مقتل قيادي كردي - إيراني بضربة تركية شرق سوريا

وسط معلومات عن تنسيق استخباراتي بين طهران وأنقرة

العملية نفذتها طائرة مسيرة في القامشلي بمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا (أرشيفية - رويترز)
العملية نفذتها طائرة مسيرة في القامشلي بمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا (أرشيفية - رويترز)
TT

مقتل قيادي كردي - إيراني بضربة تركية شرق سوريا

العملية نفذتها طائرة مسيرة في القامشلي بمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا (أرشيفية - رويترز)
العملية نفذتها طائرة مسيرة في القامشلي بمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا (أرشيفية - رويترز)

قتلت القوات التركية أحد قيادات الصف الأول في «حزب الحياة الحرة» الكردستاني (بجاك) المناهض للنظام في إيران، بضربة نفذتها طائرة مسيّرة في القامشلي بمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، وسط معلومات عن تنسيق بين الاستخبارات التركية والإيرانية.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن القيادي، وهو إيراني الجنسية، توفي، اليوم (الأربعاء)، متأثراً بجروح أصيب بها قبل 4 أيام جراء استهداف مسيّرة تركية سيارة في منطقة الصناعة ضمن مدينة القامشلي بالحسكة. وأضاف «المرصد» أن القيادي الذي كان مستهدفاً بالعملية، جرت متابعته من عامودا إلى القامشلي واستهدافه هناك، وأن المعلومات المتوافرة أشارت إلى تنسيق مخابراتي بين الجانبين الإيراني والتركي لاستهدافه. ولفت إلى أن الاستهداف أدى؛ إضافة لهذا القيادي، إلى مقتل 4 أشخاص آخرين؛ هم: 3 مدنيين، بينهم طفلان، وعنصر آخر من «حزب الحياة الحرة».
وأحصى «المرصد» مقتل 10 أشخاص جراء الاستهدافات بالمسيّرات التركية لمناطق سيطرة تحالف «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» في محافظة الحسكة خلال أسبوع، فضلاً عن أعداد من المصابين.
كما وقع 50 استهدافاً بالطائرات المسيرة التركية على مناطق «قسد» في شمال وشمال شرقي سوريا، منذ مطلع العام الحالي، كانت حصيلتها مقتل 41 من العناصر المسلحة، و4 مدنيين؛ بينهم طفلان، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 83 شخصاً بجروح متفاوتة.
من جهتها، أعلنت «الإدارة الذاتية» لشمال شرقي سوريا مقتل القيادي الكردي الإيراني. وكشفت «هيئة الداخلية» في «الإدارة الذاتية»، من خلال بيان نُشر على موقعها الرسمي، عن أن الهجوم المنفذ من طائرة تركية مسيرة على المنطقة الصناعية شرق مدينة القامشلي في 7 أغسطس (آب) الحالي، أودى بحياة «أحد أعضاء القيادة في (حزب الحياة الحرة) السيد يوسف محمود رباني، الذي كان في زيارة لمناطق الإدارة لإجراء لقاءات مع الشعب وتقريب وجهات النظر»، مضيفة أن الهجوم أسفر أيضاً عن سقوط 4 ضحايا مدنيين بينهم طفلان شقيقان.
وحزب «الحياة الحرة» الإيراني تأسس في جبال قنديل سنة 2004، وهو امتداد لـ«حزب العمال الكردستاني» التركي ومناهض للنظام الإيراني الحاكم، ويقاتل أعضاؤه مع «حزب العمال» في سوريا إلى جانب «وحدات حماية الشعب» الكردية التي سيطرت على مناطق شاسعة من شمال شرقي سوريا نهاية عام 2013. ونادراً ما تعلن «الإدارة الذاتية» وقواتها العسكرية مقتل أعضاء أكراد في صفوف «الوحدات» أو قوات «قسد» من جنسيات غير سورية. وتقدمت «الإدارة» بتعازيها لعائلة القيادي الإيراني ورفاقه في الحزب «بهذا المصاب الجلل والخسارة الوطنية لشعبنا المقاوم».
من جانبها، أقرت قوات «قسد» بمقتل 4 من مقاتليها بقصف نفذته طائرة تركية مسيرة الأربعاء. وقال المركز الإعلامي في بيان إن «مجموعة من (قوات الدفاع الذاتي) تعرضت لاستهداف من طائرة (درون) تابعة للاحتلال التركي أسفر عن ارتقاء 4 من مقاتلينا شهداء، وجرح 3 آخرين».
ميدانياً؛ شهدت مناطق «الإدارة الذاتية» هدوءاً مشوباً بالحذر بعد يومين من الهجمات المتواصلة من قبل الجيش التركي بالمدفعية الثقيلة والقذائف الصاروخية والطائرات المسيرة، حيث تعرضت 17 قرية وبلدة لقصف مباشر، كما طال الاستهداف 8 مواقع عسكرية.
سياسياً؛ دعت «الإدارة الذاتية»، في بيان نشر على موقعها، دول التحالف الدولي والولايات المتحدة وروسيا الاتحادية إلى التدخل الفوري لـ«منع هذا العدوان التركي واستدراك خطره الكبير على سوريا». ووصف البيان الهجمات التركية بأنها «استفزازية». وحذرت «الإدارة» من استمرار هذه الهجمات وسط صمت دولي من قبل الدول الضامنة لوقف إطلاق النار، مضيفة أن «الصمت المرافق لهذا التصعيد من قبل روسيا والتحالف والقوى الأخرى الفاعلة في سوريا يُثير الشك بوجود تفاهمات مبطنة، وهذا مؤشر خطير سيؤدي نحو تصعيد أكبر».
وفي رده على التصعيد التركي الأخير الذي استهدف مدناً وبلدات وقرى تقع على طول الشريط الحدودي؛ قال طلعت يونس، رئيس «المجلس التنفيذي» لـ«الإدارة الذاتية» في «إقليم الجزيرة» إن وتيرة التهديدات والهجمات التركية ازدادت بعد قمة طهران بين روسيا وتركيا وإيران، واجتماع سوتشي بين روسيا وتركيا. وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «يتضح من ذلك أن هناك اتفاقات داخلية بين هذه الدول لضرب أمن واستقرار المنطقة من أجل مصالحها الشخصية». وتابع السياسي الكردي أن صمت هذه الدول على ما تقوم به تركيا يعني أنها «شريكة» فيما يتعرض له «أبناء شعبنا وأطفالنا الأبرياء».
وشهدت مناطق شمال وشمال شرقي سوريا تصعيداً لضربات الطيران المسير التركي عقب قمة طهران الثلاثية حول سوريا التي عقدت في 19 يوليو (تموز) الماضي بين الرؤساء: الإيراني إبراهيم رئيسي، والروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب إردوغان، حيث جرى الحديث عن «ضوء أخضر» روسي - إيراني وتنسيق استخباري أيضاً لتوجيه ضربات تركية نوعية ضد المسلحين الأكراد بهدف إضعاف «قسد» وشل قدراتها، بدل تنفيذ عملية عسكرية تلوح بها أنقرة منذ مايو (أيار) الماضي في منبج وتل رفعت لاستكمال إقامة مناطق آمنة بعمق 30 كيلومتراً في الأراضي السورية، لتكون بمثابة حزام أمني على حدود تركيا الجنوبية.
وأعلنت روسيا وإيران رفضهما العملية؛ على أساس أنها ستؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة ولن تخدم سوى التنظيمات الإرهابية، بينما أعلنت أميركا رفضها لها لأنها ستشكل خطراً على القوات المشاركة في العمليات ضد تنظيم «داعش» الإرهابي. وتعدّ الولايات المتحدة «الوحدات» الكردية حليفاً وثيقاً في الحرب على «داعش»، بينما تعدّها أنقرة امتداداً لـ«حزب العمال الكردستاني»؛ المصنف تنظيماً إرهابياً، في سوريا. ويشكل الأمر محور خلاف مستمر بين أنقرة وواشنطن.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.