التهريب من لبنان إلى سوريا يتسع

من المحروقات والخبز... إلى السجائر وحقن التجميل

التهريب من لبنان إلى سوريا يتسع
TT

التهريب من لبنان إلى سوريا يتسع

التهريب من لبنان إلى سوريا يتسع

توسّعت عمليات التهريب على المعابر غير الشرعية بين لبنان وسوريا على مساحة كبيرة من مجمل مساحة الحدود اللبنانية السورية في شرق لبنان والبالغة 375 كيلومتراً، في الفترة الأخيرة، حيث استعاد المهربون نشاطهم الذي توسع من المحروقات والخضراوات والماشية، وصولاً إلى الخبز والسجائر ومستلزمات العمليات التجميلية. ويستفيد المهربون من قانون «قيصر» الذي يمنع الشركات من توريد السلع المستوردة إلى الداخل السوري، كما يستفيدون من فوارق الأسعار بين لبنان وسوريا، وخصوصاً في السلع المستوردة التي لا تشملها الصناعات السورية، بموازاة شح في المواد الأساسية في السوق السوري مثل المحروقات ومستلزمات طبية استثنائية غير أساسية، مثل حقن ومستلزمات عمليات التجميل.
وقالت مصادر أمنية في شرق لبنان لـ«الشرق الأوسط» إن الحدود باتت مفتوحة في أكثر من نقطة، وتوسعت عن نقاط التهريب المعروفة في شمال شرقي لبنان، موضحة أن مسالك التهريب باتت تشمل مناطق غير مأهولة تمتد من ينطا ووادي العشاير، ومحور شبعا - بيت جن جنوباً، مروراً بسلسلة جبال لبنان الشرقية وقوسايا وعين زبد في الوسط، ونحلة وعرسال باتجاه فليطا، وصولاً إلى البقاع الشمالي في أقصى شمال شرقي البلاد، وهي أحد عشر معبراً غير شرعي بطول 22 كلم تبدأ من القاع شرقاً وحتى معبر القصر الحدودي غير الشرعي شمالاً.
وقالت إن نشاط التهريب تضاعف تدريجياً منذ انتهاء عمليات «فجر الجرود» التي نفذها الجيش اللبناني لتطهير المناطق الحدودية من سيطرة المجموعات المتشددة في صيف 2017، وبلغت ذروتها الآن في عام 2022.
وتقول فعاليات مدنية في المنطقة إن تراخي القبضة الأمنية، وعجز القوى اللبنانية الرسمية عن تغطية مساحات تمتد لـ375 كيلومتراً، ساهمت في زيادة هذا النشاط، «رغم وجود عدد من غرف المراقبة على السلسلة الشرقية التي قوضت نشاط التهريب في مساحات واسعة وأقفلت ثلاثة معابر تهريب قديمة على طرقات حام - معربون - بريتال، وعلى السلسلة الشرقية»، مشيرة إلى أن تلك الطرقات «ما زالت مراقبة بشكل محكم بسبب انتشار غرف المراقبة التابعة للجيش اللبناني على الحدود اللبنانية السورية في السلسلة الشرقية».
ومنذ العام الماضي، ونتيجة دعم مصرف لبنان لعدد كبير من السلع الأساسية، تزايد نشاط التهريب بشكل كبير، ومع تبدل وتغير أولويات تهريب السلع، استناداً إلى مبدأ العرض والطلب، وتوفر السلع وعدم توفرها، بقي تهريب البنزين والمحروقات ناشطاً رغم أنه الآن يجري بشكل أقل مما كان عليه في العام الماضي.
ويتوقع المهربون استئناف نشاط تهريب البنزين في الفترة المقبلة، مع رفع الحكومة السورية سعر صفيحة البنزين المدعوم من 1100 ليرة سورية إلى 2500 ليرة سورية (أي 0.90 سنت أميركي وفق سعر الصرف الرسمي المعتمد من المصرف المركزي السوري) بضريبة توازي 130 في المائة، لكنه غير متوفر، ويوجد البنزين غير المدعوم في مناطق معينة بنحو 4000 ليرة سورية لليتر الواحد، فيما تزايد نشاط تهريب الطحين والخبز السياحي اللبناني المدعوم على معظم المعابر.
وترك تزايد تهريب الطحين والخبز، تداعيات على السوق اللبناني، حيث أدى إلى فقدان مادة الخبز والطحين المدعوم من الحكومة اللبنانية ووصل الأسبوع الماضي سعر شوال الطحين في البقاع زنة 50 كلغ، إلى مليون و500 ألف ليرة لبنانية (50 دولاراً) وسعر ربطة الخبز إلى 30 ألف ليرة (دولار واحد) قبل أن يعود ويتوفر اعتباراً من الأسبوع الماضي بسبب تأمين الدعم الحكومي للخبز والطحين.
ونشطت مؤخراً عمليات تهريب السجائر الوطنية اللبنانية، وبدأ التجار بتسعير الدخان بالدولار الأميركي، ووصل سعر علبة الدخان إلى نصف دولار، أما الدخان الأجنبي فارتفع سعره أيضاً بفعل عمليات التهريب وزيادة الطلب. ويبيع التجار الدخان بكميات قليلة وبأسعار مرتفعة لأنهم يفضلون قبض سعر الدخان المهرب إلى سوريا بالعملة الصعبة، فيما يشهد السوق نقصاً حاداً بالعديد من أنواع الدخان، وقد فُقد بعضه من الأسواق.
ومع تدني أسعار الزيت عالمياً، تنشط عمليات تهريب الزيوت النباتية، كما تنشط عمليات تهريب مواد التجميل من البوتوكس والفيلر والأدوية، وهي مواد لا تدخل إلى السوق السوري بسبب عقوبات قانون «قيصر».
وشكا رئيس نقابة الصيدليات جو سلوم من عمليات تهريب الدواء السوري إلى لبنان فيما يتم تهريب أصناف من الأدوية من لبنان إلى سوريا. وفي الأسبوع الماضي، ضبطت قوة من مخابرات الجيش اللبناني كمية كبيرة من الخبز المهرب إلى عرسال كانت بطريقها إلى الأراضي السورية، فيما تم ضبط كمية من المواد الطبية المعدة لتصنيع المخدرات. وضبطت دورية من فصيلة درك رياق عدداً من صناديق الدخان الأجنبي والوطني وحقن البوتوكس والفيلر المعدة للتهريب على طريق البقاع الأوسط إلى الأراضي السورية عبر معبر قوسايا رعيت.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

صحيفة سورية: أنقرة حسمت موقفها وستفتح معبر أبو الزندين بالقوة

سوريون يؤدون صلاة الجمعة على طريق M4 قرب معبر أبو الزندين شرق حلب (متداولة)
سوريون يؤدون صلاة الجمعة على طريق M4 قرب معبر أبو الزندين شرق حلب (متداولة)
TT

صحيفة سورية: أنقرة حسمت موقفها وستفتح معبر أبو الزندين بالقوة

سوريون يؤدون صلاة الجمعة على طريق M4 قرب معبر أبو الزندين شرق حلب (متداولة)
سوريون يؤدون صلاة الجمعة على طريق M4 قرب معبر أبو الزندين شرق حلب (متداولة)

وسط مخاوف من تفجر التوتر في شمال سوريا، بعد ثلاث أسابيع من تعطيل معبر أبو الزندين شرق حلب، تتوارد أنباء عن حسم أنقرة قرارها بفتح المعبر الفاصل بين مناطق سيطرة المعارضة المدعومة من تركيا، ومناطق سيطرة الحكومة السورية، وإن استدعى الأمر استخدام القوة، في حين تدفع القوات الحكومية بمزيد من التعزيزات إلى إدلب؛ تحسباً لهجوم واسع محتمل أن تشنّه «هيئة تحرير الشام» ضد مواقعها.

وقالت صحيفة «الوطن» السورية المقرَّبة من الحكومة، اليوم الأحد، إن «أنقرة وجدت نفسها أمام خيار وحيد»؛ وهو «استخدام القوة» لافتتاح معبر أبو الزندين في مدينة الباب، الذي يصل مناطق المعارضة السورية المدعومة من قبلها، ومناطق سيطرة دمشق في ريف حلب الشرقي، وذلك بعد ثلاثة أسابيع من التعطيل عارضت خلاله فصائل سورية مسلَّحة فتح المعبر، كما نصب مدنيون معارضون خيمة اعتصام عند المعبر رفضاً لفتحه، بوصفه خطوة على طريق التقارب بين أنقرة ودمشق، والتطبيع مع النظام.

في سياق ملف التقارب السوري التركي، قال وزير المصالحة السورية السابق، علي حيدر، إن دمشق وأنقرة أقرب من أي وقت مضى لعقد اتفاق التقارب بين الجانبين. وأضاف، في مقابلة مع وكالة «سبوتنيك» الروسية، بثّتها، الأحد، أن «العلاقات السورية التركية شهدت تغيرات عدة، ولا سيما بعد عام 2011، فتركيا، اليوم، دولة تسهم في التدخل بالشأن السوري عبر وجودها العسكري المباشر على الأراضي السورية».

وأكد حيدر أن الاتفاق بين البلدين «حتميّ»، لكنه استبعد لقاء الأسد وإردوغان في الوقت الحالي.

صحيفة «الوطن» كشفت عن مساعي أنقرة، عن طريق ممثلين من «خارجيتها» واستخباراتها، إلى «توحيد وجهات نظر كل الفُرقاء ذوي الصلة» بافتتاح المعبر، وعقد اجتماع «ضمّ الجميع في مطار ولاية غازي عنتاب التركية، الثلاثاء الماضي». ونقلت الصحيفة عن مصادر وصفتها بـ«المعارضة»، أن أنقرة حسمت موقفها بوضع المعبر في الخدمة، ولو «عن طريق القوة» ضد المحتجّين على افتتاحه في مدينة الباب، وضد الذين يتخذون من خيمة اعتصام على الطريق المؤدي إلى بوابته الرئيسة، مقراً، لمنع افتتاحه.

احتجاجات شعبية تُعرقل فتح معبر أبو الزندين (المرصد السوري)

وقبل ثلاثة أسابيع، أعلنت الحكومة السورية المؤقتة، المدعومة من تركيا، افتتاح معبر أبو الزندين، بعد أربع سنوات من إغلاقه، ضمن إجراءات حظر انتشار فيروس «كورونا»، قُوبلت برفض شديد من السوريين المعارضين والفصائل المسلَّحة، خلال ساعات قليلة من افتتاحه رسمياً، وعبور شاحنات إلى الجانبين بحماية من الشرطة العسكرية، التابعة للحكومة المؤقتة. وقامت فصائل مسلّحة باعتراض الشاحنات التجارية ومنع عبورها.

كما نصَبَ المحتجّون خيمة اعتصام؛ لمنع عبور الشاحنات. وتجنّب المحتجّون، وكذلك المعارضة المسلَّحة، الاحتكاك مع عناصر الحماية، التابعين للحكومة المؤقتة المنتشرين عند المعبر.

إلا أن تطوراً خطيراً طرأ، يوم الجمعة الماضي، مع إطلاق معارضين مسلَّحين النار على دورية تتبع الشرطة العسكرية، قبل أن يتحول الموقف إلى تبادل إطلاق نار، بالتزامن مع خروج مظاهرات تطالب بإسقاط الحكومة المؤقتة.

بدورها أصدرت الحكومة المؤقتة بياناً قالت فيه إنها فُوجئت بوجود «عناصر ملثمين» ضمن صفوف المحتجّين قرب معبر أبو الزندين، «قاموا بإطلاق النار بشكل مكثف على سيارة تابعة للشرطة العسكرية، في محاولة واضحة لإلحاق الضرر بالعناصر الأمنية والمتظاهرين على حد سواء»، مؤكدةً أن الدوريات أُرسلت لحماية المتظاهرين هناك.

الحكومة المؤقتة لفتت إلى أن ما حصل يهدف إلى إحداث «خلل أمني» في المنطقة، وجرِّها إلى «حالة فوضى لا تُحمَد عقباها».

استهداف معبر أبو الزندين بقذائف «الهاون» (متداولة)

مصادر إعلامية معارِضة قالت إن رواية الحكومة المؤقتة «منقوصة»، إذ قام مسلّحون معارضون بإطلاق النار؛ «لمنع عبور شاحنات محمّلة بالقمح والشعير إلى مناطق سيطرة النظام». وقد جاءت دورية الشرطة العسكرية لحمايتها.

وتَصاعدَ التوتر شمالاً، بالتزامن مع دفع قوات النظام تعزيزات عسكرية إلى إدلب، خلال الساعات الماضية، وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن التعزيزات ضمّت رتلاً عسكرياً مؤلفاً من 4 سيارات عسكرية، وسيارات رباعية الدفع مزوَّدة برشاشات دوشكا، بالإضافة لسيارات نوع بيك آب محملة بنحو 200 جندي، وسط أنباء عن استعداد «هيئة تحرير الشام» وفصائل أخرى لشن هجوم واسع على مواقع القوات الحكومية في المنطقة.