تجربة رقعة «بديل النيكوتين» للإقلاع عن التدخين

أنتجها فريق من مدينة زويل المصرية

الرقعة الجديدة تجاوزت مشكلات مثيلتها التقليدية (موقع istokphoto)
الرقعة الجديدة تجاوزت مشكلات مثيلتها التقليدية (موقع istokphoto)
TT

تجربة رقعة «بديل النيكوتين» للإقلاع عن التدخين

الرقعة الجديدة تجاوزت مشكلات مثيلتها التقليدية (موقع istokphoto)
الرقعة الجديدة تجاوزت مشكلات مثيلتها التقليدية (موقع istokphoto)

«سأجعلك يوما ما تقلع عن التدخين».. كان إبراهيم الشربيني، المدير المؤسس لبرنامج علوم النانو، ومركز أبحاث علوم المواد بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا في مصر، دائما ما يعد صديقه المقرب، الذي يدخن السجائر بشراهة تصل إلى حد الإدمان، بهذا الوعد.
وبينما دفعت بعض أمراض الرئة الصديق إلى اتخاذ قرار الإقلاع عن التدخين، لم ينس الشربيني ذلك الوعد الذي قطعه على نفسه، فجعل من معاناة صديقة المرضية التي لا تزال مستمرة حتى الآن، وقودا لإنجاز رقعة تحتوي على مادة بديلة للنيكوتين، ليتم وضعها على الجلد، فتطلق تلك الرقعة المصنعة بتقنية النانو هذه المادة إلى داخل الجسم بانتظام لمدة تتجاوز الـ14 يوما، بما يساعد المدخنين على التوقف عن التدخين.
وتوجد العديد من بدائل النيكوتين المتاحة في الأسواق، لكن يوجد بها مشكلات، فعلكة المضغ التي تحتوي على مواد طبيعية، ويتم الترويج لها على أنها تساعد في الإقلاع عن التدخين، لم تحقق نجاحا كافيا، كما أن بخاخات الفم والأنف وأجهزة الاستنشاق وأقراص الاستحلاب، والتي تحتوي هي الأخرى على مواد طبيعية وأحيانا نيكوتين، تحتاج من الشخص أن يستخدمها باستمرار طوال اليوم، وهو أمر غير عملي، ولم يثبت أنها ساعدت بفاعلية كبيرة في تحجيم الرغبة في التدخين.
وكان من نتيجة ذلك، ظهور «رقعة النيكوتين» والتي تلصق على الجلد، وهي مصممة بشكل تقليدي لتطلق النيكوتين إلى داخل الجسم ببطء، ومشكلتها أنها لا تزال تستخدم مادة ضارة، فضلاً عن أن إطلاقها البطيء للنيكوتين غالباً لا يشبع رغبة المدخنين، لذلك لم يثبت أيضاً أنها حظيت بالانتشار المطلوب.
وبعد القبول المحدود لكل هذه الحلول، ظهرت مواد بديلة للنيكوتين تؤخذ كدواء، ومنها مادة «ترترات الفارنسيلين»، والتي تستهدف مستقبلات النيكوتين في الجسم، والمعروفة باسم «a4b2»، بما يعطي للراغبين في الإقلاع عند تناولها نفس ما يشعر به المدخن، دون الإضرار بالصحة.
وتوصف هذه المادة المعتمدة من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، والتي نتجت في دواء متداول حاليا، بأنها من أفضل الحلول التي قدمت، ولكن بعض المدخنين قد لا يقبلون عليها لكونها فكرة غير عملية كونها تجعلهم يشبعون رغبتهم في التدخين من خلال دواء يتم تناوله في أوقات محددة، بالإضافة إلى الأعراض الجانبية لهذا الدواء إذا ما تم تناوله بالطرق التقليدية.
واستغل الفريق البحثي المصري من مدينة زويل، الذي قاده الشربيني، مزايا هذه المادة، وتخلص من عيوب تقديمها في شكل دواء تقليدي، وأعلن في الدراسة المنشورة بدورية «جورنال أوف ماتريال كمستري» التابعة لدار نشر الجمعية الملكية للكيمياء RSC البريطانية عن طريقة مبتكرة لتوصيلها إلى داخل الجسم، بعد وضعها في «رقعة نانوية» تم تصميمها بشكل مبتكر تجاوز أخطاء «رقعة النيكوتين».
ويقول الشربيني لـ«الشرق الأوسط»: «رقعة النيكوتين مصممة لإطلاق المادة إلى داخل الجسم ببطء، لكنها لا تزال تتعامل مع مادة ضارة، لكننا في رقعة بديل النيكوتين النانوية نتعامل مع مادة آمنة، لذلك نستطيع إطلاقها بشكل منتظم إلى داخل الجسم، عبر تصميم مبتكر للرقعة باستخدام تقنيات النانو».
والرقعة تم تحضيرها من عدة طبقات من الألياف النانومترية، يمكن تشبيهها بـ«قلم» له أنبوب داخلي، وهيكل خارجي، ويتكون الأنبوب الداخلي من مادة بوليمرية هي «بولي أكسيد الإيثيلين»، وهي مادة سهلة الذوبان في الماء، وحبيبات نانومترية في حجم النانو من مادة البلورونيك، وكلتا المادتين تم تحميلها بالمادة الدوائية «ترترات الفارنسيلين».
أما الهيكل الخارجي، فتم تصنيعه من مادتين، إحداهما غير قابلة للذوبان في الماء، وهي بولي كابرولاكتون والأخرى قابلة للذوبان البطيء، وهي أسيتات السيللوز المعدل بنسبة 90 إلى 10 في المائة، وتم تحميل المادة الدوائية عليهما بنسبة كبيرة.
ويقول الشربيني: «ولأن الهيكل الخارجي سيكون ملاصقا للجلد، فإن العرق سيسمح بتحلل أسيتات السيللوز المعدل، وهذا من شأنه حدوث مسام مجهرية لا ترى بالعين المجردة في الرقعة النانوية، وهذه المسام من شأنها أن تسمح بإطلاق منتظم للمادة الدوائية تم إثباته في التجارب التي أجريت خلال الدراسة».
وشملت التجارب التقييمية التي أجراها الشربيني وفريقه البحثي عدة مستويات، بدأت باستخدام الرقعة مع أغشية «إسموزية» في ظروف تحاكي جسم الإنسان، وفي هذه التجربة تم إطلاق كل محتويات المادة الدوائية من «الرقعة النانوية» خلال 28 يوما، ثم تم إجراء تجارب على جلد الفئران، وتم إثبات تحرر المادة الدوائية من الرقعة النانوية بنسبة 94 في المائة خلال 60 يوماً، وتم اختبار الرقعة المبتكرة على فئران حية، وخلال 14 يوماً هي مدة التجربة، وكانت لا تزال توجد آثار للمادة الدوائية في بلازما الدم، وأخيرا تم إجراء نمذجة باستخدام برامج حاسوبية للتأكد من دقة النتائج.
ويوضح الشربيني أن مدة الـ14 يوما، هي الفترة التي حكمتهم في تجارب الفئران، لكن عند الانتقال إلى التجارب السريرية قد تزيد تلك الفترة لمدة لا تقل عن 28 يوما، كما أظهرت تجربة الأغشية الأسموزية.
ويضيف: «أتمنى أن توجد قريبا قوانين تسمح لنا بإجراء مثل هذه التجارب، لا سيما أننا نتعامل مع مادة دوائية هي بالفعل معتمدة، ولن يتم توصيلها للجسم عن طريق الفم ولكن بواسطة الجلد، وهذا من شأنه أن يسهل كثيراً من اتخاذ قرار الموافقة».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


الدبيبة وخوري يبحثان «آلية موحدة» للإنفاق في ليبيا

الدبيبة مستقبلاً خوري بمكتبه (حكومة الوحدة)
الدبيبة مستقبلاً خوري بمكتبه (حكومة الوحدة)
TT

الدبيبة وخوري يبحثان «آلية موحدة» للإنفاق في ليبيا

الدبيبة مستقبلاً خوري بمكتبه (حكومة الوحدة)
الدبيبة مستقبلاً خوري بمكتبه (حكومة الوحدة)

بحث عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، مع المبعوثة الأممية بالإنابة، ستيفاني خوري، سبل وقف «الإنفاق الموازي» خلال عام 2025، والعمل على إيجاد «آلية موحدة» للإنفاق تضمن الشفافية المالية والتوزيع العادل للموارد.

وقال مكتب الدبيبة الأحد، إنه التقى خوري، التي قدمت له «إحاطة حول مشاركتها في اجتماع لندن الأخير، موضحة ما تم تناوله من ورقات بحثية ومشاركات علمية، بمشاركة خبراء محليين ودوليين، بهدف تعزيز المسارين السياسي والاقتصادي في ليبيا».

ونقل مكتب الدبيبة أن خوري «أشادت خلال اللقاء بجهود الحكومة في دعم الانتخابات البلدية الماضية»، مشددةً على أهمية استمرار هذا الدعم والتنسيق مع «المفوضية الوطنية العليا» للانتخابات بشأن الاستحقاقات البلدية المقررة في عام 2025، وشدد على «دعمه الكامل» لجهود البعثة الأممية «في تحريك العملية السياسية، بما يضمن الوصول إلى الانتخابات، وإنهاء المراحل الانتقالية، والذهاب المباشر نحو الاستحقاق الانتخابي». وانتهى الدبيبة مؤكداً «ضرورة احترام الاتفاق السياسي والمؤسسات المنبثقة عنه، لضمان تحقيق العدالة والاستقرار السياسي».

ويأتي هذا اللقاء ضمن مواصلة خوري مشاوراتها لكسر الجمود الراهن في العملية السياسية. وكانت بحثت مساء السبت في العزيزية، مع اللواء أسامة الجويلي آمر منطقة الجبل الغربي العسكرية التابعة لقوات حكومة «الوحدة»، التطورات السياسية والأمنية الحالية، وكذلك السبل للمضي قدماً بالبلاد نحو الانتخابات، وتوحيد مؤسسات الدولة، بما في ذلك مؤسسات الجيش والأمن، وتعزيز السلام والاستقرار بشكل مستدام في ليبيا.

في غضون ذلك، أعلن قادة «كتائب وسرايا الثوار» في مدينة مصراتة بالغرب الليبي، دعمهم الكامل لمخرجات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بالأزمة الليبية.

وأكدوا في بيان، «أهمية دور البعثة الأممية في دفع العملية السياسية نحو تشكيل حكومة موحدة، تفرض سيطرتها على كامل التراب الليبي، وتسعى لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية شاملة، وتحقيق المصالحة الوطنية بين جميع مكونات الشعب الليبي».

وبعدما شددوا على التزامهم بـ«الثوابت الوطنية»، أكدوا رفضهم «القاطع لأي محاولات لإثارة الفتنة أو تهديد سلطة القانون من قبل أي جهات تسعى لتحقيق مصالح شخصية أو إحداث انقسامات داخل البلاد».

من استخراج جثمانين مجهولي الهوية من «مقبرة جماعية» جنوب ترهونة (الهيئة العامة)

إلى ذلك، قالت الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين، إن فرقها المختصة، تمكنت مساء السبت من استخراج جثمانين مجهولي الهوية من «مقبرة جماعية» جنوب ترهونة، في المنطقة الواقعة بين وادي وشتاتة ووادي تاجموت، مشيرة إلى أنه تم عرضهما على الطب الشرعي بالهيئة، ليتم أخذ عينات منهما وإحالتها لإدارة المختبرات ومطابقتها مع العينات المرجعية لأهالي المفقودين.

وأدرجت الهيئة هذه العملية ضمن جهودها المستمرة منذ سنوات للكشف عن مصير الأشخاص، الذين فقدوا خلال السنوات الماضية في مختلف أنحاء ليبيا.

المنفي يستقبل الأمين العام لاتحاد المغرب العربي (المجلس الرئاسي الليبي)

من جهته، قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي»، والرئيس الحالي لاتحاد المغرب العربي، إنه بحث بالعاصمة طرابلس، مع أمين الاتحاد، طارق بن سالم، «سُبل تفعيل عمل الاتحاد، وكل ما من شأنه تعزيز العمل المغاربي المشترك في كل المجالات والقطاعات وتفعيل أجهزته ومؤسساته، وإعادة تفعيل اللجان الوزارية القطاعية ومؤسساته، بالإضافة لتمتين أواصر الأخوة والتعاون التي تربط الدول الأعضاء وشعوبها ونهج سياسة مشتركة في مختلف الميادين».

كما التقى الدبيبة، الأمين العام لاتحاد المغرب العربي، بن سالم، وناقش معه أيضاً سبل تعزيز التعاون بين ليبيا والاتحاد، وتقوية العلاقات بين دول المغرب العربي، خصوصاً في مجالات التكامل الاقتصادي.

وفي تقرير للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن الحالة السياسية والاقتصادية والأمنية في ليبيا خلال الفترة من أغسطس (آب) إلى ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تحدث عن حالات الإخفاء القسري والاعتقال والاحتجاز التعسفيين في جميع أنحاء ليبيا.

ودعا غوتيريش في التقرير الذي نشرته البعثة الأممية بليبيا، اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، إلى مواصلة العمل على توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية، وتعزيز تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بالبلاد.