في مقهى الفلمنكي الواقع في منطقة السوديكو البيروتية حلّ معرض «بحبك يا لبنان» ضيفاً عزيزاً بهدف تكريم المواهب الفنية اللبنانية وليوم واحد فقط، ( أمس الأول) .
هو معرض حرفي بامتياز يشارك فيه نحو 30 مصمماً لبنانياً تخرجوا في معاهد وجامعات محلية. فكان المعرض فرصة يقتنصونها ليتعرف إليهم الزوار ومحبو الأشغال اليدوية.
وبين حنايا المقهى وفي غرف منفصلة عرض المشاركون أعمالهم من تصاميم حقائب جلدية ومن القش والقنب والكتان. وكذلك تضمن مجموعات من المجوهرات وأواني المطبخ المرسوم عليها باليد. وفي المعرض تلفتك أفكار إبداعية جديدة كالحقائب المصنوعة من مادة الـ«بليكسي» الشفافة وأخرى مصنوعة من خيوط الكروشيه.
ويقام هذا المعرض في نسخته الرابعة بتنظيم من شركة «بيوند ليمتس ايفنتس» التي تواصل دعمها للمواهب اللبنانية. واختارت هذا التوقيت لإقامته، كي يتسنى لأكبر عدد ممكن من اللبنانيين المقيمين والمغتربين والسياح الأجانب الموجودين في لبنان في فصل الصيف من مشاهدته.
وتشير منظمة المعرض رندة أرمنازي لـ«الشرق الأوسط» إلى أن النهوض بلبنان الذي نحب يتطلب منا الجهد والتمسك بالأمل. ولذلك فهي لم تتوانَ عن إقامة المعرض رغم كل الأوضاع المتردية التي تعيشها البلاد. وتتابع في سياق حديثها: «قصدت أن يحمل المعرض هذا الاسم لأن لبنان يسكن في قلوبنا ولن نتخلى عنه مهما واجهنا من صعاب. وتشجيعنا للمواهب اللبنانية الإبداعية ينبع من حبنا لبلدنا الذي نقدمه على أي مصالح أخرى. وعندما نقول (بحبك يا لبنان) فإننا لا نقصد فقط أبناءه الموجودين على أرضه. فالأمر يشمل المنتشرين في الخارج، ولذلك أقمنا المعرض نفسه أيضاً في دبي بتشجيع من الجاليات اللبنانية الموجودة هناك».
جانب من معرض «بحبك يا لبنان» في مقهى الفلمنكي (الشرق الأوسط)
وترى أرمنازي أن هذه الأشغال اليدوية والحرفية تعد مصدر رزق لعائلات لبنانية كثيرة. «هناك سيدات لبنانيات من قرى مختلفة يشاركن في المعرض وكذلك يتضمن جمعيات خيرية تسهم في تمكين المرأة اللبنانية». وتضيف: «من الضروري أن نحافظ على هذا الإرث الفني، وألا نفقده مع الوقت لأنه يمثل هويتنا الحقيقية. ومن هذا المنطلق نتمسك بإقامة هذه المعارض التي تنعكس إيجاباً ومن جوانب كثيرة على المشاركين فيها».
ومصممون من جيل الشباب المتخرج حديثاً في الجامعات، إضافة إلى آخرين اعتادوا المشاركة في هذا النوع من المعارض منذ سنوات طويلة، يخبرونك بحماس عن شغفهم بعملهم وعن سعادتهم في هذه المشاركة.
وريما سيدة في العقد الرابع من عمرها تعرض حلي صنعتها بأناملها. وتقول: «إنها خواتم وأساور وقلادات مصنوعة من النحاس الأصفر ومغطسة بالذهب. جميعها أصنعها بتأنٍ منذ 9 سنوات حتى اليوم، وهي تولد عندي نوعاً من الفرح. وتحمل تصاميمي عبارات ترتبط ارتباطاً مباشراً ببلدي الذي أحب كـ(بيروت) و(بحبك يا لبنان) وغيرهما التي تشير إلى بلدي الغالي».
وتتابع جولتك في المعرض لتتوقف عند صناعة حقائب تختلف عن غيرها كونها مصممة بمادة الـ«بليكسي» الشفافة. وتروي صاحبة هذه التصاميم سارة أن فكرتها تلاقي تجاوباً كبيراً من قبل النساء. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «صممتها بأشكال وأحجام مختلفة كي تناسب جميع الأعمار. وقصدت أن أكتب عليها عبارات مأخوذة من أحاديثنا اليومية مثل (Let them ينفعوك) و(بعيون الحاسد) و(ابتسم يا مبوّز) وغيرها من الجمل التي تحملها هذه الحقائب». ورسوم على أوانٍ من السيراميك والبورسيلين وأزياء خاصة بالأطفال، إضافة إلى أخرى تحمل نفحة شرقية كالعباءة والقفطان، تلفتك في معرض «بحبك يا لبنان».
والفنان محمد المتخرج في جامعة «AUST» المحلية يعرض مجموعة من تصاميم الحقائب الجلدية، «هي قطع لا نجدها في أي مكان آخر فتحملها صاحبتها كلوحة فنية لا تشبه غيرها». وعن انطباعه حول معرض «بحبك يا لبنان» يقول: «هو للتأكيد على أننا باقون هنا ولن نتخلى عن البلد وصناعتنا وأعمالنا الحرفية تترجم حبنا هذا».
وللخياطة وشك الخرز مكانة في المعرض والمصممة جويل تحدثك عن تصاميمها بلهفة: «لكل قطعة ترينها هنا خصوصيتها أخيطها وأزخرفها بأناملي وكما ترين فعندي حقائب صغيرة وأحذية نسائية وإكسسوارات يمكن أن تستعملها المرأة في المناسبات والسهرات». وتختم: «لقد سافرت كغيري من اللبنانيين إلى الخارج ومكثت في إحدى دول الخليج فترة لا يستهان بها، ولكن لبنان بقي في بالي فحزمت أمتعتي وعدت إليه. وقررت ألا أغادره من جديد مهما قست عليّ الأحوال والأوضاع».
ومن ناحيته، فيؤكد ليفان المتخرج في الجامعة الأميركية ببيروت أنه اختار تصميم معدات خاصة برياضة السير على الأقدام أو الإبحار وما يشابهها. «إنها حقائب وجاكيتات مصنوعة من الكتان المصري وتغلب عليها ألوان معدات العسكر كي تتحمل تقلبات الطقس والرطوبة».
ومستوحاة من نزعة الـ«فانتادج» الرائجة حالياً في تصاميم الأزياء والحقائب، اختارت المصممة رنا الرفاعي العودة إلى الـ«بروش» (دبوس يزين الثياب).
وتقول ليا المشرفة على هذا القسم: «هي تصاميم لدبابيس قديمة أعيد تحديثها وتلوينها كي تواكب موضة اليوم. دبابيس تأخذ أشكال الفراشات والدعسوقة المنمنة أو العصفور الصغير، رصعتها رنا وجددتها على طريقتها».
وفي عالم الـ«كروشيه» تطالعك كارول بمجموعة قطع فنية تتنوع ما بين حقائب اليد وفرش الطاولات وغيرها. أما هوايتها هذه فبدأت معها منذ صغرها، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «تعلمت هذه الهواية من جدتي وكان عمري 5 سنوات فقط. ومع الوقت تطورت هذه الهواية معي التي كانت رفيقتي ومصدر رزقي في فترات عصيبة مررت بها. واليوم الكروشيه يشكل موضة بحد ذاته تفتخر النساء باقتناء تصاميم منه، خصوصاً المشغول حرفياً وباليد».
وبين قطع فنية مصنوعة من الخشب والزجاج المنفوخ وحقائب يد يدوية صممتها نساء دار المقاصد الإسلامية، وحلي مرصعة بحجر الـ«لندن بلو»، تغادر معرض «بحبك يا لبنان» وقد طبعتك مشاعر الفخر والاعتزاز بشباب لبناني مبدع يقاوم على طريقته.
«بحبك يا لبنان» ليوم واحد فقط
معرض فني يدعم المواهب الإبداعية
«بحبك يا لبنان» ليوم واحد فقط
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة