توقعات بفشل البنوك المركزية في ترويض التضخم دون تحسين السياسات المالية

جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي وجون ويليامز الرئيس التنفيذي للاحتياطي الفيدرالي في نيويورك وولايل برينارد نائب رئيس مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي خلال حضورهم مؤتمراً للبنوك المركزية في جاكسون هول بولاية وايومنغ الأميركية (رويترز)
جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي وجون ويليامز الرئيس التنفيذي للاحتياطي الفيدرالي في نيويورك وولايل برينارد نائب رئيس مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي خلال حضورهم مؤتمراً للبنوك المركزية في جاكسون هول بولاية وايومنغ الأميركية (رويترز)
TT

توقعات بفشل البنوك المركزية في ترويض التضخم دون تحسين السياسات المالية

جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي وجون ويليامز الرئيس التنفيذي للاحتياطي الفيدرالي في نيويورك وولايل برينارد نائب رئيس مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي خلال حضورهم مؤتمراً للبنوك المركزية في جاكسون هول بولاية وايومنغ الأميركية (رويترز)
جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي وجون ويليامز الرئيس التنفيذي للاحتياطي الفيدرالي في نيويورك وولايل برينارد نائب رئيس مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي خلال حضورهم مؤتمراً للبنوك المركزية في جاكسون هول بولاية وايومنغ الأميركية (رويترز)

ذكرت دراسة مقدمة لصناع السياسات في ندوة جاكسون هول بالولايات المتحدة أن البنوك المركزية ستفشل في الحد من التضخم وربما تدفع الأسعار للارتفاع ما لم تبدأ الحكومات في لعب دورها بتحسين سياساتها المالية المتعلقة بميزانياتها.وفتحت الحكومات في جميع أنحاء العالم خزائنها خلال جائحة كوفيد-19 لدعم الاقتصادات، لكن هذه الجهود ساعدت في دفع معدلات التضخم للارتفاع إلى أعلى مستوياتها منذ ما يقرب من نصف قرن، مما زاد من خطر ترسخ زيادة الأسعار بوتيرة سريعة.
وترفع البنوك المركزية الآن أسعار الفائدة، لكن دراسة جديدة، جرى تقديمها أمس السبت في ندوة جاكسون هول الاقتصادية لمجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) في مدينة كانساس، رأت أن سمعة البنوك المركزية في مكافحة التضخم ليست حاسمة في مثل هذا السيناريو. وقال فرانشيسكو بيانكي من جامعة جونز هوبكنز وليوناردو ميلوسي من فرع المركزي الأميركي في شيكاغو «إذا لم يكن التشديد النقدي مدعوما بتوقع التعديلات المالية المناسبة، فإن تدهور الاختلالات المالية سيؤدي إلى زيادة الضغوط التضخمية».
وذكرت الدراسة أن «نتيجة لذلك، ستنشأ حلقة مفرغة من ارتفاع أسعار الفائدة الاسمية وارتفاع التضخم والركود الاقتصادي وزيادة الديون... في هذا الوضع غير الصحي، من شأن التشديد النقدي في الواقع أن يؤدي إلى ارتفاع التضخم وإلى حدوث ركود تضخمي ضار بالمالية العامة».
وقال معدا الدراسة إنه للسيطرة على التضخم، يجب أن تعمل السياسة المالية جنبا إلى جنب مع السياسة النقدية وطمأنة الناس بأنه بدلا من التخلص من الديون، فإن الحكومة ستزيد الضرائب أو تخفض النفقات. وأقر رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول قد حذر الجمعة، بأن «التضخم الحالي هو ظاهرة عالمية وأن العديد من الاقتصادات في جميع أنحاء العالم تواجه ارتفاعا في الأسعار يوازي أو يزيد حتى ما تشهده الولايات المتحدة». وحذر باول من أن التصدي للتضخم في الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم، «سيكون مؤلما على الأسر والشركات» الأميركية لكن عدم التحرك للجمه سيلحق ضررا أكبر بالاقتصاد.
وفي خطاب حازم في غاية الصراحة خلال الملتقى السنوي لحكام المصارف المركزية في جاكسون هول بولاية وايومنغ، حذر رئيس الاحتياطي الفيدرالي من أن البنك المركزي الأميركي سيستخدم «أدواته بقوة» من خلال رفع أسعار الفائدة. وقال في خطاب مقتضب قبل بضعة أشهر من انتخابات منتصف الولاية لإدارة جو بايدن الديموقراطية إن العودة إلى استقرار الأسعار «ستستغرق وقتا» وستؤدي إلى «فترة طويلة من النمو الضعيف» بالإضافة إلى «تباطؤ في سوق العمل». ووصل التضخم في الولايات المتحدة إلى 8.5 في المائة بمعدل سنوي مقابل 9.1 في المائة في يونيو (حزيران) بحسب مؤشر أسعار المستهلك، ما يقارب أعلى مستوياته منذ أربعين عاما.
كما يراقب الاحتياطي الفيدرالي مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الذي يستند إلى الإنفاق الاستهلاكي والذي صدرت أرقام جديدة له الجمعة. وبلغ هذا المؤشر المعتمد لقياس التضخم 6.3 في المائة مقابل 6.8 في المائة في يونيو بمعدل سنوي. وقال باول «إذا كانت هذه الانخفاضات المسجلة في يوليو (تموز) موضع ترحيب فإن التحسن على مدى شهر واحد فقط ليس كافيا» ويجب تأكيد هذا الاتجاه. وحدد الاحتياطي الفيدرالي هدف خفض هذه النسبة إلى نحو 2 في المائة. وأوضح باول أنه سيكون لهذه السياسة «تكاليف مؤسفة».
وكرر أن الاحتياطي الفيدرالي كان مستعدا «لرفع كبير لأسعار الفائدة بشكل استثنائي» خلال الاجتماع القادم للجنة النقدية في 21 سبتمبر (أيلول) بعد قرارين متتاليين برفع من 75 نقطة.
حذر باول الأسواق من أن أسعار الفائدة ستدخل منطقة «تقييدية» وأن عتبة المعدل الحيادي الذي يعكس المستوى المثالي للمعدلات ويقدر عادة بحوالى 2.5 في المائة، حتى لا يتسبب في تدهور الاقتصاد أو استقراره، لم يعد مطروحا على الطاولة حاليا.
وتابع أن «تقديرات المعدل الحيادي طويل الأجل ليست عتبة يجب التوقف عندها».
وأضاف باول «أنه سيكون من المناسب في مرحلة ما إبطاء وتيرة رفع أسعار الفائدة». وحذر في كلمته التي كانت «مباشرة» من أن «التاريخ أثبت أنه يجب عدم إرخاء السياسة النقدية قبل الأوان».
وكما في كلّ سنة، بل أكثر من أي وقت مضى، كان خطاب رئيس البنك المركزي الأميركي محط اهتمام كبير خلال الاجتماع الذي عقد حضوريّا لأول مرة منذ عام 2019، في جاكسون هول بولاية وايومينغ.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة وتطبيق سياسات أكثر ملاءمة للأعمال من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في العام المقبل.

