منذ انتخابه أخيراً، نائباً لرئيس الاتحاد العام للمنتجين العرب، يكثف المنتج صادق الصباح جهوده لتحويل لبنان منارة الشرق من جديد. فالصباح المعروف بعمله الدؤوب من أجل وضع لبنان على خريطة الإنتاج العربي، نجح في استقطاب المهتمين بالإنتاج الدرامي عربياً وعالمياً، فعمل على تحويل أنظارهم من جديد إلى بيروت بصفتها عاصمة للفن ومركزاً أساسياً في تحريك عجلته.
وفي مؤتمر صحافي عقد في فندق الحبتور ببيروت، أُعلن عن اختيار العاصمة اللبنانية مقراً للاتحاد العام للمنتجين العرب. وافتُتح هذا المقر في منطقة ستاركو وسط بيروت، بحضور رئيس قطاع الإعلام والاتصال في جامعة الدول العربية السفير أحمد رشيد خطابي، يرافقه رئيس الاتحاد للمنتجين العرب الدكتور إبراهيم أبو ذكري، ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي في القاهرة عبد الفتاح الجبالي، ومجموعة من المنتجين العرب ورؤساء المكاتب التابعة للاتحاد.
وزار الوفد مجلس الوزراء ووزارات أخرى معنية في هذا الشأن.
ولتفعيل المقر جرى تأليف مجلس خاص به يتألف من شركات إنتاج وكتاب وإعلاميين وأعضاء آخرين يعملون في مجال الإنتاج الدرامي، كنقابة الممثلين. وبناءً عليه استحدثت مبادرات عدة لتفعيل هذه الخطوة، يتقدمها واحدة من وزارة الصناعة. فقدم وزيرها جورج بوشيكيان الطابق الثامن من الوزارة ليكون مقراً لشعبة الصناعة الإعلامية، فيما قدمت وزارة الإعلام مجموعة عقارات تابعة لها كي يختار منها الاتحاد ما يناسبه لإقامة استوديوهات وديكورات تصوير عليها، أسوة بالمدن الإعلامية الرائجة في عدة دول عربية وأجنبية. وسيُعقد أول اجتماع رسمي في المقر في 21 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. ويعد هذا المقر الرابع من نوعه، إذ سبق وافتتحت مقرات مشابهة في دمشق ودبي والقاهرة.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، أكد صادق الصباح أن من شأن هذه الخطوة أن تفعل الأعمال الإنتاجية العربية في لبنان، وتفتح أبواباً واسعة مع أسواق الخليج العربي ومصر والمغرب العربي وغيرها. وتابع: «في الحقيقة ما يهمنا هو الفصل بين الأمور السياسية والأمور الفنية، فقطاع الإنتاج خاص، وفي إمكانه أن يؤمن فرص العمل لآلاف من اللبنانيين الذين يعملون في المجال الدرامي. كما أن لبنان يُخرِج سنوياً نحو 400 طالب وطالبة من المعاهد الفنية والجامعات، وهذا يعكس أهمية هذه الصناعة عندنا، التي وصلت إلى مراتبَ متقدمة وأصبحت من أكثر الصناعات التي تحقق دورة اقتصادية كاملة للبلد. وبالتالي دورنا نحن المنتجين العرب أنْ نصون هذه الصناعة ونرعاها جيداً من خلال رسائل مهمة يمكن إيصالها إلى الأجيالِ القادمة».
وتنظيم العمل الإنتاجي من خلال تأمين شبكة اتصالات رسمية للمنتجين الراغبين في العمل بلبنان، سيفتح المجال من خلال هذا المقر لفتح دورات تدريبية ومؤتمرات وغيرها من اللقاءات التي تُسهم في تعزيز العمل الإنتاجي على الأرض.
«مستعدون لتقديم المساعدة لطلاب معاهد فنية يرغبون في ممارسة تدريبهم العملي المطلوب منهم في هذا المقر، ومن خلالهم سنكتشف طاقات ومواهب نحتاجها في عملنا الإنتاجي»، يوضح صادق الصباح في سياق حديثه.
وفي العودة إلى المؤتمر الذي استضافه فندق الحبتور فقد أُعلن عن مبادرات عدة من شأنها أن تثبت دور بيروت موقعاً رسمياً للاتحاد المذكور. وأولى هذه المبادرات أعلن عنها وزير الإعلام زياد مكاري، عندما تحدث قائلاً إنه سيسهم في تمكين الاتحاد من خلال الاستفادة من الأصول العقارية المملوكة لوزارة الإعلام، المقدرة بعشرات آلافِ الأمتار، لتقوم عليها مدن إنتاجية وسينمائية وإعلامية. وقال مكاري في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «ليس هناك من عقار محدد للاستفادة منه في هذا المجال. فإثر تسلمي وزارة الإعلام قمت بما يسمونه نفي ملكية كي أقف على طبيعة الأملاك والعقارات التي تملكها الوزارة، وتفاجأت بأن هناك عشرات آلاف الامتار موزعة على مختلف المناطق اللبنانية في إمكاننا الاستفادة منها. وسندرس إمكانية تعاوننا مع اتحاد المنتجين العرب في الأطر القانونية. وبإمكان هذا الموضوع أن يستقطب الأموال وشركات الإنتاج العربية، ويسمح لنا بإطلاق مشاريع تصب في السياحة والصناعة السينمائية في لبنان». وختم: «لطالما كان لبنان مصدر إبداع مشهوراً في عالم التلفزيون والسينما، وكل ما نقوم به هو لإحياء موقعه هذا من جديد».
ويعد لبنان، وهو الدولة الـ18 المنتسبة إلى اتحاد المنتجين العرب، صاحب قدرات إبداعية عالية في مجال الإنتاج، لا سيما أنه يملك جميع العناصر التي تؤهله أن يكون عاصمة للفن كما كان منذ عشرات السنين.
وعُرض خلال المؤتمر ريبورتاج مصور عن الاستوديوهات التي بُنيت خصيصاً لتصوير مسلسلات معروفة كـ«الهيبة» في منطقة حمانا، و«بطلوع الروح» في بعلبك. وانطلاقاً من مناخه وتنوعه الطبيعي وانفتاحه وغناه الفكري، يؤلف لبنان بيئة ثقافية حاضنة لإنتاجات إبداعية واسعة.
أما رئيس اتحاد المنتجين العرب إبراهيم أبو ذكري فكان متفائلاً جداً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» ببيروت وعودتها القوية إلى الساحة الإنتاجية، وتابع موضحاً: «لو لم أكن متفائلاً ببيروت لما كنت اتخذت قرار افتتاح مقر رسمي فيها للاتحاد. ولعل زيارتي لرئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي شجعتني على القيام بهذه الخطوة، لأنه بين لنا مدى سلامة هذه البيئة للإنتاج الدرامي وللاستثمار والسياحة. وأضاف: «هذا الأمر ليس بالجديد على بيروت ونحن آتون على انفراجات كبيرة في هذه العاصمة ولا تزال في بداياتها».