اليابان لمنح تونس 100 مليون دولار لتخفيف آثار جائحة «كورونا»

تونس تستضيف قمة بين طوكيو وأفريقيا لتعزيز الشراكة في «سياق معقد»

الرئيس التونسي قيس سعيد يتوسط وزير الخارجية الياباني يوشيماسا هاياشي والرئيس السنغالي ماكي سال  خلال مؤتمر «تيكاد» في العاصمة التونسية أمس (أ.ب)
الرئيس التونسي قيس سعيد يتوسط وزير الخارجية الياباني يوشيماسا هاياشي والرئيس السنغالي ماكي سال خلال مؤتمر «تيكاد» في العاصمة التونسية أمس (أ.ب)
TT

اليابان لمنح تونس 100 مليون دولار لتخفيف آثار جائحة «كورونا»

الرئيس التونسي قيس سعيد يتوسط وزير الخارجية الياباني يوشيماسا هاياشي والرئيس السنغالي ماكي سال  خلال مؤتمر «تيكاد» في العاصمة التونسية أمس (أ.ب)
الرئيس التونسي قيس سعيد يتوسط وزير الخارجية الياباني يوشيماسا هاياشي والرئيس السنغالي ماكي سال خلال مؤتمر «تيكاد» في العاصمة التونسية أمس (أ.ب)

تعهدت اليابان، على لسان وزير خارجيتها، يوشيماسا هاياشي، منح تونس تمويلاً بقيمة 100 مليون دولار للمساعدة في تخفيف آثار جائحة «كورونا».
جاء ذلك، أمس (السبت)، خلال افتتاح الرئيس التونسي قيس سعيد بالعاصمة التونسية الجلسة الافتتاحية لـ«مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في أفريقيا» (تيكاد)، التي تحمل شعار «أولويات التنمية في أفريقيا بعد (كوفيد - 19)»، وتبحث في المقام الأول سبل تعزيز الشراكة بين أفريقيا واليابان والتنمية المستدامة، بحضور أكثر من 300 شخصية، من 66 وفداً رسمياً يمثلون 48 دولة (وزراء خارجية، ووزراء اقتصاد وتجارة ودبلوماسيين...) إضافة إلى مجموعة مهمة من المنظمات الإقليمية والدولية.
وشدد سعيد خلال الجلسة الافتتاحية على أهمية الاستثمار في الدفع بعجلة الاقتصاد، قائلاً: «سنعمل على إيجاد الحلول القانونية والظروف الملائمة التي تسمح للمستثمرين بأن يستثمروا وهم آمنون على ثرواتهم واستثماراتهم».a
قدّرت وسائل إعلام يابانية أن الحدث سيكون بمثابة «رد» طوكيو على الولايات المتحدة وأوروبا، ومنافستها الأبرز (الصين)، التي تعمل بخطى حثيثة على ترسيخ وجودها في أفريقيا، لا سيما عبر مشاريع بنى تحتية، في إطار مبادرتها «الحزام والطريق».
وهذه أول نسخة من «تيكاد»، منذ تفشي فيروس «كورونا»، والثانية في أفريقيا بعد أن استضافتها كينيا عام 2016. وتعقد الندوة التي أطلقتها طوكيو عام 1993 كل ثلاث سنوات. وتهدف النسخة الحالية رسمياً إلى «مناقشة كيفية إنشاء عالم مستدام معا» في «السياق المعقد لجائحة (كوفيد) والوضع في أوكرانيا».
تراهن اليابان على تعزيز شراكاتها مع الدول الأفريقية استناداً إلى «نقاط قوتها التي تتمثل في النمو المقترن بالجودة والتركيز على الإنسان»، وفق ما تورد وزارة خارجيتها في تقديمها للندوة على موقعها الإلكتروني.
وستركز هذه الدورة الجديدة على ثلاثة محاور رئيسية، تتمثل في التنمية المستدامة والشاملة، والحد من الفوارق الاقتصادية، إلى جانب بناء مجتمعات مستقرة وأكثر صموداً وأمناً بالقارة الأفريقية، لتمثل إطاراً نموذجياً لرفع سقف الشراكة الأفريقية - اليابانية، وتحقيق الانتعاش الاقتصادي ودفع النمو. كما تعمل على المساعدة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، والأهداف المدرجة بأجندة التنمية 2063 للاتحاد الأفريقي، وذلك عبر توفير برامج مساندة مالية وفنية وتدابير تفاضلية، وبيئة استثمارية تشجع على ريادة الأعمال.
وستنظر القمة اليابانية - الأفريقية في مجموعة أخرى من الملفات، من أهمها الأمن الغذائي لأفريقيا في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، بالإضافة إلى التغيرات المناخية وتعزيز الأعمال الصديقة للبيئة. وتعول السلطات التونسية على هذه القمة الاقتصادية للعب دور ريادي على مستوى الربط الثلاثي بين اليابان وتونس في اتجاه القارة الأفريقية. وتمثل «تيكاد 8» بالنسبة لها «فرصة جيدة لإظهار إمكانيات تونس كبوابة على أفريقيا، لإقامة شراكات استراتيجية تجمع الأطراف الثلاثة».
وشاركت نحو 50 شركة يابانية كبرى في منتدى الأعمال «تيكاد 8» المنعقد خلال اليوم الأول من القمة اليابانية - الأفريقية. ومثل هذه المؤسسات نحو 100 من قادة الأعمال والمديرين التنفيذيين، كما شارك في هذا منتدى الأعمال 300 رجل أعمال من أفريقيا و100 رجل أعمال من تونس و100 من اليابان، في انتظار ما سيتمخض عن هذا المنتدى من مشاريع استثمارية.
وفي مجال الاستثمارات المنتظرة، أكدت الوزيرة التونسية للصناعة والمناجم والطاقة أن اجتماعات مكثفة ستُعقد خلال الأسابيع المقبلة بمشاركة كبار الممولين الدوليين، لتجسيم التوجهات والمشاريع التي ستتمخض عن قمة تونس، على غرار مشاريع السيارات الكهربائية، وإدماج الطاقات البديلة، علاوة على الصناعات الميكانيكية.
وكانت تقارير إعلامية يابانية قد أشارت إلى أن اليابان ستتعهد بتقديم 30 مليار دولار مساعدات للتنمية في القارة الأفريقية، وهي اعتمادات مالية ستخصص لتنمية الموارد البشرية من أجل تعزيز النمو الاقتصادي. وكان القطاع الخاص التونسي قد استعد جيداً لهذا الحدث الاقتصادي المهم من خلال عرض 81 مشروعاً استثمارياً على المشاركين في «تيكاد 8»، بقيمة 2.7 مليون دولار. وفي هذا الشأن قال الهادي بن عباس رئيس غرفة الصناعة والتجارة التونسية اليابانية إن الغرفة أعدت «كتاباً أبيض»، تضمن المشاريع المعروضة على التمويل خلال القمة اليابانية - الأفريقية. وأشار إلى عرض 225 مشروعاً على هذه الغرفة، وتم الاختيار في نهاية المطاف 81 مشروعاً قادراً على توفير ما لا يقل عن 35 ألف فرصة عمل.
وتوزعت تلك المشاريع على الاقتصاد الأخضر، والاقتصاد الأزرق، والرقمنة والتكنولوجيا، والمجال الطبي والصيدلي، والقطاع الصناعي، ومشاريع البنية التحتية المختلفة واللوجيستيك، علاوة على مشاريع في المجال المالي.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.