قصف تركي يصيب موقعاً للنظام السوري

جاويش أوغلو يشكو «تحريف تصريحاته»... وتأكيدات للاتصالات مع دمشق

صورة نشرها «المرصد السوري» للقصف التركي على عين العرب (كوباني) وريفها الثلاثاء
صورة نشرها «المرصد السوري» للقصف التركي على عين العرب (كوباني) وريفها الثلاثاء
TT

قصف تركي يصيب موقعاً للنظام السوري

صورة نشرها «المرصد السوري» للقصف التركي على عين العرب (كوباني) وريفها الثلاثاء
صورة نشرها «المرصد السوري» للقصف التركي على عين العرب (كوباني) وريفها الثلاثاء

استهدفت طائرة حربية تركية، الثلاثاء، مركزاً للجيش السوري في قرية حدودية في شمال سوريا؛ ما أسفر عن مقتل 11 شخصاً، ليس معروفاً ما إذا كانوا جميعهم ينتمون إلى قوات النظام، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وتُعد الضربة التركية على مركز الجيش السوري، أكبر تصعيد بين الطرفين منذ إطلاق أنقرة في العام 2020 عملية عسكرية محدودة ضد قوات النظام في محافظة إدلب في شمال غربي البلاد.
وتنتشر قوات النظام في قرى حدودية في مناطق سيطرة الأكراد في شمال وشمال شرقي سوريا، إثر اتفاقات بين الطرفين برعاية روسية هدفها منع تركيا من شنّ عمليات عسكرية جديدة لطالما هددت بها المقاتلين الأكراد.
وقال «المرصد»، دون تأكيد من أنقرة أو دمشق، إن طائرات تركية شنّت 8 غارات جميعها استهدفت مواقع عسكرية لقوات النظام في تل جارقلي، 25 كيلومتراً غرب عين العرب وعلى بعد 2 كيلومتر عن الجدار الحدودي التركي، وهو أحد المواقع التي تدخل ضمن مذكرة تفاهم سوتشي بين تركيا وروسيا الموقعة في أكتوبر (تشرين الأول) 2019. وأشار إلى مقتل 11 عسكرياً وإصابة 8 آخرين في قاعدة جارقلي ومحيط تل جبنة، وأن عدد القتلى مرشح للارتفاع لوجود جرحى بعضهم بحالة خطيرة، بالإضافة إلى وجود معلومات عن قتلى آخرين، ولم يعلم ما إذا كان القتلى جميعهم من قوات النظام.
واندلعت عند منتصف الليل، وفق «المرصد»، اشتباكات عنيفة بين «قوات سوريا الديمقراطية»، التي يُعد الأكراد عمودها الفقري، والقوات التركية، التي صعّدت قصفها إثر استهداف مركز لها على الجانب التركي من الحدود.
وقالت «قوات سوريا الديمقراطية» في بيان «نفذت طائرات حربية تركية 12 غارة جوية على مواقع للجيش السوري منتشرة على الشريط الحدودي في غرب كوباني».
وقال الناطق باسم «قوات سوريا الديمقراطية» فرهاد الشامي، إن الغارات أسفرت عن وقوع «إصابات» دون الخوض في مزيد من التفاصيل. وقال أحد سكان كوباني لوكالة الصحافة الفرنسية «هناك حركة نزوح من القرى الحدودية، وأغلقت المحال أبوابها في المدينة».
وأعلنت وزارة الدفاع التركية في وقت سابق أمس مقتل جندي تركي قرب الحدود مع سوريا، مشيرة إلى «تحييد 13 إرهابياً» في إطار ردّها. وأضافت أن «العمليات مستمرة».
في غضون ذلك، شهدت الحدود التركية السورية، تصعيدا شديدا بين القوات التركية وقوات سوريا الديمقراطية، فضلا عن استمرار الاستهدافات التركية لمواقع الأخيرة في شمال وشمال شرقي سوريا. وفي هذا الإطار قتل جندي تركي وأصيب 4 آخرون بجروح في هجوم، الثلاثاء، على مركز للشرطة في منطقة بيرجيك في ولاية شانلي أورفا جنوب البلاد، مصدره بلدة عين العين (كوباني) الخاضعة لسيطرة تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال سوريا. وأعلنت وزارة الدفاع التركية أن قواتها بدأت الرد على الفور و«تضع أهدافا إرهابية تحت النيران»... وأضافت، في بيان، أنها قتلت 13 من عناصر وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قسد، في رد على الهجوم.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بوقوع استهداف جوي تركي لمنطقة تضم نقطة عسكرية تابعة لقوات النظام في تل جبنة الواقعة بريف عين العرب، شرق محافظة حلب، وسط تحليق لطيران حربي في الأجواء التركية. وتقع المنطقة عند الحدود مع تركيا مباشرة.
في الوقت ذاته، أطلقت 4 قذائف هاون باتجاه مدينة غازي عنتاب من المناطق الخاضعة لسيطرة قسد شرق نهر الفرات، شمال شرقي سوريا، سقطت في حقول خالية في بلدة كاراكميش، ولم تتسبب في إصابات. وقال والي غازي عنتاب داوود غل، في بيان، إنه تم الرد على الهجوم بالمثل. وأصدرت بلدية غازي عنتاب تحذيرا للمواطنين لعدم الاقتراب من الخط الحدودي مع سوريا.
وأفاد المرصد بمقتل طفل وإصابة 7 آخرين، بينهم طفلان وامرأة، بجروح متفاوتة جراء قصف صاروخي مكثف من قبل القوات التركية على عين العرب وريفها الغربي، في الوقت الذي تتواصل فيه الاشتباكات العنيفة والقصف المكثف والمتبادل غرب المدينة، بين القوات التركية من جانب، وقوات قسد من جانب آخر، في حين قصفت القوات التركية أماكن في جبل مشتنور الذي يطل على مدينة كوباني وتوجد فيه قاعدة عسكرية روسية.
وفي سياق العمليات، أعلنت المخابرات التركية مقتل قيادي بارز في الوحدات الكردية ديجفار سيلوبي، واسمه الحركي «محسن ياغان» في مدينة القامشلي، شرق الحسكة. وسبق أن أعلنت المخابرات التركية عن تحييد القيادي «أرهان أرمان» في مدينة عين العرب شرق حلب، مطلع أغسطس (آب) الحالي، وسبق ذلك الإعلان في 24 يوليو (تموز) عن مقتل القيادي بالوحدات، نصرت تبيش في عين العرب أيضا.
وكثفت القوات التركية من عملياتها ضد قادة الوحدات الكردية في الفترة الأخيرة، باستخدام الطائرات المسيرة، وسط تهديدات منذ مايو (أيار) الماضي، بشن عملية عسكرية على مواقع قسد في منبج وتل أبيض لاستكمال إقامة مناطق آمنة على حدودها الجنوبية بعمق 30 كيلومترا في الأراضي السورية، لكنها قوبلت برفض دولي واسع.
وتواصل القوات التركية منذ ذلك الوقت، تصعيدها على مناطق انتشار قسد والنظام بريف الحسكة، ما تسبب في حركة نزوح عشرات العائلات من سكان القرى الحدودية مع تركيا وبلدة الدرباسية في ريف الحسكة الشمالي الغربي، إلى أماكن أكثر أمنا.
في الأثناء، كشفت صحيفة «تركيا» القريبة من الحكومة، الثلاثاء، عن المرحلة الأولى من خطة لإعادة السوريين في تركيا إلى بلادهم، مشيرة إلى أن أنقرة اقترحت 3 محافظات يمكن أن تكون مناطق تجريبية لعودة اللاجئين إليها في المرحلة الأولى، وهي دمشق وحلب وحمص.
وذكرت الصحيفة، أن «عودة السوريين إلى بلادهم تحتل مكانة مهمة في مفاوضات تركيا مع روسيا وإيران والنظام السوري»، وأضافت أن هناك حديثا عن ضمان سلامة السوريين، وإعادة ممتلكاتهم، وضبط عملية العودة الصحية من قبل الدول الضامنة، وإذا أصبحت تركيا هي الضامن، فلن يتردد مئات الآلاف من السوريين في العودة إلى ديارهم.
ووسط التصعيد بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وتبادل للهجمات في عين العرب (كوباني) قرب الحدود مع سوريا، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن النظام السوري لا يؤمن بالحل السياسي بل بالحل العسكري. واعتبر أن تصريحاته عن المصالحة بين النظام والمعارضة التي فجرت احتجاجات ضد بلاده في شمال سوريا «قد تم تحريفها»، وأنه تحدث عن «توافق» لا «مصالحة».
وعن إمكانية توصل بلاده إلى مسار جديد للعلاقات مع نظام بشار الأسد، أكد جاويش أوغلو، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير خارجية لاتفيا، إدغار رينكيفيكس، عقب مباحثاتهما في أنقرة، الثلاثاء، أن «أولئك الذين يريدون تصعيد هذه القضية، ليس فقط في سوريا ولكن في تركيا أيضا، قاموا بتشويه أقوالي، ونحن نعرفهم، ونواصل تكرار ما قلناه دائما، بغض النظر عن التفسيرات، قلنا إنه يجب اتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق سلام دائم في سوريا... المعارضة تثق بتركيا، ولم نخذلها قط، لكننا قلنا إن التوافق ضروري لتحقيق استقرار وسلام دائمين في سوريا».
ولفت جاويش أوغلو إلى أن «قرار الأمم المتحدة في عام 2015، هو بداية لعملية انتقالية تيسرها الأمم المتحدة بين الأطراف في سوريا، لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة، هل هذا صحيح أم لا؟ هذا لا يحدث لأن النظام يقاوم، النظام يؤمن بالحل العسكري وليس بالحل السياسي».
وعن الاحتجاجات التي اندلعت في شمال سوريا، عقب تصريحاته، الخميس الماضي، عن لقاء سريع جمعه مع نظيره السوري فيصل المقداد في بلغراد، العام الماضي، شهدت إحراق العلم التركي في أعزاز شمال حلب، قال جاويش أوغلو: «نحن نهتم بوحدة أراضي سوريا، وهذا كان هدف المعارضة من تشكيل فريق للتفاوض على هذه العملية الانتقالية مع النظام». وأضاف: «ليست المرة الأولى التي نجمع فيها بين النظام والمعارضة، نحن نقدم مساهمات جادة في هذا الموضوع، لأن المعارضة تثق بنا، ونحن لن نخذلها». وتابع: «سنكسر الأيدي التي تطال علمنا، نحن نعلم من فعل هذا الاستفزاز... تركيا تؤمن بضرورة اتخاذ الخطوات الضرورية، بما في ذلك استمرار مفاوضات اللجنة الدستورية السورية من أجل تحقيق سلام دائم في سوريا».
وكان نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم، حياتى يازجي، أكد في تصريحات ليل الاثنين - الثلاثاء، أن العلاقات مع النظام السوري يمكن أن تصبح «مباشرة»، وأن يرتفع مستوى تمثيلها. وبدوره، قال رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهشلي، وهو حليف لحزب العدالة والتنمية برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان، إن «خطوات تركيا تجاه سوريا قيمة ودقيقة... الكلمات البناءة والواقعية لوزير خارجيتنا فيما يتعلق بإحلال السلام بين المعارضة السورية ونظام الأسد، (نفخة قوية) للبحث عن حل دائم».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.