استرداد 29 ألف قطعة أثرية في مصر خلال 11 عاماً

عبر مفاوضات واتفاقيات تعاون ثنائي

تابوت نجم عنخ بعد عودته من أميركا واستقراره في متحف الحضارة (أ.ف.ب)
تابوت نجم عنخ بعد عودته من أميركا واستقراره في متحف الحضارة (أ.ف.ب)
TT

استرداد 29 ألف قطعة أثرية في مصر خلال 11 عاماً

تابوت نجم عنخ بعد عودته من أميركا واستقراره في متحف الحضارة (أ.ف.ب)
تابوت نجم عنخ بعد عودته من أميركا واستقراره في متحف الحضارة (أ.ف.ب)

أعاد الحديث عن وجود أدلة جديدة «تثبت» سرقة بعض القطع الأثرية من مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون، فتح ملف استرداد الآثار المصرية التي خرجت «بصورة غير شرعية». وفي الوقت الذي تؤكد فيه القاهرة «استمرارها في المطالبة بعودة تراثها»، أعلن الدكتور شعبان عبد الجواد، مدير إدارة الآثار المستردة بالمجلس الأعلى للآثار، عن تمكن مصر من استعادة 29 ألف و300 قطعة أثرية منذ عام 2011 حتى الآن.
وقال عبد الجواد، في تصريحات تلفزيونية اليوم (الثلاثاء)، إن «مصر تولي اهتماماً كبيراً بملفي مكافحة تهريب الآثار عبر المنافذ الحدودية المختلفة، واستردادها حال خروجها خارج البلاد»، موضحاً أن «مصر تمكنت خلال العام الماضي فقط من استعادة 5363 قطعة أثرية»، وهو «رقم كبير جداً».
وتسعى مصر لاسترداد آثارها المهرّبة إلى الخارج، أو التي خرجت من البلاد بطريقة غير مشروعة عبر توقيع اتفاقيات تعاون ثنائي مع الدول الأجنبية، أو التعاون مع السلطات في هذه الدول، وشهد هذا الملف نشاطاً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، حيث تم استرداد عدد من القطع الأثرية من مختلف دول العالم، من أبرزها التابوت الذهبي للكاهن نجم عنخ، الذي تم استرداده من الولايات المتحدة الأميركية عام 2019 بعد إثبات خروجه بطريقة غير شرعية، حيث كان القانون المصري يسمح بإهداء وتصدير الآثار حتى عام 1983 من خلال قانون القسمة لعام 1912، وقانون تنظيم بيع الآثار عام 1951.
وأوضح عبد الجواد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر أجرت عدة تعديلات على قانون الآثار الصادر عام 1983، لمواجهة العقبات التي تقف أمامها في ملف استرداد الآثار، من بينها التعديلات التي تمت في أعوام 2010 و2018 و2020»، مشيراً إلى أن «قضية الآثار يحكمها أولاً القانون المصري، واتفاقية اليونيسكو، وحال وصولها للخارج، تتداخل قوانين أخرى، محلية واتفاقيات دولية».
ووضعت «اليونيسكو» عام 1970 اتفاقية تتضمن التدابير الواجب اتخاذها لحظر ومنع الاستيراد غير المشروع، وتصدير، ونقل ملكية الممتلكات الثقافية، وفي منتصف عام 2019 طالبت مصر بتعديل القوانين التي تحكم عملية استرداد الآثار، وحسب تصريحات رسمية وقتها فإن «اتفاقية اليونيسكو لحماية الآثار تنص على أن على الدولة صاحبة الأثر أن تقدم مستندات ملكية أي آثار خرجت بعد عام 1970، بدلاً من أن تطالب الجهة التي تبيعها بإثبات ملكيتها، وهو ما يزيد العبء على الدولة لإثبات حقها».
وأشار عبد الجواد إلى أنه «للتغلب على العقبات القانونية، وقّعت مصر اتفاقيات ثنائية مع عدد من دول العالم للتعاون في مجال استرداد الآثار، بينها دول منشأ مثل أميركا اللاتينية، ودول تعد سوقاً لبيع القطع الأثرية»، لافتاً إلى الاتفاقية الموقّعة مع سويسرا عام 2010، وهي «دولة عبور لمعظم الآثار المهربة للخارج»، على حد قوله، إضافةً إلى اتفاقيات مماثلة مع كل من إيطاليا وإسبانيا، «كانت سبباً في استرداد عدد من القطع الأثرية».
وقال عبد الجواد إن «نجاح مصر في هذا الملف دفع كثيراً من دول العالم لمحاولة استنساخ التجربة»، موضحاً أن «القاهرة تلقّت طلبات من دول عربية مثل اليمن والعراق وليبيا وسوريا، ودول أفريقية، والصين، ودول من أميركا اللاتينية، في هذا المجال».
وتعد المعارض وصالات المزادات الدولية واحدة من الطرق التي تتمكن بها القاهرة من اكتشاف، وجود آثار مهربة بالخارج، وعام 2019 حاولت مصر وقف بيع 32 قطعة أثرية مصرية في دار «كريستيز» للمزادات بلندن، بينها تمثال رأسي للإله آمون على هيئة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون.
وقال عبد الجواد إن «مصر تطرق كل الأبواب لوقف عمليات التهريب، بدءاً من مكافحة ذلك في المطارات والموانئ، مروراً برصد القطع في صالات المزادات والمتاحف العالمية»، مشيراً إلى أن «عملية استرداد الآثار عملية صعبة، وتستغرق وقتاً طويلاً، لإثبات خروج هذه القطع بصورة غير شرعية».
وفي نهاية العام الماضي تمكنت مصر من استرداد تمثالين أثريين من بلجيكا، يرجعان لعصر الدولة القديمة والعصر المتأخر، بعد ما يزيد على خمس سنوات على إيقاف محاولة لبيعهما».
ومساء الاثنين أعلنت وزارة السياحة والآثار «ضبط 97 عملة معدنية، ترجع للعصر العثماني، كانت بحوزة أحد المسافرين، في مطار الأقصر الدولي، قبل خروجها من الأراضي المصرية».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
TT

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)

شهدت مناطق متفرقة في مصر حوادث مرورية مفجعة، أخيراً؛ مما أثار تساؤلات حول أسباب تكرارها، في حين رأى خبراء أن «غالبية تلك الحوادث تقع نتيجة لأخطاء من العنصر البشري».

وشهدت مصر، الجمعة، حادثاً أُصيب خلاله نحو 52 شخصاً، إثر انقلاب حافلة (أتوبيس رحلات) على طريق «الجلالة - الزعفرانة» (شمال محافظة البحر الأحمر - جنوب مصر)، قبل توجهها إلى دير الأنبا أنطونيوس بالمحافظة.

وأعلنت وزارة الصحة المصرية «خروج جميع المصابين من المستشفى، بعد تحسّن حالاتهم»، وقالت في إفادة لها، الجمعة، إن «الحادث أسفر عن إصابة 52 راكباً؛ نُقل 31 منهم إلى مستشفى (رأس غارب) التخصصي، في حين تم إسعاف 21 مصاباً آخرين بموقع الحادث».

واحتجزت الأجهزة الأمنية سائق «الحافلة» المتسبّب في الحادث، في حين كلّفت السلطات القضائية لجنة فنية بفحص أسباب وقوع الحادث حول ما إذا كان عطلاً فنياً أم خطأ بشرياً نتيجة للقيادة الخاطئة، حسب وسائل إعلام محلية.

وأعاد انقلاب الحافلة بطريق «الجلالة - الزعفرانة» إلى الأذهان حادث انقلاب حافلة تابعة لجامعة «الجلالة الأهلية»، على الطريق السريع «الجلالة - العين السخنة»، في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ مما أدّى إلى وفاة 7 أشخاص، وإصابة نحو 25 آخرين.

وشهدت منطقة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) حادث «دهس» سيارة، دراجةً نارية كان يستقلها عامل «دليفري» (التوصيل المنزلي)؛ مما أدى إلى مقتله.

كما شهدت محافظة الفيوم (جنوب القاهرة) حادث انقلاب سيارة نقل ركاب، الخميس، على الطريق الصحراوي السريع؛ مما أدى إلى إصابة 14 شخصاً.

وأظهرت التحريات الأولية للحادث أن السيارة تعرّضت للانقلاب، نتيجة السرعة الزائدة، وفقدان السائق السيطرة عليها.

وسجّلت إصابات حوادث الطرق في مصر ارتفاعاً بنسبة 27 في المائة، على أساس سنوي، بواقع 71016 إصابة عام 2023، في حين بلغ عدد المتوفين في حوادث الطرق خلال العام نفسه 5861 حالة وفاة، بنسبة انخفاض 24.5 في المائة، وفقاً للنشرة السنوية لنتائج حوادث السيارات والقطارات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، في شهر مايو (أيار) الماضي.

طريق الجلالة (وزارة النقل المصرية)

وباعتقاد رئيس الجمعية المصرية لرعايا ضحايا الطرق (منظمة مدنية)، سامي مختار، أن «نحو 80 في المائة من حوادث الطرق يحدّث نتيجة لأخطاء من العنصر البشري»، مشيراً إلى أن «تكرار الحوادث المرورية يستوجب مزيداً من الاهتمام من جهات حكومية؛ للحد من وقوعها، وتعزيز السلامة على الطرق».

ودعا مختار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى «ضرورة تكثيف حملات التوعية بالسلامة المرورية، لجميع مستخدمي الطرق، من سائقي السيارات والركاب»، قائلاً إن حملات التوعية يجب أن تشمل «التعريف بقواعد وآداب السير على الطرق، وإجراءات السلامة، والكشف على تعاطي المخدرات للسائقين في أثناء السير»، ومشدداً على ضرورة «تكثيف حملات الرقابة بخصوص تعاطي المخدرات في أثناء القيادة».

ولقي حادث انقلاب حافلة طريق «الجلالة» تفاعلاً من رواد منصات التواصل الاجتماعي في مصر؛ حيث دعوا إلى «مراجعة الحالة الفنية للطريق، بعد تكرار حوادث انقلاب حافلات الركاب عليه».

بينما يستبعد أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، حسن مهدي، فرضية أن يكون وقوع الحوادث بسبب الحالة الفنية للطريق، مرجعاً ذلك إلى «عدم تكرار الحوادث في مكان واحد على الطريق»، ومشيراً إلى أن «وقوع الحوادث المرورية في مناطق متفرقة يعني أن السبب قد يكون فنياً؛ بسبب (المركبة)، أو لخطأ بشري من السائق».

وأشار مهدي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى ضرورة «تطبيق منظومة النقل الذكي، للحد من الحوادث، خصوصاً على الطرق السريعة»، مضيفاً أن «التوسع في المراقبة الذكية لحركة السير سيقلّل من الأخطاء، ويُسهم في التزام السائقين بإجراءات السلامة في أثناء القيادة»، وموضحاً أن «مشروع قانون المرور الجديد، المعروض أمام البرلمان ينص على تطبيق هذه المنظومة بشكل موسع».

وتضع الحكومة المصرية «قانون المرور الجديد» ضمن أولوياتها في الأجندة التشريعية لدور الانعقاد الحالي للبرلمان، وناقش مجلس النواب، في شهر أكتوبر الماضي «بعض التعديلات على قانون المرور، تضمّنت عقوبات مغلظة على مخالفات السير، والقيادة دون ترخيص».