تكاد معظم الانتخابات في قارة أفريقيا لا تخلو من إثارة للجدل وعمليات تشكيك في النتائج، وآخرها انتخابات كينيا وأنغولا، حيث يحتجّ الخاسرون.
ويترقّب الكينيون حكماً قضائياً فاصلاً في نتيجة الانتخابات الرئاسية، التي أُجريت هذا الشهر، عقب طعن زعيم المعارضة رايلا أودينغا بالنتائج، فيما تحتجّ قوى المعارضة في أنغولا على فوز الحزب الحاكم في الانتخابات التشريعية، والتي منحت نتائجها النهائية الرئيس المنتهية ولايته جواو لورينسو ولاية ثانية، في ختام اقتراع شهد تنافساً محتدماً.
وأُعلن اليوم (الثلاثاء)، تنصيب لورينسو رئيساً لولاية جديدة، بعد أن تصدّر حزبه الحاكم «الحركة الشعبية لتحرير أنغولا» الانتخابات التشريعية بنسبة 51.17 في المائة من الأصوات، مقابل 43.95 في المائة لحزب «الحركة من أجل استقلال أنغولا التام» (يونيتا)، الذي يقود المعارضة، بحسب النتائج الرسمية.
ولا توجد انتخابات رئاسية في أنغولا، التي يقع أكثر من نصف مواطنيها تحت خط الفقر، حيث ينصّ الدستور على تعيين رئيس قائمة الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية رئيساً للدولة، فيما تحكم «الحركة الشعبية لتحرير أنغولا» المستعمرة البرتغالية السابقة منذ نيلها الاستقلال عام 1975.
وقال لورينسو في مؤتمر صحافي عقب النتائج النهائية: «المجتمع الدولي ينظر إلى هذه الانتخابات على أنّها حرة ونزيهة وشفافة»، ووعد بتوفير مزيد من الوظائف للشبان، في بلد يعاني نصف من هم دون 25 عاماً من البطالة، ولا يشعر عددٌ يذكر منهم بالاستفادة من ثروته النفطية الهائلة.
في المقابل، أعلن كوستا جونيور زعيم حزب يونيتا، احتجاجه على النتائج، مشيراً إلى «تناقضات بين الإحصاء الرسمي وإحصاءات حزبه»، وطالب بـ«لجنة دولية لمراجعة الأرقام».
ويخشى مراقبون أن يؤدي الجدل حول نتائج الانتخابات، إلى إثارة احتجاجات في الشوارع وأعمال عنف، فرغم شهادة مراقبين دوليين من مجموعة تنمية دول الجنوب الأفريقي (سادك) بأنّ عملية التصويت جرت في أجواء «هادئة وسلمية»، فإنّهم أشاروا إلى «عدم كفاية عدد المراقبين المحليين».
وقال رئيس بعثة مراقبي مجموعة الدول الناطقة بالبرتغالية خورخي كارلوس فونسيكا، الرئيس السابق لجزر الرأس الأخضر، لشبكة «سي إن إن» إنّ «التقييم الأولي للبعثة لم يذكر أنّ التصويت كان نزيهاً وحراً».
وأضاف أنّه «تمّ إدراج أسماء نحو 2.7 مليون متوفّ في قوائم الناخبين، ولم يُمنح مندوبو الأحزاب في مراكز الاقتراع الحق في الاطلاع على القوائم كما حصل بعض المرشحين على وقت بث أكثر من غيرهم».
وإذا قرّر كوستا جونيور الاعتراض على النتيجة، فعليه تقديم شكوى إلى مفوّضية الانتخابات، وإذا رفضت ذلك، فيمكنه عندئذ الطعن في النتيجة أمام المحكمة الدستورية، والتي يجب أن تُصدر حكمها في غضون 72 ساعة.
وتشير الدكتور سماء سليمان، خبيرة العلاقات الدولية إلى أنّ الجدل حول نتائج الانتخابات في أنغولا، يُعدّ امتداداً طبيعياً لما تعيشه غالبية دول القارة الأفريقية، من «ديمقراطيات هشة» غير مستقرة.
وترجع سليمان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الأزمة الراهنة في أنغولا إلى المنافسة المحتدمة وغير المعتادة التي شهدتها الانتخابات، حيث بدت المعارضة أقوى من العهود السابقة، مستندة إلى امتعاض شعبي متنامٍ إزاء الحزب الحاكم.
ووفق استطلاع أجرته شبكة البحث الأفريقية (Afrobarometer)، في مايو (أيار) الماضي، فإنّ تفضيل الأنغوليين لحزب «يونيتا» بقيادة جونيور، ارتفع إلى 22 في المائة من 13 في المائة عام 2019، ولا يزال خلف الحزب الحاكم بفارق سبع نقاط، وما يقرب من نصف الناخبين كانوا مترددين.
ومن أنغولا بجنوب أفريقيا، إلى شرق القارة السمراء، حيث قدّم زعيم المعارضة في كينيا رايلا أودينغا طعناً أمام المحكمة العليا الأسبوع الماضي، في نتيجة الانتخابات الرئاسية التي جرت هذا الشهر، زاعماً أنّ «فريقاً يعمل لصالح نائب الرئيس ويليام روتو اخترق نظام الانتخابات، واستبدل بالصور الأصلية للنماذج التي تحمل نتائج مراكز الاقتراع أخرى مزيّفة، ممّا أدى إلى زيادة حصيلة روتو من الأصوات.
وبحسب النتائج الرسمية المعلنة، تقدّم نائب الرئيس المنتهية ولايته ويليام روتو بنحو 230 ألف صوت وحصل على 50.49 في المائة من الأصوات مقابل 48.85 في المائة لأدوينغا.
ومن المقرر أن تصدر المحكمة قرارها في موعد أقصاه الخامس من سبتمبر (أيلول) المقبل.
وقال أودينغا: «سأحترم حكم المحكمة، وسأحارب الفساد من مقاعد المعارضة إذا رفض القضاء الطعن»، لكنّه لا يزال يعتقد أنّه ينبغي إعلانه الفائز بالتصويت.
ووفقاً لخبير الشؤون الأفريقية، الدكتور حمدي عبد الرحمن، يضع طعن أودينغا، كينيا أمام ثلاثة سيناريوهات محتملة، وهي إجراء جولة إعادة ثانية يمكن لوجوه جديدة فيها أن تترشّح، أو إعادة الانتخابات دون مرشّحين جدد تقتصر فقط على المرشّحين اللذين يستوفيان الشروط وهما أودينغا وروتو، وأخيراً إجراء انتخابات جديدة بجميع المرشّحين، دون السماح لمرشحين جدد بالترشّح.
وفي حالة الانتخابات الرئاسية الجديدة، سوف تكون على غرار ما حدث في 9 أغسطس (آب) الماضي، من دعوة المرشحين للتقدّم للحصول على فرصة للتّنافس على منصب الرئاسة، وفحص أوراق المتقدّمين الجدد وإصدار جداول زمنية جديدة للانتخابات، يمكن أن تظهر وجوه جديدة بخلاف تلك التي تمّ التصويت لها في أغسطس على بطاقة الاقتراع.
أمّا السيناريو الثاني، كما يوضح حمدي في ورقة بحثية، نشرها في صفحته على «فيسبوك»، هو «جولة إعادة بين أودينغا وروتو فقط، إذا لم يستوف أي من المرشحين الأربعة في اقتراع 9 أغسطس الحد المطلوب - 50 في المائة + صوت واحد و25 في المائة من الأصوات في 24 مقاطعة»، بينما يبقى السيناريو الثالث وهو إعادة الانتخابات، وهو يشبه جولة الإعادة ولكنها تتضمن إعادة الانتخابات حيث يظل جميع المرشحين على بطاقة الاقتراع. ولا يسمح لمرشحين جدد بالمشاركة في السباق.
من أنغولا إلى كينيا... لماذا تثير نتائج الانتخابات الأفريقية جدلاً؟
المعارضة تتأهّب في لواندا... وأودينغا يترقّب حكماً في نيروبي
من أنغولا إلى كينيا... لماذا تثير نتائج الانتخابات الأفريقية جدلاً؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة