مصر: اتجاه جديد نحو التخصصات التكنولوجية التعليمية

بعد إطلاق حزمة من الكليات الأهلية والأقسام الحديثة

جامعة الملك سلمان الدولية (صفحة الجامعة على فيسبوك)
جامعة الملك سلمان الدولية (صفحة الجامعة على فيسبوك)
TT

مصر: اتجاه جديد نحو التخصصات التكنولوجية التعليمية

جامعة الملك سلمان الدولية (صفحة الجامعة على فيسبوك)
جامعة الملك سلمان الدولية (صفحة الجامعة على فيسبوك)

منذ إعلان نتيجة الثانوية العامة في مصر العام الحالي، تزايد الاتجاه نحو جذب الطلاب إلى تخصصات جديدة أتاحتها الجامعات الحكومية والدولية والأهلية والخاصة على السواء باعتبارها الأكثر احتياجاً في سوق العمل، تلبية ًلتوجهات الدولة في تنفيذ العديد من المشاريع الحيوية التي تتطلب هذه التخصصات، فبينما دعا مسؤولو وخبراء التعليم والتكنولوجيا إلى التوقف عن التمسك بما يطلق عليه «كليات القمة»، أو التطلع إلى ألقاب بعينها مثل المهندس والطبيب والصيدلي، فقد حضوا على الالتحاق بكليات وبرامج تعليمية تتماشى مع متطلبات العصر.
ويأتي ذلك الاتجاه انطلاقاً من أن هناك وظائف تقليدية كثيرة آخذة في التناقص ووظائف أخرى جديدة ومستحدثة سيزداد الطلب عليها خلال السنوات المقبلة، ومن ثم التنبيه على مراعاة الطالب للتخصصات الجديدة التي أضافتها الجامعات، ومن جهة أخرى لاقى هذا الاتجاه حراكاً من جانب البعض حيث بدأوا يطرحون على «الجروبات الإلكترونية» والصفحات الرسمية للجامعات العديد من الأسئلة حول تفاصيل برامج تعليمية بعينها والوظائف التي ستؤهلهم لها بعد التخرج.
الطالب حازم أحمد رعية، كتب على صفحة «جامعة عين شمس» على «فيسبوك» أنه يريد معرفة تفاصيل برنامج متخصص في حوسبة الروبوتات اعتمدته الجامعة مؤخرا بنظام الساعات المعتمدة، وسأل: «لكن هل سأجد عملاً في هذا المجال بعد التخرج في مصر أم سأضطر للبحث عن فرص عمل في الخارج؟».
بينما أعرب خالد إبراهيم عن شغفه الشديد بدراسة صناعة الألعاب الإلكترونية في جروب خاص بإحدى الجامعات الأهلية إلا أنه عاد ليسأل: «لكن المنافسة العالمية شرسة في هذا المجال فهل ستقدم لي الجامعة بالفعل دراسة جادة وستواكب أحدث التقنيات بحيث أستطيع إثبات نفسي في المستقبل؟».
وأطلقت سها شوقي «صرخة أم» على حد تعبيرها في منشورها في جروب «الثانوية العامة 2022» وقالت: «ابنتي حصلت على الثانوية العامة بمجموع مرتفع يؤهلها للالتحاق بكلية الصيدلة بجامعة حكومية، إلا أنها تصر على الالتحاق بكلية التمريض بالجامعة البريطانية باعتبار أن خريجي الصيدلة لا يجدون عملاً الآن، وأن الأمر سيزداد سوءا بعد تخرجها، في حين أن التمريض مطلوب في مصر والخارج، لكن هل يعقل أن تتخلى ابنتي عن لقب دكتورة لتصبح ممرضة؟» ومن المعروف أن العمل في مجال التمريض غير مُرحب به بالنسبة لفئات عريضة في المجتمع المصري.
فيما يؤكد الطالب يوسف رائف لـ«الشرق الأوسط» أنه بذل جهداً كبيراً حتى يقنع والده بالالتحاق بكلية «الملاحة» بجامعة بني سويف، لأنه يرى أنها تتفق مع اهتماماته ومع المستقبل أيضاً، ويضيف: «أعتبر نفسي محظوظاً لأنها أول كلية مصرية تختص بدراسة علوم الملاحة الفضائية وتكنولوجيا الفضاء، وسوف أختار من بين أقسامها الدراسة بقسم الملاحة الفضائية». ويتابع: «بينما كان أبي يصر على التحاقي بإحدى كليات القمة، قلت له لا توجد قمة أعلى من ذلك».
إلى ذلك، تتمسك نسبة مرتفعة من الطلاب وأولياء الأمور بالكليات والتخصصات التقليدية حيث يرون أنه لا يزال المشوار طويلاً أمام توفر فرص عمل في هذه المجالات، وأن الشيء المضمون أفضل، فلا يمكن لمصر الاستغناء عن الطبيب أو المهندس أو الصيدلي، في حين أن الواقع الصعب والظروف الاقتصادية لا يسمحان بالمغامرة بدراسة تخصصات «غامضة» بالنسبة للبعض، وفق تعليقاتهم على «السوشيال ميديا».
المهندس زياد عبد التواب خبير أمن المعلومات والتحول الرقمي والرئيس السابق لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء المصري يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتجاه نحو إنشاء الجامعات التكنولوجية الحديثة، وكذا أيضا البرامج المتخصصة والعمل على استقطاب الطلبة إليها هو اتجاه سليم تماماً، ولا يتوافق مع مفهوم (الجمهورية الجديدة) وحده، إنما مع ما يدور في العالم حولنا أيضاً وهو أحد أهداف الدولة؛ فنحن الآن في عصر الثورة الصناعية الرابعة وعلى أعتاب الثورة الصناعية الخامسة».
وتابع: «نحن ننتقل من أنظمة الميكنة والرقمنة إلى الأنظمة التي تعتمد علي تقنيات الذكاء الصناعي وتحليل البيانات و(إنترنت الأشياء)؛ حيث تتصل كل الاشياء من حولنا بشبكات المعلومات، وخاصة شبكة الإنترنت وتقوم بتوليد كم هائل من البيانات التي يطلق عليها البيانات الكبيرة (Big Data) وهي التي ستستفيد منها تلك التقنيات في جعل حياة البشر أكثر سهولة كما سيتم استخدامها في عمليات دعم القرار على جميع المستويات أيضاً».
ووفق عبد التواب، فإن «بعض الدراسات تشير إلى أن نحو65 في المائة من الأطفال الذين سيبدأون دراستهم الابتدائية الآن قد ينتهي بهم الأمر إلى مهن ووظائف لن تكون موجودة في المستقبل، وعليه فإن تطوير التعليم وجذب الشباب إليه هو أمر ضروري».
وللوصول إلى هذا الهدف بحسب عبد التواب قامت مصر بإنشاء الكليات التكنولوجية والأهلية، فحتى العام الماضي، كانت هناك أربع جامعات أهلية من بينها «المنصورة» وجامعة الملك سلمان وكلية الذكاء الصناعي بجامعة كفر الشيخ وعدد من كليات الحاسبات والذكاء الصناعي في جامعة القاهرة وجامعة بنها وفي عدد آخر من الجامعات، ولكن مع اقتراب الدراسة هذا العام نجد أنه قد تم التوسع في الجامعات الأهلية بصورة كبيرة حيث وصل عددها هذا العام إلى 12 جامعة.
ويميز الجامعات الأهلية الجديدة بحسب عبد التواب، أنها تشمل تخصصات حديثة وعصرية مثل الذكاء الصناعي والتسويق الرقمي والعمليات الإلكترونية وريادة الأعمال الرقمية بالإضافة إلى تخصصات الحاسب الآلي التقليدية وتحليل البيانات والأمن السيبراني، وغيرها من المجالات المستقبلية، وهي المجالات التي يعتمد عليها الاقتصاد الرقمي بصورة أساسية.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


حوادث انهيار بنايات القاهرة تجدد الجدل حول «إهمال المحليات»

من مخلفات انهيار عقار العباسية (محافظة القاهرة)
من مخلفات انهيار عقار العباسية (محافظة القاهرة)
TT

حوادث انهيار بنايات القاهرة تجدد الجدل حول «إهمال المحليات»

من مخلفات انهيار عقار العباسية (محافظة القاهرة)
من مخلفات انهيار عقار العباسية (محافظة القاهرة)

جدد حادث انهيار عقار في حي العباسية بالقاهرة حديث المصريين حول «الإهمال في المحليات»، بعدما تسبب انهيار العقار في مقتل ثمانية أشخاص وإصابة ستة آخرين، وذلك بعد أيام من انهيار عقار بحي مصر القديمة.

وبحسب معاينة النيابة المصرية لمقر عقار العباسية، تبين أن تشققات وتصدعات كبيرة أدت لانهياره وسقوطه على السكان، فيما شكلت «لجنة هندسية» للتأكد من عدم وجود تصدعات، أو شروخ في المباني المجاورة بالمنطقة، التي شهدت فرض طوق أمني على المبنى المنهار.

وقال عدد من شهود العيان بالمنطقة إن العقار المنهار «كان في حاجة لعملية ترميم منذ تسعينات القرن الماضي، وصدر قرار بذلك بالفعل؛ لكنه لم ينفذ، ولم تتم متابعته من قبل مسؤولي الحي».

وباشرت النيابة المصرية التحقيق في الواقعة، اليوم الأربعاء، وأجرت معاينة أولية لموقع العقار المنهار، كما باشرت النيابة الإدارية تحقيقاً في الحادث.

وأكد عضو لجنة «الإدارة المحلية» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أسامة الأشموني، اعتزامه التقدم بطلب إحاطة للحكومة حول الحادث، حيث قال لـ«الشرق الأوسط» إن الأمر قد يدرج قريباً على أجندة المجلس ليتم فيه الاستماع لوزيرة التنمية المحلية، باعتبارها المسؤولة عن ملف المحليات، وما يحدث من إهمال في بعض الحالات.

مسؤولون مصريون يتابعون عمليات الإنقاذ أمام العقار المنهار (محافظة القاهرة)

وأضاف الأشموني موضحاً أن «متابعة حالات المباني والتأكد من استمرار سلامتها الإنشائية، وعدم حاجتها لأعمال ترميم، مسؤولية الأحياء والمحافظات، وهي المعنية بمتابعة التنفيذ على أرض الواقع»، لافتاً إلى «عدم وجود إحصائية بأرقام محددة بخصوص المباني التي تحتاج إلى ترميم ولم ينفذها ملاكها، أو الآيلة للسقوط لدى مجلس النواب».

وكانت عضوة مجلس النواب، النائبة إيرين سعيد، قد تقدمت بطلب إحاطة بالمجلس في سبتمبر (أيلول) الماضي حول العقارات الآيلة للسقوط، التي تحتاج إلى ترميم عاجل، لكنها لم تتلق رداً بشكل رسمي حينها، وفق حديثها لـ«الشرق الأوسط»، والتي أكدت أن الملف بات يدرس الآن بشكل أوسع ضمن الخطوات المتخذة بشأن تعديل قانون «الإيجار القديم».

وأضافت النائبة موضحة أن المجلس راسل الحكومة بشأن هذا الملف لتحديد العديد من الأمور، منها العقارات القديمة والمتهالكة، بما يسمح بحصرها لبحث آلية التعامل معها، لافتة إلى أن تكرار حوادث انهيار العقارات أصبح أمراً «مزعجاً» على جميع المستويات، ويحتاج إلى تحركات سريعة لحلحلته، خاصة أنه «بسبب إهمال في المحليات».

من جهته، عَدّد المحامي المصري، محمد عبد المطلب لـ«الشرق الأوسط» مشكلات «قانونية» عدة تجعل هناك تأخر في عدم تنفيذ قرارات ترميم المنازل، خاصة في ظل وجود عدد غير هين من المنازل التي تحتاج لترميم، وهي مؤجرة وفق قانون «الإيجارات القديم»، الذي يجعل ملاك العقار غير قادرين على تحمل تكلفة الترميم، مقارنة بالإيجارات التي يقومون بتحصيلها من العقارات، مع رفض المستأجرين تحمل تكلفة بالترميم، مشيراً إلى أن «المحليات ليست لديها سلطة إلزامية في إخلاء المنازل المهددة بالانهيار، في ظل عدم القدرة على توفير منازل بديلة لقاطني البنايات المعرضة للانهيار».

وبحسب عبد المطلب، فإن تعدد الأطراف التي يجب أن تتعامل مع هذه المشكلة، ورغبة ملاك العقارات الشاغرة وفق قانون «الإيجارات القديم» بانهيار العقار لإخلاء المستأجرين، «من الأمور التي تزيد من تعقيدات التعامل من ناحية السلامة الإنشائية، فضلاً عن الوقت الطويل الذي تتطلبه إجراءات الموافقة على هدم عقار، واللجان المختلفة التي تشكل لضرورة وجود مساكن بديلة للأسر التي سيتم إخلاؤها من هذه الشقق».

وهنا تشير النائبة إيرين سعيد إلى صعوبات تواجه الدولة المصرية في العمل على حلحلة هذه الإشكالية، في ظل الأرقام الكبيرة للمباني التي تحتاج لترميم أو إزالة.