ما الأقسام التي تفضلها الطبيبات الشابات في مصر؟

جدل بشأن تشتت أولوياتهن بين الأسرة والمهنة

صورة جماعية للعاملين في مستشفى الخانكة المركزي
صورة جماعية للعاملين في مستشفى الخانكة المركزي
TT

ما الأقسام التي تفضلها الطبيبات الشابات في مصر؟

صورة جماعية للعاملين في مستشفى الخانكة المركزي
صورة جماعية للعاملين في مستشفى الخانكة المركزي

لم تتردد آسيا الهنداوي، طبيبة الأمراض الجلدية والتجميل والعلاج بالليزر في مصر، عند سؤالها، هل كان اختيارها لتخصص الأمراض الجلدية الذي تمارسه حالياً، كان من بين أسبابه أنه مناسب أكثر لظروفها الأسرية؟ في الإجابة بـ«نعم»، موضحة «أن تخصصات الأمراض الجلدية، وطب الأسرة، والرمد، والطب النفسي، من الأقسام التي تعد أكثر ملائمة وهدوءاً للطبيبات بشكل نسبي عن الأقسام الأخرى في الطب»، بحسب تعبيرها لـ«الشرق الأوسط».
وأثار مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل في مصر، منسوب للدكتورة شيرين غالب، نقيبة أطباء القاهرة، وأستاذة الطب الشرعي والسموم الإكلينيكية، جدلاً واسعاً في مصر، لحثها طبيبات شابات خلال حفل تخرج كلية الطب بجامعة الأزهر بأسيوط (صعيد مصر)، على «إعطاء الأولوية للأسرة أولاً ثم المهنة»، قائلة: «بيتك ثم بيتك... أولادك وبعدين (ثم) مهنتك... أوعي (احذري) حد (شخص) يقول لك مهنتك قبل أولادك، حضرتك لو قعدتي في بيتك في (يوجد) مليون طبيب بره (بالخارج) هيعالج، لكن لو سبتي (تركتي) أولادك ملهمش (ليس لديهم) غير أم واحدة هو أنت».
وانقسم متابعون بشأن تصريحات شيرين غالب بين مؤيد ومعارض، وأبدت استغرابها في تصريحات صحافية من انتقاد البعض لها، مؤكدة أنها ما زالت تصر على أفكارها.
وتتفق الدكتورة آسيا الهندواي مع نصيحة شيرين غالب، ولا تعتبرها «مسيئة للمهنة»: «في البداية عندما اخترت تخصصي الطبي، كنت حريصة على اختيار تخصص لا يستلزم المبيت خارج البيت، وفكرت أنني سيكون لدي أسرة، وكنت أرى أنه من غير المنطقي أن أتركهم في البيت، في وقت لدي فيه نباطشية (دوام) مبيت في المستشفى».
وأوضحت: «في بداية فترة عملي كنت أصطحب معي ابنتي للعمل، ثم تحول هذا إلى عبء كبير، وبعدما صار لي ابنة أخرى زادت المشقة، ولم أستطع في بداية عملي الاستمرار في نبطشيات المستشفى واستقلت منها بعد فترة، وبعدما افتتحت عيادة طبية خاصة، بدأت أخيراً في عمل توازن بين مواعيد عملي وبيتي، وهذا كان سيصعب تحقيقه إذا كان تخصصي لن يساعدني على ذلك».
وانتقدت الدكتورة مايا مرسي، رئيسة المجلس القومي للمرأة، تصريحات شيرين غالب وقالت عبر حسابها على «فيسبوك»: «كنت أتمنى أن تقف نقيبة أطباء القاهرة قائلة للبنات الخريجات لقد واجهت صعوبات كثيرة لكي أنجح وأحقق ما ترونه اليوم، وسأعمل وأجتهد على أن أحقق لكم خدمات ورعاية أسرية في كل أماكن العمل لكي تنجحوا في كل الأماكن وكل التخصصات»، مضيفة: «الطبيبة الناجحة والمتميزة تنجح في بيتها وأسرتها وعملها... اختيار مهنة الطب بكل تخصصاتها لا تعني أن الطبيبة ستهمل أسرتها، خانك التعبير وخانك التوقيت»... على حد تعبيرها.
وحسب نقابة الأطباء فإن عدد الأطباء المسجلين بالنقابة والمرخص لهم بمزاولة المهنة، بخلاف الأطباء على المعاش بلغ حتى 20 مارس (آذار) الماضي نحو 228 ألفاً و862 طبيباً. بينما يبلغ عدد خريجي كليات الطب في مصر نحو 9 آلاف طبيب سنوياً، بحسب بيانات وزارة الصحة المصرية، ورغم هذا العدد الكبير فإن القطاع الطبي المصري يعاني عجزاً حاداً في الكثير من التخصصات الطبية، مما دعا الدكتورة سحر حلمي، رئيسة قطاع التدريب والبحوث بوزارة الصحة والسكان، في شهر مارس الماضي، إلى المطالبة بتكليف جميع خريجي كليات الطب على مدار السنوات الخمس المقبلة لسد العجز.
من جهتها، اعتبرت الدكتورة رانيا رجب، طبيبة متخصصة في أمراض الدم، أن حديث الدكتورة شيرين غالب «واقعي ويتفق مع متطلبات الأسرة المصرية»، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار التخصص بالنسبة للطبيبات عادة ما يصحبه تفكير مواز حول مدى القدرة على ممارسة هذا التخصص بعد الزواج ووجود أبناء»، مشيرة إلى «أنها ابتعدت عن اختيار تخصصات محددة، لأنها كانت تستلزم وقتاً ومجهوداً أكبر، على غرار الطوارئ، والرعاية المركزة، والجراحة، فتلك التخصصات تحتاج في السنوات الأولى من عمر الطبيب إلى وقت كبير للتعلم والممارسة العملية، لأنها تعتمد بالأساس على نباطشيات والمبيت في المستشفيات».
وتعمل رانيا رجب التي تمارس مهنة الطب منذ 15 عاماً في تخصص أمراض الدم، ولديها ثلاثة أبناء، وتقول: «إن التوازن بين ممارسة العمل ومواصلة الدراسة مع تربية الأبناء أمر يحتاج إلى دعم أسري، وكذلك لدعم أكبر من وزارة الصحة، إذ نضطر كطبيبات للتوقف أحياناً عن ممارسة المهنة بسبب عدم مساعدتنا أو توفير تسهيلات لرعاية الأطفال، لذلك فالأمر لا يتعلق بطموحنا الشخصي كطبيبات بقدر ما يتعلق بالقدرات والأولويات لكل طبيبة»، مشيرة إلى أن تصريحات شيرين غالب يمكن أن تكون مناسبة لفتح باب النقاش حول التسهيلات التي تحتاج إليها الطبيبات للتمكن من تحقيق طموحاتهن وتيسير ظروفهن الأسرية».
ولا يتوقف تحديد تخصص محدد للطبيبات الشابات على اختيارهن وحسب، وفق الدكتور أبو بكر القاضي، أمين صندوق نقابة الأطباء المصرية، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «قد يكون اختيار تخصصات بعيدة عن ضغوط الطوارئ والجراحة، أحد الأسباب التي تختار على أساسها الطبيبات تخصصها الدراسي، لكنها ليست هي الأسباب الوحيدة، فهناك كذلك عوامل مثل المجموع والتنسيق الداخلي داخل كليات الطب، وهي عوامل رئيسية تحدد التخصصات إلى جانب رغبات الطلبة والطالبات».
ويضيف القاضي أن حديث الدكتورة شيرين غالب حول «رعاية الأسرة مهم وإيجابي باعتبار أن المرأة نواة الأسرة، وإن كان لا ينفي أن هناك طبيبات متميزات في تخصصات تحتاج إلى مشقة ووقت أكبر كالجراحة، وأن هناك الكثير من الطبيبات اللاتي استطعن تحقيق معادلة صعبة بين التفاني في العلم والاستقرار الأسري»، على حد تعبيره.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
TT

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)

في انفراجة لأزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر، أعلنت السفارة السودانية بالقاهرة، إعادة فتح مدرسة «الصداقة»، التابعة لها، فيما ستقوم لجنة من وزارة التعليم المصرية، بزيارة لبعض المدارس الأخرى المغلقة، للتأكد من «توافر اشتراطات ممارسة النشاط التعليمي».

وفي يونيو (حزيران) الماضي، أغلقت السلطات المصرية المدارس السودانية العاملة في البلاد، لحين توفر اشتراطات قانونية لممارسة النشاط التعليمي، تشمل موافقات من وزارات التعليم والخارجية السودانية، والخارجية المصرية، وتوفير مقر يفي بجميع الجوانب التعليمية، وإرفاق بيانات خاصة بمالك المدرسة، وملفاً كاملاً عن المراحل التعليمية وعدد الطلاب المنتظر تسجيلهم.

وحسب تقديرات رسمية، تستضيف مصر نحو مليون و200 ألف سوداني، فروا من الحرب السودانية، إلى جانب ملايين آخرين يعيشون في المدن المصرية منذ عقود.

وقالت السفارة السودانية، في إفادة لها مساء الاثنين، إن السلطات المصرية وافقت على استئناف الدراسة في مدرسة «الصداقة» بالقاهرة، وإن «إدارة المدرسة، ستباشر أعمال التسجيل للعام الدراسي، الجديد ابتداء من الأحد الأول من ديسمبر (كانون الأول) المقبل».

وتتبع مدرسة «الصداقة» السفارة السودانية، وافتتحت عام 2016، لتدريس المناهج السودانية لأبناء الجالية المقيمين في مصر، بثلاث مراحل تعليمية (ابتدائي وإعدادي وثانوي).

وبموازاة ذلك، أعلنت السفارة السودانية، الثلاثاء، قيام لجنة من وزارة التعليم المصرية، بزيارة بعض المدارس السودانية المغلقة، لـ«مراجعة البيئة المدرسية، والتأكد من توافر اشتراطات ممارسة النشاط التعليمي»، وشددت في إفادة لها، على أصحاب المدارس «الالتزام بتقديم جميع المستندات الخاصة بممارسة النشاط التعليمي، وفق الضوابط المصرية».

وفي وقت رأى رئيس «جمعية الصحافيين السودانيين بمصر»، عادل الصول، أن إعادة فتح «الصداقة» «خطوة إيجابية»، غير أنه عدّها «غير كافية»، وقال إن «المدرسة التي تمثل حكومة السودان في مصر، تعداد من يدرس فيها يقارب 700 طالب، ومن ثمّ لن تستوعب الآلاف الآخرين من أبناء الجالية»، عادّاً أن «استئناف النشاط التعليمي بباقي المدارس ضروري، لاستيعاب جميع الطلاب».

وأوضح الصول، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «غالبية السودانيين الذين فروا من الحرب، اختاروا مصر، رغبة في استكمال تعليم أبنائهم»، مشيراً إلى أن «توقف الدراسة بتلك المدارس منذ أكثر من ثلاثة أشهر، سبب ارتباكاً لغالبية الجالية»، وأشار إلى أن «المدارس التي تقوم وزارة التعليم المصرية بمراجعة اشتراطات التدريس بها، لا يتجاوز عددها 40 مدرسة، وفي حالة الموافقة على إعادة فتحها، لن تكفي أيضاً كل أعداد الطلاب الموجودين في مصر».

وسبق أن أشار السفير السوداني بالقاهرة، عماد الدين عدوي، إلى أن «عدد الطلاب السودانيين الذين يدرسون في مصر، أكثر من 23 ألف طالب»، وقال نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «المستشار الثقافي بالسفارة، قام بزيارات ميدانية للعديد من المدارس السودانية المغلقة، للتأكد من التزامها بمعايير وزارة التعليم المصرية، لممارسة النشاط التعليمي»، منوهاً إلى «اعتماد 37 مدرسة، قامت بتقنين أوضاعها القانونية، تمهيداً لرفع ملفاتها إلى السلطات المصرية، واستئناف الدراسة بها».

وبمنظور رئيس لجنة العلاقات الخارجية بـ«جمعية الصداقة السودانية – المصرية»، محمد جبارة، فإن «عودة الدراسة لمدرسة الصداقة السودانية، انفراجة لأزمة المدارس السودانية»، وقال: «هناك ترحيب واسع من أبناء الجالية، بتلك الخطوة، على أمل لحاق أبنائهم بالعام الدراسي الحالي».

وأوضح جبارة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأمر يستوجب إعادة النظر في باقي المدارس المغلقة، لضمان لحاق جميع الطلاب بالعام الدراسي»، وشدد على «ضرورة التزام باقي المدارس السودانية، باشتراطات السلطات المصرية لممارسة النشاط التعليمي مرة أخرى».

وكان السفير السوداني بالقاهرة، قد ذكر في مؤتمر صحافي، السبت الماضي، أن «وزير التعليم السوداني، سيلتقي نظيره المصري، الأسبوع المقبل لمناقشة وضع المدارس السودانية».