إجراءات صينية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي مع تباطؤ التعافي

موجة حر غير مسبوقة تضرب البلاد

حزمة سياسات صينية مكونة من 19 نقطة للمساعدة في إبقاء العمليات الاقتصادية ضمن نطاق معقول (د.ب.أ)
حزمة سياسات صينية مكونة من 19 نقطة للمساعدة في إبقاء العمليات الاقتصادية ضمن نطاق معقول (د.ب.أ)
TT

إجراءات صينية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي مع تباطؤ التعافي

حزمة سياسات صينية مكونة من 19 نقطة للمساعدة في إبقاء العمليات الاقتصادية ضمن نطاق معقول (د.ب.أ)
حزمة سياسات صينية مكونة من 19 نقطة للمساعدة في إبقاء العمليات الاقتصادية ضمن نطاق معقول (د.ب.أ)

تخطط الصين لاتخاذ مجموعة من الإجراءات لتحقيق الاستقرار في النمو، حيث يظهر الانتعاش الاقتصادي علامات على التباطؤ، بسبب إغلاقات متكررة مرتبطة بمرض (كوفيد) والأزمة في قطاع العقارات بالبلاد.
ونقل تلفزيون الصين المركزي «سي سي تي في» أمس الأربعاء، عن اجتماع معتاد برئاسة رئيس الوزراء لي كه تشيانج أن مجلس الدولة أعد حزمة سياسات مكونة من 19 نقطة، للمساعدة في إبقاء العمليات الاقتصادية ضمن نطاق معقول.
وأضاف أن الحزمة تشمل حصة تزيد على 300 مليار يوان (7.‏43 مليار دولار) للسياسات والأدوات المالية التنموية، التي من المتوقع أن تخلق أوجه تآزر مع السياسات، التي تم طرحها بالفعل ودفع الاقتصاد نحو الاستقرار وتطويره إلى الأفضل.
وتعهدت الحكومة بالاستفادة من «الأدوات المتاحة في صندوق الأدوات» للحفاظ على نطاق معقول للسياسة، في الوقت المناسب، وبطريقة حاسمة.
يأتي هذا بالتزامن مع تخفيض أسعار التجزئة للبنزين والديزل، بداية من أمس الأربعاء. ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح أن سعر البنزين انخفض بمقدار 205 يوانات (نحو 92.‏29 دولار) للطن الواحد والديزل بمقدار 200 يوان للطن.
وبموجب آلية التسعير الحالية، فإذا تغيرت الأسعار الدولية للنفط الخام بأكثر من 50 يوانا للطن، وظلت عند هذا المستوى لمدة عشرة أيام عمل، يتم تعديل أسعار المنتجات النفطية المكررة مثل البنزين والديزل في الصين وفقا لذلك.
وقالت اللجنة إن أكبر ثلاث شركات نفط صينية - وهي شركة النفط الوطنية الصينية وشركة البتروكيماويات الصينية وشركة النفط البحري الوطنية الصينية - إلى جانب شركات معالجة النفط الأخرى، يجب أن تضمن إنتاج النفط وتسهل النقل لضمان استقرار الإمدادات.
وتشهد الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، موجة حر غير مسبوقة أثرت على جميع القطاعات، الصناعية والزراعية والبيئية، وحذرت السلطات الصينية من تداعيات هذه الموجة، التي تخشى على الأمن الغذائي في البلاد.
ومنذ بداية جمع بيانات الأحوال الجوية في 1961 لم تشهد الصين صيفا حارا إلى هذا الحد مع موجة تاريخية في مدتها ومداها. فقد جف الخزان الرئيسي لمياه الشرب في البلاد نهر يانغتسي في عدد من الأماكن مما كشف عن تربة متصدعة، بينما تعيش الكثير من المدن الصينية منذ شهرين على إيقاع التحذيرات اليومية من ارتفاع درجات الحرارة الذي اضطر السلطات إلى تقنين الكهرباء.
وتشكل هذه الأحوال الجوية تحديا للزراعة، في بلد يعاني في الأوقات العادية من نقص في الأراضي الصالحة للزراعة. ويسبب الجفاف مشكلة للمزارعين، خصوصا لزراعات الأرز وفول الصويا التي تستهلك كميات كبيرة من المياه.
وفي هذه الأجواء، دعت أربع وزارات الثلاثاء إلى اتخاذ إجراءات لحماية المحاصيل واستخدام المياه «بالقطارة». وقالت وزارة الزراعة في بلاغ إن «الامتداد السريع للجفاف إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة وأضرار ناجمة عن الحر، تشكل تهديدا خطيرا للإنتاج الزراعي في الخريف». وعبر متخصصون في الأشهر الأخيرة عن قلقهم على المحاصيل غير المؤكدة هذا العام في الصين بسبب القيود الصحية المفروضة للحد من انتشار (كوفيد - 19) الذي يسبب اضطرابا في التجارة والخدمات اللوجستية. وقد أرجأوا الزراعة في الربيع.
والأمن الغذائي قضية حساسة في الصين لأنها شهدت في تاريخها مجاعات. ففي نهاية خمسينات وبداية ستينات القرن العشرين خصوصا تسبب تطبيق النظام الجماعي للأرض الذي فرضه النظام الشيوعي في موت عشرات الملايين في الريف. وتؤمن الصين أكثر من 95 في المائة من احتياجاتها من الأرز والقمح والذرة.
لكن يمكن أن يؤدي ضعف المحاصيل إلى زيادة استيراد المواد في أكبر دولة في العالم في عدد السكان، بينما تواجه إمدادات الحبوب في العالم مشاكل بسبب الحرب في أوكرانيا.
ويعد نقص المياه أمراً بالغ الأهمية، لا سيما في مقاطعة سيتشوان (جنوب غرب)، التي يبلغ عدد سكانها نحو 84 مليون نسمة، وتعتمد بنسبة 80 في المائة على السدود لتوليد الكهرباء. وتشكل هذه الصعوبات تحديا للقلب الاقتصادي للصين لأن المناطق الساحلية جيانغسو وتشجيانغ وكذلك آنهوي (شرق) يتم إمدادها بالكهرباء من سيتشوان.
وفي إجراء لتوفير التكاليف أوقف عدد كبير من المصانع والشركات نشاطها، بينما في مقاطعة بلدية تشونغتشينغ (جنوب غرب)، حيث يعيش 31 مليون شخص لا يمكن فتح مراكز التسوق إلا من الساعة 16:00 إلى الساعة 21:00.


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي خلال لقاء جمعهما على غداء عمل في باريس (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الفرنسي تطورات غزة ولبنان

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي جان نويل، الجمعة، التطورات في قطاع غزة وعلى الساحة اللبنانية، والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (باريس)

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».