وقالت «ستاندرد آند بورز غلوبال»، يوم الجمعة، إن القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات المركب في الولايات المتحدة، الذي يتتبع قطاعي التصنيع والخدمات، ارتفعت إلى 55.3 هذا الشهر. وكان هذا أعلى مستوى منذ أبريل (نيسان) 2022، مقارنة بـ54.1 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

ويشير الرقم الذي يتجاوز 50 إلى التوسع في القطاع الخاص. ويعني هذا الرقم أن النمو الاقتصادي ربما تسارع في الربع الرابع. ومع ذلك، تشير البيانات الاقتصادية «الصعبة» مثل مبيعات التجزئة إلى أن الاقتصاد حافظ على وتيرة نمو قوية هذا الربع، مع استمرار ضعف في قطاع الإسكان وتصنيع ضعيف.

ونما الاقتصاد بمعدل نمو سنوي قدره 2.8 في المائة في الربع من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول). ويقدّر الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا حالياً أن الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع سيرتفع بمعدل 2.6 في المائة.

وقال كبير خبراء الاقتصاد في شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، كريس ويليامسون: «يشير مؤشر مديري المشتريات الأولي إلى تسارع النمو الاقتصادي في الربع الرابع. وقد أدت التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة والإدارة الأكثر ملاءمة للأعمال إلى تعزيز التفاؤل، مما ساعد على دفع الإنتاج وتدفقات الطلبات إلى الارتفاع في نوفمبر».

وكان قطاع الخدمات مسؤولاً عن معظم الارتفاع في مؤشر مديري المشتريات، على الرغم من توقف التراجع في قطاع التصنيع.

وارتفع مقياس المسح للطلبات الجديدة التي تلقتها الشركات الخاصة إلى 54.9 نقطة من 52.8 نقطة في أكتوبر. كما تباطأت زيادات الأسعار بشكل أكبر، إذ انخفض مقياس متوسط ​​الأسعار التي تدفعها الشركات مقابل مستلزمات الإنتاج إلى 56.7 من 58.2 في الشهر الماضي.

كما أن الشركات لم تدفع لزيادة الأسعار بشكل كبير في ظل ازدياد مقاومة المستهلكين.

وانخفض مقياس الأسعار التي فرضتها الشركات على سلعها وخدماتها إلى 50.8، وهو أدنى مستوى منذ مايو (أيار) 2020، من 52.1 في أكتوبر.

ويعطي هذا الأمل في أن يستأنف التضخم اتجاهه التنازلي بعد تعثر التقدم في الأشهر الأخيرة، وهو ما قد يسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة. وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة تخفيف السياسة النقدية في سبتمبر (أيلول) بخفض غير عادي بلغ نصف نقطة مئوية في أسعار الفائدة.

وأجرى بنك الاحتياطي الفيدرالي خفضاً آخر بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر، وخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نطاق يتراوح بين 4.50 و4.75 في المائة.

ومع ذلك، أظهرت الشركات تردداً في زيادة قوى العمل رغم أنها الأكثر تفاؤلاً في سنتين ونصف السنة.

وظل مقياس التوظيف في المسح دون تغيير تقريباً عند 49. وواصل التوظيف في قطاع الخدمات التراجع، لكن قطاع التصنيع تعافى.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي السريع إلى 48.8 من 48.5 في الشهر السابق. وجاءت النتائج متوافقة مع توقعات الاقتصاديين. وارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى 57 نقطة، وهو أعلى مستوى منذ مارس (آذار) 2022، مقارنة بـ55 نقطة في أكتوبر، وهذا يفوق بكثير توقعات الاقتصاديين التي كانت تشير إلى قراءة تبلغ 55.2.