قطاع التوظيف الأميركي يعاني قلة الأيدي العاملة

وظائف شاغرة بالملايين نتيجة التقاعد المبكر وقيود الهجرة وإصابات «كورونا»

مطعم يضع لافتة يطلب فيها جميع الوظائف في ولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)
مطعم يضع لافتة يطلب فيها جميع الوظائف في ولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)
TT

قطاع التوظيف الأميركي يعاني قلة الأيدي العاملة

مطعم يضع لافتة يطلب فيها جميع الوظائف في ولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)
مطعم يضع لافتة يطلب فيها جميع الوظائف في ولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)

تتزايد طلبات البحث عن عاملين في الولايات المتحدة، من بائعين وندل واختصاصيين وسعاة بريد، نتيجة تقلّص اليد العاملة خلال جائحة (كوفيد - 19) في ظلّ إحالات على التقاعد وقيود على الهجرة وإصابات بالمرض طويلة الأمد.
عُلقت لافتات كُتب عليها «مطلوب عمّال» على امتداد الطرق، أمام المطاعم أو حتّى على الحافلات. فأصحاب الأعمال يسعون إلى توظيف عدد أكبر من الأشخاص في ظلّ الاستهلاك الجامح للأميركيين، لكن يصعب عليهم إيجاد ضالتهم.
وكانت نحو 10 ملايين فرصة شاغرة في يونيو (حزيران)، وفق أحدث المعطيات في هذا الصدد، في حين لم يكن عدد الباحثين عن عمل يتخطّى 6 ملايين.
وجاء في بيان صادر عن غرفة التجارة الأميركية: «لدينا عدد كبير من الوظائف وعدد غير كاف من العمّال... ويطال هذا النقص القطاعات كافة».
توقّف كثيرون عن العمل في ربيع 2020 عندما وجّهت جائحة (كوفيد - 19) ضربة قاسية للاقتصاد الأميركي. وهم لم يعودوا إلى أعمالهم مذاك.
وأفادت غرفة التجارة «كان ليكون لنا 3.4 مليون شخص إضافي في سوق العمل... لو بقيت نسبة الانخراط في السوق على حالها كما قبل الجائحة».
فأين ذهب هؤلاء؟
كثيرون منهم تقاعدوا عن العمل: «فسكّان الولايات المتحدة يتقدّمون في السنّ»، على ما قال نيك بنكر المتخصّص في سوق العمل الأميركية والمشرف على الأبحاث الاقتصادية في موقع «إنديد» لإعلانات الوظائف في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية.
بدأ أبناء جيل طفرة الإنجاب بالانسحاب من سوق العمل قبل جائحة (كوفيد - 19) غير أن «الإحالات على التقاعد تسارعت» في بداية الأزمة الصحية، بحسب ما قالت ديان سوونك، كبيرة الاقتصاديين في شركة «كي بي إم جي»، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
واختار ملايين الأشخاص التقاعد مبكرا، خشية على صحّتهم، مستفيدين من ارتفاع أسعار الأسهم في البورصة والعقارات لإجراء صفقات بيع والانتفاع من مدّخراتهم.
ومن المستبعد أن تعود اليد العاملة إلى مستويات ما قبل الجائحة، بسبب تقدّم السكّان في العمر»، وفق نيك بنكر.
وما يعزّز هذه الفرضية هو أن «الهجرة ليست بوتيرة كافية للتعويض عن أبناء جيل طفرة الإنجاب الذين ينسحبون من السوق»، بحسب ديان سوونك.
فالقيود المفروضة على الهجرة في عهد دونالد ترمب تسببت بخفض عدد الوافدين إلى النصف بين 2016 و2019، ثمّ أتت جائحة (كوفيد - 19) لتخفّض أعدادهم التي باتت في 2021 توازي ربع ما كانت عليه في 2016.
وأوضح نيك بنكر «انتعش الوضع قليلا، لكننا لم نبلغ بعد المستويات التي كانت سائدة قبل بضع سنوات». ويرد «التقاعد المبكر وتراجع الهجرة» في جملة الأسباب التي تقدّمها غرفة التجارة الأميركية لتفسير الوضع، فضلا عن المساعدات السخية التي منحتها الحكومة خلال الجائحة والتي «زادت من عائدات بعض العاملين الذين ما عادوا بحاجة إلى العمل».
توقّفت النساء أيضا عن العمل في 2020 بأعداد كبيرة، بسبب إغلاق المدارس طوال سنة ونصف السنة. ولم تعد كثيرات منهنّ للعمل بسبب تحديدا نقص اليد العاملة في دور الحضانة.
وأشارت ديان سوونك إلى «تداعيات الجائحة بذاتها» مع أشخاص أصيبوا بالفيروس أو يعانون من (كوفيد - 19) طويل الأمد: «وهي من المشاكل التي لم تقدّر على حقيقتها ولم تحلّل كما ينبغي، وتُبقِي أشخاصا بعيدين عن سوق العمل». ويفاقم هذا الوضع نقص اليد العاملة «ويعقّد بدوره البحث عن عمل»، وفق الخبيرة الاقتصادية.
ولمواجهة هذه المعضلة، لا بدّ من اجتذاب الناس إلى سوق العمل من جهة ولجم الاستهلاك المفرط للأميركيين من جهة أخرى كي لا تضطر الشركات إلى توظيف هذا العدد الكبير من الأشخاص.
ومن المرتقب أن يستمرّ هذا النقص لكن قد يتقلّص بعض الشيء، إذ إن التدابير المتّخذة لمواجهة التضخّم الشديد تؤدّي إلى تباطؤ الاقتصاد ومن ثمّ العمالة.
ويستفيد الموظّفون من الوضع مع تزاحم أصحاب العمل على تقديم رواتب أعلى وشروط عمل أفضل. ويؤدّي ذلك إلى ارتفاع الراتب الوسطي الذي بات في القطاع الخاص يوازي 32.27 دولار (زيادة بنسبة 5.2 في المائة خلال سنة)، ما يغذّي بدوره التضخّم.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

انخفاض أسعار الذهب يعزز الطلب الفعلي ويعيد تشكيل السوق

سبائك ذهبية في مصنع «كراستسفيتمت» في مدينة كراسنويارسك السيبيرية (رويترز)
سبائك ذهبية في مصنع «كراستسفيتمت» في مدينة كراسنويارسك السيبيرية (رويترز)
TT

انخفاض أسعار الذهب يعزز الطلب الفعلي ويعيد تشكيل السوق

سبائك ذهبية في مصنع «كراستسفيتمت» في مدينة كراسنويارسك السيبيرية (رويترز)
سبائك ذهبية في مصنع «كراستسفيتمت» في مدينة كراسنويارسك السيبيرية (رويترز)

أسهم انخفاض أسعار الذهب هذا الشهر في جذب المشترين الذين كانوا ينتظرون تراجع الارتفاع الكبير الذي شهدته السوق هذا العام، وفقاً لما أفاد به مختصون في الصناعة ومحللون.

ووصلت أسعار الذهب الفورية إلى مستوى قياسي، بلغ 2790.15 دولار للأونصة في 31 أكتوبر (تشرين الأول)، لكنها تراجعت بنحو 4 في المائة حتى الآن في نوفمبر (تشرين الثاني)، متأثرة بفوز الحزب الجمهوري في الانتخابات الأميركية.

وقال الرئيس التنفيذي المشارك لمصفاة «أرغور-هيريوس» السويسرية، روبن كولفينباخ، في تصريح لـ«رويترز»: «لقد شهدنا زيادة ملحوظة في الطلب الفعلي منذ أكتوبر، خصوصاً بعد الانخفاض الحاد في الأسعار في نوفمبر، ما أدى إلى تغيير في معنويات السوق».

وقد عزّزت التوقعات التي قدّمها بعض المحللين بأن الذهب قد يصل إلى 3000 دولار، ما جعل بعض أجزاء السوق يشير إلى أن الأسعار، حتى إذا تجاوزت 2700 دولار، لم تعد مرتفعة بشكل مفرط.

وأضاف كولفينباخ: «لقد ارتفع الطلب بشكل كبير على المنتجات المسكوكة، التي يستهلكها المستثمرون الأفراد بشكل رئيس، لكننا لاحظنا أيضاً زيادة في طلبات الإنتاج للذهب الفعلي من المستثمرين المؤسساتيين».

وفي الأسواق الحسّاسة للأسعار مثل الهند، كان المستهلكون يواجهون صعوبة في التكيّف مع ارتفاع أسعار الذهب في الأشهر الأخيرة حتى بدأ السعر يتراجع.

ومن المرجح أن يستمر هذا الارتفاع في الطلب في الهند -ثاني أكبر مستهلك للذهب بعد الصين، ومن أكبر مستورديه- في ديسمبر (كانون الأول) إذا استقرت الأسعار حول مستوى 2620 دولاراً، وفق ما أفاد رئيس قسم السبائك في بنك خاص لاستيراد الذهب في مومباي.

وقال: «لقد شهد المستهلكون ارتفاع الذهب إلى نحو 2790 دولاراً؛ لذا فهم مرتاحون نفسياً مع السعر الحالي». وأضاف: «المطلب الوحيد أن تظل الأسعار مستقرة. التقلبات السعرية تزعج المشترين، وتجعلهم ينتظرون اتجاهاً واضحاً».

ورغم أن الطلب في الصين أقل حيوية وأكثر تنوعاً في جنوب شرقي آسيا، قالت المحللة في «ستون إكس»، رونيا أوكونيل، إن هناك عدداً من المستثمرين الاستراتيجيين الذين كانوا ينتظرون تصحيحاً مناسباً.

وأوضحت: «انخفضت الأسعار بعد الانتخابات، ما فتح المجال لبعض المستثمرين للاستفادة من الفرصة».