وزير الثقافة المغربي يوقع اتفاقية مشتركة لتقديم تسجيل الدار البيضاء ضمن قائمة التراث العالمي

الصبيحي: المدينة تعد مختبرا للتصميمات المعمارية في بداية القرن الـ20

جانب من التصاميم المعمارية التي تزخر بها مدينة الدار البيضاء («الشرق الأوسط»)
جانب من التصاميم المعمارية التي تزخر بها مدينة الدار البيضاء («الشرق الأوسط»)
TT

وزير الثقافة المغربي يوقع اتفاقية مشتركة لتقديم تسجيل الدار البيضاء ضمن قائمة التراث العالمي

جانب من التصاميم المعمارية التي تزخر بها مدينة الدار البيضاء («الشرق الأوسط»)
جانب من التصاميم المعمارية التي تزخر بها مدينة الدار البيضاء («الشرق الأوسط»)

وقع محمد الأمين الصبيحي، وزير الثقافة المغربي، في الدار البيضاء، أول من أمس، على اتفاقية مشتركة للتعاون بين وزارته وجمعية «ذاكرة الدار البيضاء» لتقديم مشروع تسجيل مدينة الدار البيضاء ضمن لائحة التراث العالمي المادي لمنظمة اليونيسكو.
وقال الصبيحي: «إن مدينة الدار البيضاء تعد مختبرا للتصميمات المعمارية في بداية القرن العشرين وذات التأثيرات الأوروبية والأميركية والمغربية»، مشيرا إلى أن «المشروع يشكل اعترافا لما تتميز به هذه المدينة من تراث ثقافي ومعماري استثنائي».
وعرف لقاء التوقيع، حضور عدد من وزراء المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ووزير الثقافة الفلسطيني وعدد من المسؤولين والمنتخبين.
وذكر الصبيحي أن المغرب ظل يشكل على مدى التاريخ أرضا للتعارف والتبادل بين الأمم والشعوب، مما أنتج تراثا غنيا ومتنوعا، مبرزا أن ذلك سمح بإدراج تسعة مواقع ضمن لائحة «اليونيسكو» للتراث العالمي المادي، وإدراج خمسة مواقع أخرى ضمن لائحة التراث العالمي غير المادي، وأوضح أن الدار البيضاء لا تضم فقط تراثا معاصرا مهما، وإنما تحتوي أيضا على آثار قديمة جدا تعود إلى فترة ما قبل التاريخ، وخاصة موقع سيدي عبد الرحمن.
وذكر خالد سفير، والي (محافظ) جهة الدار البيضاء الكبرى، أن الدار البيضاء (العاصمة الاقتصادية للمغرب) تزخر بعدة مواقع وأعلام ثقافية وفكرية وإبداعية وفنية، مشيرا إلى أن تقديم ترشيح هذه المدينة لتسجيلها ضمن قائمة «اليونيسكو» للتراث العالمي المادي من شأنه أن يعزز موقعها كوجهة سياحية.
من جهته، أكد ميكائيل ميلوارد، ممثل منظمة اليونيسكو بالمغرب العربي، أهمية هذا اللقاء، منوها بأوجه التعاون بين «اليونيسكو» والمغرب، وقال: «إن (اليونيسكو) ستدعم هذه الخطوة التي تقوم بها الدار البيضاء لتسجيلها ضم لائحة التراث العالمي».
ويأتي توقيع هذه الاتفاقية، اعترافا بمجهودات جمعية «ذاكرة البيضاء»، التي تعمل في مجال حفظ تراث القرن العشرين، وحرصا على الحفاظ على الإرث الثقافي والمعماري الوطني، وسيجري إنشاء لجنة للتتبع والمرافقة من أجل الدعم المؤسساتي لهذا المشروع، مكونة من ممثلين لولاية الدار البيضاء الكبرى، ووزارة الثقافة، ووزارة السكنى وسياسة المدينة، ووزارة التعمير وإعداد التراب الوطني، والوكالة الحضرية للدار البيضاء، ومدينة الدار البيضاء والمجتمع المدني.
ويتميز التراث الثقافي والتاريخي للدار البيضاء بغناه وتنوعه الكبير، فهو موقع استقرار بشري قديم جدا، عرف إعادة تشييد المدينة العتيقة في القرن الثامن عشر، إلى جانب تشييد المدينة تقريبا بالأكمل في أقل من مائة سنة.
وتزخر الدار البيضاء بتراث معماري استثنائي، يتمثل في مختلف الأنماط الهندسية التي تصنع شهرته لدى الخبراء الوطنيين والدوليين.
يذكر أنه في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، وبعد أن تقدمت البعثة الدائمة للمغرب في «اليونيسكو» بطلب إلى المنظمة، سجل مركز التراث العالمي لـ«اليونيسكو» مدينة الدار البيضاء ضمن القائمة المؤقتة للتراث العالمي، وهو تسجيل يتوج مجهودات الترويج للتراث المعماري والحضري في الدار البيضاء، ويقر بأنها تراث ثقافي ذو قيمة كونية خاصة، وقابل لأن يسجل ضمن قائمة التراث العالمي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».