أعلنت باكستان، أمس الثلاثاء، حاجتها إلى أكثر من 10 مليارات دولار لإصلاح وإعادة بناء البنى التحتية المتضررة، جراء الفيضانات المدمرة الناجمة عن الأمطار الموسمية الغزيرة التي تعرضت لها مؤخراً؛ بينما ناشدت الأمم المتحدة الدول المانحة تقديم 160 مليون دولار لمساعدة باكستان، وذلك في وقت عملت فيه طائرات هليكوبتر تابعة للجيش على إنقاذ أسر محاصرة، وإلقاء إعانات غذائية على مناطق تعذر الوصول إليها بعد هطول الأمطار الغزيرة.
وقال وزير التخطيط إحسان إقبال، إن باكستان بحاجة لأكثر من 10 مليارات دولار لأعمال التصليح وإعادة بناء البنى التحتية المتضررة. وأوضح لوكالة «الصحافة الفرنسية» أن «أضراراً هائلة لحقت بالبنى التحتية؛ خصوصاً الاتصالات والطرقات والزراعة وسبل العيش». وألقى المسؤولون الباكستانيون باللائمة على التغير المناخي الذي يضاعف وتيرة وشدة ظواهر الطقس المتطرفة الشديدة في أنحاء العالم.
وقالت وزيرة التغير المناخي شيري رحمن لوكالة «الصحافة الفرنسية»، إن «مشاهدة الدمار على الأرض تبعث على الذهول حقاً». وأضافت: «عندما نرسل مضخات مياه يقولون لنا: إلى أين نضخ المياه؟ المكان محيط واحد كبير، لا أرض جافة نسحب المياه إليها».
وتابعت: «حرفياً: ثلث مساحة البلاد تحت الماء»، وشبَّهت الكارثة بأفلام الكوارث. وسجلت البلاد كلها معدل أمطار موسمية يزيد بمرتين عن المعتاد، بحسب مكتب الأرصاد؛ لكن متوسط هطول الأمطار في إقليمي بلوشستان والسند بلغ أربعة أضعاف معدلاته في العقود الثلاثة الماضية.
ونهر السند الممتد على طول الدولة الواقعة بجنوب آسيا، مُهدد بالفيضان على وقع السيول المتدفقة من روافده في الشمال.
وكانت مياه الفيضانات المدمرة التي تغمر ثلث أراضي باكستان، بعد أسوأ أمطار موسمية تشهدها البلاد منذ 3 عقود، قد أسفرت عن وقوع ما لا يقل عن 1136 قتيلاً، وأتت على أراضٍ زراعية حيوية. وطالت هذه الفيضانات أكثر من 33 مليون شخص، أي ما يعادل باكستانياً من كل سبعة، بينما دُمر حوالي مليون منزل، أو تعرض لأضرار جسيمة.
وتسارعت جهود الإغاثة أمس الثلاثاء، في المناطق التي تضربها الفيضانات. والمناطق الجافة في الجنوب والشرق محدودة، وتكتظ طرق سريعة مرتفعة وسكك حديدية بنازحين فروا من السهول الغارقة.
وتأتي كارثة الفيضانات في أسوأ الأوقات بالنسبة لباكستان التي يشهد اقتصادها انهياراً حاداً. وأعلنت حكومتها التي ناشدت المجتمع الدولي المساعدة، حالة طوارئ.
وبدأت أولى رحلات الإغاثة مؤخراً بالوصول من تركيا ودولة الإمارات، بينما وعدت دول أخرى، منها كندا وأستراليا واليابان، بالمساهمة.
وأطلقت الأمم المتحدة نداءً رسمياً بهدف جمع 160 مليون دولار من التبرعات لتمويل مساعدات طارئة. وتم إطلاق حملة التبرعات من جنيف والعاصمة الباكستانية إسلام آباد في الوقت نفسه.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في تصريح عبر الفيديو: «باكستان غارقة في المعاناة. الشعب الباكستاني يواجه رياحاً موسمية عاتية ومدمرة. التأثير الذي لا يرحم لهطول الأمطار والفيضانات بمستويات تاريخية». وأضاف أن حجم احتياجات البلاد يتطلب اهتماماً عالمياً في ظل اضطرار الملايين إلى ترك منازلهم ومدارسهم، والدمار الذي لحق بالمرافق الصحية وسبل العيش.
ولفت إلى أن «عدم إعطاء أولوية قصوى للتحرك المناخي أمر مشين، بينما يزداد انبعاث غازات الدفيئة الذي يعرضنا جميعاً -في كل مكان- لمخاطر أكبر».
وصرح المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ينس لاركي، في مؤتمر صحافي في جنيف: «شعب باكستان بحاجة ماسة إلى التضامن والدعم الدوليين». وقال إن حوالي 500 ألف شخص نزحوا بسبب الفيضانات، ولجأوا إلى المخيمات؛ بينما يقيم كثيرون بشكل مؤقت مع عائلات مضيفة.
وتابع: «من المتوقع أن تستمر الأمطار الغزيرة، ومع وجود عديد من السدود والأنهار عند مستويات الفيضانات، فمن المرجح أن يتفاقم الوضع قبل أن يتحسن».
ودعا جوليان هارنيس، المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في باكستان، إلى «تقاسم الأعباء والتضامن» في أعقاب «الكارثة الناجمة عن تغير المناخ»، والتي قال إنها من المتوقع أن تتفاقم.
وقال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، كريستيان ليندماير، إن المرافق الصحية في باكستان تضررت بشدة جراء الفيضانات، مع إلحاق «أضرار بالغة» في 180 منها.
وباكستان بحاجة لدعم دولي أساساً، وقد فاقمت الفيضانات الصعوبات التي تواجهها. فأسعار السلع الأساسية؛ لا سيما البصل والطماطم والحمص، ترتفع، بينما يتحسر الباعة على نقص الإمدادات من إقليمي السند والبنجاب.
ووردت بعض الأنباء الطيبة، الاثنين، مع إعلان صندوق النقد الدولي الموافقة على برنامج قروض لباكستان يفرج عن شريحة أولى قدرها 1.1 مليار دولار.
وتنتشر مخيمات إيواء موقتة في كافة أرجاء باكستان، في مدارس وعلى طرق سريعة وفي قواعد عسكرية.
في بلدة ناوشيرا بشمال غربي البلاد، تحول معهد للتدريب التقني إلى مركز يؤوي 2500 من متضرري الفيضانات، خلال حرّ الصيف، مع مساعدات غذائية متقطعة، وكمية محدودة من مياه الاغتسال.
وقال أحدهم، ويدعى مالانغ جان (60 عاماً) لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «منذ 3 أيام ونحن لا نأكل غير الأرز... لم أتخيل أبداً أنه سيأتي يوم نعيش فيه هكذا. فقدنا جنّتنا، والآن أُرغمنا على العيش حياة تعيسة».
باكستان تعلن حاجتها إلى 10 مليارات دولار لمواجهة الفيضانات
الأمم المتحدة تطلق حملة لجمع تبرعات بـ160 مليون دولار
باكستان تعلن حاجتها إلى 10 مليارات دولار لمواجهة الفيضانات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة