أزمة كوريا تدفعها للعفو عن «وريث سامسونغ»

صدر عفو رئاسي عن وريث مجموعة «سامسونغ» بإطلاق سراح قادة الأعمال المدانين بالفساد لأسباب اقتصادية (أ.ب)
صدر عفو رئاسي عن وريث مجموعة «سامسونغ» بإطلاق سراح قادة الأعمال المدانين بالفساد لأسباب اقتصادية (أ.ب)
TT

أزمة كوريا تدفعها للعفو عن «وريث سامسونغ»

صدر عفو رئاسي عن وريث مجموعة «سامسونغ» بإطلاق سراح قادة الأعمال المدانين بالفساد لأسباب اقتصادية (أ.ب)
صدر عفو رئاسي عن وريث مجموعة «سامسونغ» بإطلاق سراح قادة الأعمال المدانين بالفساد لأسباب اقتصادية (أ.ب)

صدر عفو رئاسي أمس (الجمعة)، عن وريث مجموعة «سامسونغ» ورئيسها الفعلي لي جاي - يونغ في خطوة تشكل استمراراً لتقليد سائد في كوريا الجنوبية بإطلاق سراح قادة الأعمال المدانين بالفساد لأسباب اقتصادية.
وقال وزير العدل هان دونغ - هون إن الملياردير لي جاي - يونغ المدان بقضايا رشى واختلاس «سيعاد إلى منصبه» لمنحه فرصة «للمساهمة في تجاوز الأزمة الاقتصادية» التي تعيشها البلاد، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وصدر قرار بالإفراج المشروط في أغسطس (آب) 2021 عن لي الذي تبلغ ثروته 7.9 مليار دولار، حسب «فوربس»، بعدما قضى 18 شهراً في السجن، أي أكثر بقليل من نصف الحكم الصادر بحقه.
وسيتيح له العفو الصادر (الجمعة) العودة إلى العمل بشكل كامل عبر إلغاء قيود على التوظيف بعد مغادرة السجن كانت مدّتها خمس سنوات. وأفادت وزارة العدل في بيان بأنه «نظراً للأزمة الاقتصادية العالمية، تدهورت ديناميكية وحيوية الاقتصاد الوطني، ويُخشى من أن يطول أمد الركود الاقتصادي».
وأضافت أن العفو صدر لتمكين لي وغيره من رؤساء الشركات البارزين الذين تقرر العفو عنهم أيضاً (الجمعة) من «قيادة عجلة النمو المتواصل للبلاد من خلال الاستثمار بشكل نشط في قطاع التكنولوجيا وتوفير فرص عمل».
وصدر عفو بحق ثلاثة رجال أعمال بارزين آخرين بينهم رئيس مجموعة «لوتي» شين دونغ - بن الذي حُكم عليه بالسجن لعامين ونصف العام مع وقف التنفيذ بعد إدانته في قضية رشى عام 2018.
وقالت الوزارة إن 1693 شخصاً في المجموع، بينهم سجناء يعانون من أمراض مزمنة وآخرون شارفت محكوميتهم على الانتهاء، على قائمة العفو قبل حلول ذكرى «يوم التحرير» السنوية (الاثنين).
وتحْيي الذكرى استسلام اليابان في الحرب العالمية الثانية عام 1945، وهو أمر حرر كوريا من عقود من الحكم الاستعماري ويتم الاحتفال بها عادةً بإصدار عفو يشمل مئات السجناء.
وبعد صدور العفو بحقه، قال لي (54 عاماً) في بيان إنه يهدف إلى «المساهمة في الاقتصاد عبر مواصلة الاستثمار وخلق فرص عمل للشباب».
يتولى لي منصب نائب رئيس «سامسونغ إلكترونيكس»، أكبر مصنّع للهواتف الذكية في العالم. ويعادل إجمالي رأسمال المجموعة نحو خُمس إجمالي الناتج الداخلي لكوريا الجنوبية. وسُجن بتهم تتعلق بفضيحة فساد ضخمة أسقطت الرئيسة السابقة لكوريا الجنوبية بارك غيون - هي.
ولطالما وُجّهت اتهامات لكبار رجال الأعمال في كوريا الجنوبية بالرشى والاختلاس والتهرب الضريبي وغير ذلك.
لكن تم في أحيان كثيرة خفض مدة الأحكام الصادرة بحق الكثير من هؤلاء أو تعليقها في مرحلة الاستئناف، بينما يحصل البعض بمن فيهم رئيس «سامسونغ» الراحل لي كون - هي الذي أُدين مرّتين، على عفو رئاسي اعترافاً بـ«مساهمتهم في الاقتصاد الوطني».
وتعد مجموعة «سامسونغ» العملاقة، أكبر إمبراطورية مالية تديرها عائلة وتهيمن على الأعمال التجارية في كوريا الجنوبية. وقال الرئيس يون سوك - يول (الجمعة) إن العفو يهدف إلى تحسين الوضع بالنسبة «للمواطنين العاديين الذين تأثروا بطول أمد وباء كوفيد - 19».
لكن حسب أستاذ العلوم الكورية في جامعة أوسلو فلاديمير تيخونوف، فإن كل ما تقوم به قرارات العفو هو منح كبار رجال الأعمال الشعور بأنهم «غير مقيّدين بأي قواعد قانونية».
ولم تشمل القائمة الرئيس المحافظ السابق لي ميونغ - باك الذي يقضي حالياً عقوبة بالسجن بتهم فساد علماً بأنه كان من المتوقع أن يستفيد من العفو. وقال وزير العدل هان إنه تم استثناء جميع السياسيين هذه المرة، إذ إن الاقتصاد يعد القضية «الأهم والأكثر إلحاحاً».
وذكرت تقارير محلية أن العفو عن لي ميونغ - باك قد يشكّل خطراً على الرئيس يون الذي يعاني من انخفاض نسب التأييد له. وما زال لي جاي - يونغ يواجه محاكمة منفصلة إثر اتهامات بالاحتيال في الحسابات المرتبطة بإدماج شركتين تابعتين لـ«سامسونغ» في 2015. وفي مايو (أيار)، أُعفي من حضور جلسة في إطار هذه المحاكمة لاستضافة الرئيس الأميركي جو بايدن الذي بدأ زيارته لكوريا الجنوبية حينذاك بالتوجّه إلى معمل لتصنيع الشرائح الإلكترونية تابع لشركة «سامسونغ» إلى جانب الرئيس يون.
وجاء قرار العفو بعد كشف «سامسونغ» خطة استثمارية ضخمة بقيمة 450 تريليون وون (346 مليار دولار) للسنوات الخمس المقبلة تهدف لجعلها رائدة في قطاعات تتراوح من أشباه الموصلات إلى المنتجات الحيوية وخلق 80 ألف فرصة عمل جديدة.
لكنّ سجن لي لم يشكّل عائقاً أمام أداء الشركة التي أعلنت ارتفاع أرباحها للفصل الثاني أكثر من 70 في المائة في يوليو (تموز) العام الماضي، إذ أدى التحول إلى العمل عن بُعد جراء كوفيد إلى ازدياد الطلب على أجهزة تستخدم رقائق الذاكرة التي تنتجها.
وقال تيخونوف إن «أداء (سامسونغ) كان جيداً تماماً من دون أي عفو» بحق رئيسها.
ولفت إلى أن «العفو يُضعف سيادة القانون، وهو أمر يعد في نهاية المطاف مضراً أكثر من كونه مفيداً».


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

السعودية توسّع صفقاتها للمشاركة في سلاسل التوريد العالمية

وزير الاستثمار متحدثاً إلى الحضور خلال «المبادرة العالمية لمرونة سلسلة التوريد» (الشرق الأوسط)
وزير الاستثمار متحدثاً إلى الحضور خلال «المبادرة العالمية لمرونة سلسلة التوريد» (الشرق الأوسط)
TT

السعودية توسّع صفقاتها للمشاركة في سلاسل التوريد العالمية

وزير الاستثمار متحدثاً إلى الحضور خلال «المبادرة العالمية لمرونة سلسلة التوريد» (الشرق الأوسط)
وزير الاستثمار متحدثاً إلى الحضور خلال «المبادرة العالمية لمرونة سلسلة التوريد» (الشرق الأوسط)

تتجه السعودية إلى زيادة الوصول للمواد الأساسية، وتوفير التصنيع المحلي، وتعزيز الاستدامة، والمشاركة في سلاسل التوريد العالمية، وذلك بعد إعلان وزير الاستثمار المهندس خالد الفالح، 9 صفقات جديدة، إلى جانب 25 اتفاقية أخرى، معظمها ما زالت تحت الدراسة ضمن «جسري» المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمي، مؤكداً أن هذه المبادرة «ليست سوى البداية».

جاء هذا الإعلان في كلمته خلال «المبادرة العالمية لمرونة سلسلة التوريد»، التي تُقام في مؤتمر الاستثمار العالمي الثامن والعشرين، الثلاثاء، في الرياض، بمشاركة أكثر من 100 دولة، قائلاً إن هذه الصفقات تمثّل خطوة مهمة نحو تحقيق هدف المملكة في بناء سلاسل إمداد أكثر مرونة وكفاءة.

وأكد أن البرنامج يعكس رؤية الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الذي كان له الدور البارز في إطلاق هذه المبادرة قبل عامين، مشيراً إلى أن البرنامج هو جزء من الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، ويشمل عدة برامج حكومية داعمة، مثل برنامج تطوير الصناعة الوطنية واللوجيستيات (ندلب).

الطاقة الخضراء

وأضاف الفالح أن المملكة تسعى إلى تسهيل الوصول للمعادن الأساسية، وتشجيع التصنيع المحلي، وزيادة الوصول إلى أسواق الطاقة الخضراء العالمية.

وأوضح أن «التوريد الأخضر» هو جزء من المبادرة السعودية؛ إذ ستعزّز المملكة سلاسل الإمداد عبر الاستثمار في الطاقة المتجددة، لافتاً إلى أننا بصدد تطوير 100 فرصة استثمارية جديدة في 25 سلسلة قيمة تتضمّن مشروعات رائدة في مجالات، مثل: الطاقة الخضراء والذكاء الاصطناعي.

وحسب الفالح، فإن الحكومة السعودية تقدّم حوافز خاصة إلى الشركات الراغبة في الاستثمار بالمناطق الاقتصادية الخاصة، وأن بلاده تستعد للتوسع في استثمارات جديدة تشمل قطاعات، مثل: أشباه الموصلات، والتصنيع الرقمي، في إطار التعاون المستمر بين القطاعات الحكومية والقطاع الخاص، لتعزيز قدرة المملكة على تحقيق أهداف «رؤية 2030».

وشدد على التزام الحكومة الكامل بتحقيق هذه الرؤية، وأن الوزارات المعنية ستواصل دعم هذه المبادرة الاستراتيجية التي تهدف إلى تحقيق تنمية مستدامة وتوطين الصناعات المتقدمة في المملكة.

الصناعة والتعدين

من ناحيته، كشف وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف، عن جذب ما يزيد على 160 مليار دولار إلى السوق السعودية، وهو رقم مضاعف بواقع 3 مرات تقريباً، وترقية رؤوس الأموال في قطاع التعدين إلى مليار دولار، وأن استثمارات الثروة المعدنية تخطت 260 مليون دولار.

وزير الصناعة والثروة المعدنية يتحدث إلى الحضور (الشرق الأوسط)

وأبان أن السعودية تعمل بشكل كامل لتأكيد التعاون المبني على أساسات صحيحة وقوية، وأطلقت عدداً من الاستراتيجيات المهمة، وهي جزء لا يتجزأ من صنع مجال سلاسل الإمداد والاستدامة.

وتحدث الخريف عن مبادرة «جسري»، كونها ستُسهم في ربط السعودية مع سلاسل الإمداد العالمية، ومواجهة التحديات مثل تحول الطاقة والحاجة إلى مزيد من المعادن.

وأضاف أن المملكة لا تزال مستمرة في تعزيز صناعاتها وثرواتها المعدنية، وتحث الشركات على الصعيدين المحلي والدولي على المشاركة الفاعلة وجذب استثماراتها إلى المملكة.

بدوره، عرض وزير الدولة، عضو مجلس الوزراء، الأمين العام للجنة التوطين وميزان المدفوعات، الدكتور حمد آل الشيخ، استثمارات نوعية للمملكة في البنى التحتية لتعزيز موقعها بصفتها مركزاً لوجيستياً عالمياً.