«تاريخ فهيمة أمين»... يبرز دور النسويات في الفن التشكيلي العربي

المعرض يوثق مشوار إحدى رائدات القرن العشرين

إحدى اعمال امين عن أشكال الحياة اليومية في النصف الأول من القرن الماضي( الشرق الاوسط)
إحدى اعمال امين عن أشكال الحياة اليومية في النصف الأول من القرن الماضي( الشرق الاوسط)
TT
20

«تاريخ فهيمة أمين»... يبرز دور النسويات في الفن التشكيلي العربي

إحدى اعمال امين عن أشكال الحياة اليومية في النصف الأول من القرن الماضي( الشرق الاوسط)
إحدى اعمال امين عن أشكال الحياة اليومية في النصف الأول من القرن الماضي( الشرق الاوسط)

في لمسة نوستالجية تتيح لنا الاقتراب من المشهد الفني المصري في النصف الأول من القرن العشرين يستضيف غاليري أكسيس بالقاهرة أول معرض استيعادي للفنانة التشكيلية الرائدة فهيمة أمين؛ ويقدم توثيقاً لجانب من أعمالها التي تمتد بين ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي، كما نتعرف من خلاله أيضاً على ملامح الحياة الاجتماعية لهذه الحقبة المهمة من تاريخ مصر.

يحمل المعرض الذي يستمر حتى 7 سبتمبر (أيلول) المقبل، عنوان «تاريخ فهيمة أمين»، وهو يضم أعمال الفنانة الراحلة (1918ـ 1984) ويعرض مسار حياتها من إنجازات وما واجهته من صعوبات. وهي المرة الأولى التي تجمع أعمالها في معرض فني بعد وفاتها، فمنذ رحيلها وإلى يومنا هذا تظل سيرتها مجهولة لكثيرين بسبب نقص التوثيق، رغم أنها رائدة من رائدات الفن التشكيلي في مصر، وواحدة من بين أول من التحقن بـ«المعهد العالي لمعلمات الفنون»، الذي مكن كثيرا من النساء المصريات خصوصاً والعربيات عموما من دراسة الفن، ثم الاشتغال به سواء بتدريسه أو بإنتاجه.

يقول التشكيلي ناجي موسى ابن الفنانة الراحلة لـ«الشرق الأوسط»: «يسلط المعرض الضوء على مشوار فنانة تعد من أوائل الفنانات في العالم العربي، وهو في الوقت نفسه يبرز بعض سمات النهضة الثقافية والفنية للنساء في هذه الفترة الزمنية، كما يؤكد المعرض الدور الريادي للمرأة المصرية ويظهر كيف استطاعت إثبات نفسها في وقت مبكر من التاريخ».
ويتابع: «رغم أن هذه الحقبة سبقت الحرب العالمية الثانية إلا أن ذلك لم يحل دون كفاح المرأة ونجاحها في كل المجالات وفي مقدمتها الفن والثقافة، والدليل على ذلك ظهور أسماء بارزة أصبحن رموزاً في أوقات لاحقة، فلم تكتف النساء بالزواج والإنجاب، وبدورهن الأسري، ولم يقبلن فكرة أن يبقين حبيسات للمنزل، إنما قاومن أي أفكار رجعية، وانطلقن للتعليم وحصد النجاحات، وكان من بينهن أمي».

حرص موسى على إتاحة كتابه «فهيمة أمين من رائدات الفن التشكيلي المصري» داخل قاعة العرض ليتمكن الحضور من الاطلاع على حياة الفنانة إلى جانب التعرف على بدايات الاهتمام بالتعليم الفني الأكاديمي للمرأة في مصر، يقول: «التحقت أمي بالدفعة الأولى لـ«المعهد العالي لمعلمات الفنون» في مصر الذي تأسس كمعهد مستقل في عام 1939، وقد تم تحديد الدراسة به بخمس سنوات؛ السنوات الثلاث الأولى لدراسة المواد الفنية والعلمية، كالتصوير بفروعه والنحت والرسم والزخرفة وتاريخ الفن، بينما تدرس الطالبات طرق التدريس خلال السنتين الأخيرتين، ويحصلن عند التخرج على درجة الدبلوم»، ويتابع: «ضمت الدفعة الأولى التي تخرجت عام 1944 ست طالبات، هن: فهيمة أمين ووهيبة عبد النبي وجميلة نسيم، بالإضافة إلى الطالبات زينات ورفيعة وإنصاف».

وبحسب موسى فإن المعهد عند تأسيسه أوكلت عمادته إلى سيدة إنجليزية، ثم تتابعت على عمادته المصريات، وأشهر من تولين هذا المنصب كانت إنصاف سري، وهي واحدة من رائدات التعليم في مصر، إذ شغلت منصب ناظرة لأكثر من مدرسة من مدارس البنات في العشرينيات، مثل مدرسة شبرا الثانوية للبنات في العام 1925، وتحمل عديد من المدارس الآن في مصر اسم «إنصاف سري» تكريما لها.
ومما يدل على شغف فهيمة أمين بالفن وموهبتها أنها قبل التخرج شاركت في معرض القاهرة الرابع والعشرين للتصوير والنحت، وقد ترشحت إحدى لوحاتها إلى الجائزة الأولى بالمعرض. وبعد تخرجها، عملت بتدريس الفنون في عدد من المدارس، ومنها مدرسة الفنون الزخرفية للبنات، ومدرسة فنون الفلكي.
وفي إطار هذا الشغف أيضاً عادت إلى دراسة الفن إذ التحقت في عام 1962 بالقسم المسائي بمعهد ليوناردو دافنشى للفنون الجميلة، وكان عمرها آنذاك 44 عاما، ومن المعروف أن المعهد مقره بالقنصلية الإيطالية في القاهرة، وكان الهدف منه هو تمكين المصريين من دراسة اللغة الإيطالية، وفنون التصوير والرسم والعمارة والنحت، فضلاً عن التعرف على الثقافة الإيطالية.

قدمت الفنانة خلال حياتها الفنية مجموعة متنوعة من اللوحات الفنية، وعرضتها في عدد من المعارض التي أقامتها في مدينة القاهرة، وتباينت ما بين لوحات لأشخاص والمعروفة أيضاً باسم البورتريه، ولوحات تصور الأجساد العارية، ولوحات الطبيعة والحياة البرية، ولوحات تعرض مشاهد من الحياة اليومية، ويضم المعرض القائم الآن نحو 45 عملاً منها، وذلك من خامات الألوان المائية والباستيل والحبر على الورق.

يذكر أنه من أهم منجزات فهيمة أمين هو قاموس أعدته لتوثيق السير الذاتية للفنانين التشكيليين المصريين والأجانب الذين أقاموا بمصر، حتى لا تندثر سيرهم، وقد صدر هذا القاموس لأول مرة في عام 1971، إلا أن ابنها يرى أنه مما لا يقل أهمية عن ذلك دورها في تعليم أجيال من الفتيات القواعد الفنية وتبنيها لموهبتهن كمعلمة: «كانت تصحب الطالبات في المدرسة الثانوية التي تعمل بها إلى الحدائق العامة وحديقة الحيوان للرسم الحي، ولا تبخل عليهن بعلمها، وهو ما يعكس كيف كانت المدارس الفنية تحتفي بتدريس الفن إلى حد الانطلاق خارج جدران الفصول الدراسية إلى الطبيعة». ويردف: «كذلك كانت تفعل معي كأم تشعر بالمسؤولية تجاه طفلها الوحيد».

ووفق ناجي موسى عاصرت أمين في «المعهد العالي لمعلمات الفنون» مجموعة أخرى من الفنانات المصريات اللاتي لعبن دوراً بارزاً في الحركة الفنية منهن صوفي حبيب جورجي، زوجة رمسيس ويصا النساجة وشريكة مؤسسة في مركز رمسيس واصف للفنون، يقول: «صوفي دفعتها لكن كانت تدرس في قسم آخر، وكذلك الفنانة الشهيرة جاذبية سري التي تخرجت بعدها وظلت وفية لها حتى بعد رحيلها» ويتابع: «تمنيت طويلاً إقامة معرض ضخم يضم أعمال خريجات هذا المعهد الذي يعد رمزاً لاحتفاء مصر بالفن والمرأة معا منذ النصف الأول من القرن الماضي؛ لأنه كان يعد معلمات متخصصات في التدريس الفني فقط لطالبات المرحلة الثانوية، ما يثبت أن مصر رائدة أيضاً في التعليم المتخصص».


مقالات ذات صلة

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

يوميات الشرق بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

تقدمت كريستين باومغارتنر، الزوجة الثانية للممثل الأميركي كيفين كوستنر، بطلب للطلاق، بعد زواجٍ دامَ 18 عاماً وأثمر عن ثلاثة أطفال. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الانفصال جاء بسبب «خلافات لا يمكن حلُّها»، حيث تسعى باومغارتنر للحضانة المشتركة على أطفالهما كايدين (15 عاماً)، وهايس (14 عاماً)، وغريس (12 عاماً). وكانت العلاقة بين كوستنر (68 عاماً)، وباومغارتنر (49 عاماً)، قد بدأت عام 2000، وتزوجا عام 2004.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

افتتح متحف المركبات الملكية بمصر معرضاً أثرياً مؤقتاً، اليوم (الأحد)، بعنوان «صاحب اللقبين فؤاد الأول»، وذلك لإحياء الذكرى 87 لوفاة الملك فؤاد الأول التي توافق 28 أبريل (نيسان). يضم المعرض نحو 30 قطعة أثرية، منها 3 وثائق أرشيفية، ونحو 20 صورة فوتوغرافية للملك، فضلاً عن فيلم وثائقي يتضمن لقطات «مهمة» من حياته. ويشير عنوان المعرض إلى حمل فؤاد الأول للقبين، هما «سلطان» و«ملك»؛ ففي عهده تحولت مصر من سلطنة إلى مملكة. ويقول أمين الكحكي، مدير عام متحف المركبات الملكية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض «يسلط الضوء على صفحات مهمة من التاريخ المصري، من خلال تناول مراحل مختلفة من حياة الملك فؤاد».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

قام فريق بحثي، بقيادة باحثين من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية بكينيا، بوضع تسلسل كامل لجينوم حبة «فول اللبلاب» أو ما يعرف بـ«الفول المصري» أو «الفول الحيراتي»، المقاوم لتغيرات المناخ، بما يمكن أن يعزز الأمن الغذائي في المناطق المعرضة للجفاف، حسب العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن». ويمهد تسلسل «حبوب اللبلاب»، الطريق لزراعة المحاصيل على نطاق أوسع، ما «يجلب فوائد غذائية واقتصادية، فضلاً على التنوع الذي تشتد الحاجة إليه في نظام الغذاء العالمي».

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

«الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

في رد فعل على فيلم «الملكة كليوباترا»، الذي أنتجته منصة «نتفليكس» وأثار جدلاً كبيراً في مصر، أعلنت القناة «الوثائقية»، التابعة لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بمصر»، اليوم (الأحد)، «بدء التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن كليوباترا السابعة، آخر ملوك الأسرة البطلمية التي حكمت مصر في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر». وأفاد بيان صادر عن القناة بوجود «جلسات عمل منعقدة حالياً مع عدد من المتخصصين في التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا، من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته، لأقصى درجات البحث والتدقيق». واعتبر متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الخطوة بمثابة «الرد الصحيح على محاولات تزييف التار

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

أكد خالد وشيرين دياب مؤلفا مسلسل «تحت الوصاية»، أن واقع معاناة الأرامل مع «المجلس الحسبي» في مصر: «أصعب» مما جاء بالمسلسل، وأن بطلة العمل الفنانة منى زكي كانت معهما منذ بداية الفكرة، و«قدمت أداء عبقرياً زاد من تأثير العمل». وأثار المسلسل الذي تعرض لأزمة «قانون الوصاية» في مصر، جدلاً واسعاً وصل إلى ساحة البرلمان، وسط مطالبات بتغيير بعض مواد القانون. وأعلنت شركة «ميديا هب» المنتجة للعمل، عبر حسابها على «إنستغرام»، أن «العمل تخطى 61.6 مليون مشاهدة عبر قناة (DMC) خلال شهر رمضان، كما حاز إشادات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي». وكانت شيرين دياب صاحبة الفكرة، وتحمس لها شقيقها الكاتب والمخرج خالد د

انتصار دردير (القاهرة)

محاكمة «عمر العجوز» بتهمة السطو على كيم كارداشيان

حضرت كيم كارداشيان حفل «فانيتي فير» لتوزيع جوائز الأوسكار في بيفرلي هيلز بكاليفورنيا (أ.ف.ب)
حضرت كيم كارداشيان حفل «فانيتي فير» لتوزيع جوائز الأوسكار في بيفرلي هيلز بكاليفورنيا (أ.ف.ب)
TT
20

محاكمة «عمر العجوز» بتهمة السطو على كيم كارداشيان

حضرت كيم كارداشيان حفل «فانيتي فير» لتوزيع جوائز الأوسكار في بيفرلي هيلز بكاليفورنيا (أ.ف.ب)
حضرت كيم كارداشيان حفل «فانيتي فير» لتوزيع جوائز الأوسكار في بيفرلي هيلز بكاليفورنيا (أ.ف.ب)

بعد مرور 9 سنوات على الحادثة، بدأت، الاثنين، في باريس محاكمة المتهمين في السطو المسلح الذي تعرضت له نجمة تلفزيون الواقع الأميركية كيم كارداشيان، في أثناء مرورها في العاصمة الفرنسية. ويَمْثُل أمام محكمة الجزاء عدد من المشاركين في السرقة، أبرزهم صاحب السوابق باسكال لعربي، 60 عاماً، وهو اسم منتحل لـ«عمر آيت خداش» الملقب بـ«عمر العجوز». ويعتقد المحققون أن المتهم الذي كان مطلوباً للعدالة طوال 10 سنوات هو العقل المدبر للعملية.

ومن المتوقع أن تكون جلسات المحكمة مليئة بالإثارة والمنعطفات. فقد أثار خبر السرقة ضجة في حينه نظراً إلى شهرة الضحية وقيمة المسروقات. وملخص القضية أن مصمم الأزياء التونسي الراحل عز الدين علايا، كان قد أقام عشاء خاصاً مساء 2 أكتوبر (تشرين الأول) 2016، بمناسبة أسبوع الموضة في باريس، استضاف فيه مجموعة مختارة من المشاهير، بينهم بيانكا جاغر، طليقة المغني مايك جاغر، والمهندس المعماري الأميركي بيتر مارينو، وماي ماسك، والدة رجل الأعمال الثري إيلون ماسك، وتاجر الأعمال الفنية ثاديوس روباك، والمصمم بيير هاردي. كما دُعيت إلى العشاء كيم كارداشيان وشقيقتها الكبرى كورتني. وارتدت الشقيقتان بدلتين من تصميم علايا، وتزينت كيم بخاتم سوليتير ذي ألماسة كبيرة تزن أكثر من 18 قيراطاً، أهداها إياه زوجها آنذاك، مغني الراب كاني ويست.

غادرت الشقيقتان الحفل بعد منتصف الليل بقليل، وذهبت كورتني لإكمال سهرتها في نادٍ ليلي برفقة الحارس الشخصي لعائلة كارداشيان. أما كيم فقد أوصلها سائقها إلى فندق فخم لا يحمل اسماً على واجهته يقع في شارع «ترونشيت» في حي المادلين ويحظى بشعبية خاصة بين النجوم بسبب هدوئه وتكتمه.

أقامت كيم، البالغة من العمر 36 عاماً، في جناح تبلغ مساحته 367 متراً مربعاً يتألف من 3 غرف نوم موزعة على 3 مستويات بسعر 15 ألف يورو لليلة الواحدة. ونحو الساعة 2:30 صباحاً اقتحم خمسة رجال يرتدون سترات تحمل كلمة «شرطة» الفندق. وكما في مشهد سينمائي أمروا الحارس الليلي بأخذهم إلى جناح «زوجة مغني الراب». وكانت كيم برداء الحمام الأبيض، وسارعت حال رؤيتهم إلى طلب رقم الطوارئ 911، وهو رقم طوارئ أميركي لا يعمل في فرنسا. لكنَّ الرجال المقنعين استولوا على هاتفها وطالبوها بتسليم خاتمها وهم يصرخون بالفرنسية «الخاتم... الخاتم». ولم تفهم ما يقولون للوهلة الأولى لكنَّ الحارس الليلي المقيَّد ترجم لها الطلب. بعد ذلك تم ربطها بشريط لاصق وحبسها في الحمام، جالسةً على الأرض.

وهرب اللصوص مع الخاتم وصندوق مجوهرات و1000 يورو نقداً واختفوا في شوارع المدينة. ولم ينتبه اللصوص إلى وجود مصفِّف شعر النجمة الذي كان هناك في الطابق الأعلى وهو الذي أطلق جهاز الإنذار. وفي تلك الساعة ذاتها في نيويورك، قطع كاني ويست حفله بسبب «حالة طوارئ عائلية».

استغرقت العملية أقل من 10 دقائق، تمت فيها سرقة مجوهرات قُدِّرت بأكثر من 9 ملايين يورو، بما في ذلك خاتم الخطوبة الشهير الذي تبلغ قيمته 4 ملايين يورو. وكانت كارداشيان قد نشرت صورته على حسابها على موقع «إنستغرام» قبل أيام قلائل من الحادث، وحازت إعجاب أكثر من 1.4 مليون شخص. ففي ذلك الوقت كانت النجمة التي اشتهرت بتسجيلاتها المثيرة توثق كل تحركاتها سواء عبر التلفزيون من خلال أحد برامج الواقع الذي يروي الحياة اليومية لعائلتها، أو على حسابها على موقع «إنستغرام» الذي يتابعه 85 مليون شخص.

أثارت السرقة ضجة مدوية نظراً لأن الضحية تعد ملكة وسائل التواصل الاجتماعي. وتناولتها كبريات الصحف في فرنسا والولايات المتحدة. فقد علقت هيلاري كلينتون على القضية قائلة: «شعرت بالأسف الشديد تجاهها». كما طمأنت عمدة باريس آن هيدالغو، السياح، قائلةً: «هذا حدث نادر للغاية وقع في مكان خاص، ولا يثير بأي حال من الأحوال تساؤلات حول عمل شرطتنا أو أمن أماكننا العامة». ومن جهته علق المصمم كارل لاغرفيلد تعليقاً لاذعاً جاء فيه: «لا يمكنك التباهي بثروتك ثم تُفاجأ بأن الناس يريدون قطعة من الكعكة».

كان من الطبيعي أن تلملم كارداشيان حاجياتها على عجل وتغادر عائدةً إلى بلدها. وفي الجناح الذي غادرته بدأت تحقيقات وحدة مكافحة اللصوصية. وكشف الشريط اللاصق وربطات اليدين عن آثار الحمض النووي لمستخدميها. وهي آثار تطابقت مع ما تملكه الشرطة في ملفاتها عن مجرم يدعى باسكال لعربي. وأظهرت تسجيلات كاميرات المراقبة في الحي، دقيقة بدقيقة، وصول العصابة وهروبها. وهي مؤلَّفة من رجلين وصلا سائرَين وثلاثة آخرين على دراجات هوائية. كما أظهرت الكاميرات سيارة بيجو 508 متوقفة على بعد 500 متر من مكان قريب. وتبين أنها مملوكة لسائق يبلغ من العمر 30 عاماً ويقيم في ضاحية «كريتاي» بالقرب من باريس. وبعد التحري عن هويته تبين أنه هارميني آيت خداش، نجل المطلوب للعدالة «عمر العجوز».

لم يكن ذلك هو الخطأ الوحيد الذي ارتكبه السارقون. فبينما كانوا يغادرون سقطت من أحدهم حقيبة كان يحملها وعلقت في عجلات الدراجة. كما فقد قلادة عليها صليب من البلاتين والألماس (تبلغ قيمتها 29 ألف يورو) عثر عليها أحد المارة في المزاريب وسلمّها للشرطة. وهو نفسه الذي خطف هاتف كيم كارداشيان من يدها ثم تخلص منه بإلقائه في قناة في شمال باريس. وبسبب كل تلك الهفوات إلى جانب المراقبة والتنصت على هواتف المشتبه بهم، توصلت الشرطة إلى 10 أسماء وقبضت على 5 منهم، كما وجهت تهمة المشاركة إلى آخرين، وكلهم من أصحاب السوابق. ونظراً لأن معظمهم في الستين من العمر فقد أطلقت عليهم الصحافة تسمية «الأجداد اللصوص».

وسافرت قاضية التحقيق آرميل بريان واثنان من محامي كارداشيان إلى نيويورك لسماع شهادتها. ورغم مرور 9 سنوات على القضية فإن الإجراءات سارت بشكل أسرع من المعهود في تباطؤ العدالة الفرنسية بفضل شهرة الضحية. وتكمن المفارقةُ في سرعةُ التحقيق القضائي، من جهة، ومن جهة أخرى بطءُ الانتقال إلى جلسة الاستماع. وكانت أقوال كارداشيان تشير إلى شكوك في أن المعلومات عن مكان إقامتها في باريس جاءت «من الداخل». أي من المحيطين بها، ومنهم مايكل وجاري مادار. وكان الأول يعمل في شركة الإنتاج التي يملكها كاني ويست ثم انتقل للعمل في شركة النقل الخاصة بكيم كارداشيان، وهي التي نظّمت حفلاً في فيرساي سبق زفافهما، ثم نقلت جميع السيارات إلى موقع العرس في فلورنسا. وخلال أسبوع الموضة في باريس، تولى مايكل مادار مسؤولية دخول العائلة وخروجها إلى فرنسا، بينما أدار شقيقه غاري مراسم الاستقبال في المطار.

دار سؤال المحققين عن كيفية علم العصابة بالتوقيت المناسب للهجوم. وجاء الجواب بفضل التنصت على الهواتف والذي قاد إلى إلقاء القبض على صاحب حانة باريسية لديه سجل إجرامي واسع النطاق وعلى اتصال منتظم مع غاري مادار من جهة، وأفراد عصابة العجائز من جهة ثانية. كما تمت تبرئة شقيقه مايكل مادار دون فك اللغز الكبير المتعلق بالمسروقات. فقد عثرت الشرطة على حزم من الأوراق النقدية في منازل المشتبه بهم (140 ألف يورو في حوزة صاحب الحانة) دون أن يظهر أثر للمجوهرات أو «الحجر الكبير» كما جاء في وصف خاتم الخطوبة في ملفات التحقيق. فهل تكشف المحاكمة عن اللغز ويعترف عمر العجوز؟