هدوء نسبي في عتق شبوة غداة مواجهات ضارية

جانب من اجتماع سابق للمجلس الرئاسي اليمني في عدن (سبأ)
جانب من اجتماع سابق للمجلس الرئاسي اليمني في عدن (سبأ)
TT

هدوء نسبي في عتق شبوة غداة مواجهات ضارية

جانب من اجتماع سابق للمجلس الرئاسي اليمني في عدن (سبأ)
جانب من اجتماع سابق للمجلس الرئاسي اليمني في عدن (سبأ)

عقب مواجهات ضارية تجددت بين فصائل أمنية وعسكرية يمنية في مدينة عتق مركز محافظة شبوة، الأربعاء؛ عم الهدوء النسبي بعدما تمكنت قوات من «ألوية العمالقة» و«دفاع شبوة» من السيطرة على المدينة، في وقت تحدثت فيه مصادر محلية عن سقوط عشرات القتلى والجرحى. وبحسب مصادر محلية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، احتدمت المعارك بين قوات «ألوية العمالقة» و«ألوية دفاع شبوة» من جهة؛ ووحدات عسكرية وأمنية يتهم المحافظ عوض العولقي قادتها بالتمرد على السلطة المحلية وعلى قرارات مجلس القيادة الرئاسي.
وأدت المواجهات التي جاءت بعد توتر أمني استمر أياماً عدة، إلى إحداث صدمة في الشارع اليمني الموالي للشرعية؛ إذ قال ناشطون سياسيون وعسكريون إنها تخدم الميليشيات الحوثية، وإنه كان يجب ألا تحدث هذه المواجهات بين رفاق السلاح المنضوين تحت مظلة الشرعية والمجلس القيادي الرئاسي.
وكان مجلس القيادة الرئاسي اليمني شدد، الاثنين الماضي، على احتواء الصدام المسلح الذي شهدته مدينة عتق حيث مركز محافظة شبوة، بين قوات أمنية وأخرى عسكرية، محذراً من تبعات هذه الأحداث على «الجبهة الداخلية».
وأطاح المجلس الرئاسي على خلفية الأحداث عدداً من القيادات الأمنية والعسكرية ذات الصلة؛ وفق ما ذكرته المصادر الرسمية؛ حيث شمل القرار إقالة كل من: قائد محور عتق قائد «اللواء 30» العميد عزير ناصر العتيقي، ومدير عام شرطة محافظة شبوة العميد عوض مسعود الدحبول، وقائد فرع قوات الأمن الخاصة العميد عبد ربه محمد لعكب، وقائد «اللواء الثاني - دفاع شبوة» العقيد وجدي باعوم الخليفي. كما صدرت قرارات رئاسية وأخرى من رئيس الحكومة قضت بتعيين العميد الركن عادل علي بن علي هادي قائداً لمحور عتق وقائداً لـ«اللواء 30 مدرع»، وبتعيين العميد الركن فؤاد محمد سالم النسي مديراً عاماً لشرطة محافظة شبوة، والعقيد مهيم سعيد محمد ناصر قائداً لقوات الأمن الخاصة - فرع محافظة شبوة.
وفي حين بدا أن قرارات «الرئاسي اليمني» لم تجد انصياعاً من قبل قادة الوحدات العسكرية والأمنية المذكورة، عدّ محافظ شبوة عوض الوزير ذلك تمرداً على سلطاته وسلطات «الرئاسي اليمني»، وهو ما جعله يطلق، الأربعاء، عملية عسكرية لإنهاء ما وصفه بـ«التمرد»، مستعيناً بقوات «ألوية العمالقة» و«ألوية دفاع شبوة». ويقول سياسيون وناشطون موالون لحزب «التجمع اليمني للإصلاح» إن القرارات استهدفت الموالين لهم في الوحدات العسكرية والأمنية في شبوة لمصلحة موالين لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي»، ووصفوها بأنها تشكل إقصاءً للحزب. وبحسب مصادر محلية يمنية، وصل وزيرا الدفاع والداخلية إلى المدينة من أجل تطبيع الأوضاع يوم الثلاثاء، غير أن الأمور خرجت عن السيطرة صباح الأربعاء؛ إذ أعلن المحافظ العولقي بياناً عن بدء عملية عسكرية للقضاء على «التمرد».
وقال المحافظ في بيانه: «لقد استنفذنا كل الطرق السلمية في التعامل مع التمرد والانقلاب الغاشم على قرارات السلطة المحلية في المحافظة، كما أننا نسعى وبكل جهد إلى أن تكون مدينة عتق وعموم المحافظة بلد أمن وأمان، إلا إن بعض الفئات أبت إلا أن تستخدم القوة والعنف وخلق فوضى وزرع الفتنة والإخلال بالأمن والاستقرار الوطني، ومخالفة لكافة القرارات والقوانين المعمول بها في هذه المحافظة».
وتابع: «ما شهدته مدينة عتق عاصمة محافظة شبوة من رمايات طيلة ليل البارحة (الثلاثاء) وحتى صباح هذا اليوم (الأربعاء) ولا تزال هذه الرمايات مستمرة بكافة أنواع الأسلحة ضد أهداف مدنية ومنشآت محرمة بموجب القانون الدولي الإنساني، لهو أكبر دليل على نوايا المتمردين الانقلابيين، ولكننا لن نسمح لهم بذلك، فعتق عصية عليهم وعلى داعميهم»؛ في إشارة إلى قادة الوحدات العسكرية والأمنية المقالين.
وأعلن المحافظ العولقي «تنفيذ عملية عسكرية مضادة لفرض الأمن والاستقرار في محافظة شبوة، وذلك للحفاظ على أرواح وممتلكات المقيمين على أراضيها»؛ وفق تعبيره.
وأكد على أنه «لا مكان لأي فئة أو شخص أو كيان خارج على سلطة القانون، وسوف تتم محاسبة كافة المتسببين في التمرد والانقلاب الفاشل، والذي تسبب في قتل عدد من الأبرياء، والتسبب في ترويع الآمنين».
وطبقاً لمصادر ميدانية، استطاعت القوات الموالية للمحافظ السيطرة على جميع مواقع القوات الأمنية والعسكرية المناوئة؛ بما في ذلك مواقع «تبة الإرسال، ومعسكر النجدة، ومستشفى الهيئة، ومعسكر (اللواء 21 ميكا)، ونقطة مفرق نوخان، ومعسكر الشهداء، ونقطة مفرق المصينعة، وموقع الكدس، والشرطة العسكرية، وقيادة محور عتق، والمطار».
وفي بيان مؤيد لقرارات المحافظ، وصف المجلس الانتقالي الجنوبي الأحداث بأنها «تمرد عسكري على قيادة السلطة المحلية في المحافظة، وقرارات مجلس القيادة الرئاسي».
وأدان المتحدث باسم المجلس، علي الكثيري، ما وصفها بـ«أعمال الفوضى والتمرد والعصيان»، كما أعرب عن «الدعم الكامل لكافة الإجراءات التي أعلن عنها محافظ محافظة شبوة رئيس اللجنة الأمنية؛ بما في ذلك محاسبة المتورطين في هذا الانقلاب وإحالتهم للمحاكمة على خيانتهم للشرف العسكري، وتمردهم على قيادتهم»، بحسب البيان.
وفي حين دفعت الأحداث النشطاء والسياسيين الحزبيين إلى الاصطفاف؛ كل مع القوة التي يرى أنها تمثل توجهه السياسي أو الحزبي، وصف سياسيون آخرون ما حدث بـ«المؤسف»، وقالوا إنه «يمثل خدمة للمشروع الحوثي».
ولم ترد على الفور إحصائية موثقة بعدد الضحايا من القتلى والجرحى الذين سقطوا منذ بدء التوتر الأمني قبل أيام، إلا إن مصادر محلية قدرت سقوط العشرات؛ لا سيما في مواجهات الأربعاء.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».