وسط تباين في وجهات النظر، طالب سياسيون ليبيون المحكمة العليا في البلاد بالدخول على خط الأزمة السياسية لحماية «المسار الدستوري» من «أي خروقات قد تكون طالته خلال الفترة الماضية»، بالإضافة إلى تفعيل مبدأ الرقابة على دستورية القوانين.
وكانت الجمعية العمومية للمحكمة العليا في ليبيا قد قررت أمس، إعادة تفعيل الدائرة الدستورية للنظر في الطعون والفصل فيها، وذلك بعد تعطيلها قرابة سبع سنوات، وسط انقسام بين مؤيد ومعارض.
وأمام التخوف من أن يمثل قرار الجمعية العمومية اتساعاً لحيز الصراع على السلطة في ليبيا، رأى المجلس الأعلى لحكماء وأعيان ليبيا، في بيان اليوم، أن تفعيل الدائرة الدستورية «يُبعد البلاد عن شبح الحرب وفوهات البنادق، وذلك من خلال التوجه إلى المحكمة الدستورية في حل الخلافات السياسية كافة، وقبول ما يصدر عنها من قرارات لحقن الدماء».
ورأى المجلس الأعلى للحكماء أن هذا القرار «يحدّ من التنافس المحموم على السلطة بعدما شهدت البلاد تحشيداً عسكرياً وإعلامياً في غياب التوافق على قاعدة دستورية، وقانون انتخاب يضمن حقوق الجميع وواجباته».
وأبدى المبروك الخطابي، عضو مجلس النواب، توجسه من أن يكون استئناف عمل الدائرة الدستورية «بداية فصل جديد من الأزمة؛ ومحاولة لإدخال القضاء من جديد كطرف رئيس في الصراع على غرار ما حدث عام 2014».
وفيما يتعلق بـ«المسار الدستوري»، رأت الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور أن قرار الجمعية العمومية من شأنه «التصدي لكل الخروقات التي طالت المسار الدستوري»، وعدّت هذا القرار «تكريساً لمفاهيم دولة القانون والدستور».
والهيئة التأسيسية لمشروع الدستور تم انتخاباها في فبراير (شباط) 2014، وتتكون من 60 شخصاً يمثلون أقاليم ليبيا الثلاثة بالتساوي. وانتهت في 2017 من إقرار «مسوّدة الدستور» بأغلبية الأصوات، ورفعتها في حينها إلى البرلمان في طبرق (شرق) لإقرارها.
وكانت الهيئة التأسيسية قد استبقت دعوة رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح إلى تشكيل لجنة لصياغة دستور توافقي بعيداً عن المسوّدة التي أقرتها، وقالت إنها هذه الخطوة «ستجرّ البلاد لمزيد من التأزم».
ودعت الهيئة التأسيسية، المحكمة العليا، أمس، إلى ضرورة «حماية المسار الدستوري من أي تصرفات مخالفة لأحكام الإعلان الدستوري والتشريعات النافذة».
ورأى بعض السياسيين أن إقدام مجلس النواب على تعديل القانون الخاص بالمحكمة العليا، منتصف الأسبوع الماضي، فتح جبهة للصراع بين المؤسستين، معتقدين أن هذه الأجواء ستسهم في إقدام الأخيرة على إعادة النظر في قوانين الانتخاب الصادرة عن البرلمان.
غير أن الجمعية العمومية للمحكمة العليا، تعهدت خلال اجتماعها بالعاصمة طرابلس، أمس، برئاسة المستشار محمد الحافي، بأن المحكمة «لن تنحاز إلى أي طرف من الأطراف وستعلي شأن الوطن والمبادئ والقواعد الدستورية المقررة».
ورأى سعد بن شرادة عضو المجلس الأعلى للدولة، أن تفعيل الدائرة الدستورية يعد بمثابة «القشة التي ستقصم ظهر البعير»، وأرجع ذلك «لعدم دستورية الأجسام السياسية الموجودة راهناً بدايةً من مجلس النواب وصولاً إلى الأجسام التنفيذية».
وأضاف ابن شرادة، في تصريح لوسائل إعلام محلية: «إذا استقبلت الدائرة الدستورية طعوناً في الأجسام الموجودة فإنها ستزيحها من المشهد جميعاً».
وسبق للمستشارة الأممية السابقة في ليبيا ستيفاني ويليامز، القول إن فترة صلاحية مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» انتهت منذ فترة طويلة.
وفيما تحدث الحبيب الأمين، وزير الثقافة الليبي الأسبق، عن وجود «سلطات جديدة تدخل حيز الصراع»، قال إن «الاستعجال في كيل المديح للحافي، والجمعية العمومية، بشأن فتح الدائرة الدستورية، سيُفقد (الحراك الشعبي) والنخبوي ورقة الضغط على كل (الأجسام اللاشرعية) للتنحي من أمام خيار الانتخابات».
واستكمل الحبيب في تغريدات له عبر حسابه على «تويتر»: «التقدير لخطوة فتح الدائرة ينبغي أن يتحول للضغط أيضاً، لما ستُقدم عليه من فتح لملفات وقضايا وطعون لنعرف أثر التسييس وبصمة التحالفات وحقيقة الحياد وطهرانية الضمائر ومهنية ونزاهة التقاضي».
وانتهى الحبيب إلى أن «المشهد التقليدي راكم الكثير من الخيبات بسبب مخاتلات السماسرة ومخادعات متعددي الولاءات ومفاجآت لا تحكمها معايير الوطنية ولا النزاهة ولا الموضوعية».
وأعرب حزب «العدالة والبناء» الذراع السياسية لتنظم الإخوان في ليبيا، عن أمله أن «تسهم هذه خطوة تفعيل الدائرة الدستورية المهمة في صون المسار السياسي، للوصول إلى عقد انتخابات حرة نزيهة وشفافة مبنية على أسس قانونية صحيحة».
وقال الحزب، في بيان له، اليوم، إنه «على ثقة بأن الدائرة الدستورية سوف تركز في عملها على الأولويات في جملة القضايا والطعون التي ستصل إليها؛ انطلاقاً من حساسية المرحلة التي تمر بها البلاد واحتياجاتها».
ليبيون يطالبون المحكمة العليا بحماية «المسار الدستوري»
تخوف من اتساع حيز الصراع على السلطة
ليبيون يطالبون المحكمة العليا بحماية «المسار الدستوري»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة