب ضد الفساد

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».