ما بين جولات بعض الساسة الخارجية، وتصاعد نذر النزاع المسلح حول السلطة في الداخل، تشهد الحالة الليبية تراجعاً ملحوظاً، قد يترتب عليه ضياع فرص إجراء الاستحقاق الانتخابي في المدى القريب، بحسب عدد من المراقبين.
وتدفع بعض الأطراف الدولية والإقليمية الفرقاء الليبيين لاستكمال «المسار الدستوري» اللازم لإجراء هذه الانتخابات، رغم الفراغ السياسي الذي يسود المشهد راهناً لاعتبارات عديدة، من بينها رحيل المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز عن منصبها، وتعثر المباحثات بين مجلسي النواب و«الأعلى للدولة». ويفترض أن تحتضن القاهرة قريباً لقاءً بين المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، وخالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة، بهدف استكمال مشاوراتهما السابقة في جنيف حول ما تبقى من نقاط الخلاف بشأن «المسار الدستوري». لكن مصادر قالت لـ«الشرق الأوسط» إنه «بعد فشل لقائهما الذي استضافته القاهرة في الرابع من أغسطس (آب) الماضي، يبدو من الصعب أن يجتمعا معاً، حال بقاء الخلاف قائماً حول الموقف الدستوري من «مزدوجي الجنسية، ومشاركة العسكريين بالتصويت في الانتخابات»، وهي المعضلة التي تعترض طريق ترشح المشير خلفية حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» للانتخابات الرئاسية المقبلة، وكذا تصويت عناصر المؤسسة العسكرية بها.
وكان صالح والمشري قد غادرا القاهرة في 15 أغسطس الماضي، دون إحداث اختراق لنقاط الخلاف بـ«المسار الدستوري»، التي رُحِلت من لقائهما النادر بمقر الأمم المتحدة بجنيف في نهاية يونيو (حزيران) الماضي برعاية المستشارة الأممية، على أمل العودة ثانية بعد التشاور مع مجلسيهما، وفق عبد الحميد الصافي، المستشار الإعلامي لصالح.
وتتعاظم الأزمة بين انقسام ليبيا إلى جبهتي شرق البلاد وغربها، وسط اتهامات متبادلة باستهداف الطرف الذي يحظى بدعم التيار الإسلامي في طرابلس، مقابل مساعٍ مماثلة لإقصاء حفتر من المشهد السياسي. وأمام الجهود التي يبذلها القائم بأعمال رئيس البعثة الأممية، ريزدون زينينغا، وإن بدت محدودة للبعض، إلا أن هناك من يرى أن مغادرة المستشارة السابقة منصبها «جاءت في وقت حرج بالنسبة لمسار الأزمة الليبية».
ومع وجود من يُكيل الاتهامات للبعثة الأممية، ويحملها الكثير من أوزار الأزمة السياسية الراهنة في بلادهم، إلا أن هناك من يرى أنه كان ضرورياً استكمال الخطوات التي بدأتها ويليامز «علها تحرز اختراقاً باتجاه إحداث توافق على المسار الدستوري، الذي وضعته البعثة ولم تكمله». وإلى جانب اللقاءات التي تعقدها البعثة مع بعض الأطراف المحلية، وسعت من جهودها لتشمل سفراء بعض الدول العربية لدى ليبيا، من بينهم سفير الجزائر سليمان شنين، الذي بحث مع زينينغا مساء أمس وجهات النظر حول التطورات السياسية والأمنية في البلاد، وبحثا سبل تجاوز الجمود السياسي الحالي.
وخلال اللقاء أعرب شنين عن دعم الجزائر لجهود بعثة الأمم المتحدة في تسهيل الحوار بقيادة وملكية ليبية، في سبيل رسم الطريق نحو الانتخابات في أقرب وقت ممكن، فيما أشاد زينينغا بالمشاركة البناءة للجزائر في تعزيز الاستقرار والوحدة في ليبيا.
واستبق لقاء زينينغا وشنين زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر نهاية الأسبوع، يلتقي خلالها الرئيس عبد المجيد تبون، ومن المتوقع أن يتم التطرق خلالها إلى الأزمة الليبية.
كما التقى زينينغا القائم بالأعمال في سفارة السودان بطرابلس، عثمان محمد، وناقشا الوضعين السياسي والأمني في ليبيا، والدور الهام لدول جوار ليبيا في دعم السلام والاستقرار في البلاد. ومنذ تأجيل الانتخابات الليبية نهاية العام الماضي، لم يتفق الفرقاء على جدول زمني لإجرائها. لكن الدكتور عماد السائح، رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، تحدث في فعاليات عدة عن جاهزيتها «لمباشرة إجراء الانتخابات فور الاتفاق على قاعدة دستورية وقوانين منظمة». ودائماً ما يكرر رئيسا الحكومتين المتنازعتين على السلطة في ليبيا، عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا، استعدادهما لإجراء الانتخابات، كل بحسب رؤيته، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث وذلك بسبب تصاعد الخلافات بينهما على ترؤس الحكومة.
هل يهدد الفراغ السياسي في ليبيا فرص إجراء الاستحقاق الانتخابي؟
(تقرير اخباري)
هل يهدد الفراغ السياسي في ليبيا فرص إجراء الاستحقاق الانتخابي؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة