«كاوست» تنتج زيت عطر توت عنخ آمون من الطحالب

عبر تقنية جديدة تعرف بـ«حلب الجزيئات»

علماء كاوست ابتكروا طريقة لاستخراج المواد الكيميائية المفيدة من الطحالب (دورية الكيمياء الخضراء)
علماء كاوست ابتكروا طريقة لاستخراج المواد الكيميائية المفيدة من الطحالب (دورية الكيمياء الخضراء)
TT

«كاوست» تنتج زيت عطر توت عنخ آمون من الطحالب

علماء كاوست ابتكروا طريقة لاستخراج المواد الكيميائية المفيدة من الطحالب (دورية الكيمياء الخضراء)
علماء كاوست ابتكروا طريقة لاستخراج المواد الكيميائية المفيدة من الطحالب (دورية الكيمياء الخضراء)

تربط المواقع المتخصصة في تاريخ العطور بين الزيت العطري الشهير «زيت الباتشولي»، والملك توت عنخ آمون، وكان من بين ما ذكرته تلك المواقع، ومنها موقع شركة «عطريات الاتجاهات الجديدة» في كندا، أنه عثر على 10 جالونات من زيت الباتشولي الأساسي داخل مقبرته.
هذه اللمحة التاريخية التي تذكرها تلك المواقع عند التطرق إلى هذا الزيت العطري المهم، هي محاولة من جانبها للتأكيد على أهميته التاريخية والآنية، حيث إنه من الزيوت الأساسية في صناعة العطور، ويتم الحصول عليه من نبات الباتشولي، المعروف علميا باسم (كابلين بوجوستيمون)، وهو نبات مزهر عطري ينمو في شجيرة يصل ارتفاعها إلى متر واحد (ثلاث أقدام).
وعملية استخراج الزيت المهم من هذا النبات، تتم باستخدام «التقطير بالبخار»، وهو الطريقة الأكثر شيوعا المستخدمة لاستخراج وعزل الزيوت الأساسية من النباتات، وفيها يبخر البخار المركبات المتطايرة للمواد النباتية، لتمر في النهاية بعملية تكثيف وجمع، وهي عملية تقود في النهاية لاستخلاص الزيوت العطرية بشق الأنفس، هذا فضلا عن أنها مستهلكة للطاقة.
وفي محاولة لجعل عملية استخراج هذا الزيت المهم أسهل وأيسر، أبلغ الباحثون من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا (كاوست) عن طريقة جديدة لإنتاج هذا الزيت من طحالب «كلاميدوموناس رينهاردتي»، وأعلنوا عن طريقتهم الجديدة في العدد الأخير من دورية «الكيمياء الخضراء» 25 يوليو (تموز) الماضي.
وهذه النوعية من الطحالب وحيدة الخلية، ويبلغ قطرها نحو 10 ميكرومترات، وهي منتشرة على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم في التربة والمياه العذبة، وتعتبر تجاريا مهمة للغاية، حيث تستخدم في إنتاج المستحضرات الصيدلانية الحيوية والوقود الحيوي، وهي كائن نموذجي تمت دراسته جيداً، ويرجع ذلك إلى سهولة استزراعها والقدرة على التلاعب فيها باستخدام علم الوراثة.
ومن خلال تقنية جديدة تعرف باسم «حلب الجزيئات»، تمكن فريق بحثي من تخصصات الهندسة الحيوية والأغشية وإعادة استخدام المياه وإعادة تدويرها بجامعة (كاوست)، من استخراج أسهل وأوفر لزيت «الباتشولي»، أو ما يحلو لمواقع العطور تسميته بـ«عطر توت عنخ آمون»، من طحالب «كلاميدوموناس رينهاردتي».

جرة عطر من مقبرة توت عنخ آمون (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وتعتمد هذه التقنية على غشاء مبني من ألياف دقيقة مجوفة تفصل السائل الذي يحتوي على الطحالب الدقيقة من مذيب (الدوديكان)، المستخدم لإذابة زيت (الباتشولي) من الطحالب، ثم يتم فصل المنتج وتركيزه بشكل أكبر باستخدام أغشية متخصصة أخرى يتم اختيارها وتصميمها بواسطة الذكاء الصناعي، وتسمح هذه الطريقة بإعادة تدوير المذيب مرة أخرى، لذلك فإن هذه العملية أكثر استدامة من عمليات الفصل الأخرى، فضلا عن أنها منخفضة الطاقة.
ومن خلال الاستخراج المستمر لزيت (الباتشولي) من الطحالب، أظهر الفريق البحثي خلال الدراسة إمكانية تطبيق مجموعات الأغشية المستخدمة على الكثير من المواد الكيميائية المتخصصة الأخرى.
وتتمثل الخطوة التالية، كما أعلن الباحثون في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة «كاوست»، بالتزامن مع نشر الدراسة، في الانتقال إلى المستويات الصناعية، حيث يخطط الفريق البحثي لتطوير أغشية ذات مساحات سطحية أكبر واستكشاف استخدام سلالات طحالب مختلفة لإنتاج الكثير من المركبات ذات الأهمية.
وحتى يتحقق ذلك، يبقى إنجاز إنتاج زيت عطر توت عنخ آمون «زيت الباتشولي» من طحالب «كلاميدوموناس رينهاردتي»، في غاية الأهمية، حيث أوجد مصدرا جديدا للإنتاج، بعد أن كان نبات الباتشولي، هو مصدره الوحيد.
وينتمي الباتشولي لعائلة النعناع، ويحمل أزهارا صغيرة تميل إلى اللون الأبيض الزهري، والموطن الأصلي لزراعته هو الهند وجنوب شرقي آسيا، وتوسعت زراعته في المناطق ذات المناخ الاستوائي حول العالم لاستخدامه في صناعة العطور، وتعد إندونيسيا من أكثر الدول المنتجة لزيت هذا النبات، بحسب شيرمان ليت، مؤلف كتاب «الزيوت الأساسية في العلاجات الطبيعية»، الصادر في ديسمبر (كانون الأول) 2019.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
TT

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

استعادت قوات الجيش السوداني، السبت، مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في جنوب شرقي البلاد، ما يسهل على الجيش السيطرة على كامل الولاية. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، مئات الأشخاص يخرجون إلى الشوارع احتفالاً باستعادة المدينة التي ظلت لأكثر من 5 أشهر تحت سيطرة «قوات الدعم السريع».

وقال مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى دخلت رئاسة الفرقة 17 مشاة بمدينة سنجة». ولم يصدر أي تعليق من «قوات الدعم السريع» التي كانت استولت في مطلع يوليو (حزيران) الماضي، على مقر «الفرقة 17 مشاة» في مدينة سنجة بعد انسحاب قوات الجيش منها دون خوض أي معارك. ونشر الجيش السوداني مقاطع فيديو تظهر عناصره برتب مختلفة أمام مقر الفرقة العسكرية الرئيسة.

بدوره، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة والإعلام، خالد الأعيسر، عودة مدينة سنجة إلى سيطرة الجيش. وقال في منشور على صفحته في «فيسبوك»، نقلته وكالة أنباء السودان الرسمية، إن «العدالة والمحاسبة مقبلتان وستطولان كل من أسهم في جرائم، وستتم معاقبة المجرمين بما يتناسب مع أفعالهم».

وأضاف أن «الشعب السوداني وقواته على موعد مع تحقيق مزيد من الانتصارات التي ستعيد للبلاد أمنها واستقرارها، وتطهرها من الفتن التي زرعها المتمردون والعملاء ومن يقف خلفهم من دول وأطراف متورطة».

وفي وقت سابق، تحدث شهود عيان عن تقدم لقوات الجيش خلال الأيام الماضية في أكثر من محور صوب المدينة، بعد أن استعادت مدينتي الدندر والسوكي الشهر الماضي، إثر انسحاب «قوات الدعم السريع». وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش وعناصر المقاومة الشعبية انتشروا بكثافة في شوارع سنجة، وإنهم فرحون بذلك الانتصار.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (أرشيفية - مواقع التواصل)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض. وبفقدان سنجة تكون «قوات الدعم السريع» قد خسرت أكثر من 80 في المائة من سيطرتها على ولاية سنار الاستراتيجية، حيث تتركز بقية قواتها في بعض البلدات الصغيرة.

يذكر أن ولاية سنار المتاخمة لولاية الجزيرة في وسط البلاد، لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، التي تسيطر أيضاً على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولاية كردفان في جنوب البلاد.

ووفقاً للأمم المتحدة نزح أكثر من نحو 200 ألف من سكان ولاية سنار بعد اجتياحها من قبل «قوات الدعم السريع».

واندلعت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في العاصمة الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى. وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء البلاد